هل تقف موسكو وراء إقرار مشروع العملاء الأجانب في جورجيا؟
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
تبليسي- اعتمد البرلمان الجورجي في قراءة ثالثة مشروع قانون "العملاء الأجانب"، الذي أثار جدلا كبيرا في البلاد، لم يخل من أعمال عنف داخل البرلمان وخارجه، وقبل التصويت وبعده، إذ ترى قوى المعارضة بأنه يقيد الحريات في البلاد، وتصفه بالقانون الروسي.
وقبل اعتماده، تعرضت السلطات في جورجيا لانتقادات شديدة من قبل دول أوروبية، اعتبرت أنه غير ديمقراطي وموجه ضد المنظومة الغربية، ويصب في صالح موسكو.
وقارن وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، الوضع في جورجيا بالحرب في أوكرانيا، واصفا اعتماد مشروع القانون بأنه مظهر من مظاهر "التدخل الروسي في شؤون جورجيا"، ودعا بشكل مباشر مواطني جورجيا إلى "مقاومة روسيا".
وعشية التصويت، رفضت الحكومة الجورجية استقبال وفد أوروبي حضر إلى العاصمة تبليسي، فيما يبدو كمحاولة لثني المسؤولين في جورجيا عن إقرار مشروع القانون، الذي يلزم الكيانات الاعتبارية ووسائل الإعلام التي يأتي أكثر من 20% من تمويلها من الخارج على التصريح بمصادر دخلها وإبراز جميع مدخولاتها المستلمة، وإلا يتم فرض غرامة قدرها 25 ألف لاري جورجي (9.5 آلاف دولار).
وتصر الحكومة على أن القانون ضروري لمنع محاولات زعزعة استقرار الوضع السياسي في البلاد، والتي، بحسب السلطات، تمول من الخارج. في حين ترى المعارضة وقوى المجتمع المدني أن السلطات ستستخدم القانون لقمع الأصوات الناقدة، الأمر الذي سيؤدي إلى خنق المجتمع المدني، كما حدث مع قوانين مماثلة في روسيا، حسب تعبير هؤلاء.
وتنفي روسيا أي تورط في العملية التشريعية الجورجية، حيث أكد السكرتير الصحفي للرئاسة الروسية دميتري بيسكوف مرة أخرى أن موسكو لا تتدخل في الشؤون الداخلية لجورجيا، مشيرا إلى أن الدول الغربية تهدد بشكل مباشر الحكومة الجورجية بعواقب إذا تم تنفيذ قانون العملاء الأجانب.
أما بروكسل، فجددت دعوتها تبليسي إلى ما وصفته بـ"العودة إلى المسار الأوروبي والوفاء بجميع الالتزامات التي أخذتها سلطاتها على عاتقها طوعا من خلال التقدم بطلب للحصول على وضع مرشح لبلادها".
وفي برلين، دعا رئيس لجنة السياسة الخارجية في "البوندستاغ"، مايكل روث، الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ "إجراءات صارمة" ضد القيادة الجورجية.
مسافة آمنة
يعتبر مدير مركز التنبؤات السياسية الروسي، دينيس كركودينوف، أن مخاوف السلطات في جورجيا من استغلال منظمات المجتمع المدني للتدخل بالشؤون الداخلية للبلاد أمر يبرر سن قوانين من هذا النوع تمنع ذلك، وهي سياسة معتمدة في كثير من بلدان العالم.
ويقول للجزيرة نت إن سعي السلطات في جورجيا للإبقاء على مسافة آمنة بين كل من روسيا والاتحاد الأوروبي أدخلها في صراع مع دعاة التوجه الليبرالي الموالي للغرب، والمستعد لأي صيغة "تبعية" حتى لو كان على حساب استقلال البلاد والتضحية بالعلاقات مع روسيا.
ويرى كركودينوف أن تبليسي، رغم العداء الشديد مع موسكو والذي استفحل بينهما بعد حرب أوسيتيا الجنوبية عام 2008، تريد الإبقاء على هامش من الاستقلالية في سياستها الخارجية، وهو ما تمثل في رفض تبليسي الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد موسكو.
