نظمت كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الشارقة فعاليات “أسبوع الكلية الثاني للتراث “تحت شعار “حفظ التراث واستدامته واجبنا جميعا”، وذلك بالتعاون مع معهد الشارقة للتراث، وفرع الجامعة بمدينة الذيد، وجامعة كلباء، وجامعة خورفكان، ومركز زايد للدراسات والبحوث، والمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية (ايكروم الشارقة)، والمجلس الدولي للمتاحف فرع الامارات (ايكوم الامارات).


ويهدف أسبوع التراث إلى التعريف بأفضل الممارسات والوسائل العلمية لحفظ الموروث التراثي والتعريف به على المستوى الإقليمي والعالمي. بالإضافة إلى ابراز دور إمارة الشارقة في حفظ واستدامة التراث من خلال الهيئات، والمؤسسات الاتحادية، والمحلية، والدولية. وابراز أهمية الرقمنة كوسيلة أساسية في المحافظة على التراث الثقافي، واطلاع الطلبة على أهم الأدوات التكنولوجية الحديثة في هذا المجال.
حيث تم عرض بعض التجارب في حفظ التراث والاستفادة منها محلياً. والذي شارك ضمن فعالياته أكثر من 20 باحث وأكاديمي في مجال التراث الثقافي بعرض أوراق عمل بحثية ناقشت العديد من المحاور خلال جلسات عقدت على مدار 3 أيام في المنتدى الطلابي للطالبات، ومسرح جامعة الشارقة فرع الذيد، ومسرح جامعة كلباء، وكان أهمها جهود حماية التراث واستدامته، وأرشفة وحفظ التراث الثقافي والتاريخي، وبناء الوعي في أذهان الطلبة حول أهمية التراث واستدامته.
وفي كلمة الأستاذ الدكتور حميد مجول النعيمي مدير الجامعة خلال الجلسة الافتتاحية، والتي ألقاها نيابة عنه الأستاذ الدكتور يوسف الحايك نائب مدير الجامعة للشؤون الأكاديمية، أكد أن جامعة الشارقة تسعى باستمرار إلى أن تكون شريك فاعل في كافة الاستراتيجيات والفعاليات المحلية والدولية والتي تعنى بالتراث والمحافظة عليه بما يضمن المحافظة على القيم المجتمعية والمبادئ التي تلبي تطلعات الدولة، وفي إطار ذلك وضح اهتمام الجامعة بطرح العديد من البرامج الأكاديمية الخاصة بالتراث والذي يؤكد على أهمية التراث الثقافي كأحد أهم مقومات الهوية الوطنية والعربية والإسلامية.
وأضاف أحمد البيرق مدير إدارة الاتصال المؤسسي في معهد الشارقة للتراث، خلال كلمة ألقاها بالنيابة عن الدكتور عبد العزيز المسـلـّم رئيس معهد الشارقة للتراث، بأن المعهد يسعى من خلال التعاون المشترك مع جامعة الشارقة إلى تعزيز وتوسيع مجالات التعاون لتشملَ قضايا التعليمِ والبحثِ والنشرِ، والبرامجَ الثقافيةَ والعلميةَ، موضحاً، أن التراث يعد عنصراً جوهرياً في رؤيةِ صاحبِ السموِّ حاكمِ الشارقةِ، حفظَهُ اللهُ ورعاهُ، وفي فِكرِهِ وكتاباتِهِ، ويتجلى ذلكَ في توجّهاتِ سموّهِ وتوجيهاتِهِ، بوضعِ الإطارِ المؤسسيّ والقانونيّ في إمارةِ الشارقةِ؛ لإنشاءِ مؤسساتٍ تُعنى بحفظِ التراثِ وحمايتهِ وصونهِ وإحيائهِ.
ومن جانبها أشارت الأستاذة الدكتورة زاهية صالحي، قائم بأعمال عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية، إلى الحاجة الماسة إلى الاهتمام وتوجيه الأنظار نحو العلوم الإنسانية لما لها من أهمية كبرى في بناء الإنسان والحفاظ على هويته وتراثه، في ظل الهيمنة التي يشهدها العلم والتصنيع في كل المجالات والحروب التي تدمر أعتق الآثار وأقدسها.
وتناولت الجلسة الأولى التي جاءت بعنوان “جهود حماية التراث واستدامته” موضوع “المنهجيات الحديثة في حفظ التراث الثقافي” و”جهود مركز ايكروم الشارقة في دعم السياسات الوطنية للبلدان العربية في مجال التراث الثقافي” و”التراث وتجربة الإمارات…الاستدامة: الرؤيا والتطبيق” و”تأثير الحروب والصراعات على حفظ التراث واستدامته”.
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان “أرشفة وحفظ التراث الثقافي والتاريخي، التحديات والحلول الإبداعية” والتي ناقشت موضوعات “التسويق الرقمي للتراث: الطريق إلى العالمية” و”حفظ التراث الثقافي المتحفي بين الواقع والآفاق: متحف الشارقة للتراث أنموذجا” و”تقنيات حفظ التراث: تجارب من دولة الإمارات العربية المتحدة”، و”التراث وتحديات العولمة”، و”البيئة الرقمية ودورها في حماية التراث والهوية الاماراتية”، “الذكاء الاصطناعي وتحسين تجارب زوار المؤسسات التراثية”.
أما الجلسة الثالثة فقد جاءت بعنوان “بناء الوعي في أذهان الطلبة حول أهمية التراث واستدامته” وناقشت موضوعات ” الوعي بالتراث كأحد أعمدة بناء الهوية الوطنية الإماراتية”، و”دور الأنشطة اللامنهجية في بناء وعي الطلبة بأهمية التراث”، و”تحديات وفرص الحفاظ على التراث الثقافي”، و”الوعي بأهمية التراث: تجارب محلية” و” كيف تصبح باحثاً تراثياً؟ ”
وعلى هامش الفعاليات تم افتتاح معرض بعنوان “التراث الحاضنة الأساسية للهوية الوطنية”، كما تم تكريم المشاركين وكان من أبرز الجهات المشاركة والمتعاونة ضمن أسبوع كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية الثاني للتراث: معهد الشارقة للتراث، وجامعة كلباء، وجامعة خورفكان، ومركز زايد للدراسات والبحوث، والمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية (ايكروم الشارقة)، والمجلس الدولي للمتاحف فرع الامارات (ايكوم الامارات).
حضر افتتاح أسبوع كلية الآداب كل من الدكتور صالح محمد زكي اللهيبي مساعد نائب مدير الجامعة لشؤون الطلبة والفروع بجامعة الشارقة فرع الذيد – رئيس اللجنة المنظمة، والدكتور أسعد حماد أبو رمان من كلية الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة الشارقة فرع الذيد – عضو اللجنة المنظمة ومنسق أعمال الأسبوع، إلى جانب عدد كبير من عمداء الكليات ومدراء الإدارات وأعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية والمهتمين في مجال حفظ التراث.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

