إملاءات أمريكية.. هل يتراجع العراق عن إقرار قانون للحشد؟
تاريخ النشر: 26th, July 2025 GMT
في سابقة تحدث لأول مرة منذ تشكيله في عام 2014، أعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن رفضها الصريح لقانون هيكلة "الحشد الشعبي" الذي يعتزم البرلمان العراقي إقراره بطلب من قوى الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم، معتبرة إياه بأنه "يعزز نفوذ إيران" في العراق.
وتشكل الحشد الشعبي على إثر اجتياح تنظيم الدولة للعراق وسيطرته على ثلث مساحته في عام 2014، وذلك باندماج فصائل مسلحة شيعية قريبة من إيران، وأخرى تشكلت في السنة ذاتها بناء على فتوى "الجهاد الكفائي" للمرجع الشيعي الأعلى في النجف علي السيستاني.
"إملاءات أمريكية"
في اتصال حمل ما وصفه البعض "إملاءات أمريكية"، عبّر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، عن مخاوف بلاده بشأن مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي الذي ما يزال قيد المناقشة في البرلمان.
وشدد الوزير الأمريكي خلال بيان رسمي، الثلاثاء، على أن "تشريع هذا النوع من القوانين سيؤدي إلى ترسيخ النفوذ الإيراني والجماعات المسلحة الإرهابية التي تقوض سيادة العراق".
وتحدث روبيو مع السوداني بشأن الهجمات الأخيرة على البنية التحتية للطاقة في إقليم كردستان العراق، بما في ذلك تلك التي تديرها شركات أمريكية، وشدد على أهمية قيام الحكومة العراقية بمحاسبة المتورطين ومنع وقوع هجمات مستقبلية.
وأشار الوزير الأمريكي خلال الاتصال مع رئيس الوزراء العراقي إلى "أهمية دفع رواتب إقليم كردستان العراق بشكل منتظم واستئناف صادرات النفط عبر خط أنابيب العراق-تركيا".
وفي المقابل، أصدر مكتب السوداني بيانا، أكد فيه أنه جرى التطرّق إلى قانون الحشد الشعبي، حيث أشار الأخير إلى أن طرح هذا القانون أمام البرلمان يأتي ضمن مسار الإصلاح الأمني الذي انتهجته الحكومة، وهو جزء من البرنامج الحكومي المعتمد من مجلس النواب.
وأضاف البيان أنه "قد شمل هذا المسار إقرار قوانين مماثلة لأجهزة أخرى ضمن قواتنا المسلحة، مثل جهازي المخابرات والأمن الوطني، وأن الحشد الشعبي هو مؤسسة عسكرية عراقية رسمية تعمل في ظل صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة".
وعلق النائب حسين مؤنس رئيس كتلة "حقوق" في البرلمان العراقي، قائلا: "وصايا الخارجية الأمريكية تسري فقط على أبنائها غير الشرعيين في العراق. أما أحراره فلهم كلمتهم أمام هذا القبح الدبلوماسي، والرد المناسب لهذا التجاوز المضي في إقرار قانون هيئة الحشد الشعبي".
وفي المقابل، وصف الكاتب والمحلل السياسي العراقي، نزار حيدر، النقاط الأربعة التي وردت في بيان الخارجية الأمريكية المتعلق بالاتصال بين روبيو والسوداني، بأنها "املاءات" و"واجبات" يقتضي على الحكومة العراقية تنفيذها، وهذا شيء مؤسف جدا.
وأضاف حيدر خلال مقابلة تلفزيونية، الأربعاء، أنه "دبلوماسيا وسياسيا هي بمثابة تجاوز على سيادة البلد وخاصة السلطة التشريعية في العراق، لأن الوزير روبيو يتدخل ويقول ماذا يجب على البرلمان أن يشرع وما الذي عليه ألا يشرعه".
"بداية الاستدارة"
من جهته، قال رئيس مركز "التفكير السياسي" في العراق، إحسان الشمري، لـ"عربي21" إنه "طيلة الستة أشهر الماضية، لم يتعاط طاقم الرئيس الأمريكي بشكل كامل ومباشر ورسمي مع الملف العراقي، وتجنبوا أي تصريح يمكن أن يعطي مؤشرا على الرؤية الأمريكية تجاه العراق".
