فيتالي ميخالتشوك، الرئيس التنفيذي لشركة أمسان
يمثل اختيار أبوظبي كمدينة مضيفة للمؤتمر العالمي العشرين للاتحاد العالمي للصم في عام 2027 علامة فارقة، ليس فقط بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، بل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويوفر الحدث منصة للخبراء وقادة الصناعة وأكثر من 2000 مشارك من الصم من 125 دولة لتبادل المعرفة ومناقشة الجهود المبذولة لتعزيز الشمولية.

يحمل هذا الإنجاز الكبير إمكانية إحداث تغييرات عميقة في حياة الأفراد داخل مجتمع الصم وضعاف السمع، مما يوفر آفاقًا للتقدم الاقتصادي وتحسين إمكانية الوصول وزيادة التكامل الاجتماعي.

الفرص الاقتصادية للأفراد الصم
وبينما تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة للترحيب بالوفود والمتحدثين والمشاركين من جميع أنحاء العالم يصبح من الواضح أن تبني الشمولية ضرورة استراتيجية. وتتمتع الشركات بفرصة غير مسبوقة لإظهار التزامها بالشمولية وإمكانية الوصول. علاوة على ذلك، في عالم الأعمال، يعد تحديد الأسواق غير المستغلة أمرًا ضروريًا لتحقيق النمو المستدام والنجاح ويمثل مجتمع الصم سوقًا كبيرًا يتمتع بإمكانات هائلة، وعلى الرغم من مواجهته حواجز تواصل كبيرة في عالم اللغة المنطوقة والمكتوبة. ومع ما يقدر بنحو 1.5 مليار فرد في جميع أنحاء العالم، يقدم هذا المجتمع قاعدة استهلاكية كبيرة لا تزال غير مستغلة إلى حد كبير. هذا ويمكن للشركات إطلاق العنان للإمكانات الهائلة لمجتمع الصم كمستهلكين ومساهمين قيمين في الاقتصاد.

سياحة الصم والسفر الميسر:
كشفت دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي أن قطاع السياحة في دولة الإمارات شهد طفرة ملحوظة، حيث اجتذب 17.15 مليون زائر دولي لليلة واحدة في عام 2023، ما يمثل نمواً كبيراً بنسبة 19.4% مقارنة بالعام السابق. تتضمن المساهمة في هذا الاقتصاد السياحي المزدهر ضمان أن غالبية المؤسسات تستوعب الأفراد الصم. على سبيل المثال، تلعب أمسان اكسيسبل للسياحة ذ.م.م، وهي أول شركة متخصصة في الجولات الفريدة للأشخاص الصم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، دورًا حيويًا في هذا الجهد من خلال تقديم تجارب مخصصة تلبي الاحتياجات الخاصة للمسافرين الصم. ومن خلال إنشاء إطار سفر مفهوم وآمن يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة خلق بيئة مفيدة لكل من قطاع الأعمال والمسافرين الصم. ويمتد هذا الالتزام إلى ما هو أبعد من السياحة، حيث يتمثل الهدف في دمج الممارسات الشاملة عبر القطاعات الحيوية مثل النقل والرعاية الصحية والضيافة وخدمات الطعام والترفيه وغيرها.

التعاون وتبادل المعرفة
من خلال نهجه الشامل، يعمل مؤتمر يوم الأغذية العالمي بمثابة الأساس حيث يتلاقى الخبراء والناشطون وصانعو السياسات والمعلمون والدعاة من جميع أنحاء العالم لمواجهة التحديات المتعددة الأوجه التي تواجه مجتمع الصم وضعاف السمع. وسيفيد هذا التواصل ثنائي الاتجاه المؤسسات من خلال مساعدتها على فهم العقبات التي يواجهها مجتمع الصم. غالبًا ما يتعين على الأفراد الصم العمل بجدية أكبر لإثبات جدارتهم عند التقدم للوظائف وعملية المقابلة. وبمجرد مشاركتهم، هناك تغييرات داخلية يتعين على المؤسسات إجراؤها مثل تقديم دورات لغة الإشارة للموظفين وجلب المتحدثين الصم لمشاركة رؤاهم في مكان العمل. ويعد فقدان السمع السبب الرئيسي الرابع للإعاقة على مستوى العالم، مما يعني أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به للتخلص من التحيزات بشكل فعال. وتتمثل إحدى الطرق للخروج من هذه المشكلة في مراجعة وتنفيذ إدراج الإعاقة في مؤشرات الأداء الرئيسية أو المقاييس أو الأهداف التي تقيس المؤسسات من خلالها تأثيرها وأدائها والقيمة التي تقدمها للمجتمع.

