التسلق الصخري في جبال بلد سيت بين الهواية وسياحة المغامرات

التنوع البيئي والتضاريس المتباينة جعلا سلطنة عمان محط أنظار المهتمين بهذه الرياضة -

الأمل معقود بالاهتمام بها وتطويرها على المستويين المحلي والإقليمي -

الشغف في رياضة التسلق الصخري بجبال عُمان الشامخة يزداد ويتضاعف على مستوى الأفراد والمجموعات، بدءا من ممارستها من أجل الهواية والمتعة إلى صقل المهارات بالتأهيل والتدريب المتواصل، ذلك ما انتهجه سعود بن مسعود بن خلف الذهلي أحد أبناء قرية (بلد سيت) بوادي بني عوف بولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة وأخذه على عاتقه ووضعه نصب عينيه؛ حيث تدرج بنفسه في عدة مستويات من البداية حتى التمكين لا سيما وأنه طرق الأبواب العالمية فسافر للحصول على التدريب العملي والميداني ومواكبة التطورات في هذا المجال، إضافة لاستشراف المستقبل الواعد الذي ينتظر بلدته الوادعة التي أحبها ويمارس فيها وبين جنبات جبالها هذه الرياضة.

بلد سيت

«عُمان» تلتقي في هذه السطور بسعود الذهلي وأخيه علي الذهلي من أبناء قرية (بلد سيت) بوادي بني عوف بولاية الرستاق تلك القرية الوادعة على مشارف الجبل الشرقي والقريبة من قرية هاط ذات الطبيعة الخلابة، وما تتميز به من مقومات فريدة ومتنوعة يجعلها متنفسا سياحيا للكثيرين من أبناء الوطن الغالي ومن السياح العرب والأجانب نظرا لتوسطها بين الجبال العالية بألوانها المختلفة وتضاريسها المتباينة وطقسها المعتدل صيفا والبارد شتاءً لا سيما الرقعة الخضراء التي تحفها من بساتين الأشجار المتنوعة والمزروعات الموسمية والدائمة، كذلك النباتات البرية والطبيعية، وأهلها الكرام بابتسامتهم وحسن محياهم. يقول سعود الذهلي: تقع قرية بلد سيت بوادي بني عوف أسفل الجبل الشرقي وأعلاها جبل شمس بولاية الحمراء وعن شرقها وأعلاها ولاية الجبل الأخضر؛ من هنا ونتيجة الشغف بسياحة المغامرات بدأت منذ صغري بممارسة رياضة التسلق الصخري حيث يوجد في القرية موقع يعد من أفضل المواقع للتسلق الصخري في سلطنة عمان يسمى (صير بلد سيت)، كذلك لكثرة زيارة السياح الأجانب للقرية ولذلك المكان كنت أقوم بمشاهدتهم ومشاركتهم هذه الرياضة وأنا بعمر 13 سنة وأنا أرى ذلك الشغف يغمرهم وهم يتجولون بين الجبال ويتسلقونها، ودائما كانوا سعيدين بمشاركتهم؛ لأنني من أبناء القرية نفسها.

شغف

يضيف سعود الذهلي: يوما بعد يوم من مجالستهم بدأ تعلقي بهذه الرياضة يتعمق؛ فبدأت بالبحث والقراءة بشكل مكثف حولها من خلال منصات التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو على اليوتيوب؛ لأن هذا النوع من الرياضة لم يكن منتشرا بكثرة في بلادنا وروّاده من العمانيين ليسوا كثيرين ولا تتوفر معلومات وافية حوله ولا يوجد تدريب أو تطبيق عملي أو غيره. في البداية واجهت صعوبة في الحصول على الأدوات المستخدمة في الرياضة؛ لأنها لم تكن متوفرة، وكنت أشتري بعض الأدوات من السياح الأجانب الممارسين لها قبل رحيلهم من سلطنة عمان. بعدها تعلمت طريقة الطلب والشراء من خلال المواقع الإلكترونية وبدأت أشتري أدوات ومعدات التسلق الصخري عبر مواقع الإنترنت.

ويكمل سعود حديثه الشائق قائلا: شاركني أخي علي بن مسعود الذهلي بالتسلق لكونه أيضًا مهتما بهذه الرياضة وأقدم مني في المجال، كذلك مع أفراد العائلة وبعض أبناء قريتنا من الشباب؛ لأن هذا النوع من الرياضة لا يمكن أن يمارسه شخص واحد فقط بل يلزم وجود شخصين، فقمت بتعليم الشباب وأخذهم معي للتسلق والممارسة. ومع مرور الأيام تعرفت على أجانب من فرنسا وكندا لديهم عقود للعمل في سلطنة عمان في القطاع الحكومي أو الخاص وكنا نمارس رياضة التسلق في أيام الإجازات ونتعلم كل ما هو جديد من وسائل وأدوات جديدة مختلفة في هذه الرياضة. كذلك كنا نشجع بعضنا البعض ونتنافس لبث روح التحدي فنتسلق مسارات أقوى وأكثر صعوبة.

