نقلة نوعية في عالم الاتصالات: دور الذكاء الاصطناعي والأتمتة بدفع عجلة الابتكار في مجال الاتصالات في الشرق الأوسط وخارجه
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
محمد الزواري، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، سنوفليك:
بفضل التطورات الكبيرة في تقنيات الأتمتة والذكاء الاصطناعي وزيادة استخدامها، يشهد قطاع الاتصالات حالياً تحولاً كبيراً يعد بأن يتطور دور الاتصالات إلى ما هو أبعد من الأدوار التقليدية، لتصبح جزءاً لا يتجزأ من قطاعات مختلفة مثل النقل والرعاية الصحية التي يعتمد عليها المليارات على مستوى العالم.
يرتكز تطور الاتصالات على التطورات التكنولوجية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والأتمتة. تعمل الأتمتة على تنفيذ المهام بصورة آلية بينما يركز الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تلك المهام. يشكل كل هذا حجر الزاوية في التحول الرقمي في قطاع الاتصالات، مما يعزز تجربة العملاء ويرتقي بالكفاءة التشغيلية ويدعم جهود الاستدامة.
سنستعرض فيما يلي أربع مجالات في منظومة الاتصالات سيغيرها الذكاء الاصطناعي والأتمتة بكل تأكيد، وتأثير هذه التغييرات على المجتمع ككل.
الوصول إلى الإجابات بشكل أسرع
لعلّ أبرز الفوائد الرئيسية للذكاء الاصطناعي والأتمتة في مجال الاتصالات هو تعزيز تجربة العملاء. وجد بحث تم إجراؤه مؤخراً أن 81% من العملاء يتوقعون خدمة أسرع مع تقدم التكنولوجيا، مما يؤكد التأثير الشديد للتغييرات المجتمعية والتحول التكنولوجي على توقعات العملاء وأولوياتهم وسلوكياتهم. في المستقبل القريب، سيكون لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة دوراً متزايداً في تلبية احتياجاتهم العملاء.
تقدم النماذج اللغوية الكبيرة طريقة أسرع وأكثر فعالية للوصول إلى البيانات. في حال وجود أي استفسار لدى المستهلك، أو عند حاجته إلى الاتصال بمزود الاتصالات الخاص به، تمكنه النماذج اللغوية الكبيرة من العثور ببساطة وسهولة على المعلومات التي قد تكون متاحة ولكن يصعب العثور عليها، مما قد يؤدي غالباً إلى تجربة سلبية. كما يدعم استخدام النماذج اللغوية الكبيرة من قدرات وكفاءات ممثلي الخدمة مما يمكنهم بشكل أفضل من مساعدة العملاء بالسرعة والدقة التي يتوقعونها. على سبيل المثال، عندما يحتاج العميل إلى معلومات حول تثبيت جهاز توجيه في منزله، يمكن للنماذج اللغوية الكبيرة إرشاده إلى المعلومات التي يحتاجها، أو يمكن لوكيل الخدمة العثور بسرعة على نفس المعلومات ودعم العميل. تعمل الترجمة الفورية على كسر حاجز اللغة مما يمكّن الوكلاء وممثلي الخدمة في مختلف القارات من التعامل مع المشكلات بصورة فورية، حيث تعزز سهولة استخدامها من قدرات موظفي الاتصالات عبر مختلف المستويات.
تسهيل اكتشاف البيانات والوصول إليها
في منظومة القوى العاملة، كان التعامل مع البيانات معقداً للغاية حتى الآن. مكّنت طفرة الذكاء الاصطناعي القوى العاملة غير التقنية من الوصول إلى البيانات وفهمها. تتيح القدرة على طرح الأسئلة بصورة طبيعية من إمكانية وصول القوى العاملة إلى البيانات ومشاركتها. على سبيل المثال، بالنسبة لمهندسي الشبكات الذين يصممون الشبكات ولكنهم لا يتعاملون مع البيانات بشكل مباشر، ستوفر لهم النماذج اللغوية الكبيرة القدرة على العثور على المعلومات التي يحتاجون إليها واستخراجها، مثل أنماط الطقس على سبيل المثال لا الحصر، دون الاضطرار إلى التعامل مع البيانات المعقدة. يسمح هذا بانتشار البيانات الضخمة وفوائدها عبر الشركات بدلاً من عزلها لاستخدام عدد محدود من علماء البيانات المتمرّسين. نتيجة لذلك، أصبح بإمكان الشركات الاعتماد على البيانات ولكن بطريقة يسهل الوصول إليها في أي مكان.
