ليالي إسبانيا الطويلة تغضب البعض.. هل نمط الحياة الجنوني هذا في طريقه للاختفاء؟
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- اليوم الإسباني معروف بِطوله، فلا يحين وقت الغداء إلا في الساعة الثانية بعد الظهر. وغالبًا ما تنتهي ساعات العمل بعد السابعة مساءً، بينما يحين وقت العشاء في الساعة الثامنة والنصف تقريبًا.
ولحسن الحظ لبعض السياح، الذين يحرصون على تجربة طرق العيش المختلفة، تغلق العديد من المطاعم أبوابها بعد منتصف الليل، ولا يعود الموظفين إلى منازلهم إلا في الساعات الأولى من الصباح.
لذا، لمست النائبة الثانية للرئيس الإسباني، ووزيرة العمل والاقتصاد الاجتماعي، يولاندا دياز، وترًا حسّاسًا عندما ندّدت بثقافة السهر حتّى وقتٍ متأخر من الليل في البلاد، واصفةً إياها بـ"الجنونية".
وقالت دياز خلال اجتماع برلماني هذا الشهر: "لا يوجد بلد منطقي يُبقي مطاعمه مفتوحة حتى الساعة الواحدة صباحًا.. من الجنون أن نستمر في التظاهر، وتمديد ساعات العمل حتى الوصول لمرحلة عدم معرفة ما هو الوقت".
وردّت عمدة مدريد، إيزابيل أيوسو، على ذلك عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا) وكتبت: "ولكننا مختلفون".
ومن ثم أكملت: "إنهم يرغبون منّا جميعًا أن نصبح تطهيريين، واشتراكيين، وأن نشعر بالملل، وأن نكون داخل المنزل".
ورُغم يومهم الطويل، إلا أنّ الإسبان يعلمون لمدة أطول بقليل مقارنةً بالمتوسط الأوروبي، أي لـ 37.8 ساعة في الأسبوع، وفقًا للمفوضية الأوروبية.
ومع ذلك، فهم يحصلون على نوم أقل مقارنةً بمعظم نظرائهم في أوروبا الشمالية، بـ7.13 ساعة في الليلة، بحسب "خرائط الصحة العامة".
وأفادت مارتا جونكيه من معهد Time Use Institute، ومقرّه برشلونة، والذي استشارته الحكومة الإسبانية مؤخرًا لتعديل قوانينها المتعلقة بساعات العمل، أنّ الإسبان لم يسهروا إلى هذا الحد دائمًا.
وشرحت جونكيه: "إسبانيا الآن فريدة من نوعها من ناحية الوقت المتأخر الذي نغادر فيه العمل".
كما أضافت: "لم يكن الأمر كذلك دائمًا. كان أجدادي يعملون مثل أي شخص آخر. ونهضوا عند طلوع الشمس، وتوقفوا عن العمل عند إطفاء الأنوار. والآن، يحل الظلام عند الساعة السادسة أو السابعة وما زلنا نعمل".
وأكّدت جونكيه: "ما ندافع عنه هو الحق في الوقت".
فترات قيلولة بدون نوموبحسب جونكيه، يمكن أن يُعزى التحول في الزمن إلى رجل واحد، وهو الدكتاتور العسكري الإسباني، فرانسيسكو فرانكو، الذي حكم من عام 1936 إلى عام 1975.
وخلال الحرب العالمية الثانية، قام فرانكو بتغيير المنطقة الزمنية لإسبانيا لتتماشى مع حليفتها الألمانية.
وأسفر عن ذلك تقدم كل شيء للأمام بساعة، ولم يتغير الأمر منذ ذلك الحين.
وماذا عن فترة الظهيرة الطويلة الشهيرة في إسبانيا الخاصة لأخذ قيلولة، والمعروفة باسم siesta؟
وهذه الكلمة مشتقة من كلمة sexta اللاتينية، والتي تعني الساعة السادسة بعد الفجر.
وكانت هذه الفترة بمثابة استراحة تقليدية للعمال في قطاع الزراعة بإسبانيا، وإيطاليا، وعادةً ما تم أخذها في فترة الظهر تقريبًا، تمامًا عندما تبدأ الحرارة الشديدة لشمس منطقة البحر الأبيض المتوسط بالوصول للذورة.
