تواصل الحكومة المصرية مساعيها لاستكمال مسار الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، في وقتٍ تمر فيه البلاد بجملة من التحديات الإقليمية والاقتصادية.

ويأتي ذلك في إطار برنامج "تسهيل الصندوق الممدد" البالغ قيمته 8 مليارات دولار، حيث تتطلع القاهرة إلى إنهاء المراجعة الخامسة والحصول على الشريحة الجديدة بقيمة 1.

3 مليار دولار، قبل نهاية يوليو المقبل، بالتزامن مع انطلاق العام المالي الجديد.

مفاوضات مستمرة وسط التزامات إصلاحية

تسعى القاهرة إلى تثبيت التزاماتها الكاملة ببنود الإصلاح المتفق عليها، رغم الضغوط المتزايدة الناتجة عن تراجع إيرادات قناة السويس، وتذبذب عائدات السياحة، وتقلبات الأسواق الدولية.

وفي هذا السياق، شدد المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، محمد الحمصاني، على أن الحكومة لا ترى حاجة لتأجيل أي إجراء من إجراءات الإصلاح، مشيرًا إلى تمسّك مصر الكامل بتنفيذ سياسة مرونة سعر الصرف، وتعزيز دور القطاع الخاص، إلى جانب الاستمرار في برنامج الطروحات الحكومية لتوسيع قاعدة ملكية الدولة.

كما أشار الحمصاني في تصريحات إعلامية إلى أن الحكومة المصرية تتفاوض حاليًا مع عدد من الدول الخليجية لضخ استثمارات جديدة، معربًا عن أمله في التوصل لاتفاقات خلال الأسابيع المقبلة.

مراجعة حاسمة ومرونة فنية محتملة

وكانت بعثة صندوق النقد الدولي قد اختتمت زيارتها إلى القاهرة في نهاية مايو الماضي، وأصدرت بيانًا وصفت فيه التقدم المحرز بـ"الملموس نحو استقرار الاقتصاد الكلي". غير أن الصندوق شدد في الوقت ذاته على ضرورة مواصلة الإصلاحات المالية، لاسيما في ما يتعلق بتوسيع القاعدة الضريبية، وتحسين كفاءة التحصيل، بوصفهما شرطين رئيسيين لضمان استدامة الوضع المالي.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن الصندوق يُبدي تفهمًا للضغوط الإقليمية التي تواجه مصر، خصوصًا ما يتعلق بتداعيات الأزمة في البحر الأحمر والحرب الإيرانية الإسرائيلية. ويُتوقع أن يُبدي مرونة محدودة في بعض البنود الفنية، بهدف تسهيل صرف الشريحة الخامسة، وهو ما يُنظر إليه كمؤشر إيجابي على متانة العلاقة بين الجانبين.

قطاعات حيوية تحت الضغط

واجهت المراجعة الأخيرة مجموعة من العقبات المرتبطة بتباطؤ الإيرادات في عدد من القطاعات الحيوية. فقد تراجعت إيرادات قناة السويس بنسبة 62.3%، لتصل إلى 1.8 مليار دولار فقط خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، نتيجة التوترات الأمنية في البحر الأحمر وتحوّل عدد من خطوط الملاحة العالمية إلى طرق بديلة أكثر أمنًا.

كما تأثرت السياحة، وهي إحدى ركائز الاقتصاد المصري، بشكل واضح بسبب الحرب الإقليمية بين إسرائيل وإيران، الأمر الذي أدى إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الإشغال الفندقي، خصوصًا في مناطق البحر الأحمر.

نمو اقتصادي متوقع ودعم وشيك

ورغم هذه التحديات، أبدى صندوق النقد تفاؤلًا بأداء الاقتصاد المصري، حيث رفع توقعاته لمعدل النمو في العام المالي 2024/2025 إلى 3.8%، مستندًا إلى الأداء الإيجابي خلال النصف الأول من العام، وتحسّن احتياطي النقد الأجنبي، واستقرار أسعار الصرف.

ومن المتوقع، بحسب جدول البرنامج، أن يتم صرف الشريحة الخامسة من القرض بقيمة 1.3 مليار دولار خلال يوليو المقبل، عقب الانتهاء الرسمي من المراجعة. وتُعد هذه الشريحة جزءًا محوريًا من خطة مصر لسد الفجوة التمويلية، وتحقيق استقرار السوق، وتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري.

بين التزامات الإصلاح وتحديات الواقع، تسعى مصر إلى تثبيت موقعها كشريك ملتزم في برامج التمويل الدولية، مع الحفاظ على توازن دقيق بين المتطلبات الفنية والتحديات السياسية والاقتصادية التي تفرضها المرحلة. وستكون نتائج المراجعة الخامسة مع صندوق النقد بمثابة مؤشر حاسم لمسار الاقتصاد المصري في النصف الثاني من العام.

ومن جانبه، قال المحلل الاقتصادي إسلام الأمين: "ما تقوم به الحكومة المصرية في الوقت الراهن يُعد نموذجًا نادرًا لقدرة الدول على الموازنة بين التحديات الطارئة والالتزامات الاستراتيجية."

