سودانايل:
2025-06-24@08:46:55 GMT

إعلام الدعاية الحربية

تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT

وجدي كامل
ليس كل ما يقال عبر اجهزة ووسائط الاعلام صحيحا ودقيقا عن مجريات واخبار الحرب، وكذلك، وبذات النسبة يمكن وصف بان كل ما يجرى في ميادين الحرب من احداث يجد طريقه الى الاعلام صافيا، او دونما تشويه، او زيادة او نقصان.
فما بين الحقيقة والاخبار الزائفة في هذا الفضاء المرعب بالجرائم، والقتل خارج نطاق القانون، حبل رفيع، وخيط واهن، يمكن ان ينقطع في اي لحظة فتتحول الحقيقة الى خبر كاذب، والخبر الكاذب الى حقيقة فيصبح الضحية في الحالتين هو الرأي العام الذي تخشاه اطراف الحرب، وتضع له ألف حساب.


غير ان وضع كل ذلك الحساب لا يمنع الفاعلين في الحرب من استهداف الرأي العام بكافة استراتيجيات التشتيت، والتشويه، والعنف . فالمحرك الفعلي والحيوي في الحروب، على تنوعها، هي المصالح التي تجعل من الاعلام لسانا لها، وناطقا رسميا باسمها، دون ان يمت بالضرورة بصلة للوقائع والاحداث في سيولتها وسخونتها، او ذكر الحقيقة، بالقدر الذي يهتم فيه بتقسيم الرأي العام وطحنه وتدميره بالاكاذيب دون رحمة.
هذه الحرب الدائرة حاليا بالسودان، ورغم المعرفة المتوفرة عنها، وعن فاعليها، واطرافها، ومآسيها، الا إنها تخبئ الكثير من التفاصيل بسبب غياب الاعلام المحايد المستقل.
ان الطرفين المتصارعين لا يسمحان لاعلام محايد مستقل بتغطية وتصوير ما جرى ويجرى على الواقع، وبذا فان اغلب ما يصل عن مجريات الفظائع يتم (وبالاضافة الى العسكريين من الطرفين) بواسطة صحافة المواطن المتمثلة في تغريدته بتويتر، او منشوره على الفيس، او تصويره الحى من ارض المعركة، او تسجيله الصوتي بالواتساب اثناء وقوع الحدث او بعده. وبين هذه البلاغات او الاخبار تضيع وتختفي الاخبار الاخرى التي ليس بوسع احد نقلها او توثيقها، مما يؤجل كشف الحقيقة ويحيل امرها الى مهام البحث في المستقبل.
ومما يتأكد يوما بعد يوم، وبعد استطالة امد هذه الحرب المعقدة، وتجاوزها العام ان المستقبل في الكثير من الوقائع، وبما تنطوي عليه من الخسارات المادية والبشرية، والمواردية سيكون جهة الاعراب، والاصدار للنسخة الاصيلة للحقيقة. اننا كمتابعين ومراقبين للأحداث الجسيمة في ظروف كظروف الحرب كمثل من يسمع و يرى بالعين المجردة قصفا مدفعيا لمنطقة بعيدة ولا يتمكن من الجزم بغير حدوث اندلاع لحريق وتصاعد لدخان دون معرفة دقيقة بتفاصيل الخسائر التي نجمت ومنها ما لن نتمكن من البت في هويته الا بعد بحث وسؤال لن يتوفر وبكل الاحوال في الزمن الاني للقصف. و هكذا هى الاف من الارواح التي قضت، والاشجار، والمكتبات والمقتنيات والتذكارات والجدران والتفاصيل العزيزة التي فقدناها.
وريثما نصل الى تلك المرحلة من التثبت في المعرفة سيتمكن الاعلام المتواطئ من خداع الرأي العام بواحدة من اثنتين تقول احداهما بان ما وقع من قصف ادى الى وفاة شخص واحد او اثنين فقط. اما الثانية فغالبا ما تتخذ الخبر المضاد الذي سيقول بانه كبد العدو العشرات، او المئات من الجنود، مع تدمير كامل للمعدات. وهنا، وبلا شك سوف تتورط التغطية وتنحاز المعلومات باتصال مع اغراض الاعلام الحربي، والترويج لصالح طرف من الاطراف دون ايلاء العناية الكافية للحقيقة التي ستصبح في انتظار طرف ثالث من المؤمل ان يحضر لتقديم شهادته فيما بعد، مبينا هويته كصحافة، او اعلام استقصائي، او نشاط مستقبلي لعلم التاريخ. الناس في قواعد وقيادات الراى العام، ووفق المنتجات الاعلامية لهذه الحرب اللعينة، وبحسن ظنهم بمصادر الاخبار ينقسمون بنحو بات يشكل موادا اضافية حارقة ومدمرة لبعضهم البعض بما يمكن من وصفهم بضحايا الآلات والدعاية الاعلامية النشطة، بسبب التواطؤ القائم بينهم وبينها بما حمله استعدادهم لتقبل الاكاذيب والخديعة، وعدم معالجتهم للانباء بالاستقلالية، بالتفكير والوعى النقدي المطلوب في احوال وقرائن مثل هذه من جنون المصالح

