لم تعد حقول اليمن ومزارعها وزراعها وفلاحوها ودوابها يستبشرون بمواسم الأمطار كما كانوا في السابق، ولم يعد هطول الغيث النافع، نافعًا بالنسبة لهم وموسمًا للخصب والبذل والتهيئ لحصد ما لاجادت به سواعدهم بل هناك سيناريوهات أخرى رسمت وغيرت الكثير من مسلمات الأمس، فكل شيء تغير في اليمن بسبب الألغام، وموازين الحياة انقلبت ومعادلاتها تداخلت والجاني واحد "الألغام".

مدير "مسام": 436 ألف لغم تم أنتزاعها في اليمن منذ 2018 أستاذ اقتصاد سياسي بجامعة عدن لـ "الفجر": اختطاف الحوثي للسفن أربك المنطقة.. وهجماته زادت من تكاليف الشحن (حوار)

ولنعلم كم ضاقت الحياة على اليمني وكم تغيرت حياته بسبب جائحة الألغام في وطنه، يمكن أن نرقب مواسم الأمطار التي باتت تعلو في مقدماتها التحذيرات من الخطر الداهم والسيناريوهات المرعبة، وفي حقيقة الأمر الأمطار لم تغير من طبعها، ولم تتنكر لليمني بل هي كعادتها تنزل خيرًا وبركة، لكنها ما إن تصل إلى الأرض وتسلك دروبها حتى تصبح خطيرة للغاية.

 

فالكم الهائل من الألغام العشوائية والمموهة والمنتشرة في كل مكان، يجعل من سيول الأمطار سيناريو مخيف لكوارث محتملة، فالسيول تجرف كل ما في طريقها، لكن طريقها لم يعد آمنا كما كان، وإنما بات مسرحا لعلب مهلكة للحرث والنسل، وتنقلها بين ثنايا السيول يهلك كل من تمر به ومن يستدرج نحوها بدافع الفضول.

 

وبهذه الطريقة صارت الأمطار في اليمن تنزل في قلوب اليمنيين خوفًا وتجرى من حولهم فتزيدهم رعبًا لرعبهم، وتذكرهم أنهم ليسوا آمنين وأنهم مهددين في كل لحظة، وأن جرم الألغام حول حتى مواسم الأمطار إلى فترات ترهيب ووعيد، وأن كل موسم مطير لا يخلو عادة من ضحايا الألغام المهاجرة التي تتنقل في بطن السيول محدثة كوارث حقيقية.

 

أسر يمنية عديدة هجرتها الألغام من قراها ورمت بها في العراء في خيام النزوح وجعلتها لقمة سائغة بين يدي السيول المطيرة، التي تحمل لهذه العائلات ألغامًا مهاجرة تحط رحالها على تخوم خيامهم وتنال منهم حتى وهم في تلك المناطق النائية الموحشة الوعرة.


ورغم رسائل مسام التحذيرية التي قام هذا المشروع الإنساني بنشرها على نطاق واسع في اليمن قبل موسم الأمطار الأخير، وقع ضحيتان وهما كل من أحمد علي العواضي 14 سنة، وليث ناصر العواضي 18 عاما"، اللذان أصيبا بجروح متفرقة، نتيجة انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول إلى منطقة "سائلة بوادي بيحان".


وقد وجه مسام رسائل توعوية تحذيرية للأهالي في عدة مناطق يمنية منها بيحان شبوة، وحريب مأرب، ونعمان في البيضاء، من خطر الألغام والذخائر التي من الوارد أن تجرفها السيول من المواقع الملوثة إلى مناطق عدة مأهولة وزراعية بهذه المديريات نتيجة الأمطار.


ودعا مشروع مسام المزارعين ورعاة الأغنام والابل في الوديان والمزارع والصحاري، خصوصًا في مناطق التماس الموبوءة والمزروعة بكثرة من الألغام، إلى الحذر من كلّ الأجسام الغريبة التي قد يجدونها والتي تجرفها سيول الأمطار الغزيرة وتعمل على نقلها من مكان موبوء إلى آخر آمن.