تصنيف المسارات

وأضاف سعود: تصنف مسارات التسلق الصخري بنظامين: الأمريكي والفرنسي، والذي يوجد معنا هو النظام الفرنسي بحكم الأشخاص الذين يمارسون هذه الرياضة هنا هم فرنسيون على الأغلب. وتبدأ التصنيفات كمثال «a5» ويعد مسارا سهلا للمبتدئين والأطفال ففي كل رقم 6 مستويات هي (5a ثم 5a+ ثم 5b ثم 5b+ ثم 5c ثم 5c+ ). بعدها تُستكمل المستويات حتى تصل إلى الرقم 9c+ ويوجد منها ثلاثة مسارات في العالم فقط. كما إنني قمت بتسلق أصعب مسار بشكل كامل وهو من المستوى 7b ولا زلت أطور إمكانياتي وقدراتي وأتدرب للوصل إلى مسارات أقوى وأصعب؛ ويوجد في عُمان مسار 8c بقرية حدش بوادي مستل.

ويؤكد علي الذهلي: بحكم التنوع الجغرافي في سلطنة عُمان توجد العديد من المناطق للتسلق ولا يزال بالإمكان عمل المزيد من المسارات للتسلق الصخري. وتعد أفضل المناطق في قرية بلد سيت بولاية الرستاق وقرية حدش بوادي مستل. كما يوجد كذلك في الجبل الشرقي (شرف العلمين)، وفي قرية الحسنات بولاية نخل وولاية وادي بني خالد وبمحافظة مسندم ومحافظة البريمي وفي طيوي بولاية صور وولاية الحمراء. أيضا في جبل المشط بولاية عبري الذي يُعد أطول جدار عمودي للتسلق الصخري به العديد من المسارات.

ثم يبين سعود الذهلي بقوله: تتنوع أنشطة التسلق الصخري التي يمكن ممارسة أغلبها في سلطنة عمان منها DWS والذي يكون على البحر، أيضًا «sports climbing» والتي يستخدم فيها الحبال والمعدات الأخرى «Boldreing» وهو التسلق في الصخر ويكون لمسافة قصيرة تتراوح من متر إلى خمسة أمتار ويوضع نوعية من الفراش بالأسفل في حالة السقوط. كذلك «multi pitch» وهو تسلق التتابع؛ مثال طول المسار 1000 متر يتم تقسيمه إلى أجزاء بين 20 مترا و40 مترا بحيث يتقدم المتسلق الأول ثم يسحب زميله المتسلق الثاني حتى الوصول إلى النهاية. وتوجد مثل هذه المسارات بجبل المشط والحمراء وقرية بلد سيت وغيرها. من جهة أخرى يوجد التسلق على الجليد والتسلق الداخلي في صالات خاصة.

رؤية

يأمل الأخوان سعود وعلي أن تتبنى الجهات المختصة هذه الرياضة والعناية بها وتطويرها، والعمل على تدريب وتأهيل المختصين والممارسين ومحبي رياضة التسلق الصخري في سلطنة عمان، وأن تكون هذه الرياضة محط اهتمام من قبل وزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة التراث والسياحة وغيرها من الجهات المعنية حتى تتسنى لنا المشاركة في المسابقات الدولية والعالمية وأن تُضم هذه الرياضة في الأولمبياد العماني بحيث تكون لدينا فرق رياضية متخصصة ومؤهلة للمشاركات المحلية والخارجية. ويؤكدان على الاستمرار في الترويج والنشر لممارسة مثل هذه الرياضة وغيرها من رياضة المغامرات.

ويختم سعود الذهلي حديثه: إني وبجهود ذاتية وشخصية شاركت في دورة تدريبية في جامعة السوربون بإمارة أبوظبي وحصلت على شهادة مُعتمدة، كما حصلت على المركز الأول في مسابقة عُمان للتسلق الصخري عام 2018م، وشاركت في بطولة الأردن للتسلق ووصلت إلى نصف النهائي عام2021، وأطمح بأن أتلقى الدعم حتى أتمكن من المشاركة في التدريب بمعاهد متخصصة خارج سلطنة عمان.

المصدر: لجريدة عمان