دبي (الاتحاد)
في فعاليات اليوم العالمي للمتاحف، تبرز العديد من المتاحف في دولة الإمارات لترسم لوحة متفردة من التاريخ الإنساني تعكس التنوع والموروث الثقافي والمعرفي للحضارة العربية والإنسانية، لتجسد جسراً بين الماضي والحاضر، عبر مجموعة واسعة من المقتنيات الأثرية والفنية التي تحكي قصص الشعوب والحضارات التي ازدهرت على هذه الأرض.

في قلب مكتبة محمد بن راشد، ينبض معرض الذخائر بروح التاريخ والتراث، حيث يضم أكثر من 300 قطعة نادرة من الكتب والأطالس والمخطوطات القديمة، التي يعود بعضها إلى القرن الثالث عشر، والتي تشكل نوافذ على العصور المختلفة. ومنذ اللحظات الأولى التي تطأ فيها قدماك المعرض، تجذبك كل زاوية وركن، ويأخذك الإبداع إلى أبعد الحدود ليبحر بك في عالم عميق من المعرفة والتاريخ، حيث يشكل متحفاً ثقافياً حضارياً عبر مجموعاته النادرة والفريدة. ويعكس معرض الذخائر، الدور الحيوي للمتاحف في الحفاظ على الإرث الثقافي ونقله للأجيال القادمة. بتصميمه الفريد ومحتوياته الثمينة، ويقدم تجربة تعليمية ممتعة تتناغم مع أهداف اليوم العالمي للمتاحف، ليكون بوابة للتواصل الثقافي والفكري بين مختلف الشعوب والحضارات.
أمهات من الكتب
يضم معرض الذخائر، الأعمال الكاملة للأديب والشاعر والكاتب المسرحي الإنجليزي وليام شكسبير، ومن بينها طبعة لندن 1632، الإصدار الأول من الطبعة المنقحة لأعماله، والتي تحوي 36 من مسرحياته، بالإضافة إلى قصيدة «الشهنامة» الملحمة الفارسية الشهيرة، و«الكوميديا الإلهية» لدانتي، والتي تعتبر أحد أعمدة الأدب الإيطالي، ورواية «البؤساء» لفيكتور هوغو، والتي تروي قصص الكفاح والظلم والعدالة.

ويعكس وجود هذا الكم الكبير من أمهات الكتب من مختلف أنحاء العالم في معرض الذخائر دور مكتبة محمد بن راشد في الحفاظ على الإرث الإنساني والكنوز الأدبية والثقافية، ونقلها جيلاً بعد جيل، تماشياً مع رؤيتها لتعزيز المجال الثقافي والأدبي.
نسخ نادرة من القرآن
يحتضن المعرض، 40 نسخة نادرة من القرآن الكريم، وما يقارب 40 قطعة قرآنية نادرة بين مخطوط ومطبوع، تضم أقدم النماذج الرق المكتوبة على الجلد، وأجمل المصاحف المخطوطة بخط اليد، بالإضافة إلى مجموعة من أوائل الترجمات للقرآن الكريم المطبوعة بلغات مختلفة وطبعاتها الأولى، والتي تتميز بزخارفها الفريدة وتقنيات الكتابة المتقدمة التي استخدمت فيها، لتعكس براعة الخطاطين الذين كتبوا النصوص بخطوط رائعة ومزخرفة، مما يجعل كل مصحف قطعة فنية فريدة من نوعها.

وتتميز العديد من الرقع القرآنية والمصنوعة من الجلود، والتي تعد من أقدم النماذج التي وصلت إلينا، وتمثل بداية الإسلام وكتابة القرآن الكريم، بالكتابة البسيطة وغير المزخرفة، حيث استخدم الخطاطون الخط الكوفي في كتابة هذه الرقاع، ثم تطوّرت أنواع الخطوط والزخارف المستخدمة وتوسع رقعته، ليبدأ استخدام الألوان والذهب في الكتابة على الرقاع.

أخبار ذات صلة محمد المر: مؤلفات محمد بن راشد ستبقى نبراساً ينير درب الأجيال مكتبة محمد بن راشد تختتم مشاركتها الثالثة في «أبوظبي للكتاب»

ومن بين هذه النسخ، مصحف من العهد القاجاري، مكتوب بخط النسخ، بواقع خمسة عشر سطراً في الصفحة، والذي نسخه محمد شفيع بن علي عسكر الأرسنجاني، بينما زخرفه ونمقه الفنّان رضا ساني همايون، بالإضافة إلى مصحف من العهد المغولى بالهند، والذي يعود للقرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي، والمكتوب بخط النسخ مع لوحات متعددة الألوان.

كما يضم المعرض مصحفاً كبير الحجم من العهد العثماني، مكتوباً بخط النسخ المجوّد، حيث حُلّيت واجهة المصحف على الجانبين برسومات موردة تحيط بسورة الفاتحة، وبداية سورة البقرة ومن حولها زخارف مورقة متعددة الألوان وإطارات وحواف مذهبة.

