عربي21:
2025-06-26@12:36:07 GMT

الانتخابات الرئاسية وآفاق تطور المشهد في تونس

تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT

يعيش المشهد السياسي التونسي هذه الأيام على وقع ضغط الاستحقاق الانتخابي الرئاسي الذي سيحصل حسب الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات في غضون شهر أكتوبر المقبل، بما يعني دخول البلاد في الزمن الانتخابي الذي يفترض أن تكون ضربة بدايته إعلان الرزنامة ودعوة الناخبين وإن كان هامش الوقت لتوجيهها وفق ما نص عليه القانون الانتخابي لم يتجاوز الأجل الأقصى قبل نهاية العهدة بثلاثة أشهر رغم أن دعوات الناخبين للاستحقاقات الرئاسية السابقة كانت قد صدرت مع إعلان الرزنامة.



ويبقى انطلاق الهيئة في تحيين السجل الانتخابي يوم الإثنين 20 أيار (مايو) الجاري حسب ما أعلنته خطوة عملية مهمة في الاتجاه الصحيح ومؤشرا قويا على الالتزام بإنجاز الانتخابات في آجالها الدستورية.

وفي انتظار إعلان الهيئة عن الرزنامة التي ستنظم العملية الانتخابية في مختلف مراحلها من تحيين السجل إلى يوم الاقتراع وما يفترض أن يصاحبه من إصدار للأوامر الترتيبية المتعلقة خاصة بالترشح في علاقة بالسن الأدني والجنسية والتمتع بالحقوق السياسية والمدنية، فإن أكثر ما يشد الانتباه هذه الأيام هو آفاق تطور المشهد السياسي من حيث المناخات العامة والمنافسة الديمقراطية والخارطة الانتخابية.

1 ـ المناخات العامة

غالبا ما يرتبط اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية بتصاعد وتيرة التجاذبات السياسية والمنافسة حيث يعمل كل طرف على تقديم نفسه للناخبين سواء من كان في السلطة بإبراز حصيلة إنجازاته أو في المعارضة بنقده للسلطة وتقديم بدائل لسياساتها .

إن تونس اليوم وهي مقبلة على استحقاق انتخابي مهم في تاريخها السياسي الحديث تحتاج إلى تغليب صوت العقل والحكمة والتوجه نحو تنقية المناخ السياسي وترك الحسم في الخيارات الكبرى للبلاد للصندوق .هذا في الوضع العادي أما بخصوص الحالة التونسية، فإن المناخات العامة يسودها التوتر ومظاهر الصراع السياسي الحاد في مستوى الخطاب وما يهيمن عليه من قطيعة سياسية وتنافي بين السلطة بمختلف مكوناتها وطيف واسع من المجتمع السياسي الذي يقبع عدد لا بأس به من رموزه في السجن منذ شهور، وكذلك المجتمع المدني بمختلف مكوناته وخاصة بعض القطاعات الفاعلة مثل المحامين وما حصل تجاههم من اقتحام لمقرهم مرتين في نفس الأسبوع لاعتقال زميلين لهم وكذلك الصحفيين وتعدد التتبعات ضدهم والإيقافات وإصدار الأحكام عليهم بالسجن هذا إلى جانب ما تثيره قضية الهجرة غير النظامية لأفارقة جنوب الصحراء من  جدل إضافة إلى ما تعيشه مختلف الفئات الاجتماعية من صعوبات متعلقة بتدهور المقدرة الشرائية وارتفاع مؤشر البطالة ونقص المواد الأساسية وغيرها إضافة إلى العزوف واللامبالاة وعدم الاهتمام بالشأن العام .

هذه المناخات جعلت عدة منظمات حقوقية دولية ودول تصنف رسميا منذ فجر الاستقلال كدول صديقة تعبر عن قلقها حول وضع الحريات..

إن تونس اليوم وهي مقبلة على استحقاق انتخابي مهم في تاريخها السياسي الحديث تحتاج إلى تغليب  صوت العقل والحكمة والتوجه نحو تنقية المناخ السياسي وترك الحسم في الخيارات الكبرى للبلاد للصندوق .

2 ـ المنافسة الديمقراطية: 

تقتضي المنافسة الديمقراطية النزيهة التي يقبل الجميع بنتائجها ولا يشكك فيها أحد أن تكون وفق المعايير الدولية التي بموجبها يتم الاحتكام إلى قانون انتخابي يتساوى أمامه جميع المتنافسين ولا يقع تغييره أثناء سنة المنافسة وإلى هيئة انتخابات مستقلة ومناخ انتخابي سليم يساعد الناخب على المشاركة والاختيار الحر.