وأضاف: "لكن اتصال وزير الخارجية ماركو روبيو مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يمثل بداية الاستدارة نحو العراق بشكل رسمي، خصوصا أنه جرى خلاله وضع ثوابت للسياسة الأمريكية تجاه العراق منها ما يرتبط بنهاية النفوذ الإيراني".
وتابع: "الأمر الآخر، هو قضية تقويض حلفاء إيران في الداخل العراقي سواء على المستوى السياسي أو العسكري، إضافة إلى ذلك قانون الحشد الشعبي وما يمثله من موقف أمريكا تجاه تمريره، فضلا عن طبيعة العلاقة بين بغداد وأربيل وربما هي واحدة من أهم الملفات".
وأوضح الشمري أن "هذه الثوابت التي تحدث بها روبيو مع السوداني تعطي مؤشرا للمقاربة الأمريكية التي سيجري البناء عليها في المستقبل".
وعلى الصعيد ذاته، رأى المحلل السياسي العراقي، أثير الشرع، أن "هناك عدم تفاهم داخلي في العراق، الأمر الذي ولّد تدخلات أمريكية، على اعتبار أنه لم تكن سابقا مواقف واضحة من الإدارة الأمريكية، وإنما كل همها كان يصب في التعاون الاقتصادي".
وأضاف الشرع لـ"عربي21" أن "اتصال روبيو بالسوداني بدا واضحا عدم القبول الأمريكي بتشريع قانون الحشد الشعبي، و ربما تكون هناك جهات عراقية طالبت الولايات المتحدة بالتدخل وعدم السماح بتمريره".
وأشار إلى أن "توترات داخلية أيضا لا تريد بقاء رئيس الحشد الشعبي فالح الفياض في منصبه، وأن تشريع القانون في هذا التوقيت يحجم من دور الأخير والكثير من قادة الحشد الذين يراد منهم الابتعاد بحكم بلوغ سن التقاعد (60 عاما) أو عدم وجود تعاون واضح منهم".
واستبعد الشرع تمرير قانون الحشد الشعبي خلال المدة المتبقية من عمر البرلمان العراقي، رغم وجود تطمينات بأنه سيجري التصويت عليه خلال الجلسات المقبلة، وقبل الوصول إلى موعد الانتخابات البرلمانية في 11 تشرين الثاني المقبل.
ولفت إلى أن "الحكومة العراقية تصف الحشد الشعبي بأنه مؤسسة رسمية تحت إمرة القيادة العامة للقوات المسلحة وتأمر بأوامر داخلية وليست خارجية، ويحاولون التفريق بين الحشد وبعض الفصائل، لكن الولايات المتحدة تعرف جيدا من هي الجهات التي لا تنتمي للحشد".
توتر العلاقات
وبخصوص كيفية تعاطي بغداد مع المقاربة الأمريكية، قال الشمري إن هناك قلقا كبيرا من رؤية الولايات المتحدة تجاه العراق، وهذا أحدث انقساما داخل الإطار التنسيقي، وأن أطرافا رفضت ما أسمته "وصاية" أمريكية، بينما تنتظر الحكومة مسارا آخر من واشنطن.
وأعرب الشمري عن تصوره بأن "البناء على هذه المقاربة الأمريكية يعتمد على طبيعة الحل الذي تقدمه الحكومة والإطار التنسيقي مع هذه الملفات التي طرحها روبيو، وقد يكون هناك تقدم في ملف الرواتب والعلاقة مع إقليم كردستان".
وتابع: "لكن سيكون صعبا مع النفوذ الإيراني وتفكيك السلاح، مع وجود تعنت لفصائل مسلحة حول تأجيل تمرير قانون الحشد الشعبي، وهذا قد يؤدي إلى وجود نوع من التوتر في العلاقة الدبلوماسية بين واشنطن وبغداد نتيجة عدم الاستماع إلى النصائح".
ولم يستبعد الشمري أن "تعلق واشنطن التعاون الأمني والعسكري مع بغداد وفق اتفاقية الاتفاق الاستراتيجي، إضافة إلى إمكانية فرض عقوبات على كيانات ومؤسسات وشخصيات، وذلك وفق مذكرة الرئاسية التي وقعها ترامب سابقا ضد إيران، والتي ذكرت العراق والجماعات القريبة من طهران".
