دور التعليم في تطوير القيادات: تحديات وآفاق
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
أمل بنت سيف الحميدية
في عالم سريع التغير، أصبحت القيادة الفعّالة أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ فالقادة ليسوا فقط روادًا ومبتكرين؛ بل هم أيضًا موجهو الرؤى والمسؤولون عن تحقيق التغيير الإيجابي في مجتمعاتهم.
ومن هنا، يبرز دور التعليم كأحد الأسس الرئيسة لتنمية هذه القيادات، فهو المحرك الرئيس لبناء جيل من القادة المُلهمين والمؤثرين القادرين على مواجهة تحديات العصر بثقة وإبداع.
إنّ التعليم يُعد الركيزة الأساسية في تطوير القيادات؛ حيث يمنح الفرصة للأفراد لاكتساب المعرفة والمهارات اللازمة لتحمل المسؤوليات القيادية. وبفضل التعليم، يتم تعزيز القدرات الشخصية وتطوير القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة والإلهام للآخرين. ويعمل التعليم كمحفز للابتكار والتفكير الإبداعي، مما يُسهم في تطوير قادة قادرين على التكيّف مع التحديات المُعقدة. إضافة إلى ذلك، يؤدي التعليم إلى تعزيز القيم الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية للقادة، مما يُسهم في بناء مجتمعات أكثر استدامة وتقدمًا.
إنّ تطوير القيادات من خلال التعليم يتأثر بعدة عوامل والتي تؤدي دورًا مهمًا في تشكيل وتعزيز مهارات القادة وقدراتهم؛ أولها: يأتي أهمية المناهج التعليمية وطرق التدريس المتبعة، حيث تلعب دورًا محوريًا في توفير المعرفة والمهارات الأساسية للقيادة. إضافة إلى ذلك، تؤدي البيئة التعليمية دورًا فعالًا في تحفيز القيادات الناشئة وتوجيهها نحو الابتكار والتفكير النقدي. من جانبها، تُسهم الفرص التعليمية المتاحة في توسيع آفاق القادة وتعزيز تنوع وتعدد آرائهم ووجهات نظرهم. كما تلعب الدورات التدريبية وورش العمل دورًا مهمًا في تنمية المهارات القيادية العملية وتطوير استراتيجيات الحلول للتحديات المعاصرة. علاوة على ذلك، يؤثر الدعم المؤسسي والمجتمعي في توفير البيئة المحفزة والداعمة لتطوير القيادات المبتكرة والمؤثرة. ويُعتبر التحفيز الشخصي والتطلع إلى التطور والنمو المستمر من أساسيات تطوير القيادات عبر التعليم.
ويواجه تطوير القيادات من خلال التعليم العديد من التحديات التي تعتبر عائقًا أمام عملية تنمية القادة وتطويرهم. أحد هذه التحديات هو توفير بيئة تعليمية مناسبة تتيح للقادة فرصة الوصول إلى التعليم عالي الجودة والمواكب للتحولات السريعة في العالم. بالإضافة إلى ذلك، تواجه التعليمات التحديات المتعلقة بتأمين الموارد المالية والبشرية الضرورية لتقديم التعليم الفعّال، وهو أمر يُعتبر أحد أهم عوامل نجاح تطوير القيادات. كما يُمثل التحدي الثالث تحديات تقنية، حيث يتطلب تطوير القيادات تكنولوجيا حديثة وموارد تقنية متقدمة لتحسين تجربة التعلم وتطوير المهارات الرقمية. ومن أهم التحديات أيضًا توفير برامج تعليمية متنوعة وشاملة تستجيب لاحتياجات وتطلعات القادة المختلفة وتعزز التنوع والشمولية. بالإضافة إلى ذلك، يواجه التطوير القيادي تحديات في توفير فرص التعلم التفاعلية والتطبيقية التي تُساعد على تحسين المهارات العملية والقيادية. وأخيرًا، تشمل التحديات أيضًا ضمان التوجيه الفعّال والدعم المستمر للقادة خلال رحلتهم التعليمية والمهنية. (اليونسكو، 2020)
ومن جانب آخر، يطرأ العديد من الآفاق المستقبلية والابتكارات في مجال تطوير القيادات عن طريق التعليم؛ حيث تتطور الطرق والأساليب لتعزيز مهارات القادة وتنمية قدراتهم بصورة أكثر فعالية. من بين هذه الآفاق، نجد استخدام التكنولوجيا والوسائط الرقمية في عمليات التعلم وتطوير القيادات والذكاء الاصطناعي؛ مما يُسهم في توسيع نطاق الوصول وتقديم تجارب تعليمية مبتكرة وشاملة. وتشهد الآفاق المستقبلية توجهًا نحو تطبيق أساليب التعلُّم القائمة على الألعاب والمحاكاة والواقع الافتراضي، لتعزيز التفاعل والمشاركة وتطوير المهارات العملية لدى القادة. ويتضح أيضًا الاهتمام المتزايد بتبني نهج التعلم المستمر والتنمية المهنية المستدامة للقادة، من خلال تقديم برامج تدريبية وورش عمل متخصصة تواكب التحديات المعاصرة وتعزز التطور المهني المستمر.
