في أحد أعراس النازحين بمديرية المخا، تحولت أفراح العرس إلى ساحة حرب فنية. تنافست الرقصات الشعبية المعبرة وقصائد الشعر الملهمة في سرد حكاية استعادة مؤسسات الدولة من قبضة مليشيا الحوثي.

جزء كبير من احتفالات العرس خصص لإلقاء القصائد الشعرية، التي كانت بمثابة رسالة قوية ترفض الخرافة وتتمسك بالدولة، ففي كل بيت من أبيات القصائد، كانت هناك إدانة لمليشيا الحوثي وجرائمها، وتأكيد على ضرورة طردها من بقية المدن التي ما تزال تحت سيطرتها.

وبينما يتقافز الشباب على حلبات الرقص، تعبيرًا عن الروح القتالية للأهالي والنازحين، كان الشعر يحتل جانبا مهما في حياة سكان المخا، ممن يعيشون اليوم في هذه المدينة الساحلية ويعرفون السبب الذي هجرهم من منازلهم.

جيل لا ينسى

يبرز جيل الشباب كجيل جديد في هذه الأعراس، جيل تربى على العلم والمعرفة، ورفض الخرافة التي حاولت مليشيا الحوثي فرضها عليهم، ففي عيونهم، تُقرأ قصص المعاناة والظلم، لكن في الوقت نفسه، ترى نظرة الثقة بالنصر القادم.

أغلب من يحملون هذه الأفكار هم الأطفال والشباب، هذا الجيل الذي شاهد جرائم الذراع الإيرانية، ويعرف مساوئ الحركة الإرهابية التي أزهقت أرواح الأبرياء.

من البيضاء وصنعاء وإب وتعز والحديدة، وصولا إلى صعدة، معقل الحركة الإرهابية، يتشاطر الجميع حلما واحدا "استعادة الدولة وطرد الكهنوت".

وعلى الرغم من أن هذا الجيل في مناطق الحوثي يتلقى أفكارًا منحرفة تمجد السلالة، إلا أنه في حضرة المقاومة الوطنية التمجيد هو للوطن فقط وعودة الجمهورية.

ويرى أحد المشاركين في العرس أن ما يحدث هنا وهناك هو الفرق بين من يحمل قيم الدولة ومن يهدمها ليقيم أفكارا فاسدة تمجد الخرافة. 

ويؤكد أن ما لفت ذهنه هو القصائد الشعبية التي حضرت بقوة وعبرت بوضوح عن أن استعادة الدولة ليست محصورة على الكبار، بل إن الأطفال والشباب يحملون ذلك الهم، "هذا يعطي انطباعًا أننا لسنا وحدنا"، "وأن هناك من سيحمل الراية من بعدنا".

المصدر: نيوزيمن

إقرأ أيضاً:

حكاية «عم محمد» أشهر أقدم سنان سكاكين في الإسكندرية

مازلت محافظة الإسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط، تحضن بداخلها الكثير من المهن القديمة التي تعود عمرها الي المائة عام، من أشهر المهن التي كان لها ذاع كبير بين المهن الأخرى، وهي السنان أو سنان السكاكين و في قلب المدينة العريقة، وبين أزقة سوق المنشية النابضة بالحياة، تقع ورشة، أقدم سنان سكاكين في المنطقة حيث حكايةٌ تمتدّ جذورها لأكثر من 100 عام، تُحكي قصةَ إرثٍ عريقٍ يتوارثه الأبناء عن الآباء، حكايةُ شغفٍ وحرفيةٍ تُقاوم رياح التغيير وتُحافظ على رونقِ مهنةٍ مهددةٍ بالانقراض.

يقول الحاج «محمد مصطفى»، أقدم سنان السكاكين أنه منذ عام 1937، وُضعت الطلقة الأولى لهذه الحكاية، عندما فتح أجدادي الورشة المتواضعة، ليُصبح سنان الملك فاروق نفسه. ومنذ ذلك الحين، توالى على الورشة أبناءُ العائلة، حاملين معهم أسرارَ المهنة ودقتها، حافظين على شعلةِ الإبداع والتجديد حيث روي ذكرياتٍ من ورشته، فيذكر كيف كانت تُصنع وتُسنّ في الماضي أدوات التشريح الطب الشرعي، بالإضافة إلى الأدوات اليدوية والمستوردة من الخارج بأشكالٍ وأحجامٍ مختلفة. ويُشير إلى أن أنواع الحجارة المستخدمة في سن المعادن تختلف، ففي بعض الورش يُستخدم الماء مع حجر السن، بينما يعتمد هو على حجر خاص من النمسا وبولندا لسن الأشياء الدقيقة وحفظ المعدن.

