عربي21:
2025-06-24@16:09:51 GMT

لو لم تكن غزة لكان يجب أن نخترعها

تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT

أزعم أنني لست بليد الإحساس لكيلا أشعر بالوجع الذي يجتاح المرء لما يجري في غزة، من جرائم صهيونية فاقت كل التصور المتوحش عن المستوطنين الأوروبيين، الذين استوطنوا القارة الأمريكية، وأبادوا أهلها الأصليين.

ومع ذلك، أتجرأ على القول والإعلان أنه "لو لم تكن غزة لكان يجب أن نخترعها" لأنها في آلامها اجترحت ما يشبه المعجزات.


غزة جاءت بكل هذا المشروع الاستعماري بأفكاره وسياساته وعقيدته إلى قفص الاتهام أمام أعلى محكمة عدل دولية
غزة هي التي جاءت بكل هذا المشروع الاستعماري، بأفكاره وسياساته وعقيدته، إلى قفص الاتهام أمام أعلى محكمة عدل دولية، وتحاكمه بتهمة ارتكابه جريمة الإبادة، وهي، كما يعرّفها رجال القانون، بأنها جريمة الجرائم أو أم الجرائم.

الشكر العظيم يزجي إلى دولة جنوب افريقيا، التي تقود المعركة ضد هذا المشروع الصهيوني، مدعومة بكل ما تحمله من وزن أخلاقي في نضالها المرير ضد الأبارتهايد والاستعمار. تحمل جنوب افريقيا ملف هذه الدعوى أمام محكمة العدل الدولية، بثبات وإرادة، رغم ما تتعرض له من ضغوط إمبريالية تنطوي على وقاحة وفجور.



غزة هي التي جاءت بكل رموز الانحطاط الصهيوني والعجرفة الاستعمارية إلى قفص الاتهام أمام المحكمة الجنائية الدولية (حتى إن جاء قرار المدعي العام منقوصاً) وأصبح رئيس العصابة فيها، نتنياهو هارباً من وجه العدالة وأصبح القاتل الأول فيها، يوآف غالانت، مطلوبا للعدالة الدولية، وهو الذي وصف أهالي غزة النجباء بأنهم "حيوانات بشرية".

إن غالانت يترأس عصابة من الأشرار القتلة ويقود جيشاً أصبح عنواناً للانحطاط الأخلاقي.
غزة هي التي نزعت غطاء الشرف والشهامة عن معظم رموز النظام العربي التليد
غزة هي التي نزعت غطاء الشرف والشهامة عن معظم رموز النظام العربي التليد، الذي لا يتذكر السيادة إلا في مواجهة مواطنيه، ولكنه يطاطئ الرأس حين يكون في مواجهة أصحاب المشروع الصهيوني.



إن الثروات العربية أصبحت عبئاً على النضال الوطني، وتضاءلت إلى أن أصبح الياسين 105 أهم من كل الأرصدة والثروات النفطية وغيرها من الثروات.

والشكر أولا وآخرا إلى غزة العزة، التي أماطت اللثام عن أكذوبة، أن الدول العربية دول مستقلة وذات سيادة، فإذا بها، أو معظمها على الأقل، ليست إلا جمهوريات موز يحكمها ضابط أمريكي برتبة متواضعة، كما كان الحال في أمريكا الجنوبية حين كانت شركة الفواكه المتحدة هي السيد الذي له حق تغيير الحكم واتجاهه وسياسته، ويستبدلهم كما يستبدل الشخص ملابسه..

وأولا وأخيرا غزة هي التي كبحت جماح التطبيع المذل، رغم عصا "السيد" التي تسوق بعضهم كالإبل. وإمعاناً في الإذلال علينا أن نقرأ بيان القمة العربية الأخيرة الذي لم يستطع ان يقدم عبوة ماء ـ مجرد عبوة – إلى أهلنا في غزة… ولو من وراء المعبر.
غزة خلقت انتفاضة عالمية تحمل بذور ثورة تنويرية عميقة الأبعاد وبعيدة الترددات
إن غزة هي التي خلقت انتفاضة عالمية تحمل بذور ثورة تنويرية عميقة الأبعاد وبعيدة الترددات.

إن جيلاً من الشباب والصبايا ممن تزدان بهم جامعات العالم تنتصر لغزة وتهتك أستار الصهيونية، من دون وجل من اتهامها بالعداء للسامية، وتفضح المؤسسة العنصرية والعدوانية للحركة الصهيونية، وتفتح نوافذ وأبواباً كانت الصهيونية تعتبر أنها من الأحراز التي لا يقترب منها أحد.



