سواليف:
2024-06-11@19:46:03 GMT

مبتدأ وخبر

تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT

#مبتدأ_وخبر د. #هاشم_غرايبه

المبتدأ: يروى أن أحد الأعراب كان لا يفتأ يحكي لزوجته وأولاده حكايات عن بطولاته في سالف الأيام، ويشير الى سيف صدئ معلق في صدر الخيمة قائلا: بهذا السيف الذي ورثته كابرا عن كابر، قطعت رؤوس العديد من الوحوش والغيلان.
وفي ليلة عاصفة اشتدت ظلمتها سمع الأولاد صوتا مريبا خارجا فالتصقوا بأبيهم خائفين، لكنه طمأنهم أن ذلك ربما كان من صوت الريح، في اللحظة التالية سمع الجميع الصوت واضحا، فركضت الأم لتلتصق بالكتلة الآدمية التي تعلقت بالأب المرتعد، والذي فهم من تسمر عينيها على السيف أن عليه أن يمتشقه، وعندما سمع زمجرة منكرة في الخارج سحب السيف من غمده مغمغما: يجب أن أكون على قدر التحدي، وتكوم الأطفال مع أمهم في الركن الأبعد عن الباب وهو واقف امامهم وقد اخفت العتمة امتقاع وجهه وارتجاف يده، لأن الحقيقة التي يخفيها أن هذا السيف لم يستعمل قط إلا استعراضا في الدبكات والحنجله.

ولما اقتربت الزمجرة أكثر وباتت قريبة من الباب صرخوا رعبا، وطلبوا من ابيهم أن يخرج ليقتل الوحش قبل أن يدخل ويفتك بهم، إلا أن الأب قال لهم بصوت مرتجف: لا لن أسمح له بأن يفرض علي زمان ومكان المعركة، سأقاتله حين يدخل، وتعلقت أعين الجميع المرتعبة بباب الخيمة المسدل، وإذ برأس كلب يظهر، ليدخل عليهم كلب هزيل ألجأه الجوع والبرد الى خبائهم.
ضحك الأطفال فرحا بزوال الخطر، أما الأب الذي كادت أن تخذله قدماه فقال مكابرا: الحمد لله الذي مسخك كلبا وكفانا حربا!.
الخبر: منذ أن نجح الغرب المستعمر في اتفاقية (سايكس – بيكو) المشؤومة بتقسيم الأمة العربية الى أقطار متنابذة، انتهى عهد أمجاد هذه الأمة، إذ لم تكن في يوم من الأيام متحدة مهابة الجانب إلا حين انتهجت العقيدة الإسلامية، قبلها ومنذ فجر التاريخ ظلت قبائل متشاكسة لا يجمعها كيان سياسي بل الرابط الوحيد فيما بينها هو اللغة، لذلك ظلت على الدوام مستباحة أراضيها لغيرها من الأمم، يتناوبون على استعمارها.
وفي القرن العشرين استقلت كل الأمم المستعمرة، وكونت كيانات مستقلة، باستثناء أمتنا، حيث قسمها الأوروبيون بهدف شرذمتها ومنع عودتها الى وحدتها الإسلامية، ونصبوا عليها أنظمة انتهجت العلمانية لتكون بديلا لمنهج الله الذي حظر اتباعه كمنهج سياسي اقتصادي، ولم يسمح به إلا كطقوس تعبدية.
لقد أثبت التاريخ أن الفكر البشري دائما تقدمي، أي لا يمكن لمن اهتدى الى سبيل أقوم أن ينكص الى الوراء، لذلك لم يمكن لمعادي منهج الله – برغم تمكنهم عسكريا واقتصاديا – أن يقنعوا أيا ممن دخل في دين الله من العودة الى ما قبله، فكل تلك الأمم التي كانت متنازعة لانتمائها لعصبياتها القومية، انصهرت جميعها في بوتقة الإسلام، فذابت كل الخلافات بينها بعد أن أصبحت إسلامية، وتحققت المؤاخاة الإنسانية الحقيقية فيما بينها بأسمى معانيها، والدليل هو ما نراه في موسم الحج، يلتقي كل بني البشر، يلبسون زيا موحدا، ويلهجون بنداء واحد برغم تعدد لغاتهم، ويجمعهم هدف واحد على اختلاف أعراقهم وألوانهم وقومياتهم، هو نيل رضى الله، لا يريدون غيره.

