اعتمد البرلمان الفرنسي، يوم الاثنين الماضي، مشروع قانون يحظر على جيران المزارع الشكوى من أصوات وروائح الحيوانات.

ولطالما كانت "أصوات الريف" قضية متنازعا عليها في فرنسا، خصوصا بين أصحاب المنازل الجدد الذين ينتقلون إلى المنطقة من المدن وبين المزارعين.

وركزت الشكاوى -السنوات الأخيرة- على أصوات الغربان والديكة والدجاج الصاخبة، وأجراس الأبقار، والجرارات الزراعية، وضوضاء أجراس الكنيسة، بالإضافة إلى روائح الأبقار.

أصوات وروائح الريف "جزء من تراث الأمة"

وعقب إقرار القانون من البرلمان قالت الوزيرة المنتدبة لدى وزارة الفلاحة والسيادة الغذائية أنييس بانييه رونشر -في منشور على منصة "إكس"- إن أولويتهم واضحة بأنه "يجب أن يعيش المزارعون من عملهم وأن يتمكن الفرنسيون من الحصول على الغذاء الصحي وأن نحافظ على سيادتنا فيما يتعلق بالطعام، وسنواصل النضال من أجل تحقيق هذه الأهداف".

Nos priorités sont claires :
1⃣ Les agriculteurs doivent vivre de leur travail
2⃣ Les Français doivent avoir accès à une alimentation saine
3⃣ Nous devons être souverains sur l'alimentation.

Nous continuerons à nous battre pour atteindre ces objectifs. #EnTouteFranchise pic.twitter.com/7hytt3jOly

— Agnès Pannier-Runacher ???????????????? (@AgnesRunacher) March 18, 2024

وفي منشور آخر، قالت الوزيرة "القانون يدعم ويحمي المزارعين الذين تمت مهاجمتهم أثناء ممارسة أنشطتهم. العيش في الريف يعني قبول العيش بالقرب من المزارعين الذين يعملون بلا كلل لإطعامنا".

Engagement pris, engagement tenu : la loi portée par @NicoleLePeih pour protéger les agriculteurs attaqués dans l’exercice de leurs activités est adoptée !

Vivre à la campagne c’est accepter de vivre en proximité d’agriculteurs qui ne comptent pas leurs heures pour nous nourrir.

— Agnès Pannier-Runacher ???????????????? (@AgnesRunacher) April 8, 2024

وبحسب وزير العدل إريك دوبوند موريتي، فإن البرلمان اعتمد قانونا جديدا يحدد "ملامح هذا التعايش السيئ السمعة، الذي يحترم الجميع. الأنشطة التي كانت موجودة قبل انتقال صاحب الشكوى لا يمكن تصنيفها على أنها اضطرابات غير طبيعية في الحي".

✅????️ Conflits de voisinage : la proposition de loi visant à "adapter le droit de la responsabilité civile aux enjeux actuels", portée par @NicoleLePeih, définitivement adoptée par le Parlement après un ultime vote de l'Assemblée nationale.#DirectAN pic.twitter.com/NNguixtLAq

— LCP (@LCP) April 8, 2024

وقد تمت الموافقة على مشروع القانون -الذي يعتمد على قانون سابق يضع مبدأ أن "أصوات وروائح" الريف جزء من تراث الأمة- بأغلبية 46 صوتًا مقابل 7 أصوات.

وفي وقت سابق، قال موريتي إن القانون سيحرر المحاكم من "القضايا غير المجدية" المتعلقة بالمزارعين الذين يقومون فقط بعملهم.

وأوضح أن القانون لا يركز فقط على الأنشطة الريفية أو المزارع، بل ينطبق على جميع أنواع الاضطرابات، بما في ذلك تلك الموجودة في المدن.

وتابع "أفكر، مثلا، في مطعم البيتزا الموجود بالطابق الأرضي، والذي يصدر بالتأكيد روائح وضوضاء، ولكنه كان موجودًا قبل أن تنتقل للسكن في الطابق الأول. لا يمكن للجار أن يشتكي من التلوث الضوضائي الذي كان موجودا قبل انتقاله إلى السكن".