وأضاف في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن استمرار القاهرة في تنفيذ إصلاحات هيكلية شاملة، رغم الضغوط الإقليمية وتراجع إيرادات قطاعات حيوية كقناة السويس والسياحة، يُبرهن على التزام حقيقي بتحقيق استدامة مالية ونمو متوازن.

ولفت الأمين أن المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي والمراجعة الخامسة المنتظرة ليست مجرد استحقاق مالي، بل مؤشر ثقة دولي في مسار الإصلاح المصري. وإذا ما تم صرف الشريحة الجديدة، فإن ذلك سيمثل دفعة قوية لبيئة الاستثمار المحلي، ويعزز قدرة الحكومة على الاستمرار في سياسات الحماية الاجتماعية دون الإخلال بالاستقرار الاقتصادي.

طباعة شارك النقد صندوق النقد الإصلاح الاقتصادي صندوق النقد الدولي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النقد صندوق النقد الإصلاح الاقتصادي صندوق النقد الدولي صندوق النقد الدولی الاقتصاد المصری

إقرأ أيضاً:

بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري و«بيرنس كوميونتي» لدعم الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة

وقع البنك الأهلي المصري، أكبر المؤسسات المصرفية في مصر، بروتوكول تعاون مع شركة «بيرنس كوميونتي»، المالكة لمنصة «Fund Hub»، بهدف تعزيز دعم الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، وتسهيل حصولها على الخدمات غير المالية والتمويلية.

صرح الدكتور عماد فرج، رئيس مجموعة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبنك الأهلي المصري، أن هذه الشراكة تأتي تماشيًا مع استراتيجية البنك لدعم ريادة الأعمال ودمج الكيانات غير الرسمية في الاقتصاد الرسمي وانطلاقًا من دور البنك الأهلي المصري الرائد في دعم الاقتصاد الوطني وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تعد أساس التنمية ومن خلال منصة «Fund Hub» سنتمكن من الوصول إلى شرائح جديدة وتقديم حلول مبتكرة تلبي احتياجاتهم وفتح آفاق جديدة أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة للوصول إلى فرص تمويلية واستثمارية فعلية، وخلق بيئة داعمة لتحفيز الابتكار وتعزيز التنافسية، بما ينعكس بالإيجاب على الاقتصاد المصري، كما سيتيح البروتوكول تمكين تلك الشركات من الاستفادة من منتجات وخدمات البنك الأهلي المصري.

فيما أعرب أيمن ياسين، الرئيس التنفيذي لشركة بيزنس كوميونتي عن سعادته بالتعاون مع البنك الأهلي المصري والتي تعكس ثقة مؤسسة مصرفية عريقة في المنصة، مؤكداً أن المنصة تسعى إلى تقديم قيمة حقيقية لرواد الأعمال من خلال تسهيل وصولهم إلى مصادر التمويل والاستثمار التي تمكنهم من التوسع والنمو، مؤكدا أن البروتوكول يستهدف توفير منصة رقمية متكاملة تتيح دراسة احتياجات الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، وربطها بفرص التمويل والاستثمار وتقديم خدمات غير مالية تشمل الإرشاد والتوجيه ودعم خطط الأعمال لزيادة جاهزية هذه الشركات، ودعم تحول الشركات غير الرسمية إلى القطاع الرسمي.

اقرأ أيضاًالبنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 550 مليون يورو غدا

بعائد 10.50%.. البنك الأهلي وبنك مصر يعلنان إتاحة فتح وديعة بسعر عائد متنوع وثابت

فيتش: التحول الرقمي في مصر يكتسب زخمًا بفضل الاستثمارات الحكومية والمشاريع الضخمة

مقالات مشابهة

  • سلطة منطقة العقبة الاقتصادية تبحث مع صندوق استثمار أموال الضمان مشاريع نوعية في قطاعات حيوية
  • صندوق النقد الدولي: تركيا تعاني أزمة دفع متعددة
  • الاقتصاد المصري رهينة للغاز الإسرائيلي باتفاق جديد
  • بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري و«بيرنس كوميونتي» لدعم الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة
  • ستاندرد تشارترد: تفاؤل بمستقبل الاقتصاد المصري وتحسن الجنيه وتباطؤ التضخم
  • مع انخفاض الفائدة والتضخم.. ستاندرد تشارترد يتوقع نمو الاقتصاد المصري بنسبة 4.6%
  • صندوق النقد العربي يتوقع تراجع التضخم في مصر لنسبة 11.9%
  • «صندوق النقد العربي» يتوقع نمو الاقتصاد في مصر بنسبة 4.7% العام المقبل
  • مدير الأمن العام يوعز بتكريم 42 نزيلاً نجحوا في امتحان الثانوية العامّة داخل مراكز الإصلاح والتأهيل
  • عودة الدوري المصري.. أبرز مباريات اليوم السبت 8-9-2025 والقنوات الناقلة