عربي21:
2024-06-16@13:03:23 GMT

الانتخابات الرئاسية وآفاق تطور المشهد في تونس

تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT

يعيش المشهد السياسي التونسي هذه الأيام على وقع ضغط الاستحقاق الانتخابي الرئاسي الذي سيحصل حسب الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات في غضون شهر أكتوبر المقبل، بما يعني دخول البلاد في الزمن الانتخابي الذي يفترض أن تكون ضربة بدايته إعلان الرزنامة ودعوة الناخبين وإن كان هامش الوقت لتوجيهها وفق ما نص عليه القانون الانتخابي لم يتجاوز الأجل الأقصى قبل نهاية العهدة بثلاثة أشهر رغم أن دعوات الناخبين للاستحقاقات الرئاسية السابقة كانت قد صدرت مع إعلان الرزنامة.



ويبقى انطلاق الهيئة في تحيين السجل الانتخابي يوم الإثنين 20 أيار (مايو) الجاري حسب ما أعلنته خطوة عملية مهمة في الاتجاه الصحيح ومؤشرا قويا على الالتزام بإنجاز الانتخابات في آجالها الدستورية.

وفي انتظار إعلان الهيئة عن الرزنامة التي ستنظم العملية الانتخابية في مختلف مراحلها من تحيين السجل إلى يوم الاقتراع وما يفترض أن يصاحبه من إصدار للأوامر الترتيبية المتعلقة خاصة بالترشح في علاقة بالسن الأدني والجنسية والتمتع بالحقوق السياسية والمدنية، فإن أكثر ما يشد الانتباه هذه الأيام هو آفاق تطور المشهد السياسي من حيث المناخات العامة والمنافسة الديمقراطية والخارطة الانتخابية.

1 ـ المناخات العامة

غالبا ما يرتبط اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية بتصاعد وتيرة التجاذبات السياسية والمنافسة حيث يعمل كل طرف على تقديم نفسه للناخبين سواء من كان في السلطة بإبراز حصيلة إنجازاته أو في المعارضة بنقده للسلطة وتقديم بدائل لسياساتها .

إن تونس اليوم وهي مقبلة على استحقاق انتخابي مهم في تاريخها السياسي الحديث تحتاج إلى تغليب صوت العقل والحكمة والتوجه نحو تنقية المناخ السياسي وترك الحسم في الخيارات الكبرى للبلاد للصندوق .هذا في الوضع العادي أما بخصوص الحالة التونسية، فإن المناخات العامة يسودها التوتر ومظاهر الصراع السياسي الحاد في مستوى الخطاب وما يهيمن عليه من قطيعة سياسية وتنافي بين السلطة بمختلف مكوناتها وطيف واسع من المجتمع السياسي الذي يقبع عدد لا بأس به من رموزه في السجن منذ شهور، وكذلك المجتمع المدني بمختلف مكوناته وخاصة بعض القطاعات الفاعلة مثل المحامين وما حصل تجاههم من اقتحام لمقرهم مرتين في نفس الأسبوع لاعتقال زميلين لهم وكذلك الصحفيين وتعدد التتبعات ضدهم والإيقافات وإصدار الأحكام عليهم بالسجن هذا إلى جانب ما تثيره قضية الهجرة غير النظامية لأفارقة جنوب الصحراء من  جدل إضافة إلى ما تعيشه مختلف الفئات الاجتماعية من صعوبات متعلقة بتدهور المقدرة الشرائية وارتفاع مؤشر البطالة ونقص المواد الأساسية وغيرها إضافة إلى العزوف واللامبالاة وعدم الاهتمام بالشأن العام .

هذه المناخات جعلت عدة منظمات حقوقية دولية ودول تصنف رسميا منذ فجر الاستقلال كدول صديقة تعبر عن قلقها حول وضع الحريات..

إن تونس اليوم وهي مقبلة على استحقاق انتخابي مهم في تاريخها السياسي الحديث تحتاج إلى تغليب  صوت العقل والحكمة والتوجه نحو تنقية المناخ السياسي وترك الحسم في الخيارات الكبرى للبلاد للصندوق .

