أثار اللقاء المغلق الذي كشفت عنه وسائل إعلام مقربة من النظام المصري وجمع بين رئيس المخابرات العامة، اللواء عباس كامل برئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح في هذا التوقيت عدة تساؤلات.

وأكدت وسائل إعلام مصرية محلية أن "عباس كامل التقى عقيلة بالقاهرة لبحث آخر تطورات الموقف بليبيا وجهود حل الأزمة الليبية، وذلك فى إطار دعم مصر لكافة مسارات التسوية الشاملة استنادًا إلى المؤسسات الشرعية الليبية، وضمن جهود مصر لإيجاد تسوية للأزمة الليبية، وفق فضائية "إكسترا نيوز" المقربة من النظام المصري.



ولم تصدر أي بيانات أو توضيحات من قبل جهاز المخابرات العامة المصرية أو رئاسة مجلس النواب الليبي حول فحوى اللقاء ومحاوره وتوقيته، لكن مصادر محلية ومراقبون أكدوا أن اللقاء خطوة تمهيدية لتنسيق لقاء جديد بين عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة الليبي، محمد تكالة.

وتواصلت "عربي21" مع المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي للتعليق على اللقاء وأهم محاوره لكنها لم تتلق اي ردود.

وجاء هذا اللقاء بالتزامن مع زيارة "تكالة" إلى دولة تركيا ولقاء مسؤولين هناك لمناقشة آخر التطورات ومنها لقائه بعقيلة صالح في القاهرة، وسط أنباء عن وصول تكالة لمصر خلال يومين لعقد لقاء جديد مع رئيس البرلمان الليبي قد يكون برعاية المخابرات المصرية ولجنتها المعنية بالملف الليبي.

"استراتيجية مصرية واحدة لن تتغير"
من جهته، قال عضو مجلس النواب الليبي، صالح فحيمة إن "مصر من الدول التي ساهمت كثيرا في محاولات إيجاد حلول لمشكلة الانقسام السياسي الليبي وكل المشكلات التي تمر بها البلاد انطلاقا من كون ليبيا تعتبر عمق أمني واستراتيجي لمصر".

وأوضح في تصريحاته لـ"عربي21" أنه "ليس صحيحا أن مصر أصبحت تعول على رئيس مجلس النواب أكثر من تعويلها على القيادة العامة للقوات المسلحة متمثلة بخليفة حفتر، أو أن يقوم النظام المصري بهذا العمل لأنه يعلم جيدا أن السلطات الموجودة في شرق البلاد سواء كان مجلس النواب أو القيادة العامة أو حكومة حماد هي جبهة سياسية وإن تشتيتها ليس من مصلحة أحد لا الليبيين ولا المصريين، ولن يكون حل للمشكلة السياسية القائمة في ليبيا"، حسب تقديره.

وأضاف: "مصر ليست اللاعب الوحيد في ليبيا بالإضافة إلى الليبيين أصحاب القضية وأصحاب الشأن ستجد بالتأكيد من يعارضها في هذا الأمر، ونحن نقر بأن مصر تعتبر لاعب أساسي ولها دور فاعل مثل بعض الدول الأخرى، بسبب الظروف التي تمر بها الدولة الليبية، ومصر لها أذرعها ولها تأثيرها سواء كان مباشرا أو غير مباشر في ليبيا ولكن ليس للحد الذي يجعلها الوحيدة التي تقرر ما يحدث في ليبيا".

وتابع:"بناء على ما سبق فلا أعتقد أن السياسة المصرية سوف تنهج هذا النهج بدعم طرف من الأطراف الحليفة لها أكثر من بقية الأطراف الأخرى"، كما صرح.


"دور تركي مصري إيجابي"
في حين قال المتحدث السابق باسم مجلس الدولة الليبي، السنوسي إسماعيل إن "تجمد الوضع السياسي وفوق ذلك تدهور الإقتصاد في ليبيا التي تمزقها الخلافات السياسية والتدخلات الدولية المنفردة كل تلك الأزمات بدأت في الإنحسار منذ زيارة أردوغان للقاهرة ولقائه الرئيس المصري وما تبع ذلك من دخول للجامعة العربية كوسيط موثوق من كافة الأطراف الليبية فكان ثمرة ذلك ابتداء التوافق بين رؤساء مجالس النواب والدولة والرئاسي في اجتماع القاهرة برعاية الأمين العام للجامعة العربية".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "مصر وتركيا  متفقتان حول الأهمية القصوى لتحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا بتوافق الأطراف السياسية الليبية على عملية سياسية تفضي إلى الإنتخابات وإن اعتماد ودعم مصر سياسيا لرئاستي مجلس النواب والحكومة المكلفة من البرلمان وعسكريا للقائد العام للجيش في شرق البلاد ليس أمرا جديدا فهو واقع امتد لسنوات وهو يوازي دعم واعتماد تركيا على رئيسي مجلس الدولة وحكومة طرابلس وقادة التشكيلات المسلحة في غرب البلاد"، وفق كلامه.