وخص الوزير بالذكر الباريسيين الذين ينتقلون إلى المناطق الريفية ويهددون باتخاذ إجراءات قانونية عندما يمنعهم ديك الجيران أو جرار عابر من النوم قائلا "الشخص الذي يريد إعادة تشكيل الريف وفقا لعقليته الحضرية لا ينبغي أن يأتي ويزعجك بدعاوى زائفة عندما تستيقظ مبكرا".

وقالت نيكول لو بيه، عضو البرلمان عن منطقة موربيهان، والتي كانت أول من اقترح مشروع القانون "هذا ليس شيكا على بياض لجميع اضطرابات الحي، ولكنه إجراء منطقي".

وأوضح القانون أيضا أن المزارعين -أو أي مشغل محلي- لهم الحق في تغيير طريقة إنتاجهم نتيجة للتشريعات أو المعايير أو العمليات الجديدة التي يمكن أن تسبب ضجيجا أو إزعاجا إضافيا، حتى بعد ادعاء الشخص أنه "تعرض للأذى".

على سبيل المثال "عندما يضطر مربو الدجاج إلى التحول من تربية الدجاج بالبطارية إلى الزراعة في الهواء الطلق، يجب أن يتغير النشاط بشكل كبير ولكن لن يعتبر بمثابة إزعاج" كما قالت النائبة فرانسواز جاتيل التي طرحت هذا النص.

وكان من بين منتقدي مشروع القانون بعض أعضاء البرلمان من حزب الخضر الذين قالوا إنهم يخشون أن يعني ذلك أن الناس "سيضطرون إلى العيش في بيئة ضارة لا تحترم صحتهم ولا توازنهم البيئي" لمجرد أن مصدر الإزعاج كان موجودًا من قبل.

وقال عضو برلماني آخر، وهو النائب الاشتراكي جيرار ليسول، إن القانون مجرد أوراق إضافية، ولا يفعل "أكثر من إدخال مبادئ تم وضعها وتطبيقها بالفعل في نصوصنا".

الريف يقاوم شكاوى الإزعاج من سكان المدن

وشعر سكان الريف بالحاجة إلى التصدي للشكاوى خلال السنوات الأخيرة حيث نجح عمدة مدينة جيروند، عام 2019، في الدعوة إلى إدراج أصوات الريف كجزء من "التراث الثقافي" في فرنسا، في حين قام عمدة مدينة جارد وآخر في منطقة الراين الأعلى بتثبيت لافتات عند مداخل قراهم الريفية.

Chant du coq, cloches : "Vous êtes en campagne", prévient un panneau à Muhlbach-sur-Munsterhttps://t.co/VRaIPUdSdY pic.twitter.com/6m3Eu1xXWP

— France Bleu Alsace (@bleualsace) October 8, 2020

وحذرت اللافتات السائحين من "الدخول على مسؤوليتهم الخاصة" بسبب أصوات أجراس الكنائس، وصياح الديوك، وأجراس الأبقار، والجرارات الزراعية.

في العام نفسه، أصدر عمدة في هوت سافوا مرسوما يسمح قانونا بصخب الديوك في قريته بعد أن أُمر أحد سكان البلدة (دانييل بوكيس) بدفع 4 آلاف يورو بعد أن رفع جيرانه إلى المحكمة شكواهم بسبب "الصوت الصاخب للغاية" لـ "صياح ديكيه".

وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها السياسيون حل هذه المشكلة، حيث عدل قانون صدر عام 2021 قانون البيئة بحيث تعتبر "الأصوات والروائح" جزءا من التراث الطبيعي لفرنسا.

وكانت الفكرة هي السماح للقضاة بأخذ ذلك في الاعتبار عند الحكم في المحاكمات المتعلقة بمشاكل أي إزعاج يسببه الجيران.

