مفتي الجمهورية: الحكم بتكفير أي إنسان لا يكون إلَّا عن طريق القضاء
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
قال الدكتور شوقي علَّام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن سلوك طريق التكفير حيال المؤمنين وتكثير أسبابه فعلٌ يخالف المسلك النبوي الذي دلت عليه النصوص الشرعية من إحسان الظن والإمساك عن تكفير كل من نطق بالشهادتين.
مفتي الجمهورية يهنئ الرئيس بمناسبة أداء اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة مفتي الجمهورية يشهد الإفطار السنوي لأسرة طلاب من أجل مصر بجامعة دمنهورجاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، مضيفًا: إنَّ الحكم بتكفير أي إنسان لا يكون إلَّا عن طريق القضاء، ولا يتم إلا بعد التحقُّق الدقيق من الأمر، ولا يجوز لأحد من الناس أن يكفر أحدًا.
وشدَّد على أن "المذاهب الفقهية من العلامات البارزة في تاريخ الفقه الإسلامي، والركن الركين الذي حافظ على هذا العلم وفق معايير ثابتة وواضحة على مدى القرون الطويلة، حيث إن هذه المذاهب حفظت لنا الدين وحملت عنا عبء النظر والاستدلال الذي يستغرق سنوات وسنوات من الجهد المضني والتعب الشديد، وحفظت علينا العبادات والمعاملات وكل شئون الحياة نؤديها ونحن مطمئنون إلى صحة ما ورد إلينا من أقوالهم فيها مع ما اشتملت عليه من اختلاف في طرق الاستدلال وتباين وجهات النظر، وكل هذا لا يمنع من التفاعل مع ما يقع من حوادث ومستجدات، فهذه المذاهب تركت لنا المناهج التي تتيح لنا التعامل مع الواقع وفق مراد الشرع الشريف".
وأوضح أن الأزهر الشريف على مدار تاريخه اعتمد على منهجية منضبطة، أسست للتعايش الحقيقي بين أبناء المجتمعات، وهي: لا إقصاء ولا تكفير، بجانب تهذيب النفس الإنسانية مع العلوم الشرعية.
وأشار إلى أنه لا بد من تهذيب الجانب الأخلاقي الخاص بتهذيب النفوس باعتباره مكونًا أساسيًّا من المنهجية الأزهرية المنضبطة التي لم تُقْصِ أحدًا ولم تكفر أحدًا.
وأوضح مفتي الجمهورية أن المذهب الأشعري – وهو مذهب الأزهر الشريف - لا يكفر أحدًا ينطق بكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، مؤكدًا أن منهج الأزهر هذا يخالف منهج الإرهابيين الذين يكفرون الناس، وبالتالي فالمنهجية القائمة على المذهب الأشعري تساهم في استقرار المجتمعات.
وتابع مفتي الجمهورية: إن الإرهابيين يتبنون فكرة التكفير التي تبرر لهم القتل، وهذه نابعة من مناهج تخالف منهجية الأزهر الشريف تمامًا الذي لا يكفر من قال لا إله إلا الله.
وأكد على أهمية المنهجية الأزهرية والبيئة الأزهرية في تشكيل عقل الطالب الأزهري ووجدانه، فدراسة الآراء المتعددة في الفقه واللغة والعقيدة ترسِّخ فكرة التعايش وقبول الآخر عند الطالب الأزهري، وكذلك مجاورته لطلابٍ من أجناس مختلفة؛ فكل هذه الظروف والمكونات تكوِّن إنسانًا متوائمًا وقابلًا بالفعل للتعايش مع كل الرؤى.
ثواب قراءة القرآنوردًّا على سؤال عن ثواب قراءة القرآن قال: إن قراءة القرآن الكريم وتلاوته عبادةٌ من أفضل العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى، وكذلك قراءة القرآن من المصحف لها فضل عظيم، وذلك لأن الأجر فيها مضاعف؛ لما فيها من مداومة النظر في المصحف الكريم، مشيرًا إلى أن الله أمرنا بتعظيم القرآن والكعبة والأولياء.
وأوضح المفتي أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها فمن أتقن الحفظ أو القراءة الصحيحة فهو أفضل ومن لم يتمكَّن من القراءة الصحيحة واكتفى بالسماع فقط فهو مأجور لما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ؛ -أي: يقرؤه بصعوبة- وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ».