وتابع: "بذلك تجد الدولتان مصالحهما في ليبيا موحدة بحيث تنخرط كل الأطراف السياسية والعسكرية في عملية سياسية توافقية كان يمكن أن تتقدم لولا تقاعس بعثة الأمم المتحدة أثناء رئاسة "باتيلي" الذي لم يستفد أو حتى لم يتفهم الواقع الدولي والإقليمي المتوافق والداعم لعملية انتقالية سياسية جديدة في ليبيا لتجديد الشرعية للأجسام التشريعية والتنفيذية وتوحيد المؤسسات الليبية المنقسمة"، كما رأى.

"تمهيدا لزيارة السيسي لتركيا"
الأكاديمي المصري وأستاذ القانون العام، السيد أبو الخير قال من جانبه إن "هناك تغييرات جوهرية من قبل النظام المصري في التعاطي مع الملف الليبي، خاصة أن هذه التحركات المصرية بشأن الملف الليبي جاءت بالتزامن مع زيارة السيسي لتركيا التي هى عامل فعال ومؤثر داخل ليبيا".

وأشار إلى أنه "بعد فشل حفتر عسكريا فى السيطرة على ليبيا أو حتى العاصمة طرابلس بدأت القاهرة في البحث عن بديل له، وعقيلة صالح هو البديل الأفضل من وجهة النظر المصرية والأميركية وسوف يطرح ذلك السيسي خلال زيارة تركيا كون عقيلة منتخب مما يجعل له أرضية وموقع على الأرض الليبية"، وفق تقديره.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصري ليبيا حفتر أردوغان ليبيا مصر أردوغان حفتر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجلس النواب اللیبی النظام المصری عقیلة صالح فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

المثلث الحدودي بين ليبيا والسودان ومصر.. صهر الجغرافيا في أتون الحرب

في صباح قائظ من يونيو/حزيران 2025، بدا المثلث الحدودي عند تلاقي السودان ومصر وليبيا هادئًا كعادته، إلا أن تحت هذا السكون كانت نار صراع مكتوم توشك على الاشتعال.

ففي ذلك اليوم، اشتبكت وحدة من كتيبة سبل السلام السلفية التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر مع عناصر سودانية من "القوة المشتركة" معززة بقوات من الجيش السوداني، وتبع ذلك انتشار تسجيل مصوَّر يظهر أحد قادة الدعم السريع وهو يأمر عناصره بالانسحاب من داخل الأراضي المصرية، مشددًا على أن "هذه ليست أرضنا".

لم يكن الاشتباك مجرد واقعة عابرة أو خطأ ميداني، بل مؤشر صريح على مدى تداخل خطوط التماس الجغرافي والعسكري بين السودان ومصر وليبيا، وانزلاق الصراع إلى رقعة إقليمية أوسع.

فحدود الدولة السودانية، التي كانت يومًا خطوطا مرسومة على الخرائط، أصبحت اليوم فضاء مفتوحا تتحرك فيه المجموعات المسلحة، وشبكات التهريب، والمليشيات المتحالفة مع أطراف خارجية.

وتعقيبا على الاشتباك، أصدر الجيش السوداني بيانا يتهم فيه قوات حفتر بالمشاركة المباشرة في هجوم شنته قوات الدعم السريع على نقاط عسكرية سودانية، ومعلنا إخلاءه للمثلث الحدودي ضمن ما وصفها بترتيبات صد العدوان.

إعلان

لا يمكن فهم دلالات هذا التصعيد الأخير دون استرجاع مسارات التداخل الليبي السوداني، خصوصًا منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023، فلطالما اعتُبرت الحدود بين البلدين، لا سيما في الكفرة الليبية، معبرا غير رسمي للسلاح والمقاتلين.