2 ـ المنافسة الديمقراطية: 

تقتضي المنافسة الديمقراطية النزيهة التي يقبل الجميع بنتائجها ولا يشكك فيها أحد أن تكون وفق المعايير الدولية التي بموجبها يتم الاحتكام إلى قانون انتخابي يتساوى أمامه جميع المتنافسين ولا يقع تغييره أثناء سنة المنافسة وإلى هيئة انتخابات مستقلة ومناخ انتخابي سليم يساعد الناخب على المشاركة والاختيار الحر.

هذه  المعايير لا زالت غير مكتملة بعد وتنتظر المبادرة من الجهات المعنية في اتجاه توفيرها .

ويبقى  احترامها والالتزام بها كاملة سيكون محل متابعة وتركيز واهتمام وتقييم من كل الأطراف ذات العلاقة من الآن إلى حدود الإعلان عن النتائج حتى يتسنى في النهاية الحكم للعملية الانتخابية أو عليها .

3 ـ الخارطة الانتخابية:

يبدو أن المشهد الانتخابي قد بدأ يتشكل نسبيا في ثلاث تيارات انتخابية كبرى تتمحور اختلافاتها حول الأساسيات في بناء الدولة والمجتع حيث أن ما يزيد عن عشرة سنوات من الانتقال الديمقراطي بكل ما فيه من هزات وصراعات وتجاذبات وتوافقات لم تصل بالبلاد إلى التسليم بأسس العيش المشترك، والمؤسف أن المنافسة لن تكون على أساس البرامج والعمل على تحقيق انتظارات المواطنين.

وهذه التيارات هي التالية:

ـ تيار ما قبل الثورة: وهو تيار له رؤيته ومواقفه وأطرافه السياسية ورموزه ومرشحوه وله خزانه الانتخابي ونقاط قوته هي بقايا شبكته الانتخابية القديمة المتجددة وبقايا وجوده في الدولة مع اختلافات  داخله حول حاجة الدولة والمجتمع في المرحلة القادمة إلى حد أدنى ديمقراطي أم لا ستجعله ربما في وضعية تشتت الأصوات.

ـ تيار مابعد الثورة أو عشرية الانتقال الديمقراطي: يضم هذا التيار المعارضة الحالية لمسار 25 تموز / يوليو 2021. وتشقه اختلافات جوهرية حول ما حصل أثناء عشرية الانتقال وحول الموقف من مسار 25 تموز / يوليو بين  من يعتبر العشرية سوداء لاشية فيها وساند المسار الحالي في بدايته ثم تخلى عن ذلك وتحول الآن إلى معارض شرس له، وبين من يعتبر أن العشرية ليست سوادا حالكا ولا بياضا ناصعا بل هي مرحلة انتقال تمر بها كل الثورات لها ما لها وعليها ماعليها وأن انهاءها بالصيغة التي حصلت هو انقلاب على الديمقراطية.. هذا التيار يعيش حالة من التشتت والتفكك والتنافي بين مكوناته وفي داخلها يستحل تقريبا الاتفاق بينها على مرشح واحد بسب الاختلاف حول أولوية المرحلة بين عودة الحد الأدنى الديمقراطي أو إقصاء الخصوم الأديولوجيين الأمر الذي سيؤدي إلى تعدد الترشحات، وتشتت الأصوات رغم ما لدى أحد مكونات هذا التيار (جبهة الخلاص) من نقاط قوة أهمها خزانها الانتخابي وانتشارها المجتمعي، خاصة وأن الجبهة لم تحسم أمرها بعد حيث لا تزال تتأرجح بين المقاطعة او المشاركة إذا توفرت شروط تنقية المناخ السياسي ونزاهة العملية الانتخابية وفي حالة المشاركة يبدو أنها ليست مجمعة على مرشح وليس لها وضوح في من ستدعم في حال عدم الترشيح من داخلها وعلى أي أسس يمكن أن يكون الدعم .