هذه  المعايير لا زالت غير مكتملة بعد وتنتظر المبادرة من الجهات المعنية في اتجاه توفيرها .

ويبقى  احترامها والالتزام بها كاملة سيكون محل متابعة وتركيز واهتمام وتقييم من كل الأطراف ذات العلاقة من الآن إلى حدود الإعلان عن النتائج حتى يتسنى في النهاية الحكم للعملية الانتخابية أو عليها .

3 ـ الخارطة الانتخابية:

يبدو أن المشهد الانتخابي قد بدأ يتشكل نسبيا في ثلاث تيارات انتخابية كبرى تتمحور اختلافاتها حول الأساسيات في بناء الدولة والمجتع حيث أن ما يزيد عن عشرة سنوات من الانتقال الديمقراطي بكل ما فيه من هزات وصراعات وتجاذبات وتوافقات لم تصل بالبلاد إلى التسليم بأسس العيش المشترك، والمؤسف أن المنافسة لن تكون على أساس البرامج والعمل على تحقيق انتظارات المواطنين.

وهذه التيارات هي التالية:

ـ تيار ما قبل الثورة: وهو تيار له رؤيته ومواقفه وأطرافه السياسية ورموزه ومرشحوه وله خزانه الانتخابي ونقاط قوته هي بقايا شبكته الانتخابية القديمة المتجددة وبقايا وجوده في الدولة مع اختلافات  داخله حول حاجة الدولة والمجتمع في المرحلة القادمة إلى حد أدنى ديمقراطي أم لا ستجعله ربما في وضعية تشتت الأصوات.

ـ تيار مابعد الثورة أو عشرية الانتقال الديمقراطي: يضم هذا التيار المعارضة الحالية لمسار 25 تموز / يوليو 2021. وتشقه اختلافات جوهرية حول ما حصل أثناء عشرية الانتقال وحول الموقف من مسار 25 تموز / يوليو بين  من يعتبر العشرية سوداء لاشية فيها وساند المسار الحالي في بدايته ثم تخلى عن ذلك وتحول الآن إلى معارض شرس له، وبين من يعتبر أن العشرية ليست سوادا حالكا ولا بياضا ناصعا بل هي مرحلة انتقال تمر بها كل الثورات لها ما لها وعليها ماعليها وأن انهاءها بالصيغة التي حصلت هو انقلاب على الديمقراطية.. هذا التيار يعيش حالة من التشتت والتفكك والتنافي بين مكوناته وفي داخلها يستحل تقريبا الاتفاق بينها على مرشح واحد بسب الاختلاف حول أولوية المرحلة بين عودة الحد الأدنى الديمقراطي أو إقصاء الخصوم الأديولوجيين الأمر الذي سيؤدي إلى تعدد الترشحات، وتشتت الأصوات رغم ما لدى أحد مكونات هذا التيار (جبهة الخلاص) من نقاط قوة أهمها خزانها الانتخابي وانتشارها المجتمعي، خاصة وأن الجبهة لم تحسم أمرها بعد حيث لا تزال تتأرجح بين المقاطعة او المشاركة إذا توفرت شروط تنقية المناخ السياسي ونزاهة العملية الانتخابية وفي حالة المشاركة يبدو أنها ليست مجمعة على مرشح وليس لها وضوح في من ستدعم في حال عدم الترشيح من داخلها وعلى أي أسس يمكن أن يكون الدعم .

تقتضي المنافسة الديمقراطية النزيهة التي يقبل الجميع بنتائجها ولا يشكك فيها أحد أن تكون وفق المعايير الدولية التي بموجبها يتم الاحتكام إلى قانون انتخابي يتساوى أمامه جميع المتنافسين ولا يقع تغييره أثناء سنة المنافسة وإلى هيئة انتخابات مستقلة ومناخ انتخابي سليم يساعد الناخب على المشاركة والاختيار الحر.3 ـ تيار 25 تموز / يوليو2021: هذا التيار الانتخابي يضم كل داعمي مسار 25 تموز / يوليو 2021 من شخصيات وأحزاب ويعتبرون عشرية الانتقال الديمقراطي سوداء حالكة السواد وأن 25 تموز / يوليو جاء لتصحيح مسار الثورة. هذا التيار تشقه حاليا خلافات بين من يدعم المسار وله مرشحه أو يلمح لإمكانية أن يكون له مرشح وبين من يدعم ترشيح رئيس الدولة وله تحفظات حول تنزيل المسار خاصة في علاقة بالحصيلة الاقتصادية والاجتماعية والإصلاحات والتعيينات وبين من يتردد في مواصلة دعم المسار ومرشحه.