قراءة المرأة الحائض للقرآن ومس المصحف
وعن حكم قراءة المرأة الحائض للقرآن ومس المصحف قال: الأَوْلى العمل بما عليه جمهور الفقهاء من حرمة قراءة القرآن ومس المصحف للحائض والنفساء؛ لِمَا في ذلك من تقديسٍ للقرآن الكريم، وخروجًا من الخلاف. فمن وجدت في ذلك مشقةً وحرجًا، واحتاجت إلى قراءة القرآن أو مَسِّ المصحف للحفظ أو التعليم أو العمل في التدريس، فيجوز لها حينئذٍ تقليد المالكية؛ إذ مِن القواعد المقررة في الشرع "أن من ابتُلِيَ بشيءٍ مِن المُختَلَف فيه فليقلد من أجاز"، ولا إثم عليها في ذلك ولا حرج.
واختتم مفتي الجمهورية حواره بالرد على سؤال يسأل عن حكم دخول دورات المياه بالهواتف الذكية التي تشتمل على مصحف إلكتروني: لا مانع من دخول دورات المياه أو الحمامات بالهواتف المسجل عليها قرآن أو أدعية أو نغمات أذان؛ لأن الهاتف بمثابة ذاكرة الإنسان، ولكن ينبغي أن يضبط على الوضع الصامت، وكذلك تجنب وضع آيات كصورة ثابتة على شاشة الهاتف إذا كنا مضطرين للدخول به إلى هذا المكان وذلك إن تعذر وضعه خارجه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية هيئات الإفتاء مفتی الجمهوریة قراءة القرآن
إقرأ أيضاً:
القراءة.. نهضة العقول وتقدم الشعوب
سالم البادي (أبومعن)
من عظيم الشرف لأمتنا الإسلامية العظيمة أن استُهِلَّ نزول القرآن الكريم بقوله تعالى:
"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" (العلق: 1-5).
القراءة هي أكثر من مجرد هواية؛ إنها نافذة على عوالم لا حصر لها، وجسر يربطنا بأفكار وثقافات مختلفة، وأداة قوية لتوسيع آفاقنا.
عندما نفتح كتابًا، فإننا لا نقرأ فقط الكلمات ونقلب الصفحات؛ بل ننخرط في حوار مع المؤلف والكاتب، ونستكشف وجهات نظر جديدة، ونستشرف رؤى حديثة، ونتعرف على أفكار مختلفة، ونتعلم عن أنفسنا وعن العالم من حولنا.
تعمل القراءة على تنمية القدرات الذهنية والبدنية والمهنية واللغوية، وتحسّن لدينا مهارات الاطلاع والاستيعاب والفهم والكتابة والتعبير والتحليل. كما إنها تعزز لدينا التفكير النقدي والتحليلي، وتساعدنا على فهم القضايا المعقدة واتخاذ قرارات مستنيرة.
إضافة إلى ذلك، تعد القراءة وسيلة رائعة لتخفيف التوتر والاسترخاء، والهروب من ضغوط الحياة اليومية.
وفي عالمنا الرقمي، قد تبدو القراءة التقليدية وكأنها تتراجع، لكن أهميتها تظل ثابتة، سواء اخترنا قراءة الكتب الورقية أو الإلكترونية، فإن القراءة تظل استثمارًا قيمًا مهمًّا في حياتنا. إنها تمنحنا العلم والمعرفة، والإلهام، والمتعة، وتجعلنا أفرادًا أكثر ذكاءً وإدراكًا لمن حولنا.
وتؤدي القراءة دورًا حاسمًا في تشكيل عقول الأجيال الصاعدة، فهي ليست مجرد وسيلة للترفيه؛ بل هي أداة أساسية لتنمية القدرات المعرفية والشخصية لدى النشء، فمن خلال القراءة يتعلم الأطفال والشباب كيفية التفكير النقدي، وتحليل المعلومات، وتكوين وجهات نظرهم الخاصة، وتكوين شخصياتهم الذاتية، إنها تساعدهم على فهم العالم من حولهم، وتوسيع آفاقهم، واكتشاف ثقافات وحضارات مختلفة.