ومع ذلك، تقول السلطات الإقليمية إنها وجدت صعوبة في التنفيذ، حيث لم يتم تقديم مبادئ توجيهية واضحة حول كيفية تجميع القائمة.

وعام 2020، أنشأت المحافظة وغرفة التوثيق في مقاطعة موربيهان بندًا يتم إدراجه في أي وقت يتم فيه بيع عقار، وينص على أن الأمر متروك للمشتري للتحقق من أي "أنشطة، مهنية أو غير ذلك، تحدث في المنطقة المجاورة والتي يمكن اعتبارها مصدر إزعاج".

في ذلك الوقت، قال المحافظ إنهم تلقوا ما بين 5 و10 رسائل أسبوعيا، يشكون فيها من كل شيء، بدءا من ضجيج طيور النورس وحتى صوت اصطدام أغطية القوارب الشراعية بالصواري في مهب الريح.

شكاوى أكثر غرابة

عام 2017، وقع عشرات من أصحاب المنازل الثانية في قرية لو بيوت في جبال الألب، بما في ذلك العديد من البريطانيين، على عريضة تشكو من ضجيج أجراس الأبقار، لكن المجلس المحلي قرر أن التقليد يمكن أن يستمر.

وعام 2018، كشف عمدة لو بوسيت (فار) جنوب البلاد عن تلقيه شكاوى من سياح بشأن أصوات الأزيز المزعجة، وسألوا عن رش الأشجار بالمبيدات الحشرية.

وقضت محكمة عام 2019 بأن موريس، أشهر ديك صغير في فرنسا، يمكنه الاستمرار في الصياح، الأمر الذي أثار انزعاج أصحاب المنزل الثاني في إيل دوليرون الذين اتهموه بإيقاظهم في الصباح الباكر.

وعام 2021، أمرت محكمة في دوردوني زوجين في غرينولس (غيروند) بتجفيف بركتهما، بعد أن اشتكى أحد الجيران من أن الضفادع التي تعيش هناك تصدر الكثير من الضوضاء.

وفي مايو/أيار 2023، وصل رجال الدرك إلى منزل كوليت فيري البالغة من العمر 92 عاما لإزالة 3 ضفادع من بركة حديقتها بعد شكاوى من الجيران.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

ثأر مشروع.. أستاذ قانون دولي: الهجوم الإيراني دفاع عن النفس وليس انتقاما

أثار الهجوم الإيراني الأخير ضد إسرائيل، تساؤلات قانونية عميقة: حول هل يندرج تحت مظلة الحق الأصيل في الدفاع عن النفس، أم أنه يمثل عملاً انتقاميًا يعيد المنطقة إلى مربع التصعيد اللامتناهي؟

وتعليقا على ذلك أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي، إنه في دهاليز القانون الدولي، تتشابك خيوط الدفاع عن النفس المشروع (Legitimate Self-Defense) مع خيوط الأعمال الانتقامية (Reprisals)؛ والتمييز بينهما ليس مجرد خلاف أكاديمي، بل هو جوهري لتحديد مشروعية الأفعال بين الدول. 

الدفاع عن النفس: شروط صارمة

وأوضح أستاذ القانون الدولي - في تصريحات خاصة - أن حق الدفاع عن النفس يعد مبدأً راسخًا في القانون الدولي، وتحديدًا في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. وهذا الحق ليس مطلقًا، بل محاطا بشروط صارمة، هي:

 * الهجوم المسلح: يجب أن يكون هناك هجوم مسلح فعلي أو وشيك الوقوع ضد الدولة التي تمارس حق الدفاع عن النفس. مجرد التهديد أو الأعمال العدائية غير المسلحة لا تبرر دائمًا استخدام القوة.

* الضرورة: يجب أن يكون استخدام القوة ضروريًا لوقف الهجوم أو منعه. بمعنى آخر، لا توجد وسيلة أخرى أقل قوة لتحقيق نفس الهدف.