الوصول والمشاركة في المجتمع

تظل دولة الإمارات العربية المتحدة ثابتة في التزامها بتعزيز مجتمع شامل يتمتع فيه كل فرد بفرص متساوية للمشاركة والمساهمة. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، بحلول عام 2050، قد يكون هناك أكثر من 700 مليون شخص يعانون من فقدان السمع، لا تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على تحسين نوعية الحياة لمواطنيها فحسب، بل تضرب أيضًا مثالًا قويًا لجهود الشمولية العالمية. ومن خلال الجهود التعاونية والالتزام المستمر، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة تمهيد الطريق نحو مستقبل أكثر إنصافًا ويمكن الوصول إليه للجميع.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: دولة الإمارات العربیة المتحدة من خلال

إقرأ أيضاً:

مخاطر استدعاء شبه القارة الهندية للصراع في الشرق الأوسط

بدأ انهيار النظام العربي منذ انسحاب مصر من ممارسة دورها القيادي في العالم العربي عبر الصلح المنفرد مع إسرائيل، واتباع سياسة انسحاب وانكفاء إلى الداخل.

بعدها عجزت القوى العربية الطامحة لأن تقوم مقام القاهرة عن ملء فراغ هذا الدور.

حتى الولايات المتحدة لم تكن مستعدة لتكريس مواردها لملء كامل الفراغ، ولا لضبط كامل التفاعلات في النظام الإقليمي المتداعي.

تعملق الدور الإسرائيلي، وتوحش حتى صار يتعامل مع العرب كقوة عظمى إقليمية خاصة بعد اتفاقات إبراهام، لكنه أيضا لم يكن كافيًا.

استدعى الفراغ العربي أيضا تمددًا في نفوذ القوى الإقليمية في المنطقة مثل إيران وتركيا.

لكن الجديد هو استدعاء الفراغ السياسي، والحاجة إلى الدور لقوى إقليمية على تخوم العالم العربي لتلعب أدوارًا جيوسياسية غير مسبوقة سيكون لها آثار بعيدة المدى على التوازنات في المنطقة وعلى الصراع العربي الإسرائيلي.

الحديث هنا عن الاستدعاء المتزايد لدولتي شبه القارة الهندية الكبيرتين الهند وباكستان من قبل أطراف دولية وإقليمية وعربية للعب أدوار سياسية وعسكرية حساسة متقاطعة ومتنافسة بعد أن كان حضورها في السابق حضورًا تجاريًا وثقافيًا عبر انتقال منتظم للبشر والعمالة ورؤوس الأموال.

ولأن الفراغ السياسي يقترب عمره من نصف قرن فإن الاستدعاء تم تدريجيا وتزايد بقوة في العقد الأخير، لكنه شهد طفرة كبرى منذ سبتمبر ٢٠٢٣.

بالإضافة إلى الضعف والانقسام العربي ساعد على هذا الاستدعاء جملة متغيرات كبرى: ـ تغير غير مكتمل، ولكنه شديد الأهمية في نمط التحالفات الدولية لكل من نيودلهي وإسلام آباد. لابد من القول: إن انتهاء حكم حزب المؤتمر العلماني التقدمي الذي قاد الهند معظم عقود ما بعد الاستقلال، وتولى حزب بهاراتيا جاناتا اليميني المحافظ وزعيمه ناريندرا مودي قيادة البلاد كان انقلابًا استراتيجيا ليس فقط في السياسة الداخلية، ولكن أيضا في السياسة الخارجية.

