تتساوى الرهانات والشكوك في التعامل مع مبادرة الرئيس الأمريكي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد إصرار رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، على رفض جميع المبادرات التي تقدم بها الوسطاء على مدى الشهور الماضية، بمزاعم واهية.

المبادرة التي أعلنتها وتبنتها الولايات المتحدة الأمريكية، لا تحظى بالثقة الكاملة، من المراقبين، خاصة إمكانية نتنياهو بالموافقة عليها، إثر تصريحات عدة، متناقضة، منذ الإعلان عن مبادرة الهدنة.

من بين التصريحات المنسوبة له، أنه لن يتم وقف الحرب إلا بعد الإجهاز على قوات حماس الحكومية والشعبية كما خرجت تصريحات أخرى من ذات المكتب بأنه لن يتم وقف إطلاق النار قبل القضاء على حماس!

التصريحات الإسرائيلية تشير إلى حجم الضغوط الأمريكية التي تمارسها أمريكا على إسرائيل، خاصة بعد عدد من الأحداث الدولية الهامة كان آخرها اعتراف عدد من دول الاتحاد الأوروبي بدولة فلسطين.

أيضًا، هناك الخسائر البشرية الكبيرة التي تعرض لها جيش الاحتلال فيما يمثل حرب استنزاف على مدى 8 أشهر أدت إلى انقسام المجتمع الإسرائيلي، وانخفاض الروح المعنوية للقوات، بسبب الإخفاق في عدم تحقيق أي أهداف الحرب.

يرى محللون أن الضغوط الأمريكية لوقف الحرب تأتي بسبب خوف أمريكا على إسرائيل بعد أن بدأت سمعتها الدولية في التآكل وانكشاف حقيقتها أمام الرأي العام العالمي وما تشهده الجامعات الأمريكية والأوروبية من مظاهرات احتجاجية.

يأتي هذا رغم غموض المبادرة الجديدة التي لم تكشف كيف سيتم تحديد كيفية انسحاب إسرائيل وهل سيتم الانسحاب إلى خارج غزة بشكل كامل أم أن الانسحاب سيكون خارج المناطق المأهولة فقط.

من مظاهر التناقض في المبادرة المذكورة أن الرئيس بايدن عندما عرضها قال إنها مبادرة إسرائيلية، لكنه في الوقت نفسه طالب إسرائيل أن تقبل بها، وقال: أحث القيادة الإسرائيلية على الموافقة على مقترح الصفقة الجديد "رغم أي ضغوط"!

كان مراقبون قد أشاروا إلى أن المبادرة التي أعلن عنها بايدن مساء الجمعة الماضي تحمل الخطوط العريضة للمبادرة المصرية التي عرضتها مصر منذ أسابيع، ورفضها نتنياهو في اللحظات الأخيرة بأسباب واهية.

أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أن المقاومة لن توافق على أي مقترح لا يشتمل على وقف دائم لوقف إطلاق النار ويعيد إعمار غزة ويتم فيه سحب كل القوات الإسرائيلية إلى خارج قطاع غزة.

كما أشار إسماعيل هنية إلى أن ما يطلق عليه اليوم التالي للحرب لن يتم من خلال إملاءات خارجية ولكن سيتم من خلال وحدة وطنية تتضمن توافق الفصائل والسلطة الفلسطينية.

المقترح يشمل 3 مراحل ويتشابه مع «الورقة المصرية»..

وبعد إعلان الرئيس بايدن عن الصفقة بأقل من ساعة أعلن ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي عن عدم موافقة نتنياهو على وقف إطلاق النار وعدم إنهاء الحرب إلا بعد أن تحقق أغراضها.

وقال مكتب نتنياهو إنه تم تكليف الفريق المفاوض بتقديم الخطوط العريضة لتحقيق هدف إعادة المختطفين، مشيرًا إلى أن الخطوط العريضة تسمح بالانتقال المشروط من مرحلة لأخرى بما يخدم أهداف إسرائيل.

أشار بايدن إلى أن عدم موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار الذي تم تقديمه يوم الجمعة الماضي سوف يزيد من عزلة إسرائيل في العالم وهو ما يكشف مدى انكشاف حقيقة الاحتلال الإسرائيلي وهمجيته أمام العالم.

جاء ذلك بعد صدور أحكام محكمة العدل الدولية التي تتهم دولة الاحتلال بعمليات الإبادة الجماعية أو أحكام المحكمة الجنائية الدولية التي كشفت ارتكاب قادة إسرائيل لعدد من جرائم الحرب المجرمة قانونًا.

كشف بايدن عن أن موافقة إسرائيل على المبادرة ستوسع علاقاتها الإقليمية (التطبيع) وعن المناوشات الدائرة على الحدود اللبنانية قال بايدن إن بلاده ستساعد في صياغة آلية لوقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.