إنها تهتف بجرأة ومن دون تردد: من النهر إلى البحر ستكون فلسطين حرة. البعض يشوّه الشعار بأنه دعوة للإبادة، ولكنه في الحقيقة دعوة إلى المساواة الحقيقية، وإقامة نظام بعيد عن أوساخ، وأدران الصهيونية وأكاذيبها وأساطيرها.

هذا الحراك الواسع، وإن كان في بداياته، إلا أنه هشّم هذا النمر الاستعماري الذي كشف أنه مجرد نمر من ورق.

غزة هي التي انتقلت بالقضية الوطنية من قضية حدود وحكم ذاتي، وسلطة محسوبية إلى قضية وطن يتحرر من الاستعمار والاستيطان، وشعب يثور لإنجاز حق تقرير المصير والسيطرة على ثرواته وبناء مستقبله.

ويجب أن لا يغيب عن بالنا أنه مضى على فلسطين زمن اختصر جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس دونالد ترامب، قضية فلسطين إلى أنها «قضية عقارية» ويمكن حلّها بتوسيع الاستثمار العقاري فيها، كما يفكر في شاطئ غزة قبل أسابيع قليلة. جاءت غزة بإبداعها، ولقنته وأسياده، درساً في "إكمال واجبه المدرسي" قبل أن يفتح فمه.

إن غزة هي التي استولدت جيلاً من الشباب والصبايا اليهود، يعلنون أن ما ترتكبه إسرائيل ليس منا وليس فينا وليس عنا.

إنهم يحطمون أسطورة أن خلق إسرائيل هي لضمان سلامة اليهودي، وينكرون ذلك بصراحة وشجاعة، وينكرون أن المجازر التي ترتكب في غزة لم تكن بتفويض منهم، وليست دفاعاً عنهم.

إنهم أكثر وفاءً لمبادئ دينهم وثقافتهم. إنهم ينبذون الصهيونية كما نبذها آباؤهم من أيام هيرتزل الذي لم يستطع أن يتجوّل بين اليهود، خشية من ردة فعلهم، فهو أستاذ الهرطقة الأول الذي لم يكن يؤمن بالدين، وكان ملحداً إلاّ أنه لم يتورع ـ ببذاءة- أن يعلن عن أن فلسطين قد وعدها الرب إلى اليهود.

غزة هي التي أماطت الغلالة الرقيقة التي كانت تحول دون رؤية الحقيقة الصلبة من أن إسرائيل هي مشروع استعماري أمريكي بامتياز، وأن الالتزام الأمريكي بحماية هذا المشروع هو التزام عضوي.



بُعيد السابع من أكتوبر شاهدنا "الفزعة" الأمريكية التي وصلت على جناح السرعة، وتمثلت في وصول حاملتي طائرات إلى شرق المتوسط وفتحت مخازن الأسلحة والذخائر الأمريكية أمام قوات الاحتلال الإسرائيلية، وبدأ المسؤولون الأمريكيون، ابتداءً بالرئيس جو بايدن، مروراً بوزيري الخارجية والدفاع، بالمشاركة في جلسات مجلس الحرب الإسرائيلي وكأنهم من "أهل الدار" للمشاركة في اتخاذ القرار، ثم قدمت الولايات المتحدة الحماية لإسرائيل في مجلس الأمن الدولي واستخدمت الفيتو ثلاث مرات.

وهددت المحكمة الجنائية الدولية وباشرت حملة شعواء ضد طلب المحكمة، الذي سماه الرئيس بايدن "الفضيحة" باعتقال بعض مجرمي الحرب الإسرائيليين، وهو هجوم يفضح هشاشة أخلاق الإدارة الأمريكية التي تتطاول على مؤسسة قانونية دولية، أي أن الولايات المتحدة تشارك على نحو واضح وحقيقي، وعلى مختلف الجهات والمستويات في إدارة حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني. وعلى ذوي الشأن ان يأخذوا ملاحظة بذلك.

إن عبقرية غزة هي التي ألقمت حجراً ذاك الذي لام المقاومة على أنها قامت بهجوم السابع من أكتوبر من دون استشارة أحد.

