بدون المغرب وموريتانيا.. ماذا وراء تكتل الجزائر وتونس وليبيا؟
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
وسط حالة الجمود التي يعيشها تكتل اتحاد المغرب العربي، استضافت العاصمة التونسية، الاثنين، اجتماعا ضم الرئيسين الجزائري والتونسي إلى جانب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، في لقاء يُعدّ الأول من نوعه على هذا المستوى.
وفي أعقاب الاجتماع التشاوري، أعلن كل من عبد المجيد تبون وقيس سعيّد ومحمد المنفي، عن عزمهم توحيد جهود بلدانهم لمواجهة تحديات الهجرة غير النظامية، إلى جانب تعزيز التعاون في مجالات اقتصادية واجتماعية، عبر تشكيل فريق عمل مشترك لصياغة آليات إقامة مشاريع واستثمارات كبرى في المجالات والقطاعات ذات الأولوية.
وخلّف اللقاء ردودا متباينة بين محللين مغاربيين، بين من رأى في التكتل "ميلاد تحالف إقليمي واعد" وقادر على أن يسهم في تعزيز وتطوير آفاق التعاون الثلاثي، ومن اعتبر أن هذا التحرك يمثل "ضربة قاصمة" لحلم التكامل المغاربي وبناء اتحاد يجمع دول المنطقة، تحت مظلة واحدة.
وكان القادة الثلاثة اتفقوا على هامش قمة الغاز بالجزائر، في مطلع مارس، على "عقد لقاء مغاربي ثلاثي، كل ثلاثة أشهر، يكون الأول في تونس بعد شهر رمضان". ولم يُدعَ المغرب ولا موريتانيا للمشاركة في هذا الاجتماع الذي يمهد لتشكيل تحالف ثلاثي على المستوى المغاربي.
وردا على تلك المبادرة، اعتبرت أصوات مغربية، أن الخطوة الجزائرية تهدف إلى" عزل" المغرب عن محيطه المغاربي، وبأنها محاولات لـ"تقسيم المنطقة وإفشال حلم المغرب الكبير".
وفي المقابل، دافع وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، عن هذه المبادرة، معتبرا أنها تأتي لملء فراغ، في حين أن اتحاد المغرب العربي الذي أنشئ قبل 35 سنة يرقد "في الإنعاش" و"لا يقوم بأي نشاط".
من جهته أكد الرئيس، عبد المجيد تبون، في لقاء صحفي، أبريل، أن "هذا التكتّل ليس موجها ضد أي جهة كانت" وأن "الباب مفتوح لدول المنطقة" و"لجيراننا في الغرب" أي المغرب.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، قوي بوحنية، يرى أن لـ"التكتل الجديد مبرراته التي ترتبط بالظروف التي تمر منها العلاقات التاريخية بين الدول الثلاث، خاصة خلال السنوات الأخيرة، التي عرفت تكثيف التعاون في المجال الاقتصادي والأمني بين تونس والجزائر، ودور الأخيرة في دعم المسار السياسي لليبيا".
وبينما يشدد بوحنية في تصريحه لموقع "الحرة"، على أهمية التكتل الجديد في التعاون الثلاثي الأطراف، يقول إنه "لا يشكل بديلا لاتحاد المغرب العربي"، بل "أداة لتعزيز التعاون المغاربي ـ المغاربي المشترك".
لكن في المقابل، يرى المحلل السياسي التونسي، الصغير الزكراوي، أن "الاجتماع التشاوري بدا وكأنه رد فعل متشنج ضد المغرب"، مشيرا إلى أن "الخطوة تبقى غير مدروسة".
وفي نهاية اجتماع الاثنين، صدر بيان ختامي مشترك أعلن فيه القادة الثلاثة أنهم "اتفقوا على تكوين فرق عمل مشتركة تُعهد لها أحكام تنسيق الجهود لتامين حماية أمن الحدود المشتركة من مخاطر وتبعات الهجرة غير النظامية وغيرها من مظاهر الجريمة المنظّمة".
