لجريدة عمان:
2024-06-16@10:03:13 GMT

يُتم الروائيين العرب «1»

تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT

لم يكن في خاطري وأنا أكتب هذه المقالة أن أعرض إلى جائزة البوكر في نسختها العربية ولا إلى قائمتيها القصيرة والطويلة ولا إلى الفائز فيها، ذلك أنّ الزمن عوّدني ألاّ أساير الفقاقيع الناشئة عن خيارات الجوائز، وأن أعالج الفائزين بعد مدّة من فوزهم، وأن أقول قولي فيهم بما تقتضيه ذائقتي الأدبيّة والفكريّة والاجتماعيّة، وأن أشكّك دوما في ذائقة لجنة تحكيم تقرأ مئات الأعمال لتختار منها عملا فريدا (ولم تكن في أغلب الأحيان تبحث عن فرادة)، وكنت أقول قولي الذي يُغضب أصدقائي قبل أعدائي، ولهذا عبّرتُ مثلا عن شدّة استيائي من اللجنة التي فوّزت قصدًا وحسابًا روايةً ضعيفة مثل رواية محمد النعاس «خبز على طاولة الخال ميلاد»، وكتبت عن قلّة حيلة الرواية والروائي، ولكنّي اليوم أشيد بتفويز الكاتب الفلسطيني الواقع في الأسر لعقدين من الزمان باسم خندقجي عن روايته «قناع بلون السماء»، الرواية التي استحسنّا تفويزها لا لقيمتها ولا لفنيّتها ولا لجِدّتها (التي أجهلها، فأنا لم أقرأ الرواية بعد) ولا لعُدولها عن مسار الرواية العربيّة التي بدأت تأكل نفسها، ولا لأنّها ضمّت حكاية غير مألوفة، ولا لكلّ الأسباب المنطقيّة التي يُمكن أن تجعل عملا روائيّا يفوز، بل لأنّها قادمة من أرضٍ تآمر الكون على محْوِها من خارطة الوجود، لأنّها قادمة من أرض مُقدّسة فيها تُقَطَّع أوصال الأطفال والنساء كلّ ساعة والعالم في لهوٍ وضحك، لأنّها قادمة من أرضٍ مقدّسة، فيها الدم يُسَال ويسيل ويُهدَر وتُغتَصب النساء ويُشَرّد الأطفال ولا معتصم يغيث من يطلب الغوث، ولا غيمة تمطر حيث شاءت، ولا واو النداء تنفع، ولا واو الندبة، ولا واو الاستغاثة، كلّ الواوات أضحت ويلات، عادت إلى أصلها ليّنةً مطواعة، وبات العالم في حِلٍّ من قِيَمه التي قَتَلنا بها، ويأتي الغوث دوما من غير مكانه، من طلبة حملوا وعيًا وفكرًا قد يسهمون في تغيير نظريّات نهاية الكون.

فازت روايةُ السجين -التي لا أعرف تفاصيلها- التي نعرف مقامها، واستحسان المثقّفين لتفويزها، راجع إلى أن الجائزة هذه المرّة لم تكن محض جائزة، بل كانت رسالة وخطابا، كانت اعترافا بأدبِ مَن يقبع ظلمًا وقهرًا خلف القضبان، وإيمانا بنضالِ شعب خانه الأقربون قبل الغرباء. هذه كلمة أردتُها على الحساب قبل أن أقرأ الكتاب في شأن فوز الأسير الفلسطيني بجائزة البوكر للرواية العربيّة.

وأعود إلى أصل مقالتي حول يُتم الروائيين العرب، وقصدي من العبارة، أنّ حالةً من عدم الرعاية والعناية بالروائيين العرب تجعل الجيّد منهم يشعر بِيُتم واغتراب، فقد مضى عهدٌ من الزمان، كان الأدباءُ والفنّانون والمثقّفون والصحفيّون والمسرحيّون والسينمائيّون وغيرهم من أهل الفكر والفنّ يتواجدون (أقصد تفاعل الوجْد) ويتواصلون ويتحدّثون ويتبادلون الأفكار والآراء.

ما صرناه اليوم هو أنّ الروائيّ الذي يحتاج إلى صخب الواقع أصبح يعيش بمنأى عن الفضاء الذي منه يتغذّى، تقلّ تدريجيّا العلائق بين المسرحيين والروائيين، بين الموسيقيين والروائيين، تقلّ صلات الفنّانين، والأدهى من ذلك، وهو قصدي من هذا المقال، هو الطلاق البائن بين النقد والرواية، الطلاق بين الرعاية النقديّة والتعهّد العالم بالرواية وعالم التخييل.