wagdik@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الرأی العام

إقرأ أيضاً:

هياة الاعلام ومجلس القضاء الاعلى يؤكدان ضرورة التصدي لأي خطاب تحريضي

يونيو 21, 2025آخر تحديث: يونيو 21, 2025

المستقلة/-قدمت هيأة الإعلام والاتصالات، عرضاً موجزاً في الاجتماع المركزي الذي عقده مجلس القضاء الأعلى اليوم ، برئاسة رئيس المجلس القاضي فائق زيدان، بحضور رؤساء الأجهزة الأمنية والقضائية ، ونقابة الصحفيين العراقيين، لبحث التحديات الراهنة وآليات التنسيق المشترك في حماية السلم المجتمعي وتعزيز السيادة الوطنية

وقال رئيس الهيأة نوفل أبورغيف، أن تكامل الأدوار بين المؤسسات الإعلامية والأمنية والقضائية والنقابية يمثل مرتكزاً حيوياً في مواجهة الخطابات السلبية وخطابات التأجيج، ويعزز الخطاب الوطني الجامع، مؤكداً مضي الهيأة في دعم هذا النهج ضمن مسؤولياتها القانونية والتنظيمية.

فيما شدد المجتمعون على أن أمن العراق وسيادته خط أحمر لا يمكن السماح لأي أحد أو جهة المساس به، وأن أي محاولة للنيل من هيبة الدولة أو وحدة المجتمع ستواجه بإجراءات قضائية رادعة، بالتنسيق الكامل مع الجهات المعنية واكدوا ضرورة مضاعفة الإجراءات الوقائية والتوعوية، والتصدي لأي خطاب تحريضي يهدد الأمن والاستقرار، مع التأكيد على المتابعة القانونية الصارمة لكل من يسعى إلى زعزعة الثقة بالمؤسسات أو الترويج لإشاعات تستهدف الجبهة الداخلية.

وأعرب الحضور عن الدور الوطني للإعلام المسؤول في ترسيخ قيم التضامن والتلاحم، مؤكدين أن المرحلة الحالية تفرض أعلى درجات التنسيق المهني والمؤسسي لتجنيب العراق تداعيات الأزمات الإقليمية والتحديات الأمنية الطارئة.

مقالات مشابهة

  • خلية الاعلام الامني: سقوط طائرتين مسيرتين شمالي بغداد ولا خسائر بشرية
  • لايستطيع أحد أن ينكر أو يشكك الدور الكبير الذي قامت به الحركات المسلحة في حرب الكرامة
  • «صحيفة الرأي الأردنية»: أمن الدولة يستدعي المسئول الأول في جماعة الإخوان
  • أبو الغيط يدين التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس بدمشق
  • فى ذكراه.. وجدي الحكيم ترك الحربية بعد 40 يوما ليصبح رائدا بالإذاعة
  • الوَلَد !! لَمَسَ الأسد !!
  • إيكونوميست: لحظة انفجار الحقيقة لإيران وإسرائيل
  • أين الحقيقة في خطاب صمود؟
  • من الرجل الذي يؤخر دخول الولايات المتحدة إلى الحرب مع إيران؟
  • هياة الاعلام ومجلس القضاء الاعلى يؤكدان ضرورة التصدي لأي خطاب تحريضي