لهذا رأينا كل تركيز المستعمر الأوروبي منصبا على العرب، يسعى لإعادتهم الى جاهليتهم التي كانت تريحه، وشاهدنا قرنا من القمع والملاحقة من قبل الأجهزة الاستخبارية العربية لمتبني العودة الى الأمة الإسلامية الجامعة، والتي يعلمون أنها لن تقوم بغير العرب، ولما أن فشل كل ذلك بل وازداد التمسك بالإسلام، قاموا بفرز الأكثر إصرارا والمؤثرين تحت مسمى (الإسلام السياسي)، فأطلقوا عليهم نعوتا تشويهية مثل المتطرفين والمخربين والإرهابيين لتبرير البطش بهم بقسوة.
وكان ذلك عنوانا لكل ما جرى ويجري.
لتقبل الشعوب العربية تلك الأنظمة وتحمل فسادها، أوهمتها أنها تسعى لتحرير فلسطين وتحقيق الوحدة، لكن الوقائع التي جرت خلال العقود الثمانية الأخيرة، كشفت كم كانوا يعملون بعكس ذلك.
وكل شعاراتهم انكشف زيفها، عندما تبين أن استنزاف أموال الأمة بذريعة التسلح لأجل التحرير، ما أنتجت إلا سيفا صدئا معلقا للزينة، لم يستعمل في أي مرة ضد العدو بل ضد مواطنيهم، رغم أن عدونا ليس وحشا كاسرا كما أوهمونا، بل مجرد كلب هزيل، ما أبقاه في ديارنا إلا التآمر والتخاذل.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

حماس ليست داعش

#حماس ليست #داعش

د. #خالد_حسنين

الثلاثاء 11/6/2024م

منذ خطاب بايدن، الذي تضمن مبادرته لوقف الحرب في غزة، وحتى اليوم لم تنقطع المطالبات الأميركية والعربية والغربية لحماس بالموافقة على الخطة (الاسرائلية) لوقف الحرب مؤقتا وتبادل الأسرى، والدخول في مفاوضات لبقية مراحل الصفقة، وجاء قرار مجلس الأمن رقم 2735 يوم أمس ليحول خطة بايدن/نتنياهو إلى قرار أممي لدفع حماس نحو الموافقة.

مقالات ذات صلة تصنيف جامعاتنا عالمياً وعربياً على QS لآخر اربع سنوات…! 2024/06/11

ما لفت انتباهي في كل هذا الحراك ليست الأفخاخ التي وضعها الصهاينة في الخطة، وإنما الاعتراف العالمي الضمني بحركة حماس كحركة سياسية، يتم التعامل معها كطرف مقابل الاحتلال الصهيوني، على الرغم من أنها مصنفة كحركة إرهابية لدى معظم الدول التي تناشدها اليوم للموافقة على الصفقة.

لقد أثبتت الوقائع على الأرض أن تصنيف حركة حماس كحركة إرهابية كان جزءا من النفاق العالمي (والعربي) للزعيم الأميركي، فمقاومة الاحتلال (أي احتلال) هو حق مشروع لكافة الشعوب، وبمختلف الوسائل السلمية والعسكرية، وبخاصة في ظل فشل كافة الحلول والتسويات السلمية التي تم تبنيها من قبل الجامعة العربية، وكان الاحتلال على الدوام هو السبب الرئيس في ذلك الفشل.

كما أن حركة حماس حصرت عملها منذ نشأتها داخل حدود فلسطين المحتلة، ولم تمارس أي نشاط عسكري خارجها، كما أن عنوانها السياسي وقيادتها كانت على الدوام معروفة ومحددة، وتمارسها نشاطها في العلن، مما جعل دولا كبرى مثل روسيا والصين تتعامل معها كحركة تحرر فلسطينية، وترفض تصنيفها كحركة إرهابية.

