لماذا ليس من الجيد أن يكون الأطفال مطيعين دائما؟
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
يريد جميع الآباء أو الغالبية العظمى منهم أن يكون أطفالهم جيدين ومطيعين ومسؤولين، ولكن هذا لا يحدث دائمًا. وقد يقودنا هذا إلى الاعتقاد بأن أطفالنا سيئون وعاصون، وأنه في المستقبل سنواجه مشاكل، ومع ذلك، هذا ليس صحيحا تمامًا.
ونشر موقع "كويدات بلس" الإسباني، تقريرًا، ترجمته "عربي21"، جاء فيه أن سيلفي بيريز، وهو الأستاذ المتعاون في دراسات علم النفس والعلوم التربوية في الجامعة المفتوحة بكاتالونيا، يرى أن "الطفل أو المراهق الذي يقلق علماء النفس أكثر من غيره هو الطفل الذي لا يعاني من أعراض، أي الطفل الذي لا يشكك أبدا في أي شيء والذي يطيع كل شيء".
وأوضح الموقع أن "الناس عادة يربطون السلوك الجيد بـ"الطاعة"ـ والتصرف بشكل سيء مع "العصيان"، لأننا نطبق المعيار الأخلاقي للبالغين على الأطفال"، كما تقول سيلفي بيريز، ولكن يجب أن يعرف الآباء أن الأطفال الذين يتبعون تطورًا معرفيًّا أو حركيًّا لجوانب أخرى مثل الكلام أو القدرة على المشي بمفردهم، وما إلى ذلك، "لا ترتبط مفاهيم الخير والشر بشكل صحيح لديهم حتى سن 12 عامًا تقريبًا".
وأفاد الموقع أنه وفقا لهذه النظرية، يجب ألا يلتزم الأطفال بالطاعة حتى هذا العمر، والذي عنده سيعرفون كيفية التمييز بين الخير والشر، ولكن الحقيقة هي أنهم، لسبب ما، يطيعون، لماذا؟ الإجابة على هذا السؤال، وفقا لسيلفي بيريز، بسيطة: "إنهم يفعلون ذلك من خلال الاستجابة لطريقة العقاب والمكافأة". ووفقًا لها: "يفعل الأطفال أشياء لتجنب العقوبات أو للحصول على مكافآت".
ويبيّن الموقع أنه "من الشائع أن يملي الشخص البالغ سلسلة من المبادئ التوجيهية التي يجب على الطفل قبولها"؛ حيث تقول سيلفي بيريز: "نحن نعيش في عالم غير مرن للغاية لأنه، كقاعدة عامة، يترك الأطفال المدرسة، ويقومون بالمناهج الدراسية، ويلعبون وقتًا محددًا في الحديقة، ويتناولون العشاء في وقت معين، ولا يمكنهم مشاهدة التلفزيون لأكثر من بضع دقائق، أي أن كل شيء مقرر، وفي هذا العالم، في بعض الأحيان، نجد أطفالًا لا يطيعون لأنهم يشككون في القاعدة"، وعلى الرغم مما يعتقده العديد من الآباء، في هؤلاء الأطفال الذين يشككون في الأشياء و"الذين لا يفهمون لماذا يجب أن يكون الأمر على هذا النحو، وإذا فعلوا ذلك دون عدوان، فهو عرض جيد".
وتابع: "من المهم أن يتم منح الأطفال الفرصة لإبداء إرادتهم والتحقق مما إذا كان ما يقولونه مقبولا أم لا. نصيحة أخرى هي عدم تركيز المحادثة على مدى حُسن أو سوء تصرفهم، ولكن على الحقائق: مدى جودة تناولك للطعام، ومدى جودة اللعب مع الأجداد". ويضيف الخبراء أن "هذا مهم لأن التصرف بشكل جيد أو سيء هو حكم أخلاقي للبالغين، ولكن اللعب مع الأجداد أمر إيجابي، حتى لو لم يستجب للسلوك الجيد أو السيئ".
