أحمد الصارمي: بيوت الحارة مبنية من الحجارة ولم تندثر على مدى أكثر من نصف قرن -

أسفل سفح امتداد الجبل الأخضر من الجهة الشرقية وبمحاذاة مزارع النخيل وأشجار الأمبا «المانجو» تقع حارتا السواد والعين في قرية إمطي بولاية إزكي صامدة شامخة برغم كل الظروف والحقب الزمنية تحكي للأجيال المتعاقبة تاريخا حافلا موغلا في القدم مليئا بمفردات دقيقة تُبرز إبداع المعماري العماني الذي استطاع قهر الصعاب والتكيّف مع ما يواجهه من عقبات، فحارتا العين والسواد ليستا كسائر الحارات العمانية بل تتميزان بكون منازلهما متراصة ومتشابكة مبنية من الحجارة الصفراء المسطّحة المسماة محليا «الصلاف» وصنّفتها وزارة التراث والسياحة كحارة متفرّدة مبنية بالحجارة؛ ومع توالي الحقب الزمنية بدأت الحياة في الحارتين في الاندثار نتيجة التوسّع العمراني والمدنية التي صاحبت الحقبة الأخيرة إذ بدت البيوت مهجورة إلا فيما ندر.

لم تقف المدنية الحديثة حجر عثرة أمام شباب الحارتين وآلمهم الوضع الذي تسير إليه الحارتان، لذلك خطرت الفكرة لمجموعة من سكّان ومُلّاك البيوت والبساتين بأهمية إعادة الحياة لمساكن وبيوت ومرافق الحارتين ومن هنا انطلقت فكرة إحياء الحارتين تزامنا مع قيام الفنانة التشكيلية مريم الزدجالية بمشروع فني «تخليد اللحظة» حيث شرع الجميع في بلورة الأفكار وإخراجها إلى النور؛ ويرجح عمر السكنى في قرية العين إلى ما يزيد على ألف عام حسب الآثار والشواهد التاريخية ويرجع آخر طابع تاريخي بنيت عليه الحارة إلى عصر اليعاربة لاهتمامهم بتفاصيل العمارة الهندسية والمعمارية.

وقبل أن نقف على المشروع وما يمثله من أهمية وتركيبة الحارة نقف مع مقتطفات من مقال كتبه الدكتور معمّر بن علي التوبي أحد أبناء الحارة إذ يصفها بأنها مزدانة بجمالية فريدة تميّزها عن كثير من الحارات العُمانية الأخرى ألا وهي اصطفاف منازلها المبنية من السقوف «الأحجار» الصفراء والطين بين تلال الجبل من جهة الغرب، وبين مزارع النخيل وماء فلج السواد العابر على جنبات الحارة من جهة الشرق مضيفا: إن حارة العين وليدة قرون قديمة، وأبراجها الشامخة على أعاليها وأعالي «شقيقتها» حارة السواد -الممتدة شمالًا بعد حارة العين- تدل على حقبة قديمة أمكن للبعض أن يقدّرها بحقبة تعود إلى ما قبل الإسلام.

وقال: «حارة العين ودلالة اسمها الذي يتجلّى معناه ولفظه في وصفٍ مُستحق يليق بجمال هذه القرية التاريخية التي ترافق الامتداد الجبلي ذا اللون الذهبي ومزارع النخيل من جهة مقابلة للجبل؛ ليدل هذا الاسم «العين» على صورة جمالية لا تُحصر في مجرد وصفٍ اعتباطيّ للماء الجاري محاذاتها «شرقًاط، النابع من عيون الجبال المحاذية لها، ولكنه ذو معنى له عمقه التاريخي والجمالي؛ فحارة العين تحوي فلج السواد في مقلتها؛ لتُوصف مقرونةً -دون انفصال- بفلج السواد، وكيف ينفصل عنها وهو شريان حياتها؟!»