الأطالس والمجلدات
يضم معرض ذخائر المكتبة، الطبعات الأولى من كتب الرحلات إلى الجزيرة العربية، وكتب وصف منطقة الشرق الأوسط، ومجموعة ثمينة من الخرائط الأوروبية والعثمانية للجزيرة العربية من القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر، من بينها خريطة بطلمية مذهبة وملونة للجزيرة العربية مطبوعة في العام 1482، إلى جانب احتضانه مجموعة نادرة من المجلدات والأطالس أبرزها: أطلس مايور «المركب» طبعة أمستردام-هولندا 1680-1686م، أحد أعظم وأروع الأطالس، لفريدريك دي فيت، الذي جمع فيه الكثير من الخرائط خلال العصر الهولندي الذهبي، حيث ازدهر الإبداع الفني والبحث العلمي والاستكشافي، فكان أطلس دي فيت بألوانه النابضة بالحياة أطلساً للبر والبحر معاً. ويعتبر الأطلس النسخة الأخيرة من أطلس جوان بلاو.
أدوات الكتابة
من ضمن المقتنيات النادرة التي يحتويها معرض الذخائر، مجموعة أدوات الكتابة التي استخدمت على مر العصور، منها سكاكين ومقطات الأقلام من العهد العثماني والسلجوقي، بالإضافة إلى محابر ومقلمات تعود إلى فترات زمنية متنوعة. من بين القطع النادرة، توجد محابر معدنية مطعمة بالفضة والنحاس من العهد السلجوقي، ومحابر أثرية من العهد البيزنطي، ومقلمة ذهبية مرصعة بالأحجار الكريمة من سلطنة الدكن.

تعد أدوات الكتابة شواهد على الحرفية العالية والتقنيات المتقدمة التي استخدمها الخطاطون عبر التاريخ. وعلى سبيل المثال، فإن سكاكين الأقلام، صنعت بدقة لتتيح للخطاطين تشكيل وصيانة أقلام القصب والخيزران، وهي الأدوات الأساسية في كتابة المخطوطات. كما صنعت المحابر والمقلمات، من مواد متنوعة مثل الفضة والنحاس والذهب، لتعكس الثراء الفني والفكري للعصور التي تنتمي إليها، ما يضفي بعداً جديداً على فهمنا لتاريخ الكتابة والخط العربي.
يهدف معرض الذخائر إلى تحفيز الشغف بالمعرفة والحفاظ على الإرث الثقافي، إلى جانب تعزيز الفهم المتعمق للتاريخ والثقافة الإنسانية من خلال عرض مقتنياته الثمينة، بالإضافة إلى بناء جسر بين الماضي والحاضر، مشجعاً الزوار على استكشاف العصور السابقة وفهم تطور الإنسانية.
يسهم المعرض في تعزيز التفاعل بين الجمهور والمقتنيات التاريخية، من خلال تنظيم المعارض الدورية والفعاليات الثقافية وتقديم ورش عمل ومحاضرات تتناول موضوعات متنوعة مثل فن الخط العربي، وتقنيات الكتابة والزخرفة، وتاريخ المخطوطات، والتي تتيح للزوار فرصة للتفاعل مع الخبراء والمتخصصين، ما يثري تجربتهم ويعمق فهمهم للتاريخ والثقافة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: مكتبة محمد بن راشد الموروث الثقافي الحضارة العربية الإسلامية مکتبة محمد بن راشد معرض الذخائر بالإضافة إلى نادرة من من العهد من بین

إقرأ أيضاً:

مكتبة مصر العامة بالأقصر تفتتح الصالون الثقافي الصيفي بندوة لـ بيت العائلة بعنوان" السلام والمحبة"

عقد بيت العائلة المصرية بمكتبة مصر العامة بالأقصر، ندوة بعنوان "المحبة والسلام"، وذلك تحت رعاية الشيخ محمد الطيب رئيس الفرع، والشيخ محمد الرملي حسين الأمين العام لبيت العائلة المصرية، انطلاقًا من دور بيت العائلة في العمل على بث روح التسامح ونشر ثقافة السلم والتعايش المشترك، وتأكيد مبدأ المواطنة بين جموع الشعب المصري.

وقال القس أرمانيوس فريد، الأمين المساعد لبيت العائلة المصرية في بداية الندوة إن الوطن الذي نعيش فيه ننتمي إليه باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الانتماء للدين، مشيرًا إلى أن حب الوطن ليس مجرد أنشودة ولكن حب يستوجب العمل الجاد من أجل النهوض والارتقاء به.

وأكد ضياء الدين أحمد محمد منسق عام بيت العائلة بالأقصر على أهمية التنشئة السليمة لأبنائنا بما يسهم في التقريب بين أبناء الوطن الواحد والعمل على تنشئة أجيال قادرة على العيش معا في سلام.

وكانت مكتبة مصر العامة بالأقصر بقيادة الدكتور محمد حساني قد دشنت موسمها الصيفي الثقافي، والترفيهي والاجتماعي لأبناء الأقصر بفعاليات متعددة تستهدف الفئات العمرية المختلفة لأهالي الأقصر سواء داخل المكتبة أو خارجها من خلال المكتبة المتنقلة التي تطوف بقرى ونجوع الأقصر بما يحقق رفع المستوى الثقافي، وتوفير الأنشطة التي يحتاجها المواطن الأقصري في مختلف المراحل العمرية.

مقالات مشابهة

  • ‎إطلاق أول لقاح للسرطان في العالم
  • رحلة من الإبداع في مكتبة محمد بن راشد الشهر الجاري
  • ابتكار تقنيات مستدامة ضروري لحل أزمة شح المياه
  • مكتبة مصر العامة بالأقصر تفتتح الصالون الثقافي الصيفي بندوة لـ بيت العائلة بعنوان" السلام والمحبة"
  • 50 لوحة فنية في افتتاح معرض تشكيلي بحديقة مكتبة مصر الجديدة.. غدًا
  • معرض طهران الدولي للكتاب
  • شراكة بين صندوق محمد بن راشد للابتكار و«أزور إكس»
  • حوارات مثمرة في اجتماع الجمعية العالمية لفسيولوجيا الجاذبية
  • محمد بن راشد للابتكار يبرم شراكة استراتيجية مع «أزور إكس»
  • لقاءات أدبية وورش فنية لإكتشاف الموهوبين بثقافة الفيوم