وأضاف البيان الختامي الذي تلاه وزير الخارجية التونسي، نبيل عمار، أن القادة الثلاثة اتفقوا أيضا على "توحيد المواقف والخطاب مع التعاطي مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية في شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية وجنوب الصحراء".
الاجتماع التشاوري الأوّل بين قادة البلدان الشقيقة الثلاثة تونس والجزائر وليبيا. #TnPR pic.twitter.com/XFNQZtfHpN
— Tunisian Presidency - الرئاسة التونسية (@TnPresidency) April 22, 2024كما أكد القادة الثلاثة على أهمية تنظيم هذه اللقاءات التشاورية بشكل دوري، ليس فقط لمناقشة القضايا السياسية بل أيضاً للبحث في قضايا اقتصادية واجتماعية.
في هذا الجانب، يقول الزكراوي في تصريح لموقع "الحرة"، إن ما حمله الاجتماع التشاوري عبارة عن "إعلان نوايا مثل ما يتم دائما في اجتماعات الدول العربية والمغاربية، دون أن يتحقق منها أي شيء".
وبينما يعرب الزكراوي عن متمنياته في بلوغ الأهداف الطموحة التي أُعلن عنها في لقاء الاثنين، يقول إن "المسار بدأ متعثرا ويظهر أنه عبارة عن رد فعل غير مدروس"، مضيفا أنه لا يتوقع "أن يفرز التكتل الثلاثي الجديد بديلا لاتحاد المغرب العربي الذي يبقى حلما لشعوب المنطقة".
وعام 1989، أسست الدول المغاربية اتحاد "المغرب العربي" بطموح صنع تكتل اقتصادي وسياسي قوي، لكن وبعد بدايات موفقة ونشاطات كثيفة، تحولت الهيئة من نشاط محدود إلى توقف شبه نهائي. ولم يعقد أي اجتماع قمة لهذا الاتحاد منذ 1994.
ويقول الزكراوي، إن التحرك التونسي الليبي الجزائري الأخير، يشكل "ضربة قاصمة لهذا الحلم ولعقود من بناء التحالف المغاربي المشترك، وللجهود الرامية لتوحيد البلدان الخمسة".
ما فرص نجاح التكتل الثلاثي؟وعلى صعيد آخر، يقول المحلل التونسي، إن فشل الدول في بناء اتحاد قوي اليوم في زمن التكتلات والتجمعات الكبرى بالعالم، "يُهدر فرصا تنموية واعدة لفائدة المنطقة"، مشيرا إلى أنه "لا يتوسم خيرا في مثل المبادرة الثلاثية".
لكن على الجهة المقابلة، يؤكد بوحنية، أن التكتل لا يزال في مراحله الأولية قبل تقييمه أو الحكم عليه، مشيرا إلى الطموحات الواعدة التي يحملها والمتمثلة في الخط البري الذي من شأنه أن يعزز تنقل السلع والأشخاص بين الدول الثلاثة، وفرص التعاون في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية".
ويضيف المحلل السياسي الجزائري أن التكتل الجديد يشكّل بارقة أمل للشعوب المغاربية، إلا أنه يشدد على أنه لا يمثل بديلا للاتحاد المغاربي، خاصة وأن الدول الثلاث لم تعلن انسحابها من هذه المنظمة ولا تزال تعمل من أجل إحيائه.
من جهته، يرى الباحث السياسي الليبي، عصام الزبير، أن الاتحاد المغاربي فشل في جمع الدول بسبب الخلافات المغربية والجزائرية، حتى أصبح معطلا وتوقفت هياكله"، بالتالي تظهر الحاجة لإنشاء تحالف إقليمي جديد.
ويقول الزبير في تصريح لموقع "الحرة"، إن فرص نجاح التكتل الجديد "قائمة"، خاصة أنه "يبتعد عن التخاصم الحاضر بين المغرب والجزائر" اللتان تسعيان لقيادة وإدارة المنطقة بحسب أجندتيهما الخاصة".
وتشهد العلاقات بين الجارتين الجزائر والمغرب توترات متلاحقة، منذ 40 سنة بسبب النزاع حول الصحراء الغربية التي تعتبرها الرباط جزءا لا يتجزأ من أراضيها وتقترح حكما ذاتيا لإدارتها، بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب باستفتاء لتقرير مصيرها.
