الأوضاع الاقتصادية في مصر.. توقعات تشير إلى أربع سنوات من الصعوبات
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
يشير تمديد فترة الأزمة الاقتصادية إلى 4 سنوات، إلاّ أن التحدّيات التي تُواجه الاقتصاد المصري ليست مؤقتة أو سطحية، بل هي عميقة وتحتاج إلى فترة طويلة من الإصلاح والتعديل.
أعلن وزير المالية المصري، محمد معيط، أن مصر تدخل فترة تصحيحية تمتد لأربع سنوات قاسية، مشيراً إلى أن الأوضاع الاقتصادية العالمية والتوترات الإقليمية هي الأسباب الرئيسية لطول أمد هذه الأزمة.
هذه التصريحات تثير العديد من التساؤلات حول دلالة مد فترة الأزمة إلى أربع سنوات، وانعكاساتها على القرارات والإجراءات الاقتصادية التي تؤثر على حياة المواطنين، بعد سلسلة وعود بتحسين الأوضاع والانتقال لمرحلة جديدة وثوب جديد.
هذه الفترة التصحيحية تتطلب من الحكومة اتخاذ قرارات وإجراءات صارمة، قد تكون مؤلمة على المدى القصير، وتزعم الحكومة أنها ضرورية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام على المدى الطويل.
فاتورة الاستيراد في مصر وخياراتها الصعبة
وعدّد وزير المالية ملامح الأزمة، مشيرا إلى أن العالم يعيش في ظروف صعبة ومنطقة ظروفها أصعب، أثرت على إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر، والاقتراض بالدولار تكلفته مرتفعة وسعر الفائدة محليا بلغ 30 في المئة.
وكشف المسؤول المصري أن فاتورة الواردات الشهرية لمصر تضاعفت؛ إذ ارتفعت من 5 مليارات دولار إلى 10.5 مليار دولار؛ بسبب ارتفاع تكاليف شحن البضائع وزيادة الطلب العالمي عليها.
وبشأن تداعيات استمرار هذه الأوضاع توقع معيط أن تؤدي إلى مزيد من الضغط على موازنة الدولة، وارتفاع تكلفة دعم المواد البترولية والكهرباء، مما قد يضع البلاد أمام تحديات صعبة وخيارات قاسية؛ للحفاظ على استقرار الأوضاع الاقتصادية والمالية.
ملامح السنوات الصعبة بدت واضحة وقوية في إعلان مصر عن رفع سعر رغيف الخبز المدعوم إلى 20 قرشا من 5 قروش، لأول مرة منذ عام 1988، ورفع أسعار عدد واسع من الأدوية، وسط حديث عن حتمية رفع الدعم بشكل نهائي عن الكهرباء، والمنتجات البترولية.
تسلسل أبرز مشاريع الأزمة الاقتصادية
تعود الشرارة الأولى للأزمة الاقتصادية إلى عام 2015 عندما أنفق رئيس النظام، عبد الفتاح السيسي، عشرات مليارات الدولارات على مشروعات ضخمة أدت إلى تراجع قيمة الجنيه المصري، وارتفاع معدلات التضخم، ونقص العملات الأجنبية، وتزايد الدين العام.
2014-2015:
إنفاق 8 مليارات دولار على مشروع تفريعة قناة السويس وانخفاض احتياطيات العملات الأجنبية إلى 16.4 مليار دولار أمريكي.
2016-2017:
وقعت مصر اتفاقية قرض بقيمة 12 مليار دولار أمريكي مع صندوق النقد الدولي وخفضت قيمة الجنيه 50 في المئة.
2020-2021:
أدت جائحة COVID-19 إلى حدوث تباطؤ اقتصادي كبير في مصر، وانخفاض إيرادات السياحة والصادرات مما أدى إلى انخفاض كبير في إيرادات العملات الأجنبية.
2022-2023:
أدى اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وهروب أكثر من 22 مليار دولار أموال ساخنة وانهيار تماسك الجنيه.
رفع الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي أدى إلى تدفقات مالية خارجة من الأسواق الناشئة، وخفض قيمة الجنيه أكثر من مرة بأكثر من 50 في المئة.
تباطؤ الاقتصاد العالمي قلل من الطلب على الصادرات المصرية، مما أثر على عائدات العملات الأجنبية.
2023-2024
أدى اندلاع الحرب في قطاع غزة إلى تفاقم التوترات في المنطقة وانهار الجنيه المصري إلى 70 جنيها للدولار.
توصلت مصر مع اتفاق مع صندوق النقد الدولي مجددا لزيادة حجم القرض إلى 8 مليار دولار وتحرير سعر الصرف وخفض قيمة الجنيه من 30 جنيها للدولار إلى 47 جنيها.
انعكاسات الفترة التصحيحية على القرارات الاقتصادية بحق المواطنين:
قال الباحث في الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف، إن "هناك عناوين عريضة تلخّص طبيعة المرحلة الاقتصادية المقبلة تتركز في أولا، في عدّة إجراءات تقشفية محتملة وكبيرة، ثانيا، آثار سلبية على السياسات النقدية، ثالثا، ارتفاع الأسعار واستمرار ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الجنيه وبيع المزيد من الأصول".