ويتحدّث شقيقه محمود بن علي التوبي قائلا: «تضم الحارة الكثير من المآثر فبدايتها في مدخل الحارة مع صباح العين الذي يبرز على يساره مباشرة «بيت العين» الملتصق ببرج النخاتية أو برج المقبض، ويقابله في الأعلى برج بن سالم وتتواصل المفردات التاريخية بصباح الصارم وعلى يمنيه مسجد الصارم الذي يقابل مجالس الحارة العامة ثم صباح الإمام وصباح السيادي وصباح العارض الذي يعد مدخلا لحارة السواد من الجهة الجنوبية وكل صباح من هذه الصباحات مرتبط ببرج مراقبة وسور يحمي الحارة فهناك الكثير من الأبراج منها برج رأس الفلج والأساودة وبن سالم والسرح والمسجد وخراب باروت وبها مجموعة من المساجد كمسجد بني شبيب والصارم والسيادي وسالم بن حمد وبرج السرح وبالحارتين ثلاثة مجالس عامّة أو ما يسمى بالسبلة وهي سبلة الصارم الصيفية وسبلة الشوامس الشتوية وسبلة السواد ويخترق الحارتين فلج السواد بغزارة مياهه المتدفّقة ليروي البساتين ويتم في كثير من الحالات وقت الخصب توجيه الفلج إلى الوادي لتغذية الآبار الجوفية «يسمى محليا كسر أو رغد الفلج» وذلك لاكتفاء المزارعين من المياه حيث يمتهن السكان الزراعة وتربية الماشية إضافة إلى التجارة وصناعة الأسلحة واحتياجاتها ودباغة الجلود والبناء». مشيرا إلى أن الحارة أنجبت الكثير من العلماء والأدباء ورجال العلم والدين منهم الشيخ محمد بن مسعود الصارمي أحد أهم قادة الدولة اليعربية في عهد الإمام سلطان بن سيف اليعربي، والشيخ علي بن حمد التوبي صاحب بيت العين والشيخ سعود بن علي بن حمد التوبي الذي كان أحد قادة الإمام العادل محمد بن عبدالله الخليلي والشيخ الأديب سعيد بن رهين الخنجري، وفيها أيضا أحفاد الشيخ عامر بن محمد الشامسي الذي كان واليًا لمنح فترة دولة اليعاربة. وعن فكرة ترميم الحارة وعودتها إلى سالف عهدها يقول أحمد بن زاهر الصارمي: «إن الفكرة بدأت في عام 2019 تزامنا مع مشروع للفنانة التشكيلية مريم الزدجالية وقد اختمرت فكرة لدى الشباب بأهمية ترميم الحارة تدريجيا وإعادة تاريخها ودورها الريادي فبدأنا بترميم الأماكن العامة كالمجالس والمساجد والصباحات ومدارس القرآن وكان هناك تضافر من الجميع ومساهمات من أهل الخير وملّاك المساكن والبساتين فبدأت الحياة تدبّ في الحارة وبدأ البعض يكتب عنها وعن تفاصيل جمالها مما شحذ همم الكثيرين وبدأت الأفكار في التبلور تدريجيا من أجل استغلال الحارة سياحيا وتجاريا الأمر الذي يعود بالنفع والفائدة على الأهالي».