وذكر الموقع أن ما هو ضروري هو قضاء بعض الوقت معهم والاهتمام باحتياجاتهم؛ حيث تقول بولا موراليس، الخبيرة في الجامعة المفتوحة بكاتالونيا: "من المهم أن يكون الوقت الجماعي وقتًا جيدًا لأن ذلك يحدث الفرق". ومن المهم أيضا قضاء هذا الوقت في الاستماع إليهم وأخذ آرائهم في الاعتبار، فالموارد العاطفية والتواصلية للآباء ضرورية لتعليم الأطفال الذين سيشعرون، بدلًا من الطاعة فقط، أن البالغين يثقون بهم؛ وتوضح موراليس: "يقول إن هؤلاء الأطفال سيكونون أشخاصا أكثر استقلالية ومع إدارة أفضل لعواطفهم".
ويرى الموقع أنه "على الجانب المعاكس للأطفال العنيدة أو الذين يتحدون القواعد؛ هناك الأطفال الذين يطيعون بشكل مفرط، ويجب هنا التفريق بين الطاعة للقواعد لتجنب المخاطر والطاعة العمياء للقواعد التي يفرضها الكبار، فتقول سيلفي بيريز: "إذا طلبنا من الطفل أن يتوقف ولا يعبر الطريق، فنفعل ذلك لتجنب المخاطر، والطفل الذي يطيع لتلك الضوابط قد يكون أكثر حرية لأنه يكون أكثر حماية".
ووفق الموقع؛ فهذا ليس جيدًا دائمًا لأن زيادة السلطة من جانب كبار السن يمكن أن تحدد أيضًا مستقبلهم كشخص بالغ. بشكل عام؛ يبدأ أكثر من نصف المشاكل النفسية للبالغين في مرحلة الطفولة والمراهقة. وتوضح موراليس أنه في بعض الأحيان لا ندرك مدى أهمية مرافقة الطفل لتطوير المهارات المختلفة في هذه المرحلة. وبالتالي، يمكن للطفل المطيع للغاية أن يقلق علماء النفس.
وأشار الموقع إلى أنه "في كثير من الأحيان، إن الطاعة المفرطة، يمكنها إخفاء مشاكل خطيرة، فتقول سيلفي بيريز: هناك أطفال في بيئات معينة، وفقا لوالديهم، مطيعون جدا ولكن في الواقع ما لديهم هو الخوف"، مبينة أن "في الواقع، خارج تلك البيئة الاستبدادية، في الأسرة أو في المدرسة، يظهر هؤلاء الأطفال سلوكا غير منضبط". هذا لأنه، في بعض الأحيان، السيطرة الخارجية المفرطة تمنع الطفل من التنظيم الذاتي"، كما تقول موراليس.
ووفقًا لألفارو بلباو، وهو عالم النفس العصبي، فـ"إذا قام الآباء بتعليم أطفالهم على الطاعة دون مزيد من اللغط، فإنهم سوف يجعلونهم يطيعونهم ولكن أيضا معلميهم وزملائهم في الفصل وأصدقائهم وشركائهم ... لأنهم سيكونون قد علموهم الخضوع. من ناحية أخرى، إذا قاموا بالتثقيف للانتباه إلى كلماتهم، وفهم أهمية الأشياء والتعبير عن رأيهم، فلن يشعروا بالحاجة إلى الخضوع للآخرين"، مضيفًا: "يمكنك التثقيف بالكثير من النظام والانضباط ولكن دون الحاجة إلى اللجوء إلى الطاعة". وللقيام بذلك، ينصح بلباو بـ:
- اشرح الأشياء
- ضع حدودًا واضحة
- ابق ثابتًا في أسبابك
- خصص وقتًا للاستماع إلى القواعد وإنفاذها بصبر
وبحسب الموقع فقد أوضح بلباو أنه "على المدى القصير، هذا يتطلب المزيد من الوقت، ولكن على المدى المتوسط والطويل، فإنه يعني وقتا أقل، وغضبا أقل، وأقل صعوبة بكثير للعيش مع الأطفال الذين يستمعون والعقل والحوار من الأطفال الذين يقاتلون من أجل كل تعليم".