وأكد «مصطفي» للأسبوع أن مهنة السنان تتطلب مهاراتٍ عالية، فبالإضافة إلى المعرفة الدقيقة بأنواع الحجارة وطرق السن، يجب على السنان أن يكون مُلمًا بخصائص المعادن المختلفة، وأن يتعامل معها بحذرٍ ودقةٍ لضمان سلامته وسلامة من حوله لافتا أنه مع مرور الزمن، واجهت مهنةُ سنّ السكاكين العديدَ من التحديات فمع انتشار المنتجات الصينية رخيصة الثمن، اتجه البعض لاستخدامها في المنازل، مُهددين بذلك وجودَ هذه المهنةِ العريقة مؤكداً أنه لم يستسلم بل واصلَ العملَ بِإصرارٍ وعزيمةٍ، مُؤمنًا بأنّ جودةَ عملهِ لا تُقارن بأيّ منتجٍ صناعيّ مشيراً أن احتفاظه علي المهنة جاء لاستمرار الحرف اليدوية العريقة في مدينة الإسكندرية وهذا يأتي فبفضل خبرة أجيال من السنانين، تُحافظ هذه الورشة على تقنياتٍ أصيلةٍ لسنّ السكاكين.

وأضاف أن الورشة تُقدم خدماتها بجودةٍ عاليةٍ تُلبي احتياجات العملاء، وتُقاوم في الوقت ذاته موجة التغيرات العصرية التي تُهدد بانقراض هذه المهنة لافتا أن موسم الذروة للعمل يكون مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، حيث يُقبل الجزارون والأهالي على سن سكاكينهم استعدادًا للذبح.

وعن مراحل سن السكاكين قال الحج محمد أن المرحلة الأولى يتم فيها إصلاح أي إعوجاج وذلك من خلال الطرق عليها حتى تستقيم جوانبها ثم تبدأ المرحلة الثانية، وهى تمريره على الحجر الهاشمي حتى يتم حد سن السكين وتنظيف جوانبها، وذلك من خلال تكريها على الحجر أكثر من مرة وغمسها في الماء ثم تدخل السكينة مرحلة أخرى وهى مرحلة حجر الجلخ، وهذا الحجر هو المسئول عن إزالة الطبقة القديمة من على سن السكين وتسمى الرايش وعمل سن جديد حاد ويتم بعدها غمس السكاكين في الماء مرة أخرى حتى تبرد لأنها تكون ساخنة جدا نتيجة حجر الجلخ.

وأشار أن السكاكين يوجد بها أنواع كثيرة منها سكين لسلخ الجلد وسكين التقطيع وساطور شق العجل و ساطور تكسير العضم مؤكدا إن الورشة التي تعود عمرها الي المائة عام كان رحلةٌ عبر الزمن تُثري ثقافتنا و تُحافظُ على هويتنا، وتُؤكّدُ على أنّ الإبداعَ والحرفيةَ لا يعرفانِ حدودًا، وأنّ العشقَ والولاءَ لمهنةٍ ما هما سرّ النجاحِ والاستمرار.

وتعبر قصةٌ الحج محمد صاحب اقدم ورشة لسن السكاكين ملهمه بأهميةِ التمسكِ بجذورنا والاعتزازِ بِإرثنا الحضاريّ، ودعوةٌ للحفاظِ على هذهِ المهنِ العريقةِ من الانقراض، لِتظلّ شمسُ الإبداعِ والإتقانِ تُضيءُ دروبَ أجيالٍ قادمة.

مقالات مشابهة

  • الحرب الكبيرة تصنع شعرا جيدا.. ناصر رباح شاعر غزي يرد على المذبحة بالكتابة
  • السيسي يطالب بتوفير الظروف اللازمة لعودة النازحين الفلسطينيين لمناطق سكنهم في غزة
  • “ربع السكان”… إحصائية جديدة بشأن النازحين واللاجئين في السودان
  • حكاية «عم محمد» أشهر أقدم سنان سكاكين في الإسكندرية
  • تنحى لا لم يتنح.. حكاية الدمعة الأخيرة في عين جمال عبد الناصر
  • الدفاع المدني الفلسطيني: الجيش الإسرائيلي يستهدف بناية سكنية تضم عددا من النازحين
  • عربي21 ترصد ردود الفعل الإسرائيلية على استقالة غانتس
  • المحررة الإسرائيلية تروي تفاصيل اللحظات الاولى بعد ان التقت بجيش الاحتلال - تفاصيل
  • ما بين الشّعر والإسلام والنبوّة.. هل أجملُ القصائد أكذَبُها؟
  • تحليل: مصادر قوة الحكومة التي غفلت عنها ذراع إيران