وقد غاب عنه أن يقول لنا حين ذهب إلى أوسلو ووقع أوسلو وسمسر لتطبيق أوسلو كيف ومن استشار، ولم يعلم أنه وقع على وثيقة استسلام كاملة المواصفات. أين الحقوق التي أتى بها إلى شعبه؟ وأين الدولة التي وعد الرب بها؟ وأن ما يردده يحتاج إلى جواب، ولم أجد أفضل من القول: شكراً غزة…

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال الولايات المتحدة المقاومة الولايات المتحدة غزة الاحتلال المقاومة صمود مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذا المشروع غزة هی التی

إقرأ أيضاً:

ما هي القاذفات الشبحية «بي-2» التي استخدمتها أمريكا في قصف إيران؟

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجر الأحد، أن الجيش الأمريكي نفذ "هجوماً ناجحاً للغاية" على ثلاثة مواقع نووية إيرانية، بينها منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض.

وأفادت تقارير بأن قاذفات أمريكية من طراز "بي 2" قادرة على حمل قنابل خارقة للتحصينات، كانت في طريقها إلى خارج الولايات المتحدة.

القدرة على ضرب المنشآت النووية

أرسل الجيش الأمريكي قاذفات شبح أمريكية من طراز بي-2 إلى جزيرة غوام الأمريكية في المحيط الهادئ، قبل إعلان ترامب، عن الضربة الأمريكية لثلاثة مواقع نووية إيرانية، لينضم بذلك رسمياً إلى إسرائيل في شن غارات جوية هجومية على المواقع النووية الإيرانية.

تُعتبر هذه الطائرات الكبيرة هي الوحيدة القادرة على حمل أسلحة يمكنها ضرب أكثر منشآت إيران النووية أمناً، منشأة "فوردو"، والمدفونة في أعماق الأرض أسفل جبل.

والطائرات الشبحية هي طائرات تستخدم تقنية التخفي، لتجنب اكتشافها من قبل رادارات الدفاع الجوي. ولم يُعلق المسؤولون الأمريكيون على أسباب نشر هذه الطائرات.

اختراق المخابئ الإيرانية

هذه الطائرات الضخمة، التي يزيد طول جناحيها عن 50 متراً، هي الوحيدة القادرة على حمل قنبلة GBU-57 الخارقة للذخائر الضخمة، وهي قنبلة تزن 30 ألف رطل (13608 كيلوغرام) قادرة على اختراق المخابئ، ويقول الخبراء إنها ضرورية لتدمير منشأة "فوردو" النووية الإيرانية العميقة.

ويُعتقد أن هذه المنشأة مدفونة على عمق نحو 100 متر تحت سطح الأرض، ومحمية بالخرسانة المسلحة.

خصائص الطائرة بي-2

يمكن للطائرة بلوغ أي نقطة في العالم والطيران حوله في رحلة واحدة بعد إعادة التزود بالوقود في الجو.

لا تعكسها موجات الرادار بسبب انسيابية جسمها الذي يشبه مثلثا ذا قاعدة مسننة.

يمكنها حمل وزن يصل إلى 20 طنا.

يبلغ مداها دون الحاجة للتزود بالوقود حوالي 9 آلاف و600 كيلومت

الطول: 20.9 مترا.

الارتفاع:5.1 أمتار.

الوزن: 72 ألفا و575 كيلوغراما.

عرض جناحيها: 52.4 مترا.

أقصى وزن للإقلاع: 152 ألف و634 كيلوغراما.

سعة الوقود: 75 ألفا و750 كيلوغراما.

القاذفات الشبحيةالقاذفات بي 2قد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • محافظ المنوفية يتفقد مركز طب الأسرة بشما ويوجه بتلافي الملاحظات
  • محافظ المنوفية يتفقد مركز طب الأسرة بشما
  • عراقجي يؤكد وقف إطلاق النار: شكراً لقواتنا التي استمرت بمعاقبة إسرائيل
  • دعاء أوصى به الرسول.. أهم الأدعية التي كان يرددها النبي
  • أول تعليق رسمي من جامعة القاهرة بشأن سقوط طائرة دروان امام بمني كلية التجارة
  • سعر الدولار يغير مساره أمام الجنيه في البنوك.. ما الذي يحدث؟
  • شيخ الأزهر لـ أنجلينا أيخهورست: ما سرُّ القوة الشيطانية التي تُجهض أي قوى أخرى؟
  • ما هي القاذفات الشبحية «بي-2» التي استخدمتها أمريكا في قصف إيران؟
  • إنزاجي: علينا مواجهة سالزبورج بنفس القوة التي كنا عليها أمام ريال مدريد
  • ضربة إسرائيل القوية التي وحّدت إيران