وتوقع أنه في حال تم تحويل مشروع القرار إلى قرار ثابت وملزم، فإن المنظومة الغربية لن تتساهل مع الأمر، وستعتبره انقلابا على كافة التفاهمات الموقعة بين تبليسي والاتحاد الأوروبي، مما سيؤدي على الأرجح إلى إنهاء الحلم الجورجي القديم بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أو تجميده إلى أجل غير مسمى.
في المقابل، يرى الكاتب في الشؤون الجورجية، ماموك مدينارادزة، أن جميع "أصدقاء جورجيا وشركائها الدوليين" يريدون رؤية العقوبات ضد السلطات الحالية في تبليسي.
ويضيف في حديث للجزيرة نت أن هذه الإجراءات ستأتي ضمن النظام المعتمد لدى الاتحاد الأوروبي في حالات انتهاكات حقوق الإنسان، معتبرا أن "العالم كله" بات يرى ما تفعله الحكومة الجورجية مع المتظاهرين السلميين، إضافة إلى ما سيفرضه مشروع القانون الجديد على وسائل الإعلام الحرة والمجتمع المدني، حسب تعبيره.
ويتوقع مدينارادزة أن يقوم البرلمان الأوروبي بتعليق أي تفاعل رفيع المستوى مع الحكومة الجورجية، بما في ذلك إعادة توزيع الدعم المالي المقدم لها لصالح المجتمع المدني في البلاد.
ووفقا له، فإن الانتخابات البرلمانية المقبلة (في أكتوبر/تشرين الأول القادم) ستكون حاسمة بالنسبة لجورجيا، لأن تغيير السلطة من شأنه أن يجعل من الممكن إجراء تعديلات على القوانين التي تعيق التكامل الأوروبي للبلاد.
علاوة على ذلك، فإن شركاء جورجيا الغربيين باتوا يشعرون بالقلق من إمكانية استخدام روسيا لجورجيا للتحايل على العقوبات، وأن مشروع القانون الجديد هو خطوة استباقية لإسكات أي صوت يمكن أن يعارض هذه الممارسات، والتي يرجح أن تنهي حلم جورجيا الممتد لعشرات السنين بالتكامل مع الاتحاد الأوروبي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الاتحاد الأوروبی العملاء الأجانب المجتمع المدنی مشروع القانون فی البلاد فی جورجیا
إقرأ أيضاً:
موسكو تتهم كييف والغرب برفض الدبلوماسية لحل نزاع أوكرانيا
عواصم " وكالات": نقلت وكالات أنباء روسية اليوم الأحد عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن روسيا تفضل السبل السياسية والدبلوماسية لحل النزاع في أوكرانيا، لكن كييف والغرب يرفضان هذا المسار.
ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن بيسكوف قوله "مسارنا المفضل هو الوسائل السياسية والدبلوماسية".
وأضاف بيسكوف، دون تقديم دليل، أن موسكو تواصل عمليتها العسكرية في أوكرانيا لأن "كل مقترحات الحوار قوبلت بالرفض، سواء من أوكرانيا أو من الدول الغربية".
من جهة اخرى، أعلنت روسيا اليوم إلغاء عرض كبير للبحرية كان من المقرّر إقامته بمناسبة يوم الأسطول الروسي،، مشيرة إلى "أسباب أمنية"، وفقا لكرملين.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قوله إنّ "الأمر يتعلّق بالوضع العام، والأسباب الأمنية لها أهمية قصوى"، مشيرا إلى إلغاء العرض الذي يقام سنويا منذ 2017 في سانت بطرسبرج (شمال غرب) بمشاركة سفن وغواصات لإظهار قوة البحرية الروسية.
وأعلنت السلطات المحلية في وقت سابق إلغاء العرض البحري وعرض الألعاب النارية التقليدي لمناسبة العيد الذي يُحتفل به في روسيا في الأحد الأخير من شهر يوليو، من دون تقديم أي تفسير لذلك.
