جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-14@13:50:02 GMT

الكويت.. مرحلة جديدة

تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT

الكويت.. مرحلة جديدة

 

 

 

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

"إن الوثائق والحقائق أدوات أساسية للمؤرخ، لكنها لا تشكل التاريخ في حد ذاته؛ فالوثيقة قد تُغيِّر مفاهيم خاطئة أو متوارثة، ربما تكون أخذت ثوب الحقيقة في غير إستحقاق" - إدوارد كار.

وما زال التاريخ وصفحاته تكتب وتدون، وتذكر وتؤكد وتنفي، إذن لا جديد، هذا التاريخ، وهذا ديدنه، والمؤكد أنه لا يوجد جديد، فمن يكتب التاريخ هو إنسان، والإنسان كتلة مشاعر، ومبادئ معينة وانتماء معروف، من شرفني بقراءة ما أكتب في السابق كنت ألمح تارة وأؤكد تارة أن التاريخ كتاريخ ليس بالضرورة أن تكون صحته 100%، لماذا؟ لأن من يكتبه إنسان، والإنسان كإنسان يستحق التكريم والاحترام وهو الذي سبقنا به رب العزة إذا قال تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ" (الإسراء:70).

لذلك في كتابة التاريخ مسؤولية جسيمة على الكاتب، والأفضل له إما أن يقول ويكتب بضمير حي، أو ينزوي جانبا ويترك الكتابة لما هو أهلا لها.

لذلك، أحيلك إلى عبارة في واجهة هذا المقال قالها المؤرخ البريطاني إدوارد كار، ومعناها واضح، أي لا تصدق كل شيء وأي شيء؛ بل حرِّك حسك النقدي، فليس كل دليل ذا وجاهة.

وفي مسيرة الأمم تحدث تطورات وتقدم وتأخر، وما لها وما عليها، هناك أمور تستلزم التوقف لمزيد من الرؤية لكامل الصورة، ولتنقيح ما يستدعي التنقيح، وحذف وإضافة وتعديل، العديد من الأمور يتم التحدث عنها أو بشأنها كمسلمات لا يمكن مسها؛ بل يصل الأمر لأقرب من التقديس لها، ولا قداسة إلّا لله جل في علاه.

وفي الكويت تاريخيا، وفي سنة 1962، توافق مجلس الأمة مع الحكومة على إصدار الدستور بعد مناقشات مستفيضة وتفصيلية، بعدها تم استصدار الدستور والذي يسمى بـ"دستور 62"، وهو وثيقة تاريخية تنظم علاقة الحاكم والمحكوم في دولة الكويت. اللافت في هذه الوثيقة أنها أتت لما تم استبدال معاهدة الحماية مع بريطانيا الموقعة في 1899 بعهد الشيخ مبارك الكبير، باتفاقية الصداقة والتشاور في 19 يونيو 1961. وفي عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح، أي بعد عام من الاستقلال، ومن ضمن بنود الاتفاق أن يُنظر إلى الدستور ويُراجع كل خمسة سنوات ليتم تنقيحه لمزيد من الحريات، إنما منذ ذاك الحين لم يُمس الدستور؛ حيث أصبح وكأنه ممنوع الاقتراب منه، مع أن التنقيح والتعديل والحذف والإضافة ولمزيد من الحريات وللمصلحة العامة بناء على ما يتجدد من ظروف وإرهاصات، أمرٌ مهمٌ جدا، وفيه فائدة، إلّا أنه لم يُمَس، هذا ما حصل، بعيدًا عن تأييد أو رفض ذلك.