استخدام الذكاء الاصطناعي في الميدان
لا يخفى على أحد قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي في استخراج البيانات اللازمة لاتخاذ قرارات استراتيجية كبيرة لهندسة الشبكات. تُعتبر هذه التقنيات ذاتها مفيدة جداً للاستجابات الميدانية الطارئة. على سبيل المثال، إذا سقطت شجرة وألحقت أضراراً ببرج اتصالات، قد يصعب على طاقم العمل الميداني الذي لا يمتلك إمكانية الوصول إلى جميع البيانات المتعلقة بالحادث اتخاذ قرارات دون إرسال طاقم عمل إلى الموقع.
تتميز النماذج اللغوية الكبيرة بقدرتها على فرز البيانات، وهي ميزة مهمة تسهل الوصول السريع إلى جميع البيانات واتخاذ القرارات الكبيرة. تمكن النماذج اللغوية الكبيرة فرق العمل من الوصول إلى البيانات من المواقع الجغرافية وصور الأقمار الصناعية، مما يمكّن العاملين من رؤية الصورة الكاملة لأي حادث. نتيجة لذلك، يمكنهم إرسال الشخص المناسب في الوقت المناسب، وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة التي يمكن فقط للذكاء الاصطناعي الوصول إليها.
استدامة أكثر ذكاءً
عندما يتعلق الأمر بالكفاءة، فقد أصبح هذا الأمر أكثر أهمية من أي وقت مضى عند النظر في أهداف الاستدامة الخاصة بشركات الاتصالات. تواجه الشركات العاملة في هذا القطاع ضغوطاً متزايدة من المستهلكين والمستثمرين والجهات التنظيمية لتقليل بصمتها الكربونية وتحقيق صافي انبعاثات صفرية. وفي الوقت نفسه، تواجه مؤسسات الاتصالات طلباً متزايداً على خدماتها، بسبب مجموعة من المبادرات العالمية والاتجاهات البارزة مثل العمل عن بعد والرقمنة والحلول المستندة إلى السحابة. سيكون للتقنيات الموفرة للطاقة مثل الشبكات المستقلة دوراً حاسماً في دعم الجهود العالمية لإزالة الكربون.
ما هي الشبكة المستقلة؟ التقنية ذاتها التي تمكّن السيارة ذاتية القيادة من توفير الوقود بصورة ذكية من خلال الحفاظ على السرعة المثالية دون تسارع أو تباطؤ غير متوقع، تقوم الشبكات المستقلة بالعثور على التكوين الأمثل للشبكة بصورة آلية، مما يقلل من الهدر. يمكن للذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة أتمتة المهام المرتبطة بإدارة الشبكة، مما يؤدي إلى توفير التكاليف بشكل كبير، واستجابة أسرع لمشكلات الشبكة، وتحسين تجربة العملاء، والأهم من ذلك تقليل استهلاك الطاقة. في المستقبل، ستتولى الشبكات المستقلة بحق إدارة عملياتها واستهلاكها للطاقة بشكل مباشر، مما يبشر بعصر جديد من الأداء العالي والاستدامة.
في الختام، سيؤدي دمج الذكاء الاصطناعي والأتمتة في قطاع الاتصالات إلى حقبة أكثر ذكاءً من الابتكار والكفاءة. لن يتوقف الأمر على إعادة تشكيل عمليات شركات الاتصالات، بل على إعادة تعريف مفهوم الاتصال ككل ومنهجية تقديم خدمات الاتصال. لهذا، يُعدّ تبني الذكاء الاصطناعي والأتمتة أمراً بالغ الأهمية لتعزيز رضا العملاء، وتحقيق أهداف الاستدامة، ودفع الخدمات الرائدة إلى الأمام. يكمن مستقبل الاتصالات في تسخير هذه التقنيات المتقدمة للتغلب على تعقيدات العصر الرقمي، مما يضمن ريادة صناعة الاتصالات وتصدّرها مشهد الاقتصاد العالمي. يتطلب هذا التحول المحوري لصناعة الاتصالات والعالم ككل التنفيذ الاستراتيجي والقيادة الحكيمة لإطلاق العنان لإمكانته الكاملة.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: النماذج اللغویة الکبیرة على سبیل المثال قطاع الاتصالات إلى البیانات الوصول إلى
إقرأ أيضاً:
تعليم نماذج الذكاء الاصطناعي ما لا تعرفه
أسس فريق من باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، Themis AI لقياس عدم اليقين في نماذج الذكاء الاصطناعي ومعالجة فجوات المعرفة.
