الدعم السريع وإهانة الأسرى هل نجرؤ على تنظيف الجرح كاملا!
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
رشا عوض
إذلال الأسرى والعبث بكرامتهم وتوثيق ذلك أمام الكاميرات (قول باع، الصفع والركل والشتم فضلا عن الجرائم البشعة التي تتم داخل معتقلات استخبارات الدعم السريع) كل ذلك هو جريمة حرب وفعل يفتقر إلى المروءة تماما، إذ ليس في إهانة الأسير أي بطولة فهو شخص أعزل منزوع السلاح، ولذلك فإن ما نشهده من إهانات للأسرى مدان بلا مواربة!
ملف الأسرى في حروب السودان منذ حرب الجنوب قبل الانفصال، مرورا بحروب جبال النوبة ودارفور وجنوب النيل الأزرق وصولا إلى حرب 15 أبريل 2023 اللعينة التي نتمناها آخر حروبنا، هو ملف حافل بمشاهد مروعة ومخجلة من القتل والتعذيب تقف شاهدا على فساد منظومتنا العسكرية: جيش ودعم سريع وآمن واستخبارات.
كانت أكبر صفعة لمهنية وقومية الجيش السوداني عندما سلم زعيم الحركة الشعبية جون قرنق أسرى الجيش السوداني للصليب الأحمر بعد توقيع اتفاقية نيفاشا فيما فشل الجيش في أن يسلم أسيرا واحدا في حرب استمرت لثلاثة وعشرين عاما! لأنه ببساطة كان يقتل الأسرى! وكانت منهجيته في التعامل مع الأسرى هي مقولة أحمد هارون التي نقلها التلفزيون الرسمي: (اكلو ني ما تجيبو حي وما تعمل لينا عبء إداري)
وقد رأينا كيف كان التعامل مع أسرى حركة العدل والمساواة بعد عملية الذراع الطويل وبعضهم دون الثامنة عشرة!
“خور أب عفن” في جنوب كردفان يشهد على القتل والتعذيب الذي تعرض له مئات أو آلاف المواطنين ليس فقط من الأسرى، بل مجرد المشتبه في تعاونهم مع الحركة الشعبية!
وفي هذه الحرب رأينا الأسرى يتم ذبحهم وسلخهم ونزع أحشائهم بعد قتلهم، ورأينا رؤوس المدنيين تقطع ويتم التلويح بها وكل ذلك بواسطة منسوبي الجيش!
طبعا سيتكالب “البلابسة” على هذا المقال مرددين محفوظاتهم: أنتم لا تدينون الدعم السريع إلا بشرط ان يكون ذلك مقرونا بإدانة الجيش!
وردي هو : نعم بالحيييييل! فأنا لست ممن ترهبهم أبواق الضلال والنفاق الكيزاني فيخضعون لابتزازها، ولست من خفاف العقول الذين تنطلي عليهم أباطيل المثقفين النافعين الذين يحاولون إغراقنا في شبر ماء المفاضلة بين الجيش والدعم السريع عبر تضخيم الفرق بينهما لصالح الجيش على أسس واهية لا تصمد أمام أي نقاش عقلاني! منها على سبيل المثال هذا جيش نظامي عمره مائة عام، وفي الحفاظ عليه حفاظ على الدولة إلى آخر الترهات!
أهم معيار لتقييم الجيش من وجهة نظري هو نوع علاقته بالمواطنين ومدى احترامه لمدنية وديمقراطية الدولة، جيوش النازية والفاشية كانت أكثر نظامية بما لا يقاس من جيشنا فهل هي جديرة بالاحترام؟ وبالمناسبة معايير النظام والنظامية لو اختزلناها في وجود سيستم قيادي وإداري صارم، فإن عصابات المافيا لها نصيب وافر من الدقة في التنظيم فهل المافيا مؤسسة خيرة!
بعيدا عن ذلك كله، فإن نظامية الجيش تبددت وتم نسفها نسفا تحت معاول الهدم الكيزاني لدرجة أن قيادات بمستوى رئيس هيئة الأركان في الجيش تخضع لتحقيقات أبلة سناء نيابة عن حزب سياسي أرعن! أما الحفاظ على الدولة فلا أدري كيف حافظ جيشنا الهمام على الدولة؟ حتى لو بصمنا بالعشرة على سردية الكيزان ومثقفيهم النافعين بأن الخطر الماحق على الدولة السودانية هو الدعم السريع، فهذا يعني ضمنا أن الجيش أكثر تهديدا للدولة؛ لأنه هو المصنع الذي أنتج الدعم السريع! ألم يخرج من رحمه! ألم يؤد الخلل البنيوي في الجيش إلى فشله في حسم الحروب الأهلية، فتحول إلى مصنع لإنتاج المليشيات وحتى في أثناء هذه الحرب ما زال الجيش يتوكأ على المليشيات، ومنها البراء بن مالك ومليشيات مالك عقار وجبريل ومناوي وتمبور وفرفور وقنبور والحبل على الجرار! فما هو المنطق في الاعتماد على جيش كهذا في تخليص البلاد من المليشيات؟!
إن مسؤولية الكاتب كما أفهمها هي إضاءة كل الزوايا المعتمة في الشأن العام، لا تسليط الضوء بصورة انتقائية على زوايا بعينها والتعامي عن أخرى! فحتى يكون الناس على بصيرة من أمرهم يجب إضاءة الملعب كاملا!