تحت حكم مودي انتقلت الهند من معسكر عدم الانحياز والعداء للغرب والتحالف مع موسكو إلى دولة صديقة للغرب وواشنطن وطرفا في تحالفات غربية جيوسياسية في المحيطين الهندي والهادي موجهة للحد من صعود النفوذ العالمي للصين. رغم أن حاجة الهند الصاعدة صاروخيًا في الاقتصاد على النفط الروسي الرخيص واستمرار اعتماد جيشها في ثلثي تسليحه على الأسلحة الروسية واستياء الهند من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب مؤخرا استطاعت أن تبقى على علاقات تاريخية مع موسكو كما تدل زيارة بوتين الأخيرة لنيودلهي، إلا أن انحيازات السياسة الخارجية الهندية أيديولوجيا أصبحت بلا شك في المعسكر الغربي.

قابل ذلك تغير معاكس في السياسة الخارجية الباكستانية عند إسلام آباد التي كانت جيشًا وسياسة أكبر حلفاء الغرب وواشنطن لدرجة أن خسارتها في حرب ١٩٧١ مع الهند اعتبرت من قبل هنري كيسنجر هزيمة لأمريكا.

نقلت باكستان قسمًا كبيرًا من ولائها السياسي إلي الصين جارها العملاق ومنافس واشنطن العالمي لدرجة أن إعلانها إسقاط طائرات هندية في اشتباك قصير جرى في أبريل من هذا العام اعتبر انتصارًا للتكنولوجيا العسكرية الصينية على التكنولوجيا العسكرية الغربية!

وبينما أصبحت باكستان بلدًا محوريًا في مشروع بكين الجيوسياسي والتجاري لإنهاء نظام القطب الواحد العالمي، ومشاركة واشنطن في صنع القرار الدولي المعروف بمشروع الحزام والطريق الصيني؛ تحرك الأمريكيون والأوروبيون بمشروع مضاد في ٢٠٢١ أسموه «الشراكة من أجل البنية التحتية والاستثمار العالميين» (PGII).

في سبتمبر ٢٠٢٣ حدث ما يمكن وصفه بالالتقاء بين انتقال الهند إلى علاقات تحالف مع الغرب دوليا، وانتقالها الحاسم للتحالف مع إسرائيل إقليميا في عهد مودي. تاريخيا عندما كانت الهند عالميا مع الكتلة الاشتراكية أيام نهرو وأنديرا غاندي كانت إقليميا مع القضية الفلسطينية وضد الاحتلال الإسرائيلي.

الهند التي رفضت أن يتوقف الرئيس الإسرائيلي «زلمان شازار» في الستينيات حتى لكي تتزود طائرته بالوقود صارت تستقبل نتنياهو بالسجاد الأحمر، وتعتبره حليفا استراتيجيا في التكنولوجيا العسكرية والمدنية وشريكا أساسيا في مقاومة الإرهاب!

وفي هذا كانت الهند ضمن عدد قليل في دول العالم التي انحازت لإسرائيل على طول الخط في حدث طوفان الأقصى رغم حرب الإبادة الجماعية.

ففي قمة العشرين في سبتمبر ٢٠٢٣ في الهند حولت واشنطن مشروع PGII إلى مشروع خط بهارات الذي يربط الخليج بالهند عن طريق إسرائيل أي توسيع التطبيع الإبراهيمي، وإسقاط القضية الفلسطينية للأبد. وحتى لا يساور أحد الشك في خطورة هذا التحول على الصراع العربي الإسرائيلي لا بد من التذكير بأن هذا المشروع كان أحد الأسباب المباشرة في التعجيل بهجوم السابع من أكتوبر من قبل قيادة حماس السياسية والعسكرية في قطاع غزة.