في هذا الجانب، يقول الزبير "عدم تواجد الدولتين معا يمكن أن يكون عاملا لنجاحه"، شريطة أن تعطى رسائل وتطمينات للطرف الآخر وفي هذه الحالة المغرب، بأن التحالف الجديد "ليس ضدها وليس استهدافها" حتى لا تظهر خلافات جديدة.
مواقف ليبيا وموريتانياوبعد أقل من 24 ساعة على عقد الاجتماع التشاوري بتونس، استقبل وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الثلاثاء بالرباط، مبعوث رئيس المجلس الرئاسي الليبي، سامي المنفي، حاملا رسالة خطية إلى الملك محمد السادس، من شقيقه محمد المنفي.
وحضر اللقاء أيضا القائم بأعمال السفارة الليبية بالمغرب، أبو بكر إبراهيم الطويل، والذي قال إن هذه الزيارة "تأتي لتؤكد تميز العلاقات الأخوية التي تربط بين ليبيا والمغرب".
وأضاف المسؤول الليبي، أن الزيارة تندرج أيضا في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز اتحاد المغرب العربي من أجل تحقيق تطلعات شعوب المنطقة لمزيد من الاستقرار والازدهار، مبرزا الدور الفعال الذي يضطلع به المغرب لصالح الاندماج المغاربي، حسبما نقلته وكالة الأنباء المغربية.
وذكرت هذه الأخيرة، أن مصدرا مقربا من المجلس الرئاسي الليبي "كان قد رفض، مؤخرا، جملة وتفصيلا، كل محاولة تروم إلى خلق إطار بديل يحل محل اتحاد المغرب العربي، مشددا على الحاجة الملحة لتعزيز هذه المجموعة الإقليمية، التي أرست أسسها بلدان المنطقة الخمسة في مراكش سنة 1989".
استقبل السيد ناصر بوريطة، اليوم بالرباط، مبعوث رئيس المجلس الرئاسي الليبي، السيد سامي المنفي، حاملاً رسالة إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، من رئيس المجلس الرئاسي، السيد محمد المنفي.@LPCLYM pic.twitter.com/uCUZLMn3vQ
— الدبلوماسية المغربية ???????? (@MarocDiplo_AR) April 23, 2024وعلاقة بزيارة المبعوث الليبي إلى المغرب، يقول المحلل السياسي الليبي، بلاده تريد أن تبعث برسالة تطمينية إلى الرباط، بأن التكتل ليس موجها ضدها، وأن طرابلس لا تريد أن تكون طرفا في الصراع بينها وبين الجزائر، خاصة في ظل الجهود الكبيرة التي يقوم بها الجانب المغربي من أجل حلحلة الأزمة الليبية.
وإلى جانب المغرب، غاب البلد المغاربي الآخر، موريتانيا عن التكتل الثلاثي الجديد، وهو ما أرجعه متابعون رغبة من نواكشوط في تبني "الحياد"، ونأيا بنفسها عن الأزمة بين البلدين اللذين تجمعهما معها روابط اقتصادية وسياسية وأمنية مؤثرة.
المحلل السياسي الموريتاني، عبد الله أسلم، يرى أن بلاده "تفضل الابتعاد عن التكتلات الإقليمية في الظروف الراهنة"، فيما تذهب نحو تقوية العلاقات الثنائية المباشرة مع كل البلدان.
ويؤكد أسلم في تصريح سابق لموقع "الحرة"، أن سياسة موريتانيا "قائمة على الحياد فيما يتعلق بالخلافات بين الأشقاء"، وفي المقابل تجمعها "علاقات قوية مع كل دول الجوار، وبالتالي فهي "تبتعد عن كل المشكلات المرتبطة بملفات المنطقة".
وبعد الاجتماع الذي عقد في مارس الماضي، قالت الرئاسة الجزائرية، إن تبون أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الموريتاني ولد الشيخ الغزواني، أطلعه فيها على "اللقاء المغاربي الثلاثي الذي جمع رؤساء كل من الجزائر تونس وليبيا"، مضيفا أنه بحث معه أيضا "مسائل وقضايا راهنة، ذات طابع إفريقي".