الانحدار الثقافي في الولايات المتحدة يهدد مستقبل الديمقراطية

ترجمة - بدر بن خميس الظفري -

كمراقب لأنظمة الحكم الديمقراطية ومحامٍ دستوري في بريطانيا، أتابع بقلق متزايد ما تشهده كثير من الدول الغربية من بوادر انهيار ديمقراطي. قد لا تكون هذه البلدان قد وصلت إلى مستوى فنزويلا أو بيرو أو المجر أو تركيا أو روسيا، لكن ما يحدث فيها يوضح كيف تموت الديمقراطية بصمت، لا بضجيج. لا دبابات تجتاح الشوارع ولا حشود غاضبة تملأ الساحات، لكن ما يجعل الديمقراطية حية تتلاشى ببطء، وغالبًا بدعم جماهيري كبير. هذه الدول ما زالت تقيم انتخابات، وتملك برلمانات ومحاكم، لكن الإطار المؤسسي القائم يخلو من الروح؛ لأن الثقافة السياسية التي تغذيه قد انهارت.

الولايات المتحدة، اليوم، مهددة بأن تُدرج في هذه القائمة. مؤسساتها ما زالت تعمل، رغم التوترات المتزايدة بينها، غير أن التدهور في ثقافتها السياسية مثير للقلق. ويشترك هذا الوضع مع كثير من الديمقراطيات الغربية الأخرى التي تعاني تحت وطأة توقعات متزايدة وغير واقعية من الدولة، يفرضها الناخبون.