نقطة تحوّل فارقة

وأضاف: «شهد شهر مارس عام 2021 نقطة تحول فارقة في المشروع وذلك بعد قيام السيدة الجليلة -حفظها الله- بزيارة القرية والوقوف على مآثرها والتعرّف على جهود الشباب فكانت هذه الزيارة بمثابة فاتحة خير للقريتين حيث توالت زيارات أصحاب المحتوى الإعلامي الذين أسهموا في إبراز مقوّمات الحارتين ثم الزيادة المطردة في أعداد السائحين والزائرين من داخل وخارج سلطنة عمان؛ فكانت الخطوة التالية وهي بدء ترميم المنازل الخاصة حيث تم عرض الموضوع على الملّاك وبدأ البعض في الترميم وهناك مجموعة من البيوت تم تجهيزها وفي صدد البدء في إصدار تراخيص استغلالها وتجهيزها سياحيا ومن بينها بيت الصارم وبين اللمباة، كما تم افتتاح أول مشروع تجاري بالحارة وهو عبارة عن كافيه استمد اسمه من قربه من الفلج الذي يخترقه لذلك تمت تسميه «فلج كافيه» وهو أسهم كذلك في زيادة الزائرين إضافة إلى وجود عددٍ من المحلات التجارية التي استفادت بشكل مباشر من زيادة الزائرين وهناك الكثير من الأفكار التي بصدد دراستها حيث نستفيد بصورة دائمة من الزائرين وملاحظاتهم ومقترحاتهم وهناك الكثير من الأفكار لتنفيذها كتنظيم الفعاليات الدورية بالتنسيق مع الفرق الرياضية الأهلية بنادي إزكي وكذلك إصدار كتيّب تعريفي وتوثيق المباني وعمل خارطة إلكترونية للقرية بها نبذة تعريفية عن كل معلم من خلال رمز استجابة سريع «QR» وافتتاح مطعم تراثي عصري». واختتم الصارمي حديثه ببعض المعضلات التي يلتمس من الجهات ذات الاختصاص الوقوف معهم لحلها ومن بينها صعوبة إصدار التصاريح سواء للترميم أو للاستغلال التجاري وكذلك عدم توفّر الحجارة بأسعار مناسبة وخطوط الكهرباء ذات الأعمدة حيث قمنا بمخاطبة شركة نماء لتغييرها إلى كابل أرضي نظرا لمرور الخطوط الحالية في أسطح المنازل وأعلى الممرات وكذلك استغلال موقع الفلج بصورة أفضل.

من جهته تحدّث محمد بن عبدالله التوبي من مقهى « فلج كافيه» عن المشروع بقوله: إنه جاء لمواكبة التطوير في الحارة وليجد الزائر مكانا للراحة والتقاط الأنفاس والتمتع بمشروبات متنوعة وبعض الوجبات الخفيفة حيث بدأ المشروع بعد تنامي أعداد الزائرين وانطلقت الأعمال في شهر أكتوبر 2022 وانطلق المشروع في مارس عام 2023 -ولله الحمد- المشروع ناجح واستطعنا التغلّب على التحدّيات والصعوبات إذ شكّل إضافة كبيرة للحركة السياحية بالقرية كونه محاذيا لفلج السواد حيث يجد الزائر المكان المثالي للراحة بعد انتهاء زيارته؛ كما يتميّز المقهى بتقديم مجموعة من المشروبات الساخنة والباردة وفق رغبة الزائر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الکثیر من

إقرأ أيضاً:

عبدالمنعم إمام: مصر بلد واعدة.. ودعوات مقاطعة انتخابات البرلمان مغرضة

كتب- حسن مرسي:

قال النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل، إن الشباب الذين يعانون من الإحباط يحتاجون إلى نظرة إيجابية، مشيرًا إلى أنه ينصحهم بنظرة في المرآة ليروا قوة بلادهم وإمكانياتها الكامنة.

خلال حواره ببرنامج "الطريق إلى البرلمان"، الذي يقدمه الكاتب الصحفي محمد سامي عبر منصات موقع مصراوي، أضاف إمام أن مصر تمتلك طاقات هائلة جاهزة للانطلاق، مدعومة بمؤسسات قوية وجيش متماسك.

وتابع رئيس حزب العدل، أن التحدي يكمن في دمج الطاقة الشابة مع خبرة المؤسسات، مما يمكن أن يخلق مزيجًا بين التاريخ والمستقبل يضيء طريق الأمة.

أشار النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل، إلى أن فكرة مقاطعة الانتخابات لا تجدي نفعًا، مؤكدًا أنه يرفض أي خطاب يزرع اليأس بين الناس.

وأوضح النائب البرلماني أنه يدعو إلى المشاركة الفعالة، مستندًا إلى تجربته السياسية منذ ثورة يناير، حيث قاد حملات مثل "صوتي مطلبي" لتحسين آليات التصويت.

وأكد أن الانتخابات القديمة كانت مقتصرة على بطاقات حمراء، مما حرم الملايين من المشاركة. وأضاف أن ثورة يناير غيرت ذلك بفرض التصويت بالرقم القومي، مما يجعل مقاطعة اليوم غير مبررة.