وفي سياق مرتبط، يوضح المحلل الموريتاني، أن سبب غياب بلاده عن التكتل المعلن، قد يكون أن للجزائر وتونس وليبيا رؤية بأن مشروعها الجديد مبني على القرب الجغرافي وتقاسم البلدان الثلاثة لحدود برية، منا يمكن أن يعطي حياة جديدة للاتحاد ويعالج قضاياها الملحة بعيدا عنه.
ويوضح، أن التكتل الجديد لا يعني بالضرورة "أنه بديل عن اتحاد المغرب العربي الذي يبقى مؤسسة تحتاجها البلدان المغاربية، لتحقيق التكامل المنشود منذ عقود".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المجلس الرئاسی اللیبی رئیس المجلس الرئاسی اتحاد المغرب العربی الاجتماع التشاوری المحلل السیاسی القادة الثلاثة تونس ولیبیا الهجرة غیر مشیرا إلى من أجل
إقرأ أيضاً:
الردّ الذي فجّر الأزمة: ماذا خلف هجوم القوات؟
لم يكن ما جرى في الأيام الأخيرة مجرّد تباين في مقاربة ملف حساس، بل بدا كمقدمة لمرحلة جديدة من التصعيد السياسي الذي تقوده "القوات اللبنانية" بوجه أركان السلطة مجتمعين. فبينما تمرّ الدولة في اختبار مزدوج داخلي وخارجي، تحوّلت "معراب" إلى رأس حربة في مواجهة مفتوحة، مستخدمة ما وصفته مصادر مطّلعة بـ"غياب السيادة" كمظلّة لتسويق تموضع جديد، يلتقي شكلاً ومضموناً مع رهانات خارجية بدأت تتعامل مع بعض القوى المسيحية والسنّية كبدائل جاهزة للمرحلة المقبلة.ووفق المصادر فإنّ وراء اللغة الدستورية التي اعتمدتها "القوات" لتبرير اعتراضها على مضمون الردّ اللبناني بشأن ملف السلاح، تقف مقاربة سياسية أشدّ وضوحاً. فالهجوم اتجه مباشرة للطعن بشرعية المسار المؤسساتي نفسه باعتباره مُصادراً. هذا الخطاب التصعيدي لم يُبنَ في الهواء، إذ ترى المصادر أنه يستند إلى دعم سياسي ودبلوماسي متنامٍ، وتحديداً من واشنطن، التي باتت، وفق المصادر نفسها، تعتبر "القوات اللبنانية" ومعها بعض الحلفاء السنّة في موقع متقدّم من حيث الجهوزية لتبنّي أولوياتها، في حال فشلت التسويات مع القوى التقليدية.
هذا التحوّل في التموضع لا يقتصر على الجانب الخطابي، فالأداء السياسي لمعراب خلال اليومين الماضيين اتخذ طابعاً هجومياً متدرّجاً بدأ برفض الردّ الرسمي، مروراً باتهام السلطة بتجاوز الدستور، وصولاً إلى تسريبات تحدثت عن التلويح بالخروج من الحكومة. وهو تصعيد يبدو مدروساً، هدفه الأساسي ليس فقط الاعتراض على الورقة المقدّمة لواشنطن، بل تقويض الإطار السياسي الذي صيغت فيه.
وفي خلفية هذا التصعيد، ثمّة ما يتجاوز مسألة الرد على الورقة الأميركية. إذ تفيد معطيات متقاطعة بأن "القوات اللبنانية" بدأت تسعى بشكل غير معلن إلى تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة، مستخدمة ذريعة الحاجة إلى توفير ظروف مؤاتية لحكومة الرئيس سلام لأحداث بعض التعديلات على القانون الانتخابي، في حين أن الهدف الأعمق يتّصل مباشرةً بالمشهد المسيحي نفسه. فمعراب، التي تتابع عن كثب التحولات داخل بيئتها، تدرك أن وصول جوزاف عون إلى رئاسة الجمهورية أحدث خرقاً في التوازنات التقليدية، وفتح الباب أمام إعادة توزيع الحضور المسيحي في السلطة، على حساب القوى التي كانت تتصدّر التمثيل السياسي طوال المرحلة السابقة.