 

وقد ناشد مشروع مسام المواطنين بالإبلاغ الفوري عن أيّ جسم غريبٍ يُشتبه بكونه لغمًا أو عبوة ناسفة إلى الجهات المختصة وعدم الاقتراب من الأودية والجبال التي قد تكون ملوثةً بالألغام.


حيث يواصل مسام توعية المدنيين بخطر هذه العلب المهلكة المهاجرة التي حولت مواسم الأمطار إلى فترات ذروة للقلق والإستنفار والتهيء للسيناريو المخيف، ليفقد بذلك اليمنيون شغف آخر للحياة بسبب الألغام وتسقط ورقة الغيث النافع في مهاترات الألغام الدموية أيضًا.

بعد 9 سنوات من الانقلاب الحوثي.. كيف يمرّ يوم المرأة العالمي على النساء في اليمن؟ خبير عسكري يمني يُجيب لـ "الفجر".. هل تواصل إيران تخليها عن الحوثي في ظل القصف الأمريكي؟

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الحوثي ألغام الحوثيين الازمة اليمنية مسام السعودي الأمطار في اليمن فی الیمن

إقرأ أيضاً:

تحذير من كارثة إنسانية وشيكة في اليمن بسبب تقليص الدعم الدولي

شمسان بوست / متابعات:

حذر مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي من خطورة تداعيات تقليص المنح والمساعدات الخارجية لليمن في الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية والاقتصادية بصورة غير مسبوقة خلال المرحلة الراهنة.

وطالب المركز في تقرير حديث صادر عنه،  حول تداعيات التراجع في المنح والمساعدات المقدمة لليمن، بضرورة تقديم الدعم الطارئ والضروري لليمن والتحول التدريجي نحو العمل التنموي المستدام، مشيرًا إلى الآثار الخطيرة التي خلفها تراجع الدعم على النازحين والفئات الضعيفة في المجتمع وكذلك على الأوضاع الصحية والمعيشية لملايين اليمنيين.

ودعا المركز إلى ضرورة تغطية فجوة التمويل الراهنة سواء ضمن خطة الاستجابة الإنسانية التي أعدتها الأمم المتحدة للعام 2025، أو من خلال دعم البرامج التنموية الأخرى ومواصلة الجهود الدولية للتخفيف من واحدة من أسوأ الازمات الإنسانية في العالم.


واستعرض التقرير الصادر عن المركز مستجدات تقليص الدعم الدولي المقدم لليمن لاسيما الدعم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والذي مثل نسبة مهمة خلال فترة الحرب التي تشهدها اليمن على مدى عشرة أعوام وساهم بصورة واضحة في تخفيف الأزمة الإنسانية والمعيشية للشعب اليمني.

وأوضح المركز أن النصف الأول من العام 2025 شهد تراجعا غير مسبوق في حجم التمويل المخصص لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، حيث لم تتجاوز نسبة التغطية 9% من إجمالي المتطلبات حتى منتصف مايو، في وقت يتزايد فيه عدد المحتاجين للمساعدات إلى أكثر من 19.5 مليون شخص، مما يعكس حجم الفجوة التمويلية التي تواجهها المنظومة الإنسانية.

وتناول التقرير الصادر عن مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي، أبرز التحولات التي طرأت على خارطة التمويل الدولي لليمن، مشيرا إلى أن هذا التراجع الحاد في التمويل ترك أثرًا بالغًا على سير العمليات الإنسانية في مختلف القطاعات الحيوية، مثل الأمن الغذائي، والرعاية الصحية، والتعليم، وخدمات الحماية، كما أدى إلى توقف العديد من المشاريع الإغاثية والخدمية، وحرمان ملايين اليمنيين من الخدمات الأساسية، لا سيما في المناطق التي تأوي أعدادا كبيرة من النازحين.