قبل أيام، تحدث أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح -حفظه الله ورعاه- بخطاب للشعب، ومع سماع أو قراءة الخطاب ستجد أنه لا يحمل مفاجأة للمتابع؛ بل الخطاب هو تسلسل طبيعي لخطابات سابقة، فقد حذّر صاحب السمو في يونيو 2022، من بعض الممارسات للسلطتين، وبعدها تحدث في الخطاب الأميري بافتتاح مجلس الأمة السابق بشكل واضح عن بعض أوجه الخلل، وحذر من إجراءات شديدة الوقع، لكن يبدو أن هناك من لم يفهم الخطابات الواضحة. الخطر ليس من الديمقراطية؛ فهي -وبحسب الخطاب- مُصانة ولا خلاف عليها، والدستور هو الوثيقة التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، لكن ما الذي جرى؟

الذي جرى باختصار هو تنافس غير محمود بين السلطتين، تدخلت فيه سلطة القضاء بعدة مرات وأصدرت أحكاما أثارت جدلا في الساحة السياسية، وهي مرحلة كان كل حدث بها محل جدل، ومحل نقاش. هنا ليس القصد تبرئة فلان وذم علان، المسؤولية يتحملها الكثير، وأولهم السلطتان التشريعية والتنفيذية؛ حيث زخرت الساحة بممارسات وترضيات وإملاءات، وتعيينات مناصب على طريقة الركل إلى أعلى!

ومنذ فترة ليست بالقصيرة نادى الكثيرون بمراجعة الدستور وبحث المثالب لتصحيحها، والمزايا لتعزيزها، ولاحياة لمن تنادي!

الكويت بخيرٍ؛ سواءً بوجود النفط أو قبل النفط، ومن يقرأ تاريخ الكويت سيفهم كلامي جيدًا، وقوة الكويت في العلاقة الوثيقة الرابطة بين الحاكم والمحكوم، ولا شك أن الحريات مصانة وما زالت، والدستور قائم ولم يُلغ، إنما عُطِّلَت بعض مواده للدراسة والبحث حتى يتم التنقيح -إن حصل- للأفضل ولمزيد من الحريات، وكذلك لوضع بعض النقاط المنظمة للعلاقة بين السلطتين بما يضمن استمرار المسيرة بشكل سلس، وبدون أن تقفز سلطة في مكان سلطة!

العقد شريعة المتعاقدين، ولا يوجد شك في احترام وتقدير سمو الأمير -حفظه الله ورعاه- لهذه الوثيقة المُهمة، وأعتقد أن ما قام به سموه من صميم مسؤولياته الجسيمة كرئيس للدولة لتعديل اعوجاج، وتمهيد الطريق نحو ممارسة ديمقراطية مسؤولة تكون سياجًا للوطن، وليست ثغرة تُدخِل إليه ما يضر.

الملاحظات التي أوردها الخطاب وجيهة، والثقة في حكمة سمو الأمير لا حدود لها، وهو قائد السفينة وربانها، ويعرف تمامًا ماذا يقول، وماذا يفعل.. وفَّقه الله لما يحبه ويرضاه.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دستور .. يا أمل

"ماجنا كارتا"، عبارة لاتينية تعني الميثاق العظيم، صاغه نخبة من النبلاء الإنجليز 1215 بهدف مجابهة استبداد النظام الملكي، إلا أنها أصبحت فيما بعد رمزاً مهماً لمبادئ الحرية والديمقراطية في تاريخ الحضارة الغربية، حيث يعتبر الدستور هو القانون الأعلى والأسمى متضمنا مجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمبينة لحقوق الشعب والواضعة للأصول الرئيسية التي تنظم حدود السلطات الثلاثة.