الديمقراطية آلية دستورية للحكم الذاتي الجماعي، يُناط فيها اتخاذ القرار بأشخاص يقبل بهم غالبية الناس، وتُقيد سلطاتهم ويُسحب تفويضهم متى اقتضى الأمر. لكن الديمقراطية لا تقوم على المؤسسات وحدها، بل على ثقافة متجذرة في سلوك السياسيين والمواطنين. إنها تتطلب استعدادًا لاختيار حلول يستطيع معظم الناس التعايش معها، وتفرض أعرافًا تحد من الاستعمال التعسفي أو الانتقامي أو القمعي للسلطة، حتى عندما يكون قانونيًا. والأهم من ذلك، أنها تتطلب أن يُنظر إلى الخصوم السياسيين كمواطنين شركاء في الوطن، لا كأعداء يجب سحقهم.

ومن هنا تبرز خطورة دونالد ترامب، الذي يُجسد ثلاث سمات كلاسيكية للأنظمة الاستبدادية هي الزعامة الكاريزمية المحاطة بعبادة شخصية، والخلط بين الدولة وذاته، والرفض التام لشرعية المعارضة أو الاختلاف. والنتيجة هي استبدال حكم القانون بحكم قائم على الأهواء، وهو ما كان المؤسسون الأوائل للولايات المتحدة يعتبرونه الخطر الأكبر على الديمقراطية.

ترامب استخدم سلطاته العامة لتصفية حسابات شخصية. استهدف مكاتب محاماة مثلت خصومه، وحرم شخصيات عامة من الحماية الأمنية، وهاجم مؤسسات ثقافية مثل جامعة هارفرد ومركز كينيدي لأنها لا تتماشى مع أجندته الشخصية. حتى المادة الثانية من الدستور، التي تلزم الرئيس بتنفيذ القوانين بأمانة، باتت مرهونة بمزاجه. فقد وجّه وزارة العدل بعدم تطبيق قوانين صادق عليها الكونجرس، مثل قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة، وقلّص أو أوقف برامج خُصصت لها أموال اتحادية، وهدد حكام الولايات بقطع الدعم عنهم ما لم ينصاعوا له.

قد نمتلك نحن المراقبين من الخارج رفاهية المتابعة من مسافة، لكن علينا أيضًا التأمل في هشاشة ديمقراطياتنا. ما يحدث في الولايات المتحدة هو أزمة توقعات، شبيهة بما تمر به كثير من الدول المتقدمة. ففي استطلاع رأي أُجري في بريطانيا عام 2019، أعرب أكثر من نصف المشاركين عن تأييدهم لفكرة أن بلادهم «بحاجة إلى قائد قوي مستعد لكسر القواعد».

شهدت أوروبا ارتفاعًا في الدعم الانتخابي لشخصيات سلطوية بشكل علني، كمارين لوبان في فرنسا، ويورغ هايدر في النمسا، وفيكتور أوربان في المجر، وقيادات حزب البديل لأجل ألمانيا. الأسباب معقدة، لكن أبرزها أن الناس باتوا يتوقعون من الدولة أشياء تفوق قدرتها، ويزداد نفورهم من المخاطرة. في بعض الأحيان، تتحقق هذه التوقعات على حساب قيم مهمة أخرى. وتحديدًا، يعلّق الناخبون آمالهم الكبرى على أن تحميهم الدولة من التقلبات الاقتصادية القاسية.

نحن نطلب من الدولة الحماية من كل الأخطار التي تحفل بها الحياة مثل فقدان الوظيفة والفقر والكوارث الطبيعية والمرض والفقر والحوادث. وهذا نابع جزئيًا من التقدم الهائل في القدرات التقنية للإنسانية منذ القرن التاسع عشر. وبات الناس يطالبون الدولة بحلول لكل أزمة، وإذا لم يجدوا هذه الحلول، رموا بفشلهم على الحكومة.

وعندما تخيب هذه التوقعات، يلوم الناس النظام بأسره، أو ما يسمى بـ«الدولة العميقة». في غياب الثقافة الديمقراطية، يتجه الناس تلقائيًا نحو «الزعيم القوي»، ويخدعون أنفسهم بأن هذا الزعيم سينجز ما عجز الآخرون عنه.

الولايات المتحدة تقدم مثالًا فريدًا. لقد نعمت بما يقارب 150 عامًا من الحظ السعيد والاستقرار النسبي، لكن هذا الحظ قد ينتهي الآن، مع صعود قوى اقتصادية مثل الهند والصين. المهارات التقليدية باتت عديمة القيمة في الاقتصادات مرتفعة الأجور، مع انتقال الثروة نحو صناعات التكنولوجيا المتقدمة، ما أضر بدخول من اعتمدوا على التصنيع والزراعة والصناعات الاستخراجية. وحتى في المجالات التكنولوجية التي لا تزال أمريكا تتفوق فيها، فإن الفجوة بدأت تضيق.