فالرئيس الجديد، الذي يتمتع بغطاء داخلي عابر للانقسامات وبقبول خارجي واسع، بدأ يستقطب في فترة قصيرة شريحة لا يستهان بها من الرأي العام المسيحي، خصوصاً تلك التي كانت محسوبة في السابق ضمن هوامش نفوذ "القوات". من هنا، يبدو تأجيل الانتخابات بالنسبة لمعراب أقرب إلى محاولة لاحتواء هذا التبدّل وإعادة ترتيب الاصطفافات قبل أن تترجمه صناديق الاقتراع إلى واقع جديد يصعب تعديله لاحقاً. وتشير أوساط مطّلعة إلى أن جعجع فتح قنوات مع دبلوماسيين غربيين لطرح فكرة التأجيل كضرورة تفرضها الظروف الراهنة، ساعياً لإقناعهم بأنها مدخل إلزامي لإعادة ضبط التوازن داخل الشارع المسيحي قبل أي استحقاق مفصلي. وبالتالي بدا واضحاً أن فكرة التأجيل مرتبطة بحسابات الزعامة المسيحية بشكل مباشر.
من هذا المنطلق، لا تبدو "القوات" معنية بالدخول في حوار داخلي فعلي حول صياغة موقف سيادي جامع، بل تسير في اتجاه فرض اشتباك سياسي مفتوح يتخطى مضمون الردّ نفسه، ليتحوّل إلى معركة قائمة على فرض خطاب موازٍ يزاحم الموقف الرسمي ويضعف موقعه أمام الداخل والخارج. وفي هذا السياق، يصبح واضحاً، وفق المصادر، أن استهداف معراب للرئيس جوزاف عون لا يتعلق حصراً بطريقة إدارته للملف، بل بإصرارها على التمهيد لإعادة تشكيل مشهد السلطة وفق ميزان جديد.
في المقابل، تواصل بعبدا اعتماد لهجة التهدئة، مقدّمةً الردّ الرسمي كصيغة توازن بين الضغوط الدولية والحساسيات الداخلية، وهو توازن لا ترى فيه "القوات" سوى تراجع عن المبادئ، وتفريطاً بما تعتبره "الخط الأحمر السيادي". لكن المفارقة أن هذا الخطاب المتشدد لا يُترجم حتى الساعة برؤية عملية أو بديل واضح، بل يتحوّل تدريجياً إلى خطاب تعبئة، قد لا يبقى محصوراً في نطاق التصريحات والبيانات، بل يذهب نحو تحركات أوسع تُحضّر في الكواليس، وتستهدف تفكيك صورة السلطة الحالية أمام الداخل والخارج على حد سواء.
وسط هذا المناخ، تظهر علامات استفهام مشروعة حول طبيعة الدور الذي تلعبه "القوات" في هذه المرحلة، وحدود التقاطع بين خطابها المتشدّد والدفع الأميركي المتصاعد نحو تغيير في التوازنات. فبينما تبدو واشنطن غير مطمئنة للمسار الراهن، تعمل على إعادة تموضعها داخلياً معوّلة على قوى ترى فيها التزاماً أكبر بشروطها في ملف السلاح. وضمن هذا الإطار، يتقدّم كل من "القوات" وبعض الحلفاء من السنّة و"التغييريين" كممرّ إلزامي للمرحلة المقبلة، ليس بحكم شعبيتهم أو تمثيلهم، بل بحكم قدرتهم على إحداث إرباك داخلي، وكسر التوازن التقليدي القائم.