فعقب تنحي مبارك وسقوط نظامه لم يتشبث الإخوان وحلفاؤهم السلفيون بقضية قدر تشبثهم بقضية كتابة الدستور، ومن أجل هذه الغاية الشريرة انقلبوا على أصحاب الثورة الحقيقيين من الشباب والقوى المدنية، ثم أذعنوا للمجلس العسكري بشكل تكتيكي وقدموا له قرابين الولاء والطاعة، لقد كان حجر الزاوية في كتابة دستورهم المعيب محض فلسفة استعلائية وغيبية تضفى على أصحابها هالات سماوية ليست لهم وتعلي من قدرهم فوق الآخرين، مما يجعلهم فوق النقد أو المحاسبة، هذا الاستعلاء النظري والعملي يضع الإخوان كجماعة ربانية بحسب قول البنا؛ لذا استغلوا العاطفة الفطرية للدين منتهزين نسبة الفقر والجهل الكبيرة في المجتمع، فهذه الجماعة المنافقة لا تؤمن أساسا بالديمقراطية لأنهم في قرارة أنفسهم يعتبرونها نظاما وضعيّا كافرا، ولكن لا بأس إذا كان يمكن توظيفها في الوصول للسلطة. هذه التقية السياسية ساهمت فى تشويه وجه الدين الحنيف عند العوام، لقد تصور الإخوان أن كتابة الدستور منفردين سيضمن لهم الإمساك بتلابيب السلطة إلى ما لا نهاية بعدما كتب ترزيتهم مواده المتضاربة بصياغة ركيكة اللغة فارغة المحتوى قابلة للتأويل والالتباس بتحمليها معاني شائكة مما سيفسح المجال مستقبلاً لتحصين منظومة قوانين قمعية بصبغة دينية تمهد الطريق إلى استنساخ النموذج الإيراني بإقامة الجمهورية الإسلامية السنية تحت ولاية المرشد، فهم يعتبرون العلاقة بين المواطنين وحاكمهم علاقة رعية وراعٍ وليس على الرعية سوى الطاعة والدعاء للخليفة.
يقينا لم يتصور عاقل أن الإخوان ينتوون التخلي عن السلطة بطريقة سلميه سواء بالانتخابات الديمقراطية أو غيرها، فهم انتظروا وعد التمكين الإلهي ثمانين عاما، إن المتأمل في واقع التجربة الإخوانية وصراعها الدائر إلى الآن مع الدولة يجد بما لا يدع مجالًا للشك حجم الأخطاء الجسيمة التي ارتكبوها أكثر من العد والحصر، ولا تزال أسرار جديدة تكتشف كل يوم آخرها القنبلة التي فجرها الممثل جورج كلوني دون أن يشعر في معرض حديثه العفوي عن بدايات علاقته بزوجته أمل علم الدين، وأشار خلالها إلى دورها السري الكبير في كتابة دستور الإخوان وهو ما مثل فضيحة مدوية تثبت تورط الإخوان مع جهات أجنبية، وهو ما أربك أبواق الإخوان التي تدرك حساسية وقبح فكرة الخيانة الوطنية لدى المصريين؛ لذا حاولوا بشتى الوسائل نفيها أو الالتفاف حولها أو تبريرها، فشخصية أمل كلوني مثيرة للجدل بسبب نشأتها في لندن وما أدراك ما لندن التي فرت إليها مع عائلتها الدرزية هرباً من الحرب الأهلية وهي بنت عامين حتى تخرجها من جامعاتها وأثناء وجودها في نيويورك اختيرت من بين آلاف المحامين للعمل في محكمة العدل الدولية! وكانت أيضا ً محامية صحفي الجزيرة الكندي محمد فهمي وغني عن البيان العلاقة الوثيقة بين الدروز والكيان الصهيونى.
كلما تذكر المرء الأوقات العصيبة التى مرت على مصر في العقد الماضى تنتابه قشعريرة تهزّ الأبدان من هول وقبح ما جرى لكنه في نفس الوقت يقول بكل امتنان الحمدلله الذي نجانا من القوم الظالمين.

مقالات مشابهة

  • عزيزي (ميدو): دورينا ليس (سبوبة)
  • الحباشنة يكتب..مجلس النواب أمام اختبار ضبط الخطاب وحماية استقرار الدولة
  • دستور .. يا أمل
  • العقبة الاقتصادية تتجه نحو مرحلة جديدة من التطوير والاستثمار
  • مجموعة CFI المالية تُطلق مرحلة جديدة من التوسّع العالمي استعدادًا لعام 2026
  • المالية تُطلق مرحلة جديدة من التوسّع العالمي استعدادًا لعام 2026
  • بعد حل مجلس النواب.. تايلاند تدخل مرحلة سياسية جديدة
  • وزارة المالية تدشن مرحلة جديدة لإصلاح محاسبة الجماعات الترابية
  • من إلغاء قيصر إلى إعادة الإعمار.. مرحلة جديدة تنتظر الاقتصاد السوري
  • البذاءة بوصفها إستراتيجية جمالية للمقاومة وتفكيك السلطة