إبراهيم النجار يكتب عن "طوفان" الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية دعما لغزة
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
حراك طلابي أمريكي أوروبي يتمدد. غزة تعيد ثورة الجامعات بعد أكثر من نصف قرن، وتضع السياسات الداخلية الغربية تحت المجهر. ماذا عن تأثير هذا الحراك، وماذا عن تداعياته علي مجريات الحرب في غزة؟. تدحرج سريع لكرة الثورة الجامعية العابرة للحدود الجغرافية، وبعد أكثر من نصف قرن، تعيد غزة إحياء التظاهرات الطلابية والنخب الجامعية الأمريكية والأوروبية، تنتفض في وجه السياسات الداخلية وفي وجه اللوبيات والتواطؤ الجامعي والأكاديمي مع إسرائيل.
مؤشرات الانتفاضة علي السياسات الغربية، تتحول إلي كرة ثلج تعبر الحدود والمجتمعات، وتعيد صياغة الموقف ليس لتجريم وإدانة الاحتلال وحسب. بل لمحكمة سياسية وأخلاقية وإنسانية، لما يسمي ديمقراطيات غربية. ولفضح تاريخ من التزييف والتلاعب بالرأي العام. تحت عناوين العدالة والإنسانية. التحركات الجامعية المتنامية، وقواتها الطلابية، سأمت القمع وكم الأفواه والملاحقات طوال أيام الاعتراض علي الحرب في غزة، وأخذت المبادرة لتحد الواقع المنحرف. علي الرغم من الثمن الباهظ المتمثل في السجن والضرب والسحل في الشوارع، وداخل حرم الجامعات.
ما يجري حاليا بالجامعات بشعاراته وهتافاته وأهدافه، بما هو يقظة وعي وانتماء. يسقط قناعا إضافيا عن وجه الأنظمة الليبرالية والامبريالية، وجه التوأمة مع الإجرام الإسرائيلي، وتطابق المصالح والاستراتيجيات، والتخلي عن شعارات حقوق الإنسان.
يكفي تتبع ردود فعل المسئولين علي أعلي المستويات، والنخب المرتبطة بتل أبيب. لمعرفة أثر "الزلزال" الجامعي علي الأنظمة الغربية. حيث سلكت السلطات مسارا أمنيا قمعيا، تمثل في استنفار وعسكرة وخطاب سياسي جامح بذيء، في مواجهة حركة طلابية مدنية مسالمة، تدافع عن الحق الفلسطيني في المقاومة والحياة. ليس من الصدفة أن تشتعل التحركات الطلابية من داخل رمزين تاريخيين، هما جامعة كولومبيا، التي مهدت التحولات من حرب فيتنام، وساهمت في إحباطها. وجامعة السوربون، التي جمعت بين الطلاب والعمال، وحققت تحولات اجتماعية وسياسية لمصلحة فرنسا.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
لعنة العقد الثامن.. لماذا ارتهنت الأنظمة العربية للكيان؟
لماذا دعمت الأنظمة العربية الكيان الإسرائيلي في أكثر لحظاته دموية ضد شعبٍ أعزل في غزة؟ لماذا امتدت الجسور البرية والبحرية من عواصم عربية وإسلامية لتغذي آلة القتل؟ وهل كانت تلك الأنظمة بحاجة إلى أكثر من صمتٍ عالمي حتى تتحلل من كل خجل، وتدخل مرحلة التطبيع العسكري العلني؟
نحن لا نتحدث عن تطبيع ناعم أو لقاءات مخفية في عواصم غربية، بل عن دعم حربي مباشر:
جسر بري ينقل السلاح والدعم من أنظمة عربية إلى تل أبيب.
تركيا، رغم شعاراتها، تدفع عشرة آلاف جندي لتأمين مصالح غير معلنة؛ أربعة آلاف جندي تركي يحملون الجنسية الإسرائيلية في غزة يشاركون في قتل الأطفال والنساء والذبح، وستة آلاف آخرون في الدعم اللوجستي. أغلبية البرلمان من الإسلامويين، ولم يصوّتوا أو يطرحوا حتى موضوع سحب الجنسية التركية، بل أُغلق الملف بعد فتحه بغموض كبير، ناهيكم عن ما يتعلق بنسبة الـ60% من واردات الكيان النفطية القادمة من دولتي أذربيجان وكازاخستان عبر ميناء جيهان التركي ، لو توقف لتوقف ذبح غزة.