وتشير الآفاق المستقبلية إلى تعزيز التعلم التعاوني والتشاركي بين القادة، من خلال إنشاء شبكات تواصل وتبادل المعرفة والخبرات بين القادة في مختلف المجالات والقطاعات. ويُسهم التوجه نحو تطوير القيادات الاجتماعية والتعاونية في تعزيز القدرة على الابتكار وحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية بفعالية أكبر. (Bass & Riggio,2006)
وعليه.. يتضح أن دور التعليم في تطوير القيادات ينطوي على أهمية كبيرة في تحقيق التقدم والازدهار في مختلف المجالات. ولتعزيز هذا الدور، يجب التركيز على تطوير برامج تعليمية شاملة تهدف إلى تعزيز مهارات القيادة وتنمية القدرات الشخصية للقادة. كما ينبغي تعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية والمنظمات الحكومية والخاصة لضمان توفير بيئة تعليمية محفزة ومبتكرة. إضافة إلى ذلك، يجب توجيه الاهتمام نحو تطوير استراتيجيات تعليمية مبتكرة تستجيب لتحديات العصر وتشجع على التفكير النقدي والابتكار. ولتحقيق أقصى استفادة من العملية التعليمية، يجب تعزيز الدعم النفسي والمعنوي للقادة لتحفيزهم وتعزيز رغبتهم في التطور المهني المستمر، وينبغي التأكيد على أهمية التعليم؛ باعتباره الركيزة الأساسية لتطوير القادة القادرين على صناعة التغيير الإيجابي وتحقيق النجاح في مختلف المجالات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«القيادات الشابة» يناقش التحول الرقمي
ناقشت جلسة حوارية عقدت الثلاثاء، ضمن فعاليات الأسبوع الثاني لبرنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة، مستقبل الإعلام في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، ودور الذكاء الاصطناعي في صياغة المرحلة المقبلة من المشهد الإعلامي.
تحدث في الجلسة محمد الحمادي، المدير العام لوكالة أنباء الإمارات «وام» بالإنابة، مؤكدا أن الذكاء الاصطناعي رغم تسارعه، لا يمكن أن يحل مكان الصحفي، لكنه يساعده على تسريع وتيرة العمل، ويسهم في إعادة رسم المشهد الإعلامي. وأضاف: من لا يتقن أدوات الذكاء الاصطناعي اليوم، لن يجد لنفسه موطئ قدم في غرفة الأخبار مستقبلاً، لكن من يتقنه دون وعي مهني، قد يضل الطريق.
وعلق في سياق الحديث عن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، قائلاً: «بدايتي في عالم الصحافة كانت بالكتابة بخط اليد، واليوم يستطيع أي منا أن يكتب مقالاً كاملاً خلال دقائق، لكن تبقى القيمة الجوهرية هي الفكرة، والزاوية، والأمانة المهنية».
وتطرق إلى تحديات اللغة العربية التي تواجه مجتمعاتنا، مؤكداً أن تراجع استخدامها في المحتوى الرقمي العربي ليس بسبب التكنولوجيا وسهولة توليد المحتوى العربي دون تفكير عميق وحسب، وإنما بسبب ضعف الاهتمام بها. داعياً إلى التعامل معها هوية وثقافة، وليس مجرد وسيلة للتعبير.
وعقب الجلسة الأولى، شارك الحضور في ورشة تدريبية قدمتها أكاديمية «IMI» للإعلام، وقدمها رئيسها الإعلامي الإماراتي فيصل بن حريز، وركزت على تمكين المشاركين من المهارات الاحترافية التي تصنع الفارق في شخصية القائد الإعلامي، بدءاً من تقنيات التأثير مثل لغة الجسد واستخدام الصوت وعناصره، مروراً بإجراءات بناء ثقة المتحدث، ووصولاً إلى مهارات السرد القصصي الاستراتيجي والكتابة التي تخاطب الحواس.
وأكد أهمية تطوير الهوية الإعلامية للمشاركين، لأن الشراكة بين الأكاديمية ومركز الشباب العربي ضمن برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة لا يقتصر على تنمية مهارات الأعضاء فحسب، وإنما يسعى إلى إحداث تطوير احترافي عميق.
واختتم حديثه برسالة ملهمة للإعلاميين الشباب، بتأكيد أن القائد الحقيقي هو من يبدأ ببناء نفسه وشخصيته قبل سعيه لتغيير الآخرين.