قد يبدو كلامي سائبا في ظِلّ وفرة النقد الروائيّ وسيْله، غير أنّه نقد في الغالب الأعمّ منه كأُفٍّ، هو محض ممارسة طفوليّة انطوائيّة انطباعية انفعالية تقوم بها كائنات ورقيّة، تجعلها هبّات العلم الرقيقة تسقط متداعية.

لقد انتبهت وأنا أقرأ كتابا بعنوان «ورد ورماد» جمع رسائل متبادلة بين الكبيرين المغربيين الروائي محمد شكري والناقد والمبدع محمّد برّادة إلى هذه العناية الفائقة التي يخصّ بها الناقدُ الأديب، ويخصّ بها -تبادلا- الأديبُ الناقدَ.

فلقد أبدت الرسائل حوارًا قائمًا لسنوات بين المبدعيْن، من بدايتهما إلى بلوغهما مراتب عالية في الأدب والنقد.

كان محمد شكري في بداياته يعيش فاقةً وحاجةً ونقمةً على الوجود، وكان برّادة في بداياته يعيش رفضا ورغبة في تحقيق الأفضل، وكان الحوار الجامع بينهما مُظهر عدميّة محمد شكري وإيجابيّة برّادة، حتّى بلغا خطّا مشتركا تحقّق فيه برّادة الناقد الحصيف الواعي، المُدرك لهمّ الروائيّ، وتحقّق فيه الروائيّ العدمي الذي كان في أمسّ الحاجة إلى عقل يُؤطّر «شطارته».

لقد كان محمد شكري -على طريقته في الإفصاح عمّا يراه ويشعره- واضحا بيّنا، فإضافة إلى اختياره حياة الهامشيين، فقد كانت هنالك حياة أخرى لمحمد شكري أدركها بفطنته محمد برادة وحاول استخراجها من باطن الأديب، هذه الحياة هي روح الفنّان الذي يُترجم عن الإسبانية والفرنسية، هي روح الفنّان التي تكتب السيَر، هي روح الفنّان التي تُوجِد أواصر صلةٍ مع الأرواح الشبيهة، ومن هذا المنطلق فقد كان هنالك في حياة الروائي السير ذاتي محمد شكري فضاءٌ من الفوضى ورعايةٌ من نقّاد آمنوا به وكان لهم قسط وفير في صدور أعماله، وكان هناك أيضا فضاءٌ من التعجيز والتقزيم، عبّر عنه في رسالة من رسائله بقوله: كدت أنسى أن أخبرك أيضا عن المقال الذي كتبه الطاهر بنجلون في «لومند» عن الحياة الثقافية في المغرب. إنّه يجهل الأدب المغربي المكتوب بالعربيّة، قال عنّي مثلا: شكري روى حياته لبول بوولز! وإنّني مجرّد «حكواتي»، كتبت توضيحا قصيرا في الموضوع وأرسلته إلى «المحرر» لكنهم لم ينشروه. لا أعرف ردّ محمد شكري على الأديب الروائي الطاهر بنجلون، ولكن ما الضرر أن يروي شكري حياته لبول وولز، والروائي يجب أن يكون حاملا لروح الحكواتي.

هذا جانبٌ من الألم في صلات النُظراء والأشباه، وأمّا الجانب الأنجع والأنجح فهو الصلة مع المختلفين، صلةُ شكري ببول بوولز الكاتب الأمريكي الذي قضّى أكثر من نصف قرن من حياته مقيما في طنجة، هي صلةٌ تُظهر منزلته ومكانته التي عبّر عنها بكتاب جميل أظهر هذه الصلة وكشف جوانب من حياة الأديب الأمريكي، وقد حمل الكتاب عنوانا «بول وولز وعزلة طنجة».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: محمد شکری ة التی لأن ها

إقرأ أيضاً:

