خلال افتتاحه عددًا من المشروعات التنموية في جنوب الوادي مطلع الأسبوع الجاري، وجَّه الرئيس عبدالفتاح السيسي، كلمة صريحة ومباشرة للوزراء، فقال: "اتكلموا وقولوا للناس.. المصارحة ليست عيبًا".
والسؤال: لماذا لا يتكلم الوزراء مع المصريين، ويقولون لهم الحقائق؟!
أتصور أن الإجابة لن تخرج عن ستة احتمالات:
• أولها: أن الوزراء لا يهمهم كشف الحقائق.
• ثانيًا: الوزراء لا يهمهم الناس أساسًا.
• ثالثًا: الوزراء "مبيعرفوش" يتكلموا!
• رابعًا: الوزراء ليس لديهم ما يقولونه.
• خامسًا: الوزراء ممنوعون من الكلام، فلم يكن مسموحًا لهم الحديث إلى الناس.
• سادسًا: الوزراء "بيخافوا" يتكلموا حتى لا تُحدِث تصريحاتهم غضبًا شعبيًّا، وهو ما سيؤدي بالطبع إلى إبعاده عن مصبه.
مبدئيًّا سنستبعد الاحتمال الثالث، لأنه حتى ولو كان الوزير "مبيعرفش" يتكلم مع الناس، فإن كل وزارة لديها متحدث رسمي يتولى هو الحديث مع وسائل الإعلام، وبالتالي مع كل المصريين، ونستبعد أيضًا احتمال أنهم ممنوعون من الكلام بدليل أن أكبر مسئول في الدولة المصرية هو من يطالبهم بأن يتكلموا ولا يصمتوا.
إذن، تبقى الاحتمالات الأربعة الأخرى، وجميعها تقدم تفسيرات مقنعة جدًّا لصمت الوزراء، وأتصور أن كلام الوزراء أو صمتهم له علاقة بولاء الوزراء، فهل هو ولاء للشعب أم ولاء لمن اختارهم وزراء؟
فالوزير الذي يكون ولاؤه للشعب سيسعى إلى إرضاء الشعب والسهر على راحته، أما من يكون ولاؤه لمن اختاره وزيرًا فسيعيش طول عمره محاولًا إرضاء ونفاق من اختاره وزيرًا.. وأمثال هؤلاء لا تحتاج إليهم مصر ولن يرضى عنهم المصريون.
سيادة النائب العام: امنع نشر شذوذ "سفاح التجمع"
حادثة سفاح التجمع الذي اصطاد بنات ليل، ومارس معهن الزذيلة ثم قتلهن وألقى بجثثهن بعيدًا عن مسكنه .. هذه الحادثة مقززة ومقرفة وشاذة في كل تفاصيلها، وللأسف تتبارى كل الصحف والمواقع الإعلامية في متابعتها ونشر تفاصيلها ونشر اعترافات الجاني وممارساته المجنونة.. وهذا النشر سيكون له آثار سلبية خطيرة على المجتمع..
فالبعض سيحاول تقليد هذا السفاح السادي الشاذ، أوسيسعى لأن يسلك مسلكه ويكرر نفس أفعاله، كما أن النشر سيجعل من مثل تلك الجرائم الشاذة جدًّا أمرًا عاديًّا قابلًا للتكرار في المجتمع، بخلاف الفضائح التي ستلاحق أسر الضحايا.
وأسْلَم طريق لسد بوابة جهنم التي يفتحها نشر تفاصيل هذه الجريمة هو منع النشر فيها حفاظًا على المجتمع وقيمه ومبادئه وأخلاقه.
سيادة المستشار محمد شوقي- النائب العام.. أرجوك افعلها، امنع النشر في هذه الحادثة الشاذة.
"أحد العناصر".. كلمة وجعت قلبي!
وجع قلبي وصف ابن مصر الذي سقط على حدود سيناء برصاص الصهاينة بأنه "أحد العناصر"..
ولا أدري بأي قلب وبأي ضمير وبأي وطنية تجاسر البعض، فوصف شابًّا مصريًّا سقط على الحدود برصاص الغدر أنه " أحد العناصر"!
يا سادة.. عبارة" أحد العناصر" تطلق على تجار المخدرات، وعلى أفراد العصابات و الجماعات الإرهابية ، أما أن يوصَف ابن مصر المرابط على الحدود بأنه "أحد العناصر" فهذا لا يليق ولا يجوز ولا نقبله.. رحم الله ابن مصر وابن كل مصري الشاب "عبدالله رمضان عشري حجي" ونحسبه شهيدًا عند الله -تعالى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كلمات لمشروعات التنموية الرئيس عبدالفتاح السيسي الحديث إلى الناس أحد العناصر
إقرأ أيضاً:
ميزان الناس لا ينصفك
سعيد بن حميد الهطالي
إن ميزان البشر ميزانٌ أَعْوَر، يَثْقُل فيه الظاهر، ويُهْمَل فيه الباطن؛ فلا تتوقّع الإنصاف من عيون لا تراك إلا من خلال نظرتها الضيقة، لا تعرف من حكايتك إلا العناوين العريضة، ولا تقرأ سوى سطورك المبتسمة. هم ينظرون إلى غلاف كتابك، وأنت تكتب فصولًا من الألم، تنزف حبرها من أعماقك. يسبحون على سطح بحرك، وأنت تغوص في أعماق أساك وحدك!