وختم الموقع التقرير بنصيحة نهائية من خبراء الجامعة المفتوحة بكاتالونيا قالو فيه إنه "كما هو الحال في الطاعة الزائدة، يمكن أيضا أن يتأثر العصيان المنهجي بعوامل مختلفة: العناصر الوراثية والنفسية العصبية، والأسلوب التعليمي للأسرة بسبب قلة الإشراف أو السيطرة المفرطة، والإجهاد أو المشاكل النفسية للبالغين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاطفال تربية الأطفال علوم التربية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأطفال الذین الموقع أن أن یکون
إقرأ أيضاً:
ظفار أرض اللبان والتباشير.. ولكن!
خالد بن سعد الشنفري
هبَّة جديدة من هبات ظفار حدثت في كل وسائل التواصل الاجتماعي ولم تهدأ بعد.. وذلك حول استبدال اللبان وشجرته كهوية وشعار للمُحافظة واستبداله بوسم وشكل التباشير.
كواحد من أبناء هذه المُحافظة تابعت كل ذلك دون أن أدلي برأيي حوله؛ فقد كنت متوقفًا عن الكتابة لظروف خاصة، إضافة إلى أنني منشغل حاليًا بإعداد كتابي الجديد "ظفار.. ذاكرة زمان ومكان" الذي سيصدر قريبًا؛ لذا آثرت التروي حتى تهدأ النفوس فقد كفى ووفى الناشطون في وسائل التواصل وأصحاب الأقلام.. غير أن الكثير من الزملاء ومن قرائي ألحوا عليَّ بالكتابة عن هذا الموضوع المهم.
وإحقاقًا للحقيقة والتاريخ نقول إنَّ وسم "التباشير" لا يقل أهمية عن وسم "شجرة اللبان"؛ فكلاهما تاريخيًا من صميم إرث ظفار وقد سبق لي أن نشرت مقالًا في جريدة الرؤية الغراء، بتاريخ 4 ديسمبر 2021، عن التباشير واللبان بعنوان "التباشير والزاوية واللبان" كموروثات تاريخية ظفاريّة، وسأقوم بتذييل مقالي هذا برابط المقال القديم لمن أحب الاطلاع عليه، وسأضمنه كذلك كتابي الجديد المعزم نشره في فترة خريف هذا العام بإذن الله.
اللبان والتباشير كلاهما ارتبطا بظفار تاريخيا ولازالا إلى اليوم.
والتباشير هي من علامات ومميزات المعمار الظفاري القديم على أسطح بيوتها ومساجدها وزواياها وحتى أضرحة أوليائها والصالحين، ولا زالت شامخة إلى اليوم ولا تخطئها عين أي زائر للمحافظة، وهي مع منظرها الصوري الجمالي هذا كانت أيضًا قرينة اللبان وتستخدم لوضع مجامر بخور اللبان الكبيرة عليها وحرقه في الأجواء ترحيبا بالزائرين وفي المناسبات كما أن مجامر اللبان والبخور الظفارية يوجد على أعلاها شكل التباشير وهذا دليل الارتباط التاريخي بين الإثنين شكليا وعمليا أيضا.
لغويًا.. التباشير حسب المجامع اللغوية تعني البُشرى وأوائل الأشياء أو باكورتها؛ فيقال تباشير الخريف وتباشير الصباح، مثلما يُقال تباشير الرطب في محافظات عُماننا الحبيبة، وتباشير موسم الفتوح في ظفار الذي كان يترقبه أبناء ظفار بعد انتهاء فترة الخريف، وتهدأ زمجرة أمواج بحره العاتية، ويستقبلون السفن التجارية الخشبية القديمة إلى ظفار مُحمَّلة بمختلف البضائع وتحمل في ذهابها منتوجات ظفار من لبان وقطن وفلفل أحمر وجلود وسمن بلدي وأسماك سيسان مرباط المجففة (الصافي) والصفيلح وغيرها.