وسلط التقرير الضوء على التأثيرات الكبيرة الناتجة عن قرار الولايات المتحدة الأمريكية تعليق جزء كبير من مساعداتها الإنسانية مطلع العام الجاري، حيث لم تتجاوز مساهمتها 16 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ 768 مليون دولار خلال العام 2024، الأمر الذي أدى إلى فجوة واسعة في تمويل البرامج الحيوية، وتدهور في أداء المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الإنساني، خاصة في محافظة مأرب التي تضم أكبر تجمع للنازحين داخليًا.

وأشار التقرير إلى أن إجمالي المساعدات الدولية المقدمة لليمن منذ عام 2015 تجاوز 29 مليار دولار، بينها أكثر من 6.4 مليار دولار قدمتها الولايات المتحدة، عبر برامج متعددة دعمت قطاعات أساسية كالغذاء، والصحة، والتعليم، والمياه، في ظل الانهيار المستمر لمؤسسات الدولة.

وتتضمن التقرير تحليلا معمقًا لتداعيات تراجع التمويل على مستوى المعيشة في اليمن، موضحا كيف أسهمت هذه التطورات في تفاقم معدلات الجوع، وتوقف المرافق الصحية، وتراجع خدمات الحماية، إلى جانب الانعكاسات الاقتصادية، بما في ذلك انخفاض قيمة الريال اليمني بنسبة تجاوزت 25% خلال فترة قصيرة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتراجع فرص العمل، الأمر الذي زاد من هشاشة الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد.

ودعا المركز من خلال التقرير إلى ضرورة تبني خطة انسحاب تدريجي ومنظم للمساعدات الإنسانية، تتزامن مع تعزيز مسارات التنمية المحلية، واستئناف تصدير النفط والغاز، وضمان صرف رواتب الموظفين، وتحفيز الاستثمارات، مشددًا على أهمية تعزيز الشفافية، وتوسيع قاعدة الشراكات مع المنظمات المحلية، وتبني نهج متكامل يربط بين الاستجابة الإنسانية والتنمية وبناء السلام.

وأكد المركز أن هذا التقرير يأتي في سياق جهوده المستمرة للمساهمة في النقاش العام حول مستقبل العمل الإنساني في اليمن، وتهدف إلى تقديم توصيات عملية مبنية على معطيات واقعية لصنّاع القرار والجهات المانحة، بما يسهم في تعزيز الاستجابة الإنسانية، وتفادي مزيد من التدهور الاقتصادي والإنساني.

يذكر أن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي منظمة مجتمع مدني غير ربحية تعمل من أجل التأهيل والتوعية بالقضايا الاقتصادية وتعزيز الشفافية ومشاركة المواطنين في صنع القرار والعمل على إيجاد إعلام مهني ومحترف وتمكين الشباب والنساء اقتصاديا وتعزيز دورهم في بناء السلام.

مقالات مشابهة

  • اليمن يوجّه ضربة قاصمة لإرهاب الحوثي و«القاعدة» و«داعش».. تفكيك شبكة خطيرة تورطت باغتيالات وتفجيرات
  • الزُبيدي: السلام في اليمن لن يتحقق دون القضاء على التهديد الحوثي
  • تحذير من كارثة إنسانية وشيكة في اليمن بسبب تقليص الدعم الدولي
  • مصرع وإصابة 30 شخصًا بسبب الأمطار والفيضانات شمال باكستان
  • صنعاء في قبضة الطابور الناعم.. العبور إلى الظلام يوثق تغلغل الحوثي في المنظمات الدولية
  • مشروع مسام يطهر أكثر من 67 مليون متر مربع من الألغام في اليمن
  • إسرائيل ترصد صاروخا من اليمن والمتحدث باسم قوات الحوثي يعلق
  • اليمن.. تطهير أكثر من 67 مليون متر مربع من الألغام وتعز الأكثر تضرراً
  • اليمن: غياب الأمطار يخنق الزارعة في تعز ولحج
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا أطلقه الحوثي من اليمن