من جانبه، قال الشرع إنه "بات واضحا جدا، أنه بالفعل ثمة توترات قادمة بين الولايات المتحدة وبين العراق، وذلك عندما نتابع تصريحات بعض قادة الفصائل المسلحة تجاه واشنطن، والذين هم جزء من الحكومة الحالية ومشاركين في العملية السياسية".
ولفت الشرع إلى أن "إصرار الكتل السياسية الشيعية على تمرير قانون الحشد الشعبي من غير التوصل إلى تفاهمات داخلية، سيعقد من المشهد السياسي الداخلي، لأن الولايات المتحدة عازمة على عدم تمرير بعض القوانين التي تضر بنوع العلاقة بينها وبين مؤيديها في العراق".
وأوضح أن "هناك جهات سياسية من كل المكونات- ليس فقط من السنة والكرد- لا تريد تمرير هذا القانون، وذلك للحفاظ على المكتسبات التي حققوها خلال الدورة البرلمانية الحالية أو الدورات السابقة".
واستبعد الشرع تمرير قانون الحشد الشعبي حاليا، لأنه "يواجها رفضا كبيرا، لكن إذا جرى تعديل بعض الفقرات فيه- بالشكل الذي يرضي أمريكا- فإنه ربما يمضي، وذلك بتوحيد الخطاب الذي يبعث برسائل إيجابية للولايات المتحدة بأن كل الكتل السياسية متفقة على إقراره".
بعد الفشل في تمريره منذ شباط/ فبراير الماضي، كشف رئيس البرلمان، محمود المشهداني، منتصف الشهر الجاري عن رسائل أمريكية وصلت إلى جميع القادة السياسيين ترفض إقرار القانون، وكان نصها: "نحن نتفهم تمسككم بالحشد الشعبي، لكن أصحاب القرار الأعلى في أمريكا لا يتفهمون ذلك".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية البرلمان العراقي قانون الحشد العراق البرلمان تدخل أمريكي قانون الحشد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تمریر قانون الحشد الشعبی الولایات المتحدة فی العراق إلى أن
إقرأ أيضاً:
السجن المؤبد لعراقي أدين بالترويج لـالكيان الصهيوني عبر مواقع التواصل
أصدرت محكمة عراقية حكما بالسجن المؤبد بحق مدان عن جريمة الترويج “للكيان الصهيوني” على صفحات التواصل الاجتماعي.
وقال مجلس القضاء الأعلى في العراق ، في بيان صحافي الجمعة، إن محكمة جنايات الكرخ ببغداد أصدرت حكما بالسجن المؤبد بحق مدان عراقي عن جريمة الترويج لأفكار وسلوكيات للكيان الصهيوني ودعمه للتطبيع عن طريق نشر صور ومقاطع فيديو على صفحات التواصل الاجتماعي”.
وأوضح أنه “تم ضبط كتب وصحف باللغة العبرية في منزله” ، مشيرا إلى أن “قرار الحكم صدر بحق المدان وفقا لأحكام قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني لسنة 2022”.
وأواخر عام 2022 أقر مجلس النواب العراقي مشروع قانون لحظر التطبيع مع الاحتلال.
ويتضمن قانون "حظر التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني" عددا من الفقرات المهمة، أبرزها تجريم أي نوع من التعاون أو التعامل السياسي والأمني والاقتصادي والفني والثقافي والرياضي والعلمي، وتحت أي نشاط أو عنوان كان، مع الكيان الصهيوني".
ويؤكد القانون أن العراق بحالة حرب مع دولة الاحتلال وكل ما يصدر من أفراد، أو مؤسسات، أو جماعات، أو حركات، أو أحزاب، يخل بهذا المفهوم بما يصب في دعم وجود الاحتلال ماديا أو معنويا، يدخل ضمن جرائم الخيانة العظمى التي توجب أحكاما بين الإعدام والسجن المؤبد، وفقا لقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
كما يتضمن القانون حظر التعامل مع الشركات والمؤسسات التي تتعامل مع هذا الكيان أو تعتبر داعمة له أو ترتبط به.
وفي أيلول/ سبتمبر 2021، عقدت شخصيات عشائرية مؤتمرا بعنوان "السلام"، في أربيل (مركز إقليم كردستان العراق)، ودعت إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في حدث عراقي غير مسبوق.
وأثارت هذه الدعوة استنكارا سياسيا وشعبيا واسعا ومطالبات بمعاقبة القائمين عليها والمشاركين فيها.