ومع تصاعد النزاع، أصبحت مناطق الجنوب الليبي مركزا لوجستيا تنطلق منه عمليات تهريب السلاح وتجنيد المرتزقة.

فزان عقدة مواصلات إستراتيجية

يمثل الجنوب الليبي عقدة إستراتيجية تربط شمال أفريقيا بجنوب الصحراء الكبرى، وتُعد منطقة فزان إحدى أكثر مناطق شمال أفريقيا هشاشة من الناحية الأمنية، حيث تتقاطع فيها شبكات التهريب مع الجماعات المسلحة العابرة للحدود، ويمثل تهريب الذهب والسلاح والمهاجرين مثلث التجارة التي تغذّي هذه الشبكات.

فعقب تفكك نظام القذافي في عام 2011، تحوّل الجنوب إلى حاضنة للفوضى، وتمحور النزاع حول السيطرة على طرق التهريب والمراكز الحضرية، ومن ثم على موارد النفط وتوزيع وتهريب الوقود، وأضاف مزيدا من اللهب للصراع اكتشاف كميات كبيرة من الذهب في شريط يمتد من شمال دارفور إلى موريتانيا مرورا بليبيا والنيجر خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2014.

كذلك تقع المنطقة ضمن خطوط تهريب المخدرات دوليا، فبحسب تقرير لمركز مسح الأسلحة الصغيرة نُشر في عام 2018، يُنقل الكوكايين من أميركا الجنوبية إلى غرب أفريقيا، ثم إلى جنوب ليبيا وتشاد والنيجر، ومن تلك البلاد إلى الجزائر أو مصر، ثم إلى أوروبا والشرق الأوسط.

عبد الرحمن هاشم قائد كتيبة سبل السلام التابعة لقوات حفتر (مواقع التواصل)

إن النموذج السائد في جنوب ليبيا هو نموذج السيطرة بالأمر الواقع، وفي تلك الأجواء تأسست كتيبة سبل السلام في الكفرة خلال عام 2015 على يد مقاتلين محليين من قبيلة الزوية بقيادة عبد الرحمن هاشم بعد عودته من رحلة علاج في مصر، وتبنّت الكتيبة الفكر السلفي المدخلي المعروف بولائه المطلق للحاكم ورفضه للثورات.

إعلان

منحت هذه العقيدة الكتيبة شرعية دينية للتحرك باسم ضبط الأمن وكبح الفوضى، وسرعان ما بدأت الكتيبة تنسق مع قوات المشير حفتر لتأمين المعابر وحماية عمليات التنقيب عن الذهب وتهريب الوقود، فضلا عن التصدي لمجموعات المعارضة السودانية والتشادية المناوئة لحفتر، والمتمركزة في جنوب ليبيا.

وفي المقابل، أدرك حفتر عقب إخفاقه في دخول العاصمة طرابلس إثر هجومه الكبير عليها في عام 2019، أن تثبيت أوراقه جنوبًا قد يمنحه مساحات مناورة تفتقر إليها بقية أطراف النزاع، فتحرك بخطى ثابتة نحو سبها وأوباري والكفرة، ساعيًا لتأمين ممر خلفي يربطه بتشاد والنيجر والسودان.

اعتمد حفتر لبسط نفوذه في الجنوب على مزيج من التحالفات القبلية والاتفاقات مع المجموعات المسلحة المحلية.

وبهذا التحرك، لم يعد الجنوب مجرد هامش جغرافي، بل منصة إستراتيجية لإعادة تدوير الفوضى لصالح مشروع حفتر في قيادة ليبيا أو البقاء كفاعل إقليمي في معادلات الأمن عبر الصحراء الكبرى.

السودان هشاشة تُغري بالتدخل

لا ينظر حفتر إلى السودان كجار فقط، بل كمساحة رخوة قابلة للاستثمار، فمنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، رآها حفتر فرصة ذهبية لتعميق تدخله، واستغل الوضع الهش للتمركز على أطراف الصراع، مقدمًا الدعم اللوجستي لقوات الدعم السريع، ومستخدمًا في ذلك كتيبة "سبل السلام" السلفية.

في حين استخدمت قوات الدعم السريع الخط الرابط بين العوينات والكفرة كخط إمداد عسكري وتهريب وقود وسلاح، مما منح كتيبة سبل السلام دورا إقليميا يتجاوز الحدود الليبية.

