اتسعت رقعة تفشي وباء الملاريا في عدد من المحافظات اليمنية نتيجة عودة الأمطار الموسمية التي أدت لنشوء المستنقعات المائية، بالتزامن مع انتشار مخلّفات وأكوام القمامة، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بالفساد والإهمال ونهب مخصصات برامج المكافحة والحماية ضد المرض.

وكشفت مصادر بالقطاع الصحي الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، وفقاً لصحيفة الشرق الأوسط عن وقوع أكثر من 2250 حالة وفاة بالملاريا، بعد تلقي بلاغات عبر المكاتب والمرافق الصحية بمحافظات صنعاء والحديدة وإب وذمار وريمة وحجة والمحويت وعمران، على مدى الشهرين الماضيين، بتسجيل أكثر من 82 ألف إصابة.

وفي حين ذكرت المصادر أن غالبية الوفيات من الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل وكبار السن، أرجعت أسباب هذا التفشي إلى استمرار مصادرة ونهب الجماعة الحوثية مخصصات المركز الوطني لمكافحة الملاريا، وفروع ومكاتب عدة تابعة له ولمؤسسات رسمية وأهلية معنية بمكافحة المرض في المحافظات الخاضعة لسيطرتها منذ سنوات.

ولا يزال عدد من الأمراض الوبائية المدارية التي يتصدرها الملاريا، تشكل خطراً كارثياً حقيقياً يتهدد صحة وحياة اليمنيين، خصوصاً مع غزارة الأمطار الموسمية المصحوبة بتجمع المخلفات والمياه الراكدة واختلاطها بالصرف الصحي، ما يؤدي إلى تكاثر البعوض الناقل للعدوى بتلك المحافظات.

وتوقّع أطباء متخصصون في صنعاء، خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون الأرقام الحقيقية لحالات الإصابة بالملاريا أكثر من تلك الحالات المُبلَّغ عنها، نظراً لاعتمادها على تقارير الترصد الإلكتروني للإنذار المبكر للأوبئة، معبرين عن قلقهم حيال تصاعد حالات الإصابة بالملاريا في مناطق سيطرة الجماعة الانقلابية، التي تقتصر جهود مواجهتها للوباء على وسائل تقليدية.

مواجهة بوسائل بدائية

بينما تتبنى الجماعة الحوثية، من خلال قطاع الصحة الخاضع لسيطرتها، برامج مكافحة تعتمد على توزيع الناموسيات ببعض المناطق، يواجه غالبية السكان صعوبة في التوجه إلى المشافي والمراكز الصحية للفحص وتلقي العلاج في مرحلة مبكرة، إلى جانب استمرار عجز برنامج مكافحة الملاريا عن القيام بمهامه، نتيجة مصادرة ونهب مخصصاته.

وحذرت منظمة الصحة العالمية، في تقرير سابق لها، من أن 65 في المائة من سكان اليمن (ما يقارب 19.5 مليون شخص) باتوا عرضة للإصابة بمرض الملاريا، في ظل توقف العمل بنصف المرافق الصحية، وعمل الباقي بشكل جزئي مع شح الأدوية الأساسية والمُعدات الطبية.

وقالت منظمة «أطباء بلا حدود»، في وقت سابق أيضاً، إن الملاريا يواصل تأثيره على آلاف السكان اليمنيين، في ظل نظام صحي ضعيف جراء الحرب الدائرة بالبلاد، بعد قيامها بمعالجة أكثر من 10 آلاف مصاب بالمرض خلال عام 2017.

ويعدّ «الملاريا» مرضاً فتّاكاً تُسبّبه طفيليات تنتقل إلى البشر عبر لدغات بعوض الأنوفيلس الحاملة للعدوى، وتظهر أعراض المرض عادة بعد 10 - 15 يوماً من لدغة البعوض، وتشمل الحمى والصداع والقشعريرة، مع صعوبة التعرف عليه، وإذا لم يتلقَّ المصاب العلاج العاجل، فمن الممكن أن تتطور الحالة إلى مرض شديد يهدد الحياة.