* التناسب: يجب أن يكون الرد العسكري متناسبًا مع طبيعة وحجم الهجوم الأصلي. فلا يجوز لدولة أن ترد بهجوم شامل على عمل محدود، حتى لو كان غير مشروع.

إسرائيل توجه ضربة غير مسبوقة لإيران وتفكك منظومتها| تفاصيلهل اقتربت المواجهة بين طهران وتل أبيب؟ خبير يحذر: الضربات لم تكن مفاجِئةعودة التهديدات.. ماذا يريد نتنياهو من إيران؟| تفاصيل

* الفورية: غالبًا ما يُشترط أن يكون الرد فوريًا أو في أقرب وقت ممكن بعد الهجوم الأولي، لكي يُنظر إليه على أنه دفاع عن النفس وليس عملاً عقابيًا.

* الإبلاغ: يجب على الدولة التي تمارس حق الدفاع عن النفس أن تبلغ مجلس الأمن الدولي فورًا.

وبالتالي فإذا استوفت إيران هذه الشروط، وخاصة أن هجومها كان ردًا مباشرًا ومتناسبًا على هجوم مسلح إسرائيلي سابق، فقد يُنظر إليه على أنه ممارسة مشروعة لحق الدفاع عن النفس.

 الانتقام: طريق محفوف بالمخاطر

وأضاف الدكتور أيمن سلامة إنه على النقيض تمامًا، تقع الأعمال الانتقامية المسلحة خارج إطار الشرعية في القانون الدولي، خاصة تلك التي تستهدف المدنيين أو لا تلتزم بمبدأ التناسب.

فبينما تسمح بعض التفسيرات بأشكال محدودة من "الأعمال المضادة" غير المسلحة، فإن استخدام القوة العسكرية كعمل انتقامي لانتهاك سابق (غير هجوم مسلح) محظور بشكل عام بموجب القانون الدولي المعاصر، لأنه يفتح الباب أمام دورة لا نهاية لها من العنف والتصعيد.

واختتم إنه لتحديد ما إذا كان الهجوم الإيراني "دفاعًا مشروعًا" أو "انتقامًا غير مشروع"، يتطلب الأمر تحليلًا دقيقًا لكل الحقائق والظروف: طبيعة الهجوم الإسرائيلي الذي سبق الرد الإيراني، الأهداف التي استهدفتها إيران، ومستوى التناسب في ردها.

وردا على سؤال هل كان الرد الإيراني فعلاً ضروريًا ومتناسبًا لوقف هجوم مسلح إسرائيلي، أم أنه كان بمثابة عقاب على انتهاكات سابقة، متجاوزًا بذلك حدود الدفاع عن النفس؟، فأكد إنه وفقا للمعطيات المتاحة يخرج الفعل الإيراني عن فعل الانتقام ويدخل في إطار ومفهوم “أعمال الثأر المشروعة”.

طباعة شارك دفاع عن النفس الهجوم الإيراني إسرائيل انتقام القانون الدولي

مقالات مشابهة

  • ثأر مشروع.. أستاذ قانون دولي: الهجوم الإيراني دفاع عن النفس وليس انتقاما
  • هل نجا نتنياهو فعلًا من أزمته مع الحريديم؟
  • مجلس النواب يُقر تعديلات قانون الثروة المعدنية (تفاصيل)
  • منحة وفاة ونفقة جنازة.. دعم مالي في القانون للأسرة حال الوفاة
  • قانون العقوبات لا يرحم.. الإعدام والمؤبد في انتظار خاطفي الأطفال
  • ننشر عقوبة إصدار الفتوى الشرعية بمخالفة القانون
  • القانون يحدد من يحق له التصويت في الانتخابات والاستفتاءات
  • من هم أتباع كاهانا الذين منعوا سقوط ائتلاف نتنياهو الحاكم؟
  • تصحيح قرار دستوري بشأن القانون رقم 9
  • هل فُتِحت معركة تغيير قانون الانتخابات النيابية رسميًا؟!