هذا التورط أو التوريط لجنوب آسيا في صراع عربي إسرائيلي شمل دولة إقليمية بحجم إيران أيضا مشتعل بدا مخيفا.

باكستان المؤيدة للفلسطينيين لأسباب دينية والشريك الأقرب لمشروع الحزام الصيني وتعول عليه لدعم اقتصادها المثقل باتت في مواجهة الهند المؤيدة لإسرائيل والتي تعتبر الشريك الأقرب والأكثر استفادة من مشروع ممر بهارات.

حتى لا يساور الشك أحد هنا في خطورة هذا التورط يكفي التذكير بما أعلنه نتنياهو بعد أيام قليلة من الإعلان عن ممر بهارات من على منبر الأمم المتحدة في ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٣ أن هذا المشروع سيغير وجه الشرق الأوسط، وأن دولة إسرائيل تمتد من النهر إلى البحر.

في ١٧ سبتمبر ٢٠٢٥ حدث التطور الثالث ألا وهو توقيع السعودية اتفاقية دفاع استراتيجية مع باكستان تلتزم فيه الدولتان بمعاملة أي عدوان على إحداهما باعتباره عدوانًا علي كليهما. وقال مسؤولون باكستانيون: إن ذلك يشمل توفير مظلة القدرات النووية العسكرية الباكستانية.

هذه النقلة النوعية في نمط التعاون العسكري لباكستان مع الخليج وللهند مع إسرائيل قد يقود لاحتمالات تحميل المنطقة المثقلة بالحروب والصراعات بحروب وصراعات جنوب آسيا وشبه القارة الهندية المتقطعة والمستمرة، وتحميلها مواريث النزاع الصيني الهندي التاريخي على الحدود المشتركة، والأخطر جعلها بؤرة عالمية ساخنة من بؤر الصراع المتقدم بين الولايات المتحدة والصين؛ خاصة أن هذا الصراع على النفوذ السياسي وعلى مشروعات كبرى لطرق التجارة والمواصلات وإمدادات الطاقة يمر كله عبر العالم العربي بموقعه وثرواته النفطية وإشرافه على البحار وممرات الملاحة.

إن استدعاءً استقطابيًا من هذا النوع لقوتين نوويتين متعاديتين بأيديولوجيات خصومة مريرة، ونزاعات على الحدود، وحروب غير حاسمة، وتاريخ مليء بالشحن الشعبي وانقلاب غير مستقر في نمط تحالفات دولية متصارعة، وعواطف مختلفة تجاه المنطقة سواء لأسباب دينية أو مصالح متعارضة، وحضور تنافسي على تحويلات عمالة كمصدر من مصادر الدخل الوطني، ومجال للتنافس على النفوذ الإقليمي لكليهما يتيحها لهم الخليج القريب وقليل السكان؛ هو خطر كبير لابد للدول العربية من التقدم بحكمة وحزم للتعامل الحصيف معه.

حسين عبد الغني كاتب وصحفي مصري

مقالات مشابهة

  • مخاطر استدعاء شبه القارة الهندية للصراع في الشرق الأوسط
  • «بيتكوين مينا» ينطلق في أبوظبي غداً
  • الصين القطب الاقتصادي والسياسي الصاعد
  • «فوربس الشرق الأوسط للسياحة العلاجية» تنطلق في دبي 9 ديسمبر
  • هل ينجح تخفيف عبء الشرق الأوسط في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي؟
  • رئيس بعثة الجامعة العربية: 145 دولة بالأمم المتحدة تُدعّم عمل الأونروا بغزة
  • إشارات ترمب لبغداد.. رسائل دعم أم تغيير لقواعد اللعبة؟
  • ماذا يريد ترامب من الشرق الأوسط؟ إستراتيجيته للأمن القومي تجيب
  • اعتراف بخطأ قديم.. كيف تغير أميركا تعاملها مع الشرق الأوسط؟
  • هجوم ناعم على أوروبا وتراجع أولوية الشرق الأوسط.. ترامب يكشف عما يريده للعالم