يقول الإعلام العبري، إن مبادرة بايدن تهدف لوقف الحرب في غزة بعد أن طالت لنحو ثمانية أشهر وتم فيها استنزاف جيش الاحتلال وتكبد فيها خسائر فادحة في حرب مدن تعتمد على الكر والفر أدت إلى إصابة عناصر في الجيش الإسرائيلي باليأس.

تشير وسائل الإعلام نفسها إلى عدم إحرازهم أي نجاح في الخطط العسكرية التي تم إعلانها مع بداية نشوب الحرب في أكتوبر الماضي، وأن الإعلان عن الخطة هو موافقة ضمنية أمريكية- إسرائيلية على وقف الحرب على غزة في الوقت الحالي.

كان بايدن قد أعلن عن خارطة طريق من 3 مراحل لإنهاء الحرب على غزة وقال إن هذه الصفقة ستؤدي إلى الهدوء في المنطقة، وأن المبادرة "مقترح إسرائيلي" يشكل خارطة طريق لإنهاء الحرب في غزة.

طالب، بايدن، جميع الأطراف إلى عدم تفويت فرصة التوصل لصفقة تنهي النزاع المستمر منذ أكثر من 8 أشهر، وأوضح أن إسرائيل قدمت مقترحًا لوقف مستدام لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن على مدى ثلاث مراحل.

تتضمن المرحلة الأولى المقترحة من 6 أسابيع يتم فيها وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل والإفراج عن الرهائن ورفات المتوفين منهم، أما المرحلة الثانية من الهدنة الإسرائيلية فتشهد إطلاق سراح بقية الرهائن بما في ذلك الجنود.

تتضمن المبادرة الاستمرار في وقف إطلاق النار، أما المرحلة الثالثة فتتعلق بما بعد الحرب وإعادة الإعمار. أن المفاوضين الأمريكيين ركزوا، مؤخرا، على وقف لإطلاق النار في غزة يفضي لنهاية الحرب والإفراج عن الرهائن ومستقبل أفضل لغزة دون حماس.

رغم التشكيك المنطقي في إمكانية نجاح المبادرة الأمريكية إلا أن هناك العديد من النقاط التي يجب الإشارة، لاسيما وجود تناقض في الخطاب الأمريكي الذي أعلن عن الهدنة الإسرائيلية.

أيضًا كان من المستغرب أن يطلب الرئيس الأمريكي من إسرائيل وهي صاحبة الصفقة أن توافق عليها! وهو ما يكشف عن وجود تنازع وعدم توافق داخلي إسرائيلي حول بنود الصفقة.

سارع نتنياهو بمغازلة الجناح المتطرف في حكومته وأعلن مكتب رئيس الوزراء بيانًا يرضي فيه روح التطرف لدى أعضاء حكومته الذين يرفضون وقف الحرب والاستمرار في احتلال غزة وتهجير المواطنين الفلسطينيين منها واحتلال الضفة الغربية أيضًا وتدميرها كما جرى في قطاع غزة.

أعلنت حركة حماس أنها تنظر بإيجابية الهدنة التي تقدمت بها إسرائيل وأعلن عنها بايدن على أسس وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب الاحتلال الكامل من قطاع غزة. كما شددت الحركة على موقفها بالاستعداد للتعامل بشكل إيجابي وبناء مع أي مقترح يقوم على أساس وقف إطلاق النار الدائم.

وتطالب حماس بالانسحاب الكامل من قطاع غزة وإعادة الإعمار وعودة النازحين إلى جميع أماكن سكناهم وإنجاز صفقة تبادل جادة للأسري، كما أوضح بيان الحركة أن الموقف الأمريكي وما ترسخ من قناعة على الساحة الإقليمية والدولية بضرورة وضع حد للحرب هو نتاج صمود شعبنا الفلسطيني.

اقرأ أيضاً«34 إدانة» تهدد مستقبل ترامب.. و «بايدن» يحاول تحسين شعبيته

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي الجهود المصرية القضية الفلسطينية بايدن حماس فلسطين نتنياهو وقف الحرب في غزة وقف إطلاق النار وقف الحرب قطاع غزة أعلن عن على وقف إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

محادثات إسطنبول وصعود تركيا الدبلوماسي

أنقرة (زمان التركية) – منحت مفاوضات وقف إطلاق النار التي استضافتها تركيا في إسطنبول دفعة جديدة للبحث عن حل دبلوماسي في الحرب الروسية الأوكرانية، كما يضع مقترح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لعقد القمة الثلاثية تركيا في قلب دبلوماسية السلام العالمية.

وتحمل الحرب الروسية الأوكرانية، التي أتمت عامها الثالث، في طياتها إمكانات كبيرة لتشكيل ليس فقط مستقبل أوروبا بل أيضا مستقبل هيكل الأمن العالمي.