تُقدم أنظمة الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT، إجاباتٍ تبدو معقولة لأي سؤال قد يطرح عليها. لكنها لا تكشف دائمًا عن ثغراتٍ في معارفها أو جوانبَ عدم اليقين فيها.
وقد تُسفر هذه المشكلة عن عواقب وخيمة مع تزايد استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجالاتٍ مثل تطوير الأدوية، وقيادة السيارات ذاتية القيادة.
والآن، تُساعد Themis AI في تحديد عدم اليقين في النماذج وتصحيح النتائج قبل أن تُسبب مشاكل أكبر. ويمكن لمنصة Capsa التابعة للشركة العمل مع أي نموذج تعلُّم آلي للكشف عن النتائج غير الموثوقة وتصحيحها في ثوانٍ. وتعمل المنصة عن طريق تعديل نماذج الذكاء الاصطناعي لتمكينها من اكتشاف الأنماط في معالجة البيانات التي تُشير إلى الغموض أو عدم الاكتمال أو التحيز.
تقول دانييلا روس، المؤسس المشارك لشركة Themis AI والأستاذة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والتي تشغل أيضًا منصب مديرة مختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "الفكرة هي أخذ نموذج، ودمجه في Capsa، وتحديد أوجه عدم اليقين وأنماط فشل النموذج، ثم تحسينه"، مضيفة "نحن متحمسون لتقديم حل يُحسّن النماذج ويضمن عملها بشكل صحيح".
أسست روس شركة Themis AI عام 2021 بالتعاون مع زميلي بحث سابقين في مختبرها. ومنذ ذلك الحين، ساعدوا شركات الاتصالات في تخطيط الشبكات وأتمتتها، وساعدوا شركات النفط والغاز على استخدام الذكاء الاصطناعي لفهم الصور الزلزالية، ونشروا أبحاثًا حول تطوير روبوتات دردشة أكثر موثوقية.
يقول ألكسندر أميني، أحد الرؤساء المشاركين "نريد تمكين الذكاء الاصطناعي في التطبيقات الأكثر أهمية في كل قطاع". ويضيف "رأينا جميعًا أمثلة على هلوسة الذكاء الاصطناعي أو ارتكابه للأخطاء. ومع اتساع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي، قد تؤدي هذه الأخطاء إلى عواقب وخيمة. يُمكّن ثيميس أي ذكاء اصطناعي من التنبؤ بأخطائه قبل وقوعها".
مساعدة النماذج على معرفة ما تجهله
يبحث مختبر روس في عدم اليقين في النماذج منذ سنوات. في عام 2018، حصلت على تمويل لدراسة موثوقية حل قيادة ذاتية قائم على التعلم الآلي. تقول روس "هذا سياق بالغ الأهمية للسلامة، حيث يُعد فهم موثوقية النموذج أمرًا بالغ الأهمية".
في عمل منفصل، طوّر روس وأميني وزملاؤهما خوارزمية يمكنها اكتشاف التحيز العنصري والجنسي في أنظمة التعرف على الوجه، وإعادة وزن بيانات تدريب النموذج تلقائيًا، مما يُظهر أنها أزالت التحيز. عملت الخوارزمية من خلال تحديد الأجزاء غير المُمثلة من بيانات التدريب الأساسية، وتوليد عينات بيانات جديدة ومتشابهة لإعادة توازنها.
في عام 2021، أظهر المؤسسون المشاركون إمكانية استخدام نهج مماثل لمساعدة شركات الأدوية على استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بخصائص الأدوية المرشحة. وأسسوا شركة Themis AI في وقت لاحق من ذلك العام.
تؤكد روس "قد يوفر توجيه اكتشاف الأدوية الكثير من المال. كانت هذه هي حالة الاستخدام التي جعلتنا ندرك مدى قوة هذه الأداة".
تعمل Themis AI اليوم مع شركات في مجموعة متنوعة من الصناعات، والعديد من هذه الشركات تبني نماذج لغوية ضخمة. باستخدام Capsa، تتمكن هذه النماذج من تحديد مستوى عدم اليقين الخاص بها لكل ناتج.
يعتقد فريق "ثيميس" للذكاء الاصطناعي أن الشركة في وضع جيد لتحسين أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة باستمرار.