تقتضي المنافسة الديمقراطية النزيهة التي يقبل الجميع بنتائجها ولا يشكك فيها أحد أن تكون وفق المعايير الدولية التي بموجبها يتم الاحتكام إلى قانون انتخابي يتساوى أمامه جميع المتنافسين ولا يقع تغييره أثناء سنة المنافسة وإلى هيئة انتخابات مستقلة ومناخ انتخابي سليم يساعد الناخب على المشاركة والاختيار الحر.3 ـ تيار 25 تموز / يوليو2021: هذا التيار الانتخابي يضم كل داعمي مسار 25 تموز / يوليو 2021 من شخصيات وأحزاب ويعتبرون عشرية الانتقال الديمقراطي سوداء حالكة السواد وأن 25 تموز / يوليو جاء لتصحيح مسار الثورة. هذا التيار تشقه حاليا خلافات بين من يدعم المسار وله مرشحه أو يلمح لإمكانية أن يكون له مرشح وبين من يدعم ترشيح رئيس الدولة وله تحفظات حول تنزيل المسار خاصة في علاقة بالحصيلة الاقتصادية والاجتماعية والإصلاحات والتعيينات وبين من يتردد في مواصلة دعم المسار ومرشحه.

أما نقاط قوته فهي وجوده في السلطة وزخم انتخابات 2019 رغم ما حصل فيه من تراجع أما نقاط ضعفه فهي إمكانية تعدد الترشحات وتشتيت الأصوات وكذلك عدم وجود شبكة انتخابية لديه مع تآكل الخزان الانتخابي وما يمكن أن يحصل فيه من تحولات في اتجاه بعض المرشحين رغم المحاولات الحثيثة  لتجميعه وتعبئته.

وبمرور الوقت ستتضح الصورة أكثر ويتعمق الفرز بين المتنافسين ويتضح المشهد الذي يعيش حالة من التشتت والتفكك في ظل امكانية تواصل عزوف الناخبين .

وكذلك في ظل  ضغط مطالب النخب في ضمان الحد الأدني الديمقراطي ووضع الحريات والمطالب  الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والراجح أن تقاطع الأجندات بين التيارات الانتخابية وبناء التحالفات أو التنسيق للدعم خاصة في الدور الثاني سيتم على هذا الأساس.

وبيقى الأكيد أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستمثل محطة هامة في تاريخ تونس الحديث لما لها من أهمية في تحديد الوجهة المستقبلية للبلاد.

*كاتب وناشط سياسي تونسي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسي الانتخابات تونس انتخابات رئاسة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا التیار بین من

إقرأ أيضاً:

المخزوم: كل الأمل في الانتخابات وتجديد الشرعيه في الأجسام الموجودة

ليبيا – قال صالح المخزوم نائب رئيس المؤتمر الوطني العام السابق إن كل الأمل في الانتخابات وتجديد الشرعيه في الأجسام الموجودة لأن المبدأ هو الأساس ولا داعي للخوف من الإنتخابات مهما كانت نتائجها هي الحل أن مع الانتخابات أنها الحل للمرحلة التي وصل بها الانسداد السياسي الذي أضرت في ليبيا وبعملتها المحلية وخيراتها وأمنها ولابد من إجراء الانتخابات الكاملة كما اتفق أعضاء لجنة الـ6+6 .

المخزوم أشار خلال مداخلة عبر برنامج “هنا الحدث” الذي يذاع على قناة “ليبيا الحدث” الأربعاء وتابعته صحيفة المرصد إلى أنه ليس من أنصار المؤامرة وعلى الليبيين أن يتشجعوا ويأخذوا القرار الصحيح.

ولفت إلى أن التوافق ليس غاية بل من أجل الوصول لدولة وعند الحديث عن توافق في حالة الانقسام السياسي واجراء انتخابات يجب الجلوس لطاولة الحوار وإنشاء حكومة واحده حتى تخرج ليبيا من ازمتها.

وبيّن أن الاتفاق لم يفشل لأنها خطوات واتفاقيات نشأ عنها توقيف الحرب، موضحاً أن طاولة الحوار السياسي هي من تنشأ دولة ولابد من الانتخابات حتى تكون ليبيا واحده موحده.