ولكن في إسبانيا، أصبحت تلك الفترة أكثر انتشارًا في عهد فرانكو، حيث أجبر الاقتصاد المتدهور الأشخاص على العمل بوظائف متعددة، كما أوضحت جونكيه.
وقالت: "كان الأشخاص يستيقظون عند الفجر للعمل لمدة 6 إلى 8 ساعات، ويأخذون استراحة لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات لأخذ قسط من الراحة، وتناول الطعام، والتنقل إلى وظيفة أخرى، ومن ثم العمل لعدة ساعات أخرى حتّى المساء".
وفي اللغة الإسبانية، تعني كلمة siesta القيلولة حرفيًا.
ومع ذلك، ينام أقل من 18% من الإسبان بانتظام خلال تلك الفترة اليوم، وفقًا لاستطلاع من عام 2016.
وأبلغ أكثر من 50% من المشاركين أنّهم لا يأخذون قيلولة أبدًا.
ومع ذلك، كان نظام القيلولة، مع التحول في المنطقة الزمنية الذي طبّقه فرانكو، سببًا في مدّ الساعة البيولوجية للاقتصاد الإسباني إلى الليل.
وتُغلق العديد من المتاجر في إسبانيا أبوابها لقضاء استراحة بعد الظهر لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات، ما يطيل يوم الموظفين، ويخلق ما تصفه جونكيه بـ "فقر الوقت".
مراقبة الوقتويكون الأثر أكبر على النساء الإسبانيات اللاتي يتحملن مسؤولية غالبية الواجبات المنزلية، وتقديم الرعاية، والعمل في الوقت ذاته.
وبحسب معهد Time Use Institute، تعاني 30% من الإسبانيات المتمتعات بأُسر من النقص التام بالوقت الشخصي.
وقد يكون هذا أيضًا أحد أسباب تأخر مستويات الإنتاجية في إسبانيا مقارنةً بدول أخرى في أوروبا.
وقالت جونكيه: "تشير جميع المؤشرات إلى أنّه كلما طالت مدة بقائك في العمل، كلما قلّت إنتاجيتك".
ولأعوام عديدة، صارعت إسبانيا مع كيفية إصلاح ساعتها الداخلية، وهي قضية تتجاوز الخطوط الحزبية السياسية.
وفي عام 2016، حاول رئيس الوزراء الإسباني المحافظ، ماريانو راخوي من الحزب الشعبي، إعادة عقارب الساعة الإسبانية إلى توقيت غرينتش دون جدوى.
وتدعو الحكومة الحالية، برئاسة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز من الحزب الاشتراكي، إلى تقليل ساعات العمل، وزيادة المرونة.
كما أنّها فرضت زيادة في الأجور لأولئك الذين يعملون بين الساعة 10 مساءً حتى الساعة 6 صباحًا.
ولذلك أثر كبير على صناعة الخدمات والسياحة في إسبانيا، وخاصةً على مشهد تناول الطعام في وقتٍ متأخر من الليل.
لحظات ذهبيةوفي إسبانيا، لا تصل حشود فترة العشاء إلى ذروتها إلا بعد الساعة العاشرة مساءً، وفقًا لصاحب مطعم يُدعى داني غارسيا.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أوروبا ساعات العمل فی إسبانیا
إقرأ أيضاً:
عالم فلك شهير يحذر: جسم غير مألوف في طريقه للأرض وقد يكون مصدره كائنات فضائية
في ظل التقدم العلمي المتسارع، لا تزال بعض الظواهر الكونية تُثير الذهول وتبعث على القلق، خاصة حين تصدر تحذيرات من علماء مرموقين حول احتمالات وجود تهديدات من خارج كوكب الأرض. هذه المرة، جاء التحذير من عالم فيزياء فلكية شهير في جامعة هارفرد، ليضعنا أمام سيناريو يلامس حدود الخيال العلمي، لكنه مبني على بيانات وتحليلات حقيقية.