سوء التغذية

أدت المعدلات المرتفعة لسوء التغذية في اليمن إلى زيادة خطر الإصابة بالملاريا بين الفئات الضعيفة، وخصوصاً الأطفال دون سن الخامسة، والنساء الحوامل، نتيجة انخفاض نظم المناعة لديهم، في حين تشير تقديرات أممية سابقة إلى أن أكثر من 21 مليون شخص يمني يعيشون في مناطق معرَّضة لخطر الإصابة بالملاريا، مع حدوث أكثر من مليون حالة ملاريا، كل عام.

وعبر تحديثات جديدة لها على «فيسبوك»، أكدت منظمة الصحة العالمية أن الفئات الأكثر ضعفاً في اليمن، ومنهم النازحون داخلياً والأطفال والنساء وكبار السن، والأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة، والأشخاص الذين يعانون أمراضاً نفسية، لا يزالون يواجهون عقبات فريدة في الحصول على خدمات الرعاية الصحية في بلد يعاني فرصاً محدودة للحصول على تلك الخدمات وغيرها، بسبب الفقر واستمرار حدة الصراع.

وتوفر المنظمة، في هذه الأثناء، بالشراكة مع حكومة ألمانيا، الحماية من العدوى المكتسبة في المرافق الصحية، عبر توفير إمدادات المياه ومستلزمات الوقاية من العدوى ومكافحتها، كما تقوم بتزويد أكثر من 72 مرفقاً صحياً يمنياً بالمياه الصالحة للشرب، وتوفر لمرضى يمنيين الرعاية والحماية الكافيتين من مخاطر العدوى، إلى جانب الموظفين ومقدمي الرعاية.

وأطلق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أواخر فبراير (شباط) الماضي، حملة شاملة هدفت إلى الحد من انتشار الملاريا والحمى الفيروسية وحمى الضنك وعلاج الحالات المصابة بهما في عدد من المحافظات اليمنية المحرَّرة، خصوصاً محافظة الحديدة التي تعدّ إحدى أكثر المحافظات المنكوبة بالأوبئة الفيروسية.

ويستقبل المرفق الطبي، التابع للمركز، يومياً مئات الحالات من سكان حيس والخوخة ومن النازحين، ويقدم لهم خدمات طبية متنوعة، في حيتن تنفذ السلطات الصحية، التابعة للحكومة اليمنية في المديريات المحرَّرة من المحافظة، حملة موسعة لمكافحة البعوض الناقل للملاريا والحميات الفيروسية.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: الإصابة بالملاریا أکثر من

إقرأ أيضاً:

بعد انتشاره في أوروبا.. ما هو فيروس شيكونغونيا؟

حذرت السلطات الصحية الأوروبية المسافرين من خطر الإصابة بفيروس "شيكونغونيا"، بعد تسجيل حالات إصابة في كل من فرنسا وإيطاليا.

وسجلت فرنسا هذا العام 30 حالة إصابة بفيروس "شيكونغونيا" على أراضيها وفي جزيرة كورسيكا، بينما سجلت إيطاليا حالة واحدة فقط، وفقا لما ذكرته صحيفة "ذا أنديبندنت".

وعبرت منظمة الصحة العالمية عن قلقها المتزايد بشأن هذا الفيروس، وأصدرت إرشادات جديدة لمقدمي الرعاية الصحية حول كيفية التعامل مع المصابين.

وقالت ديانا روجاس ألفاريز، الطبيبة في منظمة الصحة العالمية، للصحفيين في جنيف، إن نحو 5.6 مليار شخص يعيشون في مناطق معرضة لخطر الإصابة بالفيروس في 119 دولة.

وقالت صحيفة "ذا أنديبندنت" البريطانية، إن المسؤولين الصحيين في القارة الأوروبية حذروا المسافرين من هذا الفيروس، في وقت أصدرت فيه بريطانيا لقاح جديد ضد "شيكونغونيا".

وقال المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (ECDC) إن فيروسي "الضنك" و"شيكونغونيا" وصلا إلى أوروبا عبر مسافرين أصيبوا بالفيروس خارج القارة، ثم انتقلوا إلى دول أوروبية توجد فيها بعوضة قادرة على نقل العدوى بعد لدغهم.

وأوضح المركز: "إن خطر الانتقال المحلي لفيروس شيكونغونيا وفيروس الضنك آخذ في الازدياد".