في العمق، ترى المصادر أنّ "القوات اللبنانية" لا تتحرّك بدافع دستوري صرف ولا بدافع الحرص على المؤسسات، بل من منطلق حسابات تتجاوز الساحة المحلية. فالحزب الذي اعتبر نفسه خلال السنوات الماضية محاصراً، يسعى اليوم لاستعادة دوره كمحور معارض أول، في لحظة يرى فيها أن هوامش الحركة السياسية تتّسع مجدداً أمام القوى التي ترفع شعار المواجهة مع "حزب الله". وبالتالي فإنّ التصعيد ليس هدفاً بحدّ ذاته، بل وسيلة لفرض خريطة تموضع جديدة، تُعيد رسم التوازنات الداخلية وتُرضي المتطلبات الأميركية في آن معاً.
من هذا المنظار، تصبح معركة "القوات" مع السلطة الحالية فرصة مزدوجة: أولاً، لاستغلال لحظة الانقسام لإعادة تثبيت حضورها كقوة مقرّرة في المشهد الداخلي خارج منظومة التفاهمات القائمة. وثانياً، للتموضع في موقع الشريك المحلي المفضّل لدى واشنطن في أي تسوية أو ضغط مرتقب. فالحزب الذي طالما قدّم نفسه كصوت سيادي معارض، يدرك أن اللحظة مؤاتية ليترجم هذا الخطاب إلى موقع سياسي متقدّم، حتى ولو جاء ذلك على حساب الاستقرار الداخلي، أو عبر تحالفات ظرفية لا تُبنى على مشروع وطني واضح، بقدر ما تُبنى على تقاطع مصلحي مع الخارج.
بهذا المعنى، فإن ما يجري ليس مجرد اعتراض، بل محاولة مدروسة لتصدّر مشهد المرحلة المقبلة، بما تقتضيه من مواجهات مفتوحة، وتحولات في ميزان القوى. المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة ماذا سيطلب وزراء "القوات" بشأن الرد اللبناني؟ Lebanon 24 ماذا سيطلب وزراء "القوات" بشأن الرد اللبناني؟ 11/07/2025 11:00:35 11/07/2025 11:00:35 Lebanon 24 Lebanon 24 هيئة البث الإسرائيلية: إسرائيل تستعد "للرد بقوة" على الهجوم الصاروخي الإيراني على مستشفى سوروكا Lebanon 24 هيئة البث الإسرائيلية: إسرائيل تستعد "للرد بقوة" على الهجوم الصاروخي الإيراني على مستشفى سوروكا 11/07/2025 11:00:35 11/07/2025 11:00:35 Lebanon 24 Lebanon 24 قطر تدين هجوم الحرس الثوري الإيراني على قاعدة العديد وتؤكد حقها في الرد Lebanon 24 قطر تدين هجوم الحرس الثوري الإيراني على قاعدة العديد وتؤكد حقها في الرد 11/07/2025 11:00:35 11/07/2025 11:00:35 Lebanon 24 Lebanon 24 جعجع: الردّ اللبناني الذي سلّم لبرّاك غير قانوني Lebanon 24 جعجع: الردّ اللبناني الذي سلّم لبرّاك غير قانوني 11/07/2025 11:00:35 11/07/2025 11:00:35 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص مقالات لبنان24 تابع قد يعجبك أيضاً هل يمنح إضعاف إيران وحزب الله لبنان فرصة لرسم مسار بعيدًا عن الصراعات ؟ Lebanon 24 هل يمنح إضعاف إيران وحزب الله لبنان فرصة لرسم مسار بعيدًا عن الصراعات ؟ 03:30 | 2025-07-11 11/07/2025 03:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الرئيس عون استقبل رئيس مجلس العلاقات العربية والدولية Lebanon 24 الرئيس عون استقبل رئيس مجلس العلاقات العربية والدولية 03:29 | 2025-07-11 11/07/2025 03:29:34 Lebanon 24 Lebanon 24 أميركا تُلوّح بسحب يدها من لبنان: ماذا يعني ذلك عمليًا؟ Lebanon 24 أميركا تُلوّح بسحب يدها من لبنان: ماذا يعني ذلك عمليًا؟ 03:00 | 2025-07-11 11/07/2025 03:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 كيف سيكون الطقس في الأيام المقبلة؟ Lebanon 24 كيف سيكون الطقس في الأيام المقبلة؟ 02:48 | 2025-07-11 11/07/2025 02:48:47 Lebanon 24 Lebanon 24 توغل إسرائيلي جديد في بليدا.. هذا ما حصل صباحا Lebanon 24 توغل إسرائيلي جديد في بليدا.. هذا ما حصل صباحا 02:38 | 2025-07-11 11/07/2025 02:38:14 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة الموت يُغيّب فناناً سوريّاً: وداعاً يا عراب الفنّ Lebanon 24 الموت يُغيّب فناناً سوريّاً: وداعاً يا عراب الفنّ 13:55 | 2025-07-10 10/07/2025 01:55:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أنباء عن محاولة ابنة هيفا وهبي إنهاء حياتها تاركة رسالة مؤثرة.. وما نشرته مؤخرا يُثير الجدل (صورة) Lebanon 24 أنباء عن محاولة ابنة هيفا وهبي إنهاء حياتها تاركة رسالة مؤثرة.. وما نشرته مؤخرا يُثير الجدل (صورة) 00:30 | 2025-07-11 11/07/2025 12:30:25 Lebanon 24 Lebanon 24 أحدهم توفي... نقل 7 أشخاص من عائلة واحدة إلى المستشفيات ما الذي أصابهم؟ Lebanon 24 أحدهم توفي... نقل 7 أشخاص من عائلة واحدة إلى المستشفيات ما الذي أصابهم؟ 14:39 | 2025-07-10 10/07/2025 02:39:03 Lebanon 24 Lebanon 24 تحذير عاجل من الجيش للمواطنين.. هذه تفاصيله Lebanon 24 تحذير عاجل من الجيش للمواطنين.. هذه تفاصيله 11:00 | 2025-07-10 10/07/2025 11:00:33 Lebanon 24 Lebanon 24 هل يلتزم "حزب الله" إذا قرّر مجلس الوزراء نزع سلاحه؟ Lebanon 24 هل يلتزم "حزب الله" إذا قرّر مجلس الوزراء نزع سلاحه؟ 12:01 | 2025-07-10 10/07/2025 12:01:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب ايناس كريمة Enass Karimeh @EnassKarimeh Lebanese journalist, social media activist and communication enthusiast أيضاً في لبنان 03:30 | 2025-07-11 هل يمنح إضعاف إيران وحزب الله لبنان فرصة لرسم مسار بعيدًا عن الصراعات ؟ 03:29 | 2025-07-11 الرئيس عون استقبل رئيس مجلس العلاقات العربية والدولية 03:00 | 2025-07-11 أميركا تُلوّح بسحب يدها من لبنان: ماذا يعني ذلك عمليًا؟ 02:48 | 2025-07-11 كيف سيكون الطقس في الأيام المقبلة؟ 02:38 | 2025-07-11 توغل إسرائيلي جديد في بليدا.. هذا ما حصل صباحا 02:37 | 2025-07-11 في السرايا.. وفد قطري شارك باجتماع بحث في دعم مشاريع إنمائية فيديو استولى على أموالها بالكامل.. فنانة شهيرة تكشف للمرة الأولى عن أزمتها مع زوجها الثالث (فيديو) Lebanon 24 استولى على أموالها بالكامل.. فنانة شهيرة تكشف للمرة الأولى عن أزمتها مع زوجها الثالث (فيديو) 02:37 | 2025-07-11 11/07/2025 11:00:35 Lebanon 24 Lebanon 24 فنان سوري مُفاجأة سيرين عبد النور.. وتوجه له رسالة خاصة (فيديو) Lebanon 24 فنان سوري مُفاجأة سيرين عبد النور.. وتوجه له رسالة خاصة (فيديو) 03:10 | 2025-07-10 11/07/2025 11:00:35 Lebanon 24 Lebanon 24 خلعته وعادت إلى الغناء ثم ارتدته.. فنانة شهيرة تكشف لأول مرة قصتها مع الحجاب (فيديو) Lebanon 24 خلعته وعادت إلى الغناء ثم ارتدته.. فنانة شهيرة تكشف لأول مرة قصتها مع الحجاب (فيديو) 01:22 | 2025-07-09 11/07/2025 11:00:35 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24