صديق الزيلعي
أواصل إعادة نشر مقالات انتفاضة 1985، وكما ذكرت ندعو للاستفادة من الدروس، لان مياه كثيرة جرت تحت جسر بلادنا. اليوم أقدم هذا المقال وأتمنى من رفاقي الجذريين قراءته بعقل مفتوح.
الي المقال الرابع:

احتفاءا بذكرى انتفاضة مارس أبريل 1985، سأحاول أن استعرض بعض الدروس الذي تعلمناها من تلك الملحمة الجماهيرية العظيمة.

ليس في إطار النظر النوستالجي للماضي، وانما في إطار النظر للماضي لتشكيل المستقبل. لذلك وسأناقش تباعا بعض أهم دروس انتفاضة مارس أبريل، قصدا لمواجهة قضايا وتعقيدات وتحديات المرحلة الانتقالية الراهنة. وهي أخطر مراحل التحول الديمقراطي، التي مرت على بلادتا، لأنها ذات معادلة صفرية: اما تحقيق تحول مدني حقيقي، أو السقوط في قاع هاوية الحروب الاهلية والتشطي والدكتاتورية. الدرس الرابع الذي تعلمناه هو استخدام أسلوب النقد الباني لمناقشة اطروحات بعضنا البعض. وسأعرض كيف ان نقد قدم نقدا موضوعيا لميزانية حكومة ما بعد الانتفاضة بلا تخوين أو شعارات معلقة في الهواء.
ابتدأ نقد خطابه بطرح المسألة الجوهرية الآتية:" في تناولنا لأمر الميزانية ننطلق من أننا في فترة تتميز بوحدة افكارنا السياسية، انها فترة انقاذ وطني، ومن ثم هناك ضوابط على ما نطرح من برامج وخطوات للسياسة المالية والاقتصادية. وبما اننا في فترة انقاذ وطني، فهناك حقا، أساس موضوعي لبرنامج حد أدنى تتفق وتتوحد حوله قوى اجتماعية، طبقات، فئات متباينة المصالح تعبر عن تلك المصالح في برامجها السياسية. ولكن – على الأقل – لديها وحدة مشتركة ومصلحة مشتركة في برنامج حد أدني تتوحد حوله. نضع في اعتبارنا أيضا انها المرة الثالثة بعد الاستقلال وبعد أكتوبر نواجه التحدي الوطني الكبير في استقرار التجربة الديمقراطية. "
واضاف نقد قائلا: "يدور الصراع والخلاف حول تنفيذ البرنامج. لكن، برغم هذا الخلاف، نضع في اعتبارنا اننا نمر بحالة محددة وملموسة. فالسودان يعاني فيها من مشاكل كبيرة: مشكلة المجاعة وذيولها، ومشكلة الحرب الاهلية، وأعتقد أن أي دولة – بصرف النظر عن نظامها الاجتماعي ونوع السلطة السياسية – إذا ابتلاها الله بهاتين المشكلتين (حرب أهلية ومجاعة) لا بد أن تنو تحت ثقلها. هذه المشاكل إذا وضعت في الاعتبار، فطرق العلاج والحل وطرح المطالب والمطامع والطموحات يمكن أن تتقيد في إطار واقعي ومعقول".
وقدم اعتراضا جوهريا هو " ان الميزانية لم تعكس عمق الأزمة. الأزمة أكبر والحالة أقبح مما صورتها الميزانية. لذلك - بدراسة متأنية وقراءة أولى وثانية وثالثة للميزانية ومقارنة مع الميزانيات السابقة – جاءني الإحساس بأن هناك لمس طفيف أو خفيف، وأحيانا سطحي لمشاكل عميقة وكبيرة لا نطالب فقط، بل نقدم البدائل:
نحن نتحدث في امر محدد جدا، هناك ثلاث سلع اساسية، لو خفضنا اسعارها تصبح مفتاحا لتخفيض اسعار سلع وخدمات اخرى وبدون مجهود. نعطي الحكومة خيارات ولا نطالب فقط، طالما هي اعلنت الخيار المتوسط والبعيد. أعلنت الحكومة انها ستخفض اسعار السكر والدقيق والمواد البترولية، لكن قنوات التوزيع ليس محل اطمئنانها، فما هي قنوات التوزيع هذه؟ ومتي ستنظف؟ هذا سؤال مشروع ويمكن ان يتحول الى شماعة ويمكن ان يتحول الى سخرية في الشارع. الحكومة يجب الا تعرض نفسها لهذا النوع من التعامل السياسي مع الشارع. قنوات التوزيع معروفة وبدون ان يساهم الشعب لن تنظف. ولكي يساهم الشعب يمكن للحكومة ان تأخذ الخيار الاول في هذا الجانب:
بديل أول: تعلن انها ستخفض السلع خلال شهرين، وفي خلال هذه المدة تطلب من الشعب مساعدتها في تنظيف قنوات التوزيع وتضمن هنا ان كان هناك مخزون من هذه السلع في السوق الاسود ينزل لان سعره اصلا سينزل. هذا يساعد النظام المصرفي الذي يمول. وتضمن يقظة المواطنين وتضمن استعداد عدد كبير جدا من الجمعيات التعاونية لتولي المساعدة في توزيع هذه السلع. هذا اسلوب وشكل على الاقل يقربنا من المدى المتوسط إذا لم يكن المدى البعيد.
بديل ثاني: ان تعلن الحكومة عن تخفيض بالتدريج، يعني تخفيض السلع التي تستطيع ان تتحكم في الرقابة على توزيعها. سلع تخفضها في نهاية الشهر والاخرى في الشهر الذي يليه وسلعة ثالثة ... وهذا ايضا يساعد في كل ما ذكرته في الخيار الاول. ويساعد في ان لا تدفن الحكومة رأسها في الرمال. فهنالك تشابك مصالح بين البيروقراطية في جهاز الدولة والسوق. وهناك تشابك مصالح لبن اناس في قمة السلطة وبين السوق. بدون يقظة وبدون هذا الدفع السياسي والقرار ذي الطابع السياسي، ستظل الحكومة تعاني من قنوات التوزيع. فاذا كانت تتحكم أكثر في البترول فلتبدأ به يليه السكر والدقيق.
بديل ثالث: وهو ان تقول الحكومة انها ستوفر في ظرف شهرين السلع الثلاث بسعرها موحدا في كل انحاء السودان. سعرها نفسه دون ان ينزل. في هذه الحالة نكون وفرنا تلك السلع لمواطني دارفور وكردفان وجنوب النيل الازرق والنيل الابيض والشرق بسعر أدني. وفي نهاية الشهر الثالث تبدأ بالتخفيض. هناك ايضا شماعة لجان الدراسة التي تكون للسلع الاساسية ولدراسة آثار تخفيض السلع ولتخفيف المعيشة والسلع الاساسية. جائز ان تخرج هذه اللجان بشيء ايجابي، ولكن هذه اللجان مر عليها اربعة أشهر، ويمكن نحتاج لتنظيف القنوات لأربعة أشهر ولن نصل الى نتيجة. لذلك أحسن للحكومة ان تقلع عن هذا الشعار المبهم المعلق في الغيب.