ما هو فيروس شيكونغونيا؟

فيروس "شيكونغونيا" هو مرض ينقله البعوض، وينتشر في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية.

وينتقل هذا الفيروس إلى الإنسان عبر لدغة بعوضة مصابة به، ولا يمكن أن ينتقل من إنسان إلى آخر.

وتنتشر معظم الحالات في الأمريكتين وأفريقيا وآسيا، إذ تتصدر البرازيل عدد الحالات بأكثر من 141,000 إصابة، تليها الأرجنتين بأكثر من 2,500 إصابة في عام 2025 حتى الآن، بحسب "ذا أنديبندنت".

وفي المجمل، تم تسجيل حوالي 220,000 حالة إصابة بفيروس شيكونغونيا و80 حالة وفاة مرتبطة به في 14 دولة منذ بداية العام.

وشهدت جزيرتا لا ريونيون ومايوت الفرنسيتان، الواقعتان قبالة الساحل الشرقي لأفريقيا، تفشيًا واسعًا للفيروس، إذ سجلت الأولى 51 ألف حالة حتى مايو 2025.

ما هي أعراض الفيروس؟

ووفقا لصحيفة "ذا إندبندنت"، تعني كلمة "شيكونغونيا" "الذي ينحني"، في إشارة إلى وضعية الجسم المتقوس للمصابين نتيجة آلام المفاصل الشديدة، وهي كلمة مشتقة من لغة شعبي الموكوندي في تنزانيا، حيث تم اكتشاف الفيروس لأول مرة في الخمسينيات.

ويعاني المصابون بهذا الفيروس من آلام المفاصل، وحمى مفاجئة، وتورم المفاصل، وآلام في العضلات، وصداع، وغثيان، وتعب، وطفح جلدي.

ويتعافى معظم المصابين بشكل كامل بعد الإصابة بالعدوى، لكن في بعض الحالات النادرة تظهر مضاعفات في العين أو القلب أو الجهاز العصبي، خاصة لدى حديثي الولادة وكبار السن المصابين بالأمراض المزمنة.

وفور التعافي من الفيروس، يكتسب الشخص مناعة ضد الإصابة بالفيروس مرة أخرى.

هل يوجد لقاح لفيروس شيكونغونيا؟

وافقت الحكومة البريطانية مؤخرًا على لقاحات ضد الفيروس، بحسب ما ذكرته "ذا أنديبندنت".

ويحفز اللقاح الجهاز المناعي لإنتاج أجسام مضادة لمهاجمة الفيروس.

ويتطلب الحصول على اللقاح وصفة طبية، ويمنح للأشخاص الذين يخططون للسفر إلى مناطق ينتشر فيها شيكونغونيا.

وفي الشهر الماضي، أعلنت الحكومة البريطانية تقييد استخدام اللقاح بشكل مؤقت للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا كإجراء احترازي.

وللوقاية من لدغات البعوض، توصي منظمة الصحة العالمية باستخدام المبيدات الحشرية، وارتداء ملابس تغطي كامل الجسم، وتركيب الشبكات على النوافذ والأبواب.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع حصيلة الإبادة الإسرائيلية إلى 59 ألفا و821 شهيدا
  • علامات قصور القلب التي تظهر في كاحليك.. تعرف عليها
  • أكثر من ألف مسن ماتوا جوعاً في غزة!
  • حصيلة شهداء غزة تقترب من 60 ألفا.. الاحتلال يواصل مجازره بالقصف والجوع
  • ياسر أبو شباب يظهر مجدداً في مقال رأي: الأراضي التي استولينا عليها في غزة لم تتأثر بالحرب
  • الرعاية الصحية: لدينا 276 منشأة طبية معتمدة في 6 محافظات
  • بعد انتشاره في أوروبا.. ما هو فيروس شيكونغونيا؟
  • ترامب يرجح عقد لقاء ثلاثي مع بوتين وزيلينسكي خلال شهرين او 3
  • حتى تحتفظ بلياقتك.. كم عدد الخطوات التي تحتاجها حقا في اليوم؟
  • ماجد المهندس في أول ظهور بعد الأزمة الصحية التي تعرض لها