تبقى المعضلة الحقيقية لحركة حماس مع العديد من الدول العربية المتحالفة مع أميركا، والتي ما زالت مصرة حتى اليوم على التعامل مع حماس كحركة إرهابية، وفيما عدا الوسطاء (قطر ومصر) تمتنع معظم الدول العربية عن مخاطبة حماس مباشرة، ودعوتها بالاستجابة لأي مبادرة أو رفضها، وتجاوزت بذلك مواقف أميركا نفسها، ونأت بنفسها عن ما يمكن أن يعرضها للانتقاد الأميركي.

العرب في معظمهم يتعاطون مع جريمة الإحتلال في غزة من الجانب الإنساني فقط، وفي جلساتهم المغلقة يشتمون حماس ويدينون ما قامت به، وإذا أرادوا التحدث مع الفلسطينيين فإنهم لا يجدون أمامهم سوى سلطة رام الله، التي تقف من حماس موقفا أسوأ من المواقف العربية جميعها، مع أن حماس (بجريمتها المزعومة) ساهمت في إحياء كافة المقولات العربية، وجددت الأحلام الفلسطينية في دولة مستقلة، وجذبت للفكرة مزيدا من المؤيدين، وجعلتها اليوم أقرب إلى التحقق.

في بداية المعركة، وبعد المشهد الاسطوري الذي حدث يوم 7 اكتوبر، قلنا لو تمت إبادة حماس كاملة مقابل كسر صورة العدو، لكان ذلك ثمنا مقبولا، وبداية لنهاية المشروع الصهيوني، وقلت يومها إن هذه العملية تمثل عملية استشهادية لحماس كتنظيم، وليس كفكرة ملهمة للأجيال، ولكن ما حدث خلال الأشهر الثمانية الماضية هو معجزة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والصمود الذي حصل واستمرار المقاومة في المواجهة إلى اليوم، والقدرة على الاحتفاظ بالأسرى بالرغم من كل الأسلحة والإجرام هو دليل على أن معجزة تحصل، وخارجة عن نطاق القدرة البشرية على التحليل والتفسير، ولكن يبدو أن هذه المعجزة لم تستطع هداية قيادة السلطة والعديد من الزعماء العرب الذين ما زالوا إلى اليوم تبعون الأنبياء الكذبة في واشنطن وتل أبيب، وما زال بعض إعلامهم يعقد المقارنات بين حماس وداعش.

بعد ثمانية أشهر من الصمود الأسطوري، وبعد هذه الملحمة التاريخية بين الحفاة المحاصرين من جهة وبين الجيوش التي لا تقهر من جهة أخرى على الزعماء العرب أن يعيدوا زيارة ضمائرهم مرة أخرى، وأن يرفعوا أصواتهم لمرة واحدة وأخيرة أمام الصلف الصهيوأميركي، ومندوبه بلينكن الذي يتجول بين أظهرنا ويتسوّل على حسابنا بناء مملكة جديدة للصهاينة على أرض فلسطين، كي تعاود مرة أخرى ممارسة القهر والإذلال لكافة القيادات والشعوب العربية، إنها فرصة تاريخية لبناء موقف عربي جديد يرفض هذا العبث الذي يتيح مواصلة حرب الإبادة عبر شراء الوقت، والاعتراف بأن الحفاة التي يزحفون داخل الأنفاق هم من يحافظون على بقية الكرامة العربية، والقيام بالواجب تجاههم، ليس بالاعتراف بهم فحسب، بل ودعمهم بكل ما نملك، من فوق الطاولة ومن تحتها.

مقالات مشابهة

  • حماس ليست داعش
  • رحلة علمية بالبيت المحمدي لموقع تبة الشجرة ومحاكاة لمناسك الحج
  • رسالة محمد والمسيح إلى السودانيين
  • (طوفان الأقصى).. نصرُ الأمة الموعود
  • المحميات الصهيونية
  • بحضور أكثر من 500 عالم من المملكة والعالم الإسلامي.. انطلاق ندوة الحج الكبرى بمكة المكرمة
  • رئيس مجلس الشيوخ يهنئ الأمة الإسلامية بحلول عيد الأضحى المبارك
  • عادل عسوم: هويتي كسوداني
  • في ختام الدورات الصيفية.. مسؤولون لـ”الثورة”:أشبال المراكز الصيفية اكتسبوا العديد من العلوم وتحصنوا بثقافة الأشتر
  • استعراض كشفي طلابي مهيب في العاصمة صنعاء ختاماً لأنشطة الدورات الصيفية