وأشار النائب عبد المنعم إمام، إلى أن الإصلاح يأتي من خلال العمل المنهجي داخل الصندوق الانتخابي، مشددًا على أن الشباب يجب أن يعبر عن رأيه بالترشح أو بناء قوائم بديلة، لأن الطريق الآمن يكمن في بناء الثقة مع الجمهور بدلًا من الاعتماد على الشعارات العدمية.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

النائب عبد المنعم إمام حزب العدل الطريق إلى البرلمان

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة لأول مرة.. النائب عبدالمنعم إمام يتحدث تفصيليًا عن توظيف الذكاء الصناعي أخبار عبدالمنعم إمام: رئيس الوزراء ووزير المالية بيستلفوا 2 مليار جنيه كل يوم أخبار حياة الناس أصعب.. عبد المنعم إمام: الغني والفقير يعانون في القطاع الصحي أخبار عبدالمنعم إمام: المعارضة انقسمت حول "الإيجار القديم".. وقد نشهد مفاجآت أخبار

إعلان

أخبار

المزيد شئون عربية و دولية "الأكبر على الإطلاق".. أمريكا والاتحاد الأوروبي يتوصلان لاتفاق تجاري أخبار مصر محافظ شمال سيناء: الجهود المصرية أسفرت عن إدخال مئات الشاحنات عبر معبر رفح أخبار العقارات تشغيل محطات المياه جزئيًا فى المناطق المتأثرة بالجيزة لحين استقرار التيار أخبار المحافظات "طلقة في لحظة عبث".. نهاية مأساوية للطفل أدهم حلمي والعدالة تحسم الجدل شئون عربية و دولية سموتريتش يناقش مستقبله في الحكومة

الثانوية العامة

المزيد التنسيق بعد الإعلان الرسمي.. رابط التسجيل بالمرحلة الأولى من تنسيق الجامعات 2025 التنسيق تأكيدا لمصراوي.. الحد الأدنى لتنسيق علمي علوم 293 درجة -فيديو التنسيق تنسيق المرحلة الأولى 2025.. رسميا وزارة التعليم تعلن قبول طلاب الثانوية مدارس وزير التعليم: اتخاذ أي قرارات تخص العملية التعليمية بمشاركة مديري المديريات مدارس تنسيق المرحلة الأولى 2025.. 93.5% الحد الأدنى للطب البشري مؤشرات شبه نهائية

إعلان

أخبار

عبدالمنعم إمام: مصر بلد واعدة.. ودعوات مقاطعة انتخابات البرلمان مغرضة

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

سعر الدولار يتراجع 23 قرشا في البنوك بنهاية تعاملات الأحد سبب انقطاع الكهرباء عن 5 مناطق بالجيزة وموعد عود التيار - بيان رسمي ثلاث مناطق فقط.. تفاصيل الهدنة التي أعلنتها إسرائيل في غزة 45 درجة في الظل.. الطقس: بدء ذروة الموجة الحارة وتحذير من الأرصاد للإعلان كامل للإعلان كامل 43

القاهرة - مصر

43 31 الرطوبة: 11% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • مشروع جديد سيغيّر حركة المرور في سامسون.. ما الذي سيحدث في أغسطس؟
  • استقبال حافل لأبطال الطائرة
  • عبدالمنعم إمام: مصر بلد واعدة.. ودعوات مقاطعة انتخابات البرلمان مغرضة
  • رسمياً.. كريستيانو رونالدو أول ملياردير في تاريخ كرة القدم
  • اجتماع لمناقشة سبل تطوير الأداء الخدمي والتنموي بعمران
  • سجل أمني حافل.. اللواء عاطف خالد مساعد وزير الداخلية للأمن الوطني
  • محمد مجدي مديرًا لأمن الجيزة.. سجل أمني حافل ومسئوليات جديدة
  • مساعد وزير الداخلية للأمن الوطني سجل حافل من الإنجازات
  • عن أيّ تاريخٍ نُحدّث أبناءنا؟
  • «الامتياز التجاري» .. آفاق واعدة نحو تحوّل العلامات العُمانية إلى نماذج منافسة