منها تكحيل الخروف.. تعرف على طقوس العرب فى الاحتفال بعيد الأضحى

على الرغم من التقاليد المتشابهة فى الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، إلا أن كل بلد استطاع أن يضفي نكهته الخاصة، إليك بعض ما يميز بلادنا العربية فى احتفالاتها بعيد الأضحى المبارك: 
لبنان
تبعًا للتقاليد الدينيّة، يحتفل المسلمون بعيد الأضحى المبارك. ولكن في لبنان تشارك الأديان كافة في إرسال المعايدات وحضور إحتفالات العيد.
وتشهد شوارع المدن والقرى اللبنانية في هذا العيد ازدحاماً من نوع آخر، يتمثل في الزينة ولافتات تحمل عبارات التهنئة للحجاج: "حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً" في الأحياء وعلى مداخل المنازل.
تشهد الأماكن العامة والمتنزهات نشاطًا كبيرًا خلال أيام العيد، تُنظم العائلات رحلات إلى المنتزهات. وتشهد مائدة عيد الأضحى في لبنان تنوعًا كبيرًا من الأطباق التقليدية الشهية التي تُعد خصيصًا لهذه المناسبة (المشاوي، الكبة، الحلويات التقليدية...).
ويبدأ المسلمون في بيروت كما في كل البلدات، صبيحة العيد بزيارة الأضرحة لقراءة الفاتحة عن ارواح موتاهم، وزيارة المؤسّسات الإنسانية لتقديم الأضاحي عن أرواح من افتقدوهم من الأقارب أو الأصحاب.
"العيد الكبير"، بالنسبة لاطفال لبنان هو في شراء ثياب جديدة، وكسب "غلة حرزانة" من الأهل والأقارب، حيث مدن الملاهي والأراجيح والمفرقعات تنتظر هؤلاء الصغار.
ويشير أبومحمود، وهو من سكان بلدة برجا، إلى أن هذا العيد يُسمّى عيد الضحيّة التي تُذبح عادة على العتبة، إيماناً بأنه بذلك تحل البركة على أهل البيت ويزول عنهم الحسد.
ويضيف أبو محمود: أشتري ثلاثة خرفان كل سنة لي ولإخوتي، ويقوم الجزار بذبحهم على عتبات بيوتنا، ويشاركنا بها بعض الأهل والأصحاب، حيث نقدم ونوزع لحم الأضحية على المحتاجين، وعن أرواح من افتقدناهم.
ويقول إن ما يميز العيد هي "العيدية" تكمن في شيوعها وسط مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية، فمبلغ العيدية يختلف تبعا لذلك، ولا عيد بلا عيدية هكذا تواعدنا وإن تغيرت أحوالنا.
ويؤكد على إن "مفهوم العيدية يقرب الأطفال من أقاربهم، فهم ينتظرون زيارة الأعمام والخالات والخال والجد والجدة لتجميع العيدية، فكيف لنا أن نمسح هذه الانطباعات رغم قساوة الزمان؟".
مصر
من أبرز العادات المتبعة في مصر يوم العيد هو الذبح في الشوارع على مرأى الجميع. يُخرج كل بيت أضحيته ليذبحها أمام بيته، وتمتلا الساحات والأحياء الشعبية بالأضاحى فيكاد لا يخلو شارع من سرب من الخراف، وعقب عملية الذبح وتقسيم اللحم تبدأ ربات البيوت فى إعداد الإفطار يزينه طبق الفتة الشهير والرقاق باللحم المفروم. وفي اليوم الثانى تبدأ الزيارات والتجمعات العائلية وفي اليوم الثالث يخرج المصريون الى المتنزهات ودور السينما والرحلات النيلية.
العيد في الخليج
فى السعودية تأخذ الأضحية دور البطولة فى احتفالات العيد، ولعل أهم ما يميز العيد اجتماع العائلة فى منزل كبيرها لمشاهدة ذبح الأضحية، فبعد ذبح الأضاحي تقوم النساء بتحضير وجبة الإفطار والتي تسمى "الحميس" المكونة من قطع من اللحم الصغير والكبد والكلاوي والقلب، وتحرص النساء على إعداد أشهر الأطباق من الحلويات والمكسرات، على مائدة تتصدرها أكلة "الدبيازة"التي تتكون من بعض الفواكه الجافة.
وفي قطر تتصدر مائدة العيد أطباق "الهريس" و"المجبوس" بأنواعه و"الثريد" القطري الشهير، وهي من أهم الأكلات الشعبية التي تحظى بقبول كبير لدى القطريين وتقدم في المناسبات، حيث لا تكاد تخلو مائدة أسرة قطرية من أحدها.