بات غرس حب القراءة في الأجيال الناشئة مطلبًا مُلحًّا خاصة في عصرنا الذي تتسارع فيه المتغيرات وتتطور فيه التقنيات الحديثة ومنها الذكاء الاصطناعي؛ فأصبح الأمر يتطلب جهودًا مشتركة من الأسرة والمسجد والمجتمع والمدرسة كمنظومة متكاملة مترابطة متصلة ببعضها البعض.
والأسرة تمارس دورًا كبيرًا ومهمًّا في غرس حب القراءة لدى النشء من خلال توفير بيئة منزلية مشجعة للقراءة، وقراءة القصص لأطفالهم، فضلًا عن إعداد برنامج لزيارة المكتبات والمعارض.
بينما دور المدارس يجب أن يتم من خلال دمج القراءة في المناهج الدراسية بطرق مبتكرة وممتعة ومحفزة، وتشجيع الطلاب على اختيار الكتب التي تثير اهتماماتهم، وتنمّي مهاراتهم ومداركهم العقلية والعلمية.
علاوة على ذلك، يجب على المجتمع أن يدعم القراءة من خلال توفير المكتبات العامة، وتنظيم الفعاليات والمسابقات الثقافية والتعليمية المتعلقة بالقراءة.
وللإعلام دور كبير في الترويج لأهمية القراءة في مختلف وسائل وقطاعات الإعلام والصحف والجرائد ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
من خلال هذه الجهود المتضافرة، يمكننا أن نضمن أن الأجيال القادمة ستتمتع بالمهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في عالم متغير متسارع، وأن تظل القراءة جزءًا حيويًّا من حياتهم وعقيدتهم.
القراءة تزوّدنا بنماذج وأساليب متنوعة ومختلفة من الكتابة مثل الروايات، والأخبار السياسية والاقتصادية والدينية المختلفة، والمقالات، وكتب التاريخ والأدب والشعر والعلم والثقافة وغيرها.
القراءة توسّع آفاقنا عندما نقرأ عن ثقافات وتجارب، وأفكار مختلفة.
نفتح عقولنا على العالم الآخر، ونتعلم التفكير النقدي، ونرى الأمور من وجهات نظر مختلفة.
هذه المعرفة والخبرة تثري مداركنا، وتجعلها أكثر عمقًا ومعرفة وثقافة.
القراءة تحفزنا على الكتابة، فعندما نقرأ كتابًا جيدًا، نشعر بالإلهام لكتابة شيء آخر جديد نابع من أفكارنا، ونعبر عن مشاعرنا.
القراءة هي الوقود الذي يشعل شرارة الإبداع في داخلنا. والقراءة هي التي تزوّد العلماء بالمعرفة والبيانات، وتمكنهم من تحليل هذه المعلومات ومشاركتها، وتوسع آفاقهم، وتعزز قدرتهم على التفكير، وتساعدهم على فهم النظريات والمفاهيم المعقدة.
والقراءة تنمّي الإدراك والوعي لدى الإنسان، وتساعد في تنمية الفكر، وزيادة المعرفة، وتعزيز التواصل بين الآخرين.
القراءة تخلق مجتمعًا واعيًا مثقفًا متعلمًا مفكرًا ومبتكرًا، يعزز غريزة التفاهم والتسامح، ويساهم في دعم التنمية البشرية وازدهارها.
قال تعالى: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (المجادلة: 11).
ويكفي للأمة الإسلامية حظًا وشرفًا وفضلًا في قراءة القرآن الكريم، لما له من فضائل كثيرة لا تُعد ولا تُحصى؛ فالقرآن الكريم عند المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، هداية ورحمة للناس جميعًا، وهو كتاب الله الخالد، وحجته البالغة، وهو باقٍ إلى أن تفنى الحياة على الأرض.
وفي قراءته فضل عظيم، بها يحصل المسلم الحسنات، وينال الأجر العظيم، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
"من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
ولحافظ القرآن أجر عظيم عند الله؛ فإن القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة، ويعلي منزلته ودرجته في الجنة؛ فيكون مع الملائكة السفرة الكرام البررة.
ومن فضائل تعلم القرآن وتعليمه: أن جعل الله مَن تعلم القرآن وعلّمه غيره خير الناس وأفضلهم، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
"خيركم من تعلم القرآن وعلّمه".
قال عباس محمود العقاد في القراءة:
"لست أهوى القراءة لأكتب، ولا لأزداد عمرًا في تقدير الحساب، إنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني، القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عُمقًا".
رابط مختصر