من جانبه، هنّأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -الذي كان يحضر شخصيا هذا العرض كل عام- البحرية الروسية في رسالة عبر مقطع فيديو، وأشاد بـ"جرأة" و"بطولة" عناصر البحرية الروس المشاركين في العملية العسكرية في أوكرانيا.
وفي وقت لاحق اليوم الأحد، خاطب بوتين في مؤتمر عبر الفيديو أفراد الجيش المشاركين في مناورات بحرية واسعة النطاق أُطلق عليها اسم "عاصفة يوليو". وقال "نحن نحتفل بالعيد في أجواء من العمل".
وبحسب الرئيس الروسي، فإنّ هذه المناورات التي بدأت في 23 يوليو على وانتهت اليوم في بحري البلطيق وقزوين والمحيط المتجمد الشمالي والمحيط الهادئ، تشمل أكثر من 150 سفينة وأكثر من 15 ألف جندي.
وأشار بوتين من سانت بطرسبرج التي يزورها اليوم الأحد، إلى أنّ "مهمّتنا الرئيسية هي ضمان أمن روسيا وحماية سيادة الوطن ومصالحه الوطنية بحزم. وللبحرية الروسية دور كبير في ذلك"، وفقا للمكتب الإعلامي في الكرملين.
وخلال الأشهر الأخيرة، تعرّضت روسيا التي تخوض حربا في أوكرانيا منذ فبراير 2022، لهجمات يومية بطائرات من دون طيار أوكرانية.
وفي السياق، أفادت وزارة الدفاع الروسية بأنّ الدفاعات الجوية أسقطت حوالى 100من المسيّرات الأوكرانية ليل السبت الأحد.
وتمّ اعتراض أكثر من 10 مسيرات في منطقة لينينجراد غير البعيدة عن سانت بطرسبرغ، حيث أُصيبت امرأة بجروح، حسبما أفاد الحاكم الإقليمي ألكسندر دروزدينكو.
وتسبّبت هذه الغارة أيضا في تعطيل العمليات في مطار بولكوفو في سانت بطرسبرغ حيث تأخّرت عشرات الرحلات الجوية، وفقا لسلطات المطار.
وعلى الارض، أعلن سلاح الجو الأوكراني، في بيان عبر تطبيق تليجرام، اليوم الأحد، أن قوات الدفاع الجوي الأوكراني أسقطت 78 من أصل 83 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية خلال الليل.
وقال البيان إن القوات الروسية شنت هجمات على أوكرانيا، خلال الليل، باستخدام 83 طائرة مسيرة من طرازات خداعية، تم إطلاقها من مناطق أوريل، وكورسك، وشاتالوفو، وميليروفو، وبريمورسكو-أختارسك الروسية، وكذلك من هفارديسكي بشبه جزيرة القرم، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية "يوكرينفورم".
وأضاف البيان أنه تم صد الهجوم من قبل وحدات الدفاع الجوي ووحدات الحرب الإلكترونية ووحدات الطائرات المسيرة وفرق النيران المتنقلة التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية.
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان اليوم الأحد، أن قوات الدفاع الجوي التابعة لها، دمرت 99 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق في البلاد خلال الليلة الماضية.
كما دمرت أنظمة الإنذار للدفاع الجوي 36 فوق أراضي مقاطعة بريانسك، و21 فوق أراضي مقاطعة سمولينسك، و10 فوق أراضي مقاطعة كالوجا، و9 فوق أراضي مقاطعتي فولجوجراد وروستوف".
وأضاف البيان أنه "تم إسقاط أربع طائرات مسيرة فوق أراضي القرم، واثنتين فوق أراضي مقاطعتي فورونيج وكورسك وفوق حوض البحر الأسود، وواحدة فوق كل من أراضي منطقة موسكو، ونيجني نوفجورود، وأوريول، وتامبوف."