أما نقاط قوته فهي وجوده في السلطة وزخم انتخابات 2019 رغم ما حصل فيه من تراجع أما نقاط ضعفه فهي إمكانية تعدد الترشحات وتشتيت الأصوات وكذلك عدم وجود شبكة انتخابية لديه مع تآكل الخزان الانتخابي وما يمكن أن يحصل فيه من تحولات في اتجاه بعض المرشحين رغم المحاولات الحثيثة  لتجميعه وتعبئته.

وبمرور الوقت ستتضح الصورة أكثر ويتعمق الفرز بين المتنافسين ويتضح المشهد الذي يعيش حالة من التشتت والتفكك في ظل امكانية تواصل عزوف الناخبين .

وكذلك في ظل  ضغط مطالب النخب في ضمان الحد الأدني الديمقراطي ووضع الحريات والمطالب  الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والراجح أن تقاطع الأجندات بين التيارات الانتخابية وبناء التحالفات أو التنسيق للدعم خاصة في الدور الثاني سيتم على هذا الأساس.

وبيقى الأكيد أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستمثل محطة هامة في تاريخ تونس الحديث لما لها من أهمية في تحديد الوجهة المستقبلية للبلاد.

*كاتب وناشط سياسي تونسي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسي الانتخابات تونس انتخابات رئاسة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا التیار بین من

إقرأ أيضاً:

منتدى رجال الأعمال العُماني الجزائري يناقش جهود تعزيز الشراكات وآفاق التعاون الاقتصادي

الجزائر- العُمانية

انطلق أمس في العاصمة الجزائرية، منتدى رجال الأعمال العُماني الجزائري بعنوان "الشراكات الاقتصادية الجزائرية العُمانية.. مجالات رائدة وآفاق واعدة"؛ وذلك ضمن مشاركة سلطنة عُمان ضيف شرف في الدورة الـ56 لمعرض الجزائر الدولي.

وقال معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار إنَ تنظيم هذا المنتدى- الذي شهد حضور نخبة من أصحاب الأعمال من البلدين الشقيقين- دليلٌ على الاهتمام المتبادل بين الجانبين لتنمية العلاقات وتعزيز الاستثمار المتبادل والبحث عن فرص استثمارية بين الطرفين سعيًا لإيجاد تبادل تجاري، وبحثًا عن فرص استيراد وتصدير. وأضاف معاليه- في كلمته بالمنتدى- أن سلطنة عُمان تسعى إلى تنويع وارداتها وتعزيز صادراتها من المنتجات العُمانية وإيجاد تكامل استثماري بين البلدين الشقيقين، مشيرًا إلى أن المنتدى يهدف إلى تنمية العمل المشترك ودفع مقومات التكامل نحو آفاق أكثر اتساعًا؛ لبناء اقتصاد تنافسي متفاعل مع اقتصادات العالم، ومندمج معها، ومتواكب مع المتغيرات، وقادر على دفع استدامة الاقتصاد الوطني خاصة وأن الحكومتين تسعيان إلى تقديم التسهيلات والحوافز والممكنات كافة والتي من شأنها منح القطاع الخاص القدرة على الإسهام في تحقيق الازدهار والنمو المستدام.

وأعرب معالي وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار عن أمله في أن تعزز مشاركة سلطنة عُمان ضيف شرف بالدورة 56 لمعرض الجزائر الدولي زيادة التبادل التجاري الاستثماري بين البلدين الشقيقين، داعيًا القطاع الخاص في البلدين إلى القيام بدوره المنشود مع استعداد حكومتي البلدين لتوفير كافة الممكنات المطلوبة.

من جانبه، عبرَ معالي الطيب زيتوني وزير التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية بجمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية عن اعتزازه بالعلاقات التاريخية والأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، والتي بلغت، في السنوات الأخيرة، مستوىً نوعيا من التقارب والتفاهم الاستراتيجي.