siddigelzailaee@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

عاجل ـ ترامب: نأمل ألا يكون هناك مزيد من الكراهية

قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشكر لأمير دولة قطر، على جهوده المبذولة في سبيل السلام بالمنطقة، كما قال: "تهانينا للعالم، لقد حان وقت السلام ونأمل ألا يكون هناك المزيد من الكراهية.

ترامب يشكر أمير قطر

وكتب ترامب على منصات التواصل الاجتماعي: أود أن أشكر أمير قطر الموقر على كل ما بذله من جهد في سبيل السلام في المنطقة. وفيما يتعلق بالهجوم الذي وقع اليوم على القاعدة الأمريكية في قطر، يسرني أن أبلغكم أنه، بالإضافة إلى عدم سقوط أي قتلى أو جرحى أمريكيين، والأهم من ذلك، لم يُقتل أو يُجرح أي قطري. شكرًا لاهتمامكم بهذا الأمر.

وفي أول تعليق على قصف إيران لقاعدة العديد الأمريكية في قطر قال الرئيس الأمريكي: ردّت إيران رسميًا على تدميرنا لمنشآتها النووية بردٍّ ضعيفٍ للغاية، وهو ما توقعناه، وتصدينا له بفعاليةٍ كبيرة"

وقف المزيد من الكراهية

وأضاف: "أُطلق 14 صاروخًا، أُسقط 13 منها، وأُطلق صاروخٌ واحدٌ لأنه كان متجهًا في اتجاهٍ غير مُهدِّد. يسرّني أن أُبلغكم أنه لم يُصَب أيُّ أمريكيٍّ بأذى، ولم يُلحق أيُّ ضررٍ يُذكر. والأهم من ذلك، أنهم تخلصوا من كلِّ شيءٍ في "نظامهم"، ونأمل ألا يكون هناك المزيد من الكراهية.

وتابع: "أودّ أن أشكر إيران على إخطارنا المُبكِّر، مما سمح بعدم إزهاق أرواحٍ أو إصابة أحد. لعلّ إيران تستطيع الآن المضي قدمًا نحو السلام والوئام في المنطقة، وسأُشجِّع إسرائيل بحماسٍ على أن تحذو حذوها. شكرًا لكم على اهتمامكم بهذا الأمر!".

مقالات مشابهة

  • وزير الاستثمار: الحكومة تسعى للاستفادة من الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية
  • فضيحة في تركيا: آلاف المنتجات المنتهية الصلاحية تُحبط قبل التوزيع
  • ما بعد وقف إطلاق النار: أي دروس تستخلصها إيران من المواجهة مع إسرائيل؟
  • حين تُقصف العقول: هل نتعلّم من دروس الحرب في الشرق الأوسط؟
  • عاجل ـ ترامب: نأمل ألا يكون هناك مزيد من الكراهية
  • قنوات ومواعيد عرض مسلسل حرب الجبالي
  • تداعيات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية على الاقتصاد الحوثي في تقرير لمنتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية
  • متحدث الوزراء: الحكومة جاهزة لكل السيناريوهات.. ولديها مخزون استراتيجي من السلع والطاقة
  • رئيس الحكومة اللبنانية يدين التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة بدمشق
  • مركز الاتصال الحكومي يوضح بشأن قرار مجلس الوزراء حول الدفع الإلكتروني