هم لا يرون منك إلا ما انعكس على مرآة أذهانهم وتصوراتهم الظاهرة، يحكمون على ظاهرك من خلال ابتسامة زائفة علّقتها على شفتيك، أو ما دفنته في قلبك من خذلان وألم وهزائم مريرة، لا يدركون شيئًا عن صراعات خضتها وحدك، عن معارك دارت في أعماقك، احتملتها في داخلك دون أن تبوح بها، لا يدركون حجم الحمل الذي أثقل كتفيك وأنت تتظاهر بالثبات، ولا الألم الذي خبأته تحت ابتسامتك كي لا ترى الدنيا في عينيك دمعة ضعف أو نظرة انكسار!
لا أحد منهم يعرف عدد المرات التي بلعت فيها خيبتك وحدك، وبنيت من خذلانك جُدرًا تحميك من الانهيار، لا يعلمون شيئًا عن صبرك الطويل، عن محاولاتك التي خضتها لتصلح ما انكسر فيك، ولا عن الأحلام التي دفنتها مضطرًا كي تستمر.
الناس لا تقرأك كاملًا، بل تكتفي بما يظهر من العنوان، يرونك تضحك فيقولون: ما أهنأه! يرونك تمشي بثبات فيظنون أن الطريق أمامك مفروش بالزهور والورود، ولا أحد منهم يدري كم من مرة انهارت بك الأرض فجمعتَ حطامك بصمت ومضيت!
ربما تنهض كل صباح وفي قلبك حروب لا تهدأ، لكنك تلبس وجهًا هادئًا كي لا تُقلق أحدًا، وربما تقف في طابور الحياة كأيّ شخص، فيما الداخل منك مثقوب من تعب قديم، وهمٍّ مقيم، ودمعةٍ ما زالت محبوسة في المآقي تنتظر رحمة الله!
تخيّل رجلًا وُلد في دنيا تخلو من ظلال الإخوة وأصداء العمومة، نما وحيدًا في كنف والديه، عاش طفولته بصمت وهو يرقب رقصات الفرح بين الأشقاء، بينما هو يكتفي بالتماس دفء الأم وحنان الأب، تمضي به الحياة، حتى إذا انصرم شطر رحلتها، انفرط عقد وجوده بغياب الوالد، فينطفئ جزء من داخله لم يعد يضيء، يتقدّم به الزمان، وتنقضي السنون دون أن يُرزق بولد يملأ الدار ضجيجًا، فلا يسمع صوتًا يناديه "أبي"، ولا يرى امتداد اسمه في أحد.
وفي غمرة هذا العزاء، يلقاه الناس بوجهٍ مشرقٍ متجلّد، يرون ملامحه الهادئة فيظنونها رضا، ويرون صمته فيحسبونه اطمئنانًا، ويسقطون من حساباتهم أن الإنسان قد يكون أطلالًا تحت قناع البسمة، وأن خلف سكونه مقبرة من الصمت دفن فيها ما لا يُقال، وما لا يُعوّض!
هكذا هم الناس، يخلطون بين الصبر والرضا، حين يحسبون تحمّلك للألم قبولًا به، وتجلّدك أمامهم نسيانًا له، ويقدّرون الفراغ بالامتلاء، إذا لم يروا دموعك، ظنّوا بأن عينيك لا تعرف البكاء، وإذا لم يسمعوا شكواك، ظنّوا أن قلبك لا يعرف الجرح. تلك هي المأساة: حين نحكم على البحر من خلال أمواجه، دون أن نغوص في أعماقه.
ميزان الناس هشّ، مائل، لا يُنصفك لأنه لا يزن إلا ما يظهر، أما ما يختلج في سراديب الروح فلا مكيال له إلا في يد الخالق، فكن رحيمًا بكل من تقابله، فربما يحمل في صدره مقبرة من الأحلام التي لم تُدفن بعد، وأطيافًا من الأشواق التي لم تعرف طريقها إلى النور.
فلا تنتظر منهم عدلًا، ولا تسعَ جاهدًا لتبرير نفسك في كل موقف، فمن يعرفك حقًا سيعرف أن الصمت أحيانًا لغة الأقوياء، وأن الهدوء أحيانًا غبار المعارك التي خضتها وحيدًا، ولا تنسَ أن الله يعلم، والله يُنصف، والله يرى حقيقتك كاملة، وهو وحده من يرى الحكاية من بدايتها إلى منتهاها.
وإن ضاق صدرك من الأحكام المسبقة، ومن ألسنة لا تعرف عنك سوى ما يظهر على السطح، تذكّر أن الكفة الراجحة في ميزان البشر لا تُحدّد قيمتك الحقيقية، قيمتك عند الله، عند من يعرفونك حق المعرفة، عند نفسك التي عرفت كم مرة قاومت لتبقى واقفًا.
لا تُرهق قلبك في السعي لإرضاء من لا يُبصرونك حقًا، ولا تُفسّر صمتك لمن اعتادوا الضجيج، عش مع الله، واتكئ على يقينك بأن كل لحظة ألم، وكل تنهيدة خذلان، وكل صبر طال، له حساب محفوظ عند العزيز العليم.
رابط مختصر