ويعتبر من أهم طقوس العيد التي مازالت تُمارس حتى الآن، حيث يخرج الأطفال في أحيائهم السكنية ويغنون أغاني العيد أمام البيوت المجاورة لبيوتهم ومن أغاني العيد القطرية "عيدكم مبارك يا أهل البيت"، وتُعطى لهم العيدية.
وفي البحرين، يلقي السكان أضحيتهم الصغيرة المدللة في البحر، وهي عبارة عن حصيرة صغيرة الحجم مصنوعة من سعف النخيل ويتم زرعها بالحبوب مثل القمح والشعير، يعلقونها في منازلهم حتى تكبر وترتفع، ثم يلقونها في البحر يوم وقفة عرفات.    
ومن الأصناف التي تزخر بها أيام العيد الحلوى البحرينية الشعبية والمكسرات والسمبوسة الحلوة، ترافقها القهوة العربية بالهيل والزعفران.
المغرب
طبق "البولفاف" يُعد من الأطباق الشهيرة في المغرب على مائدة عيد الأضحى، وهي عبارة عن كبد الضأن الذي يشوى على الفحم مرة، ثم يُتَبل جيداً ويُلف بدهون الضأن ويُشوى مرة أخرى على الفحم.
كما يقوم بعض المغاربة بغمس اليد في دم الضحية وتلطيخ الجدران بها، وبعضهم يشرب القليل من دمها لاعتقادهم أن ذلك يحمي من الجن. كما يقوم البعض أيضا بسكب الملح فوق دماء الأضحية لمنع الجن، أو ملء فم الأضحية بالملح، ومنهم من يحني جبهتها أمام النساء، ويحتفظن بمرارة الأضحية لاعتقادهن بأنها تشفي من الأمراض.
ليبيا
تقوم النساء قبل ذبح الأضحية بتكحيل عيني الخروف بالكحل العربي، ثم يتم إشعال النار والبخور بالقرب منه، وبعدها تبدأ العائلة الليبية بالتكبير والتهليل.
الأردن
لا بد أن يكون "المنسف" الشهير سيد المائدة في عيد الأضحى. ومن أهم تقاليد العيد في الأردن "العيدية" التي تعطى للنساء والأطفال، تعبيراً عن المحبة والتقدير، ولإدخال الفرح والسرور إلى قلوبهم.
موريتانيا
ومن المتداول بشأن العيد في موريتانيا، أن الشاة أو الكبش يتم الاعتناء بنظافتها وتعطيرها قبل ذبحها.
الجزائر
ينتشر تقليد غريب من نوع مختلف، حيث ينظم الرجال هناك "مصارعة أضاحي"، وتحظى هذه المصارعات بحضور واسع ولا سيما في الأرياف.
تونس
يسمى الخروف في تونس "العلوش"، ومن التقاليد المتوارثة أن يقوم الأطفال بتزيينه بالأشرطة الملونة والخروج به إلى الشوارع ليباهي كل منهم بعلوشه.
العراق
عادات وتقاليد أهالي العراق هي أن اليوم الأول من صباح كل عيد يكون الفطور الصباحي من القيمر وأكلة "الكاهي"، أما الزيارت فتكون في اليوم الأول للنسائب والاقرباء. ففي كل المدن يسبق العيد تحضير وتجهيز الكليجة، قبل العيد بيومين تبدأ التحضيرات لهذه الحلوى العراقية الخاصة (الكليجة).
سوريا
تبرز عادة أكل "معلاق" و"شرحات" كأحدى العادات البارزة في هذه المناسبة خصوصا أن الذبائح فيه تُكثر.
وتنبض العائلات السورية بالنشاط والحماس لصنع حلوى العيد، فمنذ الصباح الباكر، تمتلئ المنازل برائحة العجين والحلوى والحلويات المشهورة والتي تصنع في المنزل هي الغريبة والبرازق وكعك العيد والمعمول. حيث يتم إعداد المعمول عن طريق عجن العجين بالسمن الطازج وتحشيته بالتمر الطري أو الفستق أو الجوز الذي يضفي نكهة مميزة. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • منها تكحيل الخروف.. تعرف على طقوس العرب فى الاحتفال بعيد الأضحى
  • مكتبة محمد بن راشد تحتفي بالثقافة الفلبينية عبر أمسية شعرية
  • تراجع محمد إمام.. تعرف على حصيلة إيرادات فيلم "اللعب مع العيال"
  • لاعبو الزمالك يتفقدون أرضية ملعب المقاولون العرب استعدادا لمواجهة سيراميكا
  • حافلة الزمالك تصل ستاد المقاولون العرب استعدادًا لمباراة سيراميكا
  • الأهلي يواجه فاركو اليوم على استاد برج العرب
  • إتحاد المصدرين -إذنك لحظة واحدة يا ضابط السجن!!
  • منصور بن محمد: إنجازات أندية دبي ترجمة لدعم القيادة الرشيدة
  • اتحاد الكتاب العرب ينعي المؤرخ السوري عبد الكريم رافق
  • منصور بن محمد: منظومة دبي الرياضية تتطلع لمزيد من الإنجازات القارية