وأوضح لـ"عربي21": "بخصوص الإجراءات التقشفية سوف تلجأ الحكومة إلى تبني إجراءات تقشفية لخفض العجز المالي وتقليل الدين العام، مما قد يشمل تقليص الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب. هذه الإجراءات قد تؤثر سلباً على الطبقات الوسطى والدنيا، حيث يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع تكلفة المعيشة وتقليل الدعم المقدم للفئات الضعيفة".
أما بخصوص التأثيرات على السياسات النقدية، بين يوسف أنه "من المحتمل أن تواصل الحكومة والبنك المركزي السياسات النقدية المتشددة، بما في ذلك رفع أسعار الفائدة، مما قد يؤثر على تكلفة الاقتراض والاستثمار، ويؤدي إلى خفض جديد في العملة المحلية، مما يحد من القدرة على النمو الاقتصادي".
وأخيرا تكمن المعاناة الأكبر، بحسب الباحث الاقتصادي، في "استمرار الضغوط الاقتصادية قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، مما يزيد من تكلفة السلع والخدمات ويؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، إلى جانب تراجع قيمة الجنيه حيث تتوقع بيوت ومؤسسات الخبرة استمرار آثار التعويم وإن كان بشكل مدار ولكنه أكيد وحتمي".
الوعود والتصريحات المخدرة
على الرغم من الوعود المتكررة من رئيس النظام، عبد الفتاح السيسي، بتحقيق الرخاء والانطلاقة الاقتصادية، إلا أن الوضع الراهن يعكس صورة معاكسة، حيث يجد المواطنون أنفسهم في مواجهة تحديات معيشية يومية تتزايد حدتها وعدم القدرة على التعامل معها.
لكن ما بين الوعود كان السيسي ينكر مثل تلك الوعود ويحذر من تفاقم الأزمة الاقتصادية لتمرير سياسات اقتصادية صعبة، وإلقاء اللوم على الأوضاع العالمية الخارجية أو المواطنين.
أيلول/ سبتمبر 2014 وعد السيسي "اصبروا معايا سنتين وحاسبوني"
حزيران/ يونيو 2015: "سنتين كمان و تستغربوا مصر بقت كده إزاي"
كانون الأول/ ديسمبر 2016: "اصبروا معايا ست شهور بس"
تموز / يوليو 2018:"اصبروا وسترون العجب العجاب في مصر"
تشرين الأول/ أكتوبر 2018: "هوريكم دولة ثانية في 30 يونيو 2020"
أذار/ مارس 2019: لم أعدكم بالسمن والعسل.. هل وعدتكم؟
تموز/ يوليو 2019: بكرة تشوفوا مصر في شكلها الجديد"
تشرين الثاني/ يناير 2021: "هتشوفوا مصر خلال 3 سنين".
كانون الثاني/ يناير 2022: "البلد دي مش لاقيه تاكل".
كانون الأول/ ديسمبر 2023: سوف تتحسن الأحوال الاجتماعية والاقتصادية في 6 سنوات.
آيار/ مايو 2024: السيسي للوزراء: لماذا لا تتكلموا تكلموا إلى الناس وأخبروهم الحقيقة.
أوقات عصيبة وفقرٌ متزايد
فنّد الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال المصري الأمريكي، محمد رزق، مزاعم وزير المالية بأن الأوضاع الخارجية هي التي قوّضت جهود مصر في الإصلاح والتعافي الاقتصادي، وأكد أن "الاقتصاد المصري أٌضعف بسبب سياسات اقتصادية خاطئة على رأسها الاقتراض دون إنتاج وبات غير قادر على تحمل أي صدمات خارجية أو حتى داخلية عالمية أو إقليمية".
وأضاف لـ"عربي21": للأسف الوضع فى مصر اقتصادياً ليس بمثابة أزمة تقوم بتصحيح نفسها كما أشار وزير المالية، فإن الأزمة أعمق من ذلك بكثير. فإذا افترضنا أن الاقتصاد المصري سيصمد، والذي أصبح يعيش على القروض، فحتى نتخلص من عجز الموازنة المزمن لابد من تحقيق تنمية سنوية لا تقل عن 8 في المئة، وهذا رقم لم يصل إليه الاقتصاد المصري من قبل".
بخصوص فرص التنمية وتحقيق معدلات مرتفعة بيّن رزق أن: "التنمية هي الابن الشرعي للاستثمار المباشر والاستثمار المباشر بطبعه جبان ودائماً يبحث عن ملاذ آمن ليستوطن به وهذا غير متوافر فى حالة مصر للأسباب السالف التنويه عنها"، مشيرا إلى أن "التوترات في المنطقة لها تداعيات سلبية على الاقتصاد المصري ولكنها ليست هي لُب القصيد".