أعاهدكم قرائي وقارئاتي أنني لن أكتب أنصاف الحقائق؛ لأن أنصاف الحقائق في سياقات معينة تكون من أسوأ وأخطر الأكاذيب!
ولن نخرج من أزمتنا هذه إذا رسمنا خارطة طريقنا نحو المستقبل بأنصاف الحقائق!
عنوان أزمتنا الوطنية هو فساد المنظومة العسكرية والأمنية بأكملها، تلك المنظومة التي مارست القتل والتعذيب والإذلال ضد المواطن السوداني، واستنزفت الثروة القومية، وعندما ضربها فيروس الكيزان تضاعفت وحشيتها أضعافا مضاعفة كما أصبحت بطبيعتها البنيوية مهددا وخطرا ماحقا على وجود الدولة السودانية.
الوسومرشا عوضالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: رشا عوض الدعم السریع على الدولة
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني وحلفاؤه يتصدون لهجوم عنيف في الفاشر
الفاشر- أفادت مصادر عسكرية للجزيرة نت بأن الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح تمكنوا اليوم الأحد من صد هجوم واسع شنته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في إقليم دارفور غرب السودان.
وفي ساعات الفجر الأولى، بدأت قوات الدعم السريع هجومها بقصف مدفعي مكثف، تلاه هجوم بري من الاتجاهين الشمالي والشمالي الشرقي للمدينة. كما حلقت طائرات مسيّرة بكثافة في أجواء المدينة خلال المعارك، مما زاد من حدة التوتر في المنطقة.
وأوضحت المصادر أن المواجهات اندلعت في المحورين الشمالي والشمالي الشرقي، حيث استخدمت فيها أسلحة ثقيلة وخفيفة. ونجحت قوات الجيش والمجموعات الحليفة في السيطرة على عدد من الآليات العسكرية وتدمير أخرى، مما يعزز موقف الجيش الدفاعي داخل المدينة المحاصرة.
وقال العقيد أحمد حسين مصطفى، المتحدث العسكري باسم القوة المشتركة، للجزيرة نت إن الهجوم أسفر عن مقتل العشرات من عناصر الدعم السريع، بينما فرّ آخرون.
وأكد أن القوة المهاجمة، المعروفة باسم الكتيبة الإستراتيجية، تتمتع بتدريب عالٍ وكفاءة متميزة وجاءت بتوجيهات من القائد الثاني للدعم السريع عبد الرحيم دقلو حيث تم تدمير 6 مدرعات وحرق 10 سيارات قتالية، بالإضافة إلى الاستيلاء على عتاد عسكري وأسلحة كانت بحوزتهم.
وأضاف أن "المليشيات حاولت التسلل عبر دفاعات المدينة من الناحية الشمالية، لكن وحدات الاستطلاع والمشاة تصدت لهم بقوة، مما أجبرهم على التراجع بعد تكبدهم خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات".
كارثة إنسانيةبينما تندلع المعارك، يعاني سكان الفاشر من كارثة إنسانية متزايدة، حيث يواجهون نقصا حادا في الماء والغذاء والدواء والمأوى، بالإضافة إلى انعدام الأمن نتيجة القصف المدفعي الذي يستهدف المناطق السكنية.
إعلانوبحسب الناشط الإغاثي محمد آدم، فإن الحصار المفروض على المدينة جعل الحصول على الغذاء مهمة شبه مستحيلة، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد الأساسية، وجعل العديد من الأسر غير قادرة على تأمين احتياجاتها اليومية.
وأشار إلى أن "الوضع كارثي، حيث إن الفاشر ليست مجرد ساحة معركة، بل مدينة محاصرة تعاني من الجوع والمرض والخوف. يتطلب الوضع تحركا عاجلا لإنقاذ المدنيين وتخفيف معاناتهم".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وسّعت قوات الدعم السريع عملياتها إلى 4 ولايات في دارفور، شملت الجنوب والشرق والغرب والوسط، ضمن محاولة للسيطرة على المنطقة، مما أدى إلى ارتكاب مجازر واسعة.
وفي أبريل/نيسان الماضي، تخلّت الحركات المسلحة في الفاشر عن حيادها، وأعلنت دعمها للجيش السوداني، مما دفع قوات الدعم السريع إلى محاصرة المدينة ومهاجمة مخيم زمزم المجاور.
إستراتيجية الإنهاكويرى المراقبون أن قوات الدعم السريع، بعد خسارتها العديد من قادتها، لجأت إلى إستراتيجية جديدة تعتمد على فرض حصار مشدد واستنزاف المدينة تدريجيا عبر القصف المدفعي، ومنع الإمدادات، وقطع الخدمات الأساسية.
وفي حديثه للجزيرة، قال العقيد أحمد حسين مصطفى إن الدعم السريع لم تعد تعتمد في الآونة الأخيرة كثيرا على الهجمات المباشرة، وبعد هزيمتها في معارك عند أسوار الفاشر، لجأت إلى إستراتيجية الإنهاك التدريجي عبر الحصار والتجويع، وقصف المدنيين من الخارج، في محاولة لإضعاف المقاومة وإجبار السكان على الاستسلام.
وأضاف "رغم هذه الظروف الصعبة، لا يزال سكان الفاشر والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح صامدين ومستعدين للتصدي لأي محاولات عدائية. هذه ليست مجرد حرب عسكرية، بل معركة وجودية".
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونا، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين قدّرت دراسة أعدتها جامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
إعلان