هذه المشكلات لا تخص أمريكا وحدها. أوروبا تعاني منها أكثر، وتوقعاتها من الدولة أعلى. لكن فقدان الأمل لحظة خطرة في حياة أي ديمقراطية. خيبة الأمل من وعود التقدم كانت أحد أسباب الأزمة الأوروبية الكبرى التي بدأت في 1914 وانتهت في 1945.

والمفارقة أن التاريخ يعلّمنا أن الزعماء الأقوياء لا يحققون شيئًا في نهاية المطاف.

ربما يرضون غرور بعض الناس لفترة، لكن بثمن باهظ. غالبًا ما يلتصق هؤلاء بحلول مبسّطة لمشكلات معقدة، ويركزون السلطة في أيدي قلة، دون تخطيط أو بحث أو مشورة. ويحيطون أنفسهم بالموالين بدل الحكماء، وبالمتملقين بدل المستشارين، ويضعون مصالحهم فوق المصلحة العامة. وهذه وصفة للفوضى والانهيار السياسي والانقسام المجتمعي.

إذا استمر الأمريكيون في انتخاب شخصيات سلطوية ومن يروّجون لها إلى الكونجرس، فلن تصمد الديمقراطية. لكن هذا ليس قدرًا محتومًا بعد.

كان الآباء المؤسسون للولايات المتحدة يدركون تمامًا أن الديمقراطية تعتمد على الثقافة، وأنها هشة. كتب الرئيس الثاني للبلاد، جون آدامز، وهو في شيخوخته، أن الديمقراطية، مثل غيرها من أنظمة الحكم، معرضة لأهواء الغرور والطمع والطموح، بل إنها أكثر تقلبًا منها. وخلص إلى أن «لا ديمقراطية في التاريخ إلا وانتهت بالانتحار».

ولذا، صمّم المؤسسون «حكمًا يقوم على القوانين لا على الأشخاص». حكمًا يقوم على مبادئ عقلانية مطبقة باستمرار، لا على أهواء رجال يتحكمون بمصير الدولة. فالحكم القائم على الأشخاص دعوة لحكم الاستبداد، تغذّيه نزوات الغرور والجشع والطموح.

عرفت أمريكا ديماغوجيين في تاريخها، لكنها كانت حتى الآن قادرة على إقصائهم. فقد كانت الأحزاب السياسية تحترم النظام الديمقراطي بما يكفي لقطع الطريق عليهم.

ولا يزال الأمل قائمًا في أن يقتنع الناخبون، بعد تجربة الحكم الفردي، بضرورة العودة إلى الإرث الديمقراطي الحقيقي للولايات المتحدة، وإلى السعي الجاد لجعلها - عظيمة حقًا - من جديد.

جوناثان سمبشن قاض سابق في المحكمة العليا البريطانية ومؤلف كتاب «تحديات الديمقراطية وسيادة القانون».

خدمة نيويورك تايمز

مقالات مشابهة

  • فضلو خوري ينضم إلى قائمة بنجامين فرانكلين وجورج واشنطن في “الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم”
  • المنشاوى: استئناف امتحانات الفصل الدراسي الثاني بجامعة أسيوط بعد إجازة عيد الأضحى
  • جامعة قطر تواصل استقبال طلبات القبول الإلكترونية للفصل الدراسي خريف 2025
  • المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة تجتمع مع وكيل الأمين العام للشؤون الاقتصادية والاجتماعية
  • الشارقة تسجّل أول حضور عربي في "أسبوع الابتكار الرقمي" بإسبانيا وتقدّم "انشر" للعالم
  • الشارقة تسجّل أول حضور عربي في «أسبوع الابتكار الرقمي» في إسبانيا وتقدّم «انشر» للعالم
  • مهرجان القطيع .. ملتقى سنوي للتراث التهامي والهوية الثقافية في الحديدة
  • الانحدار الثقافي في الولايات المتحدة يهدد مستقبل الديمقراطية
  • اختتام مهرجان القطيع للتراث الشعبي التهامي في الحديدة
  • ندوة بعنوان التخطيط الاستراتيجي لطلاب كلية السياسة والاقتصاد بجامعة بني سويف