واتفق الخبير الاقتصادي مع ما ذهب إليه وزير المالية مؤكدا أن "مصر مقبلة على حقبة اقتصادية صعبة سوف يفقد فيها الجنية المزيد من قوته الشرائية وشح عملات أجنبية قد يتطلب تعويم آخر للجنية المصرى أو استمرار خفضه، مما سوف ينعكس بالسلب على التضخم من طبع النقد إلى ارتفاع كبير للأسعار وسقوط عدد أكبر من المصريين تحت خط الفقر".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الأزمة الاقتصادية المصري مصر البحر الاحمر الأزمة الاقتصادية المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العملات الأجنبیة الاقتصاد المصری وزیر المالیة ملیار دولار قیمة الجنیه إلى ارتفاع فی المئة فی مصر
إقرأ أيضاً:
منتدى الاستثمار المصري القطري يفتح آفاقًا جديدة للشراكات الاقتصادية
شارك حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، في فعاليات المنتدى الاستثماري المصري القطري، الذي عُقد بالقاهرة.
وذلك في إطار حرص الدولة المصرية، ممثلة في وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بصفتها الجهة التنفيذية المعنية بشؤون الاستثمار، على تعزيز الشراكات الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
حضور المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، و احمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية، والدكتور أحمد بن محمد السيد، وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية بدولة قطر، محمد بن احمد بن طوار الكواري، النائب الاول لرئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين الحكوميين، وممثلي القطاع الخاص، وقيادات المؤسسات الاستثمارية والاقتصادية من الجانبين المصري والقطري.
ويأتي انعقاد المنتدى في إطار دعم التعاون الاقتصادي بين دولتي مصر وقطر، وتعزيز الحوار المباشر بين الجهات الحكومية ومجتمع الأعمال، بما يسهم في تهيئة بيئة استثمارية أكثر جاذبية واستقرارًا للبلدين، وفتح آفاق جديدة أمام الاستثمارات المشتركة.
شارك حسام هيبة في الجلسة الأولى للمنتدى بعنوان «آفاق التعاون الاستثماري بين البلدين وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين مصر وقطر»، بمشاركة صالح بن ماجد الخليفي، الوكيل المساعد لشؤون الصناعة وتنمية الأعمال، والوزير المفوض التجاري مصطفى شيخون، نائب رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث تناولت الجلسة فرص الاستثمار المشترك، وآليات تعزيز التعاون بين المؤسسات الاقتصادية، ودور المناطق الاقتصادية في جذب الاستثمارات النوعية.
أكد حسام هيبة أن العلاقات الاستثمارية بين مصر وقطر تشهد تطورًا ملحوظًا، مدعومة بإرادة سياسية مشتركة من قيادتي البلدين، تستهدف الانتقال من فرص استثمارية منفردة إلى شراكات استراتيجية طويلة الأجل تقوم على التكامل الصناعي، وتوطين الاستثمارات ذات القيمة المضافة، واستغلال موقع مصر كبوابة إقليمية للإنتاج والتصدير. وأشار إلى أن هذه العلاقات تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون العربي المشترك، في ظل تنامي حجم الاستثمارات المتبادلة وتوسع مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري بما يعزز فرص التكامل الاستثماري ويدعم جهود التنمية المستدامة لكلا البلدين.
وقال حسام هيبة إن السياسات التي تتبناها الهيئة العامة للاستثمار تستهدف خلق بيئة أعمال أكثر تنافسية وجاذبية للمستثمرين، خاصة في المشروعات الكبرى والاستراتيجية، مشيرًا إلى أن حزمة متكاملة من الإصلاحات النقدية والمالية والهيكلية، إلى جانب تسريع التحول الرقمي، وتيسير الإجراءات، وتفعيل ما جاء بقانون الاستثمار، وتطبيق نظام الرخصة الذهبية، أسهمت في تحقيق نمو ملحوظ في معدلات الاستثمار، حيث ارتفع عدد الشركات بنسبة 25% خلال عام واحد، وزادت رؤوس الأموال بنسبة تتراوح بين 70% و80% خلال الفترة نفسها، فضلًا عن الزيادة الواضحة في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بما يعكس تحسن مناخ الاستثمار وثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.
وأكد أن التركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة، والقطاعات التصديرية والتكنولوجية يُعد أحد المحاور الأساسية لتحسين مناخ الاستثمار، لافتًا إلى أن من أهم المميزات التي يتمتع بها الاقتصاد المصري تنوعه وقدرته على استيعاب استثمارات متعددة القطاعات.وفي هذا الإطار، أوضح أن الهيئة العامة للاستثمار استهدفت ثمانية قطاعات رئيسية تشمل الطاقة الخضراء، والصناعة، والزراعة، والتعليم، والصحة، واللوجستيات، والتكنولوجيا، والسياحة، مع إعداد خطط استثمارية واضحة تستهدف مشروعات محددة في كل قطاع، أسفرت عن تجميع نحو 2000 فرصة استثمارية على الخريطة الاستثمارية.
واشار حسام هيبة الي أهمية المنتدى الاستثماري المصري القطري كمنصة استراتيجية لتعزيز التعاون المستقبلي بين البلدين، معتبرًا إياه فرصة لتطوير الشراكات الاقتصادية والاستثمارية وتعميقها، بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة ودعم مسارات التنمية المستدامة لكلا الجانبين.