كذلك يمثل طريق الكفرة دارفور شريانا حيويا لنقل الذهب من دارفور وكردفان إلى خارج المنطقة، مما ربط المصالح الاقتصادية للدعم السريع والمشير حفتر بالمصالح الأمنية، وجعل الانخراط الليبي في السودان ليس فقط عسكريًا، بل تجاريًا أيضا.

إعلان

في الخلفية، لا يمكن إغفال البعد الأوروبي في معادلة الجنوب الليبي، فقد سبق أن دعمت بروكسل في عهد البشير عبر "عملية الخرطوم" ترتيبات أمنية تهدف للحد من الهجرة غير النظامية من القرن الأفريقي، وقدمت عشرات الملايين من اليوروهات للخرطوم.

ولكن هذه السياسات عززت منطق الاستعانة بالمليشيات، ومنحت لاعبين محليين هامشًا للتحرك بذريعة مكافحة الهجرة، في حين استخدموا الأموال لتعزيز قبضتهم الأمنية وتحالفاتهم العابرة للحدود.

ومن اللافت أنه في الربع الأول من عام 2025، فعّلت قوات حفتر قاعدة معطن السارة الجوية، الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي الليبي، مستفيدة من موقعها الإستراتيجي قرب المثلث الحدودي مع السودان وتشاد.

وتشير صور الأقمار الاصطناعية، إلى نقل معدات ثقيلة وطائرات شحن روسية إلى القاعدة، بالتوازي مع أعمال ترميم نفذتها عناصر فنية روسية.

وتشير تقارير لموقع "مينا ديفانس" و"ذا أفريكا ريبورت" إلى أن القاعدة تحولت إلى مركز لوجستي متقدم يربط بين الكفرة والحدود السودانية، ويُستخدم في دعم عمليات غير معلنة لقوات الدعم السريع، عبر إمدادها بالذخيرة والوقود.

في حين تتولى كتيبة "سبل السلام" تأمين محيط القاعدة وتسيير دوريات مراقبة على الطرق الصحراوية، مما يجعلها حلقة أساسية في شبكة النفوذ التي يديرها حفتر في الجنوب. وبهذا، تحولت القاعدة من مجرد منشأة مهجورة إلى عقدة إسناد جوية تدعم تحركات الدعم السريع في السودان.

خريطة المثلث الحدودي بين مصر وليبيا والسودان (الجزيرة) بيان الجيش السوداني

في بيانه الصادر في يونيو/حزيران 2025، استخدم الجيش السوداني لهجة بالغة الحدة، تحدث فيها عن "تدخل مباشر لقوات خليفة حفتر"، واصفًا الهجوم بأنه "انتهاك صارخ للقانون الدولي"، وامتداد "للمؤامرة الدولية والإقليمية على السودان".

لم يكن هذا التصريح مجرد اتهام عابر، بل إعلان ضمني أن ساحة المعركة لم تعد محصورة داخل حدود السودان، واللافت أن هذا التصعيد تزامن مع هزائم ميدانية مُنيت بها قوات الدعم السريع مؤخرا في الخرطوم وكردفان.

إعلان

ويشير استخدام الجيش السوداني لهجة حادة واتهامات مباشرة لحفتر بالتدخل العسكري إلى نقلة في تعاطيه مع الساحة الليبية؛ فبدلا من الاكتفاء بالإشارات أو التحذير من التسلل عبر الحدود، بات يتحدث صراحة عن "تدخل مباشر"، و"مؤامرة دولية". ويعكس هذا التحول شعورا بالتهديد الخطير في لحظة حساسة من الصراع.

وفي المقابل جاء الرد سريعًا عبر بيان القيادة العامة للجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر.

ورفض البيان "الزج باسم القوات الليبية" في الصراع، مشيرا إلى أن "دورياتنا تعرضت لاعتداءات متكررة من قوات سودانية أثناء تأمينها للحدود".

في حين صرح أحمد سعد أبو نخيلة، آمر كتيبة سبل السلام، بأن قواته التابعة لرئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني سحقت قوة تابعة لحركتي العدل والمساواة بقيادة وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان بقيادة حاكم إقليم دارفور مني مناوي، وهما حركتان تعملان ضمن القوة المشتركة التي تضم الحركات الدارفورية المتمردة سابقا، لكنها تقاتل في صف الجيش السوداني حاليا.