وأشار معاليه- في كلمته بالمنتدى- إلى أن الزيارة التي قام بها فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية إلى سلطنة عُمان في أكتوبر 2024، ثم زيارة أخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم إلى الجزائر في مايو 2025، شكلتا محطتَين مفصليتَين في مسار العلاقات الجزائرية العُمانية، توجتا ببيان مشترك أكد بوضوح إرادةَ قائدي البلدين في تعزيز الشراكة الثنائية، والارتقاء بها إلى آفاق أرحب، تخدم المصالحَ المشتركةَ للبلدين والشعبين الشقيقين.

وأوضح معاليه أن التعاون الاقتصادي الجزائري العُماني قطع خطوات واعدةً، تجسدت في مشروعات كبرى على غرار مجمع إنتاج الأسمدة بمدينة "بأرزيو"، بقيمة تناهز 2.4 مليار دولار أمريكي وإنشاء الصندوق الجزائري العُماني للاستثمار، إلى جانب مشروعات قيدَ الدراسة في قطاعات السيارات، والطاقة، والصناعة الصيدلانية، والزراعة، مؤكدًا إمكانية توسيع آفاق التعاون الاقتصادي لتشمل قطاعات واعدة وحيوية مثل السياحة، والخدمات، والصناعات الثقافية، والصناعات التقليدية؛ وهي مجالات يملك فيها البلدين إمكانات كبيرةً وفرصًا استثماريةً حقيقية داعيًا إلى مضاعفة الجهود لتطوير قنوات التصدير والاستيراد، واستغلال قدرات البلدَين وتكامل مواردهما الطبيعية والبشرية.

من جهته، قال سعادة فيصل بن عبد الله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان إن الجانبين بحثا خلال هذا المنتدى فرص الشراكة المشتركة، والاطلاع على الفرص الاستثمارية المتاحة في كلا البلدين. وأضاف سعادته أنه من المتوقع أن تكون هناك شراكات بين المستثمرين في البلدين الشقيقين في العديد من القطاعات أبرزها الصناعات التحويلية والصيدلة، مشيرًا إلى أن السوق الجزائري يعد سوقًا واعدًا ويتمتع بموقع استراتيجي يتيح للمستثمرين الوصول إلى الأسواق المجاورة لها.

واشتمل المنتدى على إقامة 3 جلسات حوارية تطرقت إلى فرص الاستثمار في قطاع اللوجستيات والصناعات التحويلية والتطوير العمراني، كما تم على هامش المنتدى تقديم عروض مرئية وترويجية عن الاستثمار في سلطنة عُمان والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.

 

 

 

وتم تنظيم لقاءات ثنائية بين رجال الأعمال في البلدين الشقيقين هدفت إلى بحث مجالات التعاون التجاري والاستثماري المشترك عبر فتح منافذ تسويقية لمنتجات كلا البلدين والدخول في شراكة استثمارية مشتركة.

 

حضر المنتدى سعادة السفير سيف بن ناصر البداعي سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى الجمهورية الجزائرية الشعبية الديمقراطية وعدد من المسؤولين بالقطاعين العام والخاص ولفيف من رجال الأعمال من كلا البلدين الشقيقين.

مقالات مشابهة

  • ترزيان: القانون الانتخابي الحالي يتضمن إجحافاً واضحاً بحقّ شريحة كبيرة وأساسية من اللبنانيين
  • فقيه دستوري: تعديل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية يرجع إلى أمور لوجيستية
  • منتدى رجال الأعمال العُماني الجزائري يناقش جهود تعزيز الشراكات وآفاق التعاون الاقتصادي
  • التوافق السياسي غير متوافر على قانون جديد للانتخابات النيابية
  • رزيق يبحث مع خبراء صندوق النقد الدولي تطور السياسة التجارية وآفاق الإنفتاح الإقتصادي
  • شراكات اقتصادية عمانية جزائرية وآفاق واعدة
  • المفوضية والمؤسسة الليبية للإعلام تعقدان اجتماعاً لتعزيز التوعية الانتخابية
  • عائلة السياسي التونسي الجلاصي تحذر من تدهور صحته وتحمل سعيّد المسؤولية
  • «حلب»: لابد من التواصل مع المنظمات المعنية بالمرأة في سبيل تعزيز الوعي الانتخابي
  • المفوضية تبحث مع المؤسسة الليبية للإعلام تعزيز التوعية الانتخابية