ومن المفارقات وأنا أكتب هذا المقال تتلبد كتل السحب الكثيفة سماء الشريط الساحلي لظفار وتحجب شمس هذا الأيام الحارة، فنحن في "نجم الكليل" أشد نجوم ظفار حرارة ورطوبة على الإطلاق، ما قبل موسم الخريف؛ وكأنها استجابة القدر للوحات شعار التباشير الذي زُيِّنت به صلالة وشوارعها وأبت إلّا أن تشاركهم وتُبشِّر بالخريف قبل حلوله فلكيًا بعد شهر من الآن؛ جعلها الله سحب غيث ماطر يروي الأرض وينبت الزرع ويدر الضرع والمرعى ليتواصل مع التوقيت الفلكي له في الثالث والعشرين من يوليو القادم.
أما اللبان، فهي شجرة مميزة تحمل ثمرتها اللبان وسط أحشاء سيقانها ويحسبها الظفاريون مباركة عليهم، وهذا لم يكن ينطبق على ظفار وعمان فقط بل كانت كذلك لشعوب وحضارات قديمة منذ آلاف السنين وكانت مصدر رزق رئيس وثراء لظفار حتى حيكت حولنا أساطير وحكايات قديمة لديهم بأننا البلاد السعيدة وأرض العمالقة، ويحلو للبعض اليوم وصفه بالنفط الأبيض لتلك الحقب الزمنية ولا زال يقوم بهذا الدور مع الفارق طبعًا وإلى وقتنا الراهن، ويحرص كل من يزور ظفار في خريفها أو أي من مواسمها المعتدلة عموما على اقتنائه وأصبح حاليًا يدخل في صناعة العطور الراقية ومستحضرات التجميل والحلوى العمانية وحتى الدواء.
محافظة ظفار من المناطق القليلة جدًا على مستوى العالم بنمو هذه الشجرة ومن أفضله جودة وشهرة على الإطلاق، وقد ارتبط تاريخيًا اسمها به على مستوى العالم، بعكس التباشير التي تشترك معنا مناطق عديدة في العالم العربي فيها، ولا مقارنة بينهما تاريخيًا، فبيمنا تمتد شهرة اللبان الظفاري الذي كانت سمهرم شرقًا والمغسيل غربًا أهم موانئ تصديره للعالم قبل أكثر من 3 آلاف عام نجد بالمقابل أن مدينة البليد عاصمة ظفار القديمة قبل 700 عام تخلو مبانيها من التباشير وهذا دليل على دخوله إلى معمارنا بعد هذا التاريخ.
وإذا ذكر أمامك اسم مصر تستحضر مباشرة الأهرامات، واسم الصين سورها العظيم، وباريس برج إيفل، واليمن ناطحات سحابها، والإسكندرية منارتها، وكذلك ظفار أول ما يتبادر للذهن عند ذكر اسمها هو اللبان وخريفها، لا تباشيرها.
وإذا جاز لنا من اقتراح بهذا الصدد؛ فنتمنى أن يقتصر شعار التباشير على موسم خريف هذا العام فقط، خصوصًا وأنه قد تم نشر لوحاته على معظم شوارعنا الرئيسية، ونعتبره تباشير خريف هذا العام، أما اللبان وشجرته فيجب أن تظل الشعار والهوية للمحافظة؛ كي لا يُقال عننا- ومع الأسف الشديد لقول ذلك- "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير".
كنَّا نتمنى أن تنتشر شجرة اللبان في كل شوارعنا وعلى دوراتها وكل جوانبها جنباً إلى جنب، كما نعمل لنخلة النارجيل بدل أن نخرجها من المشهد والصورة لتنزوي؛ فأول ما يهُم الزائر لنا في المحافظة هو النخلة ومشلاها وكذا شجرة اللبان ولبانها وبخورها.
مبارك علينا جميعا تباشير خريف هذه السنة المبكر وكل عام وأنتم في خريف وتباشير وعبق لبان.
رابط مختصر