يقدم رد حفتر نفيًا محسوبًا، إذ لم يقرّ بالتدخل، لكنه برّر اشتباك قواته بـ"الدفاع عن الحدود"، مما يُبقي الباب مفتوحًا أمام استمرار العمليات عبر وكلاء محليين دون تبنٍّ رسمي. في حين ركز تصريح آمر كتيبة "سبل السلام" على استهداف الحركات الدارفورية المنضوية في صفوف الجيش السوداني، وتصوير المعركة على أنها حرب ضد معارضة مسلحة عابرة للحدود، لا صدام مباشر مع الدولة السودانية.

بين هواجس مصر وحسابات حفتر

تكشف هذه التطورات عن طبيعة الحسابات التي تحكم سلوك المشير حفتر حيال السودان. فمن جهة، يتذرع بضرورة تأمين حدود ليبيا الجنوبية من تهريب السلاح وتسلل الجماعات المسلحة، وهي رواية تجد آذانًا مصغية في بعض العواصم الغربية.

ومن جهة أخرى، يُوظف هذه الهواجس الأمنية كغطاء لتوسيع نفوذه الجيوسياسي، لا سيما في مناطق التماس مع تشاد والسودان.

إعلان

وبالنظر إلى أن قوات الدعم السريع وفرت له، في مراحل سابقة، مصدرا للذهب والسلاح، فإن انهيارها دون بديل متوالٍ يشكل خطرًا على معادلاته المحلية.

ويصعب النظر إلى تدخل القوات المحسوبة عليه في الساحة السودانية بمعزل عن شبكة توازناته الإقليمية المعقدة. ففي حين تميل القاهرة إلى دعم الجيش السوداني حفاظًا على استقرار حدودها الجنوبية، تتجه قوى إقليمية أخرى نحو دعم أطراف تتيح لها النفاذ إلى موارد الذهب والسلاح والهيمنة على موارد السودان.

من جهتها، تضع مصر استقرار حدودها الجنوبية في صدارة أولوياتها الأمنية. ولذا فإن اندلاع اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مدعومة بعناصر ليبية، قرب مثلث العوينات، يُقلق القاهرة من سيناريو الانفلات الأمني العابر للحدود. فهي تدرك أن أي تعزيز لقوة الدعم السريع على تخوم حدودها يمثل تهديدًا مباشرًا.

ويضع تورط قوات محسوبة على المشير حفتر في مساندة الدعم السريع مصر أمام اختبار مزدوج. فمن جهة لا تفرط القاهرة في خسارة حفتر كذراع استقرار في الشرق الليبي، لكنها في الوقت ذاته لا تستطيع التهاون مع تحركاته إذا مسّت التوازن الحدودي.

ومن المتوقع أن تتبنى مصر خطابًا يركز على "ضبط النفس" و"ضرورة احترام السيادة السودانية"، دون توجيه اتهامات مباشرة لحفتر، مع تكثيف التحركات الاستخباراتية والعسكرية غير المعلنة لضمان عدم تكرار الحادثة، وربما الضغط على حفتر عبر وسطاء لتجميد أي دعم مباشر للدعم السريع في تلك المنطقة الحساسة.

مقالات مشابهة

  • رئيس لجنة الرقابة بالبرلمان يبحث مع السفير الروسي آخر المستجدات السياسبة بالبلاد
  • مجلس النواب يرفض إدراج ليبيا ضمن قائمة حظر السفر الأمريكية
  • بنغازي تحتضن لقاءً بين مجلس النواب والسفارة الروسية لتعزيز الشراكة
  • وزير الأوقاف يلتقي وفد اتحاد "بشبابها" بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة
  • المثلث الحدودي بين ليبيا والسودان ومصر.. صهر الجغرافيا في أتون الحرب
  • رئيس مجلس الوزراء: تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير
  • بلقاسم حفتر في فاليتا.. تعزيز التعاون الليبي – المالطي لإعادة الإعمار
  • نفاذ تذاكر حفل مدحت صالح في دار الأوبرا المصرية
  • نائب رئيس وزراء مالطا: مستعدون لتسهيل عمل شركاتنا في إعمار ليبيا
  • “تنفيذ مشروعات التنمية”.. رئيس مجلس الوزراء يلتقي القائم بالأعمال الصيني