جسم غامض في طريقه إلى الأرضوكشف البروفيسور آفي لوب، أحد أبرز علماء الفيزياء الفلكية في جامعة هارفرد، أن كوكب الأرض قد يكون على موعد مع "خطر جديد ومرعب"، مصدره جسم غريب يقترب بسرعة من كوكبنا. ووفقًا لما نقلته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فإن لوب لا يستبعد أن يكون هذا الجسم "مركبة فضائية" أرسلتها كائنات ذكية من حضارة بعيدة، وربما يكون هدفها عدائياً.
وأشار لوب إلى أن الجسم الذي يعرف باسم (3I/ATLAS) يتحرك على مسار نادر واستثنائي، من المرجح أن يقوده إلى الاقتراب من ثلاثة كواكب هي: الزهرة، والمريخ، والمشتري، قبل أن يتجه نحو الأرض.
مسار غير مألوف واحتمالات مقلقةاللافت في دراسة لوب وفريقه أن المسار الذي يسلكه هذا الجسم لا يشبه المسارات المعتادة للصخور الفضائية الطبيعية. وأوضح أن احتمالية مرور نيزك أو مذنب طبيعي بهذا الشكل العشوائي ضئيلة جداً، وتقل عن 0.005%. وهو ما دفعه لطرح فرضية أن يكون هذا الجسم بمثابة مسبار استكشافي، أو حتى مركبة مراقبة أُرسلت من حضارة خارجية.
وتستند هذه الفرضية إلى ما يُعرف في الأوساط العلمية بـ"فرضية الغابة المظلمة"، وهي تصور فلسفي وعلمي يقول إن الحضارات الذكية في الكون قد تكون عدائية بطبيعتها، وتفضل تدمير أي حضارة ناشئة بدلاً من التواصل معها.
تحذير من العواقب وضرورة الاستعدادوقال لوب في تصريحاته: "إذا ثبت أن هذا الجسم يحمل نوايا عدائية، فقد تكون العواقب وخيمة على البشرية"، مضيفاً أن اتخاذ تدابير دفاعية في مثل هذا السيناريو قد لا يكون فعالاً، لكنه ضروري على الأقل من الناحية الرمزية والعلمية.
وأوضح أن الدوافع وراء إرسال مثل هذه الأجسام من كائنات فضائية مفترضة قد تكون بهدف الاستكشاف السلمي، أو العكس، وهو الهجوم الوقائي ضد ما يرونه تهديداً.
ليست المرة الأولى.. شكوك قديمة حول "أومواموا"ليست هذه هي المرة الأولى التي يثير فيها لوب الجدل. ففي عام 2021، طرح نظرية تفيد بأن الجسم الفضائي المعروف باسم "أومواموا"، والذي مر عبر نظامنا الشمسي في عام 2017، ربما لم يكن مجرد صخرة فضائية، بل مركبة من صنع حضارة ذكية. استند لوب في تحليله إلى شكل الجسم الغريب الشبيه بالسيجار، وقدرته على التسارع بطريقة لا تفسرها قوانين الجاذبية المعروفة.
شهادته أمام الكونغرس وأبحاثه المثيرةفي مايو الماضي، كان لوب أحد المتحدثين الرئيسيين في جلسة استماع في الكونغرس الأمريكي بشأن الأجسام الطائرة المجهولة (UFOs). وأكد خلال الجلسة أن هناك أجساماً في السماء لا تزال تثير الحيرة، مطالباً بتخصيص تمويل أكبر لرصد وتحليل هذه الظواهر.
كما تحدث عن اكتشاف شظايا معدنية غير مألوفة في قاع المحيط الهادئ، قال إنها قد تكون من بقايا جسم تحطم قبالة سواحل بابوا غينيا الجديدة في عام 2014، ويُرجّح أنه نشأ في الفضاء بين النجوم.
بين العلم والخيال.. ما الذي ينتظرنا؟ما يطرحه البروفيسور آفي لوب يبدو للوهلة الأولى ضرباً من الخيال العلمي، لكنه يستند إلى تحليل علمي دقيق ومسار بحثي امتد لسنوات.