وتابع “الصخيرات وجنيف أوقفت الحرب ويحدث انقسام جديد لأن المجتمع الدولي وبعض الدول يكون هناك دافع يجعلها تتفق مع الليبيين وتضغط معهم وعليهم للجلوس للحوار وعندما يتم الدافع ينتهي المجتمع الدولي عن ليبيا ويحدث الانقسام السياسي بعد الصخيرات أنشأت حكومة واحدة وحصل انقسام  من جديد لأن الدافع وما جعل المجتمع الدولي يتوحد من أجل توحيد  ليبيا، كان هناك خوف من انتشار داعش وكان هناك ضرورة لإيجاد دولة واحدة يتم من خلالها محاربة الإرهاب وتم الاتفاق وأنشأت الشرعيه وحاربت الأطراف التطرف وبعد المشكله حصل الانقسام من جديد”.

وأفاد أنه في جنيف حصل انقسام سياسي وكان هناك دافع قوي للمجتمع الدولي لجلوس الأطراف وتشكيل الحكومة الموجودة الحالية وكان الدافع أخف قليلاً.

واستطرد خلال حديثه “الركون دائماً لبعض الأصوات دون شيء رسمي، قد يصرح بعض الاطراف او البعثة ويصبح كأنه حكم على الموقف، مجلس النواب والدولة توصلوا لتوافق أكبر ما يمكن وصلوا لهذه المقاربات كان يفترض من البعثة أن  تحترمها وتجعل الليبيين أن يمضوا في إجراء انتخابات لأن الأساس رغم التحفظات، لو جاء قانون يتجرد على فكرة السياسة والواقع أقول إن هذا النص المفروض ليس هكذا وهكذا لكن نحن نتحدث عن توافق سياسي بين طرفين من أجل القضاء على الانقسام السياسي لأنه سيؤدي لزوال ليبيا وتنتهي ليبيا وتبتلع لذلك أنت مع إنشاء دولة ليبيا من جديد و تتغاضى عن بعض الاشياء وتقرر ان تمضي فيها خطوة لتكون هناك دولة واحدة يرأسها رئيس واحد وبرلمان واحد وحكومة”.

وأوضح أن مسألة انشاء حكومة واحدة ليس صعب، والخطأ الواحد أن المبعوث الاممي رفض الاعتراف في حكومة أسامة حماد بالتالي ليس صعب أن تشكل حكومة واحدة في ليبيا تشترك فيها جميع الأطراف وكانت مقرها في سرت أو بنغازي أو طرابلس لكن لابد من حكومة واحدة لتجرى الانتخابات بحسب تعبيره.

وأكد على أن الانقسام الحاصل الآن سبب انهيار الدولة وانقسامها وانهيار دولتهم والتدخل الخارجي استفحل وأي سلبيات في حكومة جديدة قد لا تكون كما تعيشه ليبيا الآن، مضيفاً “المبعوث العربي والافريقي يتفرج حتى لو انجز شيء لا يباركونه أدعو الليبيين وأطراف سياسية وواقعية يجب أن يستغلوا المبعوث الامريكي الآن لأنها أتت لتساعد الليبيين في انجاز حكومة واحدة”.

واعتبر أنه عندما تنشأ حكومة جديدة بإشراف الولايات المتحدة ستحكم وستكون موجودة، مشيراً إلى أن الأطراف المسلحة في الشرق والغرب أصبحوا تشكيلات سلطة ومال ونفوذ وأمر واقع.

ورأى في الختام أنه إذا كانت التشكيلات المسلحة تريد النقود والتجارة وتنبذ الحرب فهذا أمر”جيد” وهكذا تبنى الدول وليبيا خيراتها كثيرة وستكفي وفقاً لقوله.

مقالات مشابهة

  • بايدن وترامب يتفقان على قواعد المناظرة الأولى في 27 يونيو
  • صحفي إسرائيلي: هكذا تسببت الحرب على غزة في تصدع المشهد السياسي
  • مصير الديمقراطية في كردستان: بين التأجيل والتلاعب وتقاسم “الكعكة”
  • هل كان تصحيح المسار في تونس حتمية تاريخية؟
  • انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية في موريتانيا
  • المخزوم: كل الأمل في الانتخابات وتجديد الشرعيه في الأجسام الموجودة
  • انتخابات إيران: من سيحلّ محل إبراهيم رئيسي؟
  • ما الذي قد يغير المعادلة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟
  • مفوضية الانتخابات تختتم ورشة عمل النزاعات الانتخابية
  • الشعاب: نجاح الانتخابات البلدية سيمهّد المسار أمام الانتخابات الرئاسية والبرلمانية