الإمارات ترسل طائرات حربية للدعم العملياتي المباشر، وتعوّض شركات الطيران المقاطِعة أو المتوقفة عن الطيران إلى مطار اللد الدولي، المعروف اليوم باسم بن غوريون، ناهيك عن «الجسر الغذائي التسامحي» بين الأديان.
الأردن يضخ الخضروات يوميًا إلى الأسواق الإسرائيلية ولجيش الاحتلال القاتل، وكأن شيئًا لم يحدث. بل إن حماية الكيان أصبحت مقدّسة.
مصر، بوابة العرب الكبرى، تسمح بمرور البوارج المحمّلة بالسلاح عبر قناة السويس، ولم توقفها أو تتخذ موقفًا ضد ما يجري في غزة، التي كانت تحت ولايتها حين سقطت في 1967.
لم يُطرد سفيرٌ واحد.
لم يُوقف برميل نفط.
لم يُعلَّق اتفاق سلام، أو صفقة، أو حتى مؤتمر.
لم يُمنع تصدير، ولم تُحاصر سفارة.
لم يتوقف التداول بالدولار، ولم تتوقف الصادرات أو الواردات.
حتى الشعوب، كأنها صلّت صلاة الجنازة على غزة واكتفت بذلك. بل سمعنا صوت التصفيق المدوي حين قدّمت بعض أنظمة الخليج جزية معلنة لترامب بقيمة 4 تريليونات دولار، وها هم اليوم يضخون ما يقارب 25 تريليون دولار في صفقات دعم وتسليح واستثمارات غير مسبوقة لصالح أمريكا وأمن الكيان، دون أي اشتراط لوقف الذبح في غزة أو التجويع.
أمريكا وحدها، الدولة «الوسيط»، أرسلت ما يفوق 500 طائرة محمّلة بالسلاح لذبح أطفال غزة.
أما العرب؟ فقد عملوا وسطاء! لا مقاتلين، ولا حتى شركاء في موقف أخلاقي.
ومع ذلك، وفي لحظة مفصلية، حدث ما لم يتوقعوه:
في السابع من أكتوبر، فاجأت قلّة مؤمنة صابرة الكيان باقتحامات واسعة، أدّت إلى إبادة لواء غزة بالكامل، وأسر من تبقّى من جنوده.
في ساعات، هُزّت صورة إسرائيل.
انهار وهم التفوق.
وظهر جيل جديد، لا يطلب إذنًا، ولا يهاب موتًا.
هنا تحوّل الصراع:
لم تعد فلسطين «قضية إنسانية»، بل عادت إلى حقيقتها الأولى: قضية تحرر ومقاومة.
لقد تغيّرت النظرة، ليس فقط في الشارع العربي، بل في وعي الشعوب الغربية والشرقية.
وأصبح السؤال الآن أكثر إلحاحًا:
هل نحن أمام تحقق نبوءة «لعنة العقد الثامن»؟
هل ما بُني على الظلم والقتل يمكن أن يصمد أمام الحق المتجذر في أرضٍ تُولد فيها الأرواح من تحت الركام؟
لقد آن الأوان لإعادة صياغة المعادلات، وكشف الحقائق، وتجريد الأنظمة من أقنعتها.
غزة لم تسقط.
الأنظمة هي من سقطت.
لن تتحرر فلسطين قبل أن تتحرر الشعوب من أنظمة التبعية والولاء للصهيونية.
نحدثكم من تحت الأنقاض، من الجوع والعطش، من قلب الذبح والقصف.
الحقيقة ليست حرب «حماس»، بل حرب ضد كل من تحدّى إسرائيل ووقف في وجهها.
السابع من أكتوبر يوم، وفلسطين واجهت ألف مذبحة ومجزرة، ولم نسمع بتسليم سلاح، أو تهجير مجرم، أو تجويع شعب.
فقط في غزة، الكل مباح… لا استنساخ.
* كاتب فلسطيني