وحقق الهجوم بالمسيرات الشامل الذي شنته أوكرانيا خلال الأيام الماضية واستهدف مناطق عسكرية آمنة في العمق الروسي توازن نسبي وذلك في الوقت الذي يجذب فيه الزحم الدبلوماسي المتزايد المزيد من الاهتمام نظرا لكون مفاوضات وقف إطلاق النار، التي بدأت في إسطنبول في الأسابيع الماضية وعقدت الجولة الثانية منها بالأمس، تشكل حلقة مهمة في عملية مليئة بالشكوك.

محادثات إسطنبول

على الرغم من عدم ظهور واقع ملموس فيما يتعلق بوقف إطلاق النار خلال الجولة الأولى من المحادثات في اسطنبول، فإن حقيقة اجتماع الطرفين أمر مهم في حد ذاته.

ووفقا لمصادر دبلوماسية، تم التوصل في الجولة الأولى إلى بعض الاتفاقات الأولية حول مواضيع مثل تبادل الأسرى والممرات الإنسانية وأمن شحنات الحبوب وتقليل الأنشطة العسكرية حول محطة زابوريجيا للطاقة النووية. ويؤكد هذا أن المحادثات بدأت تتجاوز “إعلان النوايا”، إذ أن تبادل السجناء بين الطرفين عقب هذا الاجتماع عكس بوضوح وجود بصيص من الأمل في إحراز تقدم.

خلال الجولة الثانية من المحادثات أمس، ورد أن الطرفين تبادلا وجهات النظر حول نموذج “وقف جزئي وتدريجي لإطلاق النار”. وتم طرح فكرة إنشاء “مناطق عازلة منزوعة السلاح” في شرق أوكرانيا رسميً من قبل الأطراف لأول مرة، بحسب المعلومات الواردة في وسائل الإعلام الأوكرانية والأمريكية على وجه الخصوص.

وعلى الرغم من أن الاتفاق النهائي يبدو بعيد المنال فإنه من الواضح أن الأطراف بدأت الآن في الانتقال من مواقف متعارضة تماما إلى خطابات أكثر مرونة.

نفوذ تركيا الدبلوماسي يتصاعد

تصريح  أردوغان  بشأن رغبة تركيا في “جمع السيد بوتين والسيد زيلينسكي والسيد ترامب على طاولة واحدة في اسطنبول” بعد  المباحثات اعتُبر على أنه انفتاح استراتيجي خارج الأنماط الدبلوماسية الكلاسيكية.

وقد يبشِّر هذا الاقتراح بمرحلة جديدة خصوصا بالنظر إلى نهج إدارة ترامب في النزاعات العالمية، نظرا  لأن دعوة  أردوغان تحتوي على العديد من الديناميكيات المهمة.

أولا، لطالما أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريحات حازمة مثل “يمكنني إنهاء الحرب خلال 24 ساعة”. وخلال الفترة الرئاسية الجديدة، بدأ في الحد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا وإعادة فتح المناقشات حول تقاسم الأعباء المالية داخل الناتو.

وحقيقة أن ترامب لم يف بأي من وعوده مثل الحرب الروسيةالأوكرانية وحرب غزة والحل الدبلوماسي مع إيران، والتي قال إنه سينهيها بالتأكيد فور توليه منصبه، تظهر أن ترامب سيرحب بالتأكيد بمقترح أردوغان، لأن ترامب بات بحاجة ملحة إلى “النصر”.

ثانيا، تتحرك قنوات ترامب المباشرة للحوار مع الزعيم الروسي بوتين، سواء في الماضي أو في فترة ولايته الجديدة، على طول خط مساومة أقل مقارنة بإدارة بايدن. وويبدو أن هذا بدوره يسهل على بوتين التحرك نحو وقف إطلاق النار بفعل تأثير نجاح الهجوم الأوكراني الأخير.

رفض بوتين لعرض وساطة الفاتيكان الأسبوع الماضي وإظهار تركيا كعنوان مرة أخرى يكشف عن ثقته في تركيا. ولهذا فإن أردوغان  يرغب في تجسيد طاولة السلام باستخدام كل من هذه التوازنات وإمكانات الدبلوماسية الشخصية مع ترامب وبوتين.

وأخيرا، حقيقة أن تركيا هي واحدة من الجهات الفاعلة النادرة التي يمكنها الحفاظ على علاقاتها مع كل من أوكرانيا وروسيا طوال الحرب وقد أدارت هذه العملية بمفهوم غير تحريضي على عكس الغرب يزيد من احتمال التوصل لوقف إطلاق النار من داخل تركيا.

بدون شك، لن يكون اجتماع ترامب وبوتين وزيلينسكي في اسطنبول تطورا يتحقق بين عشية وضحاها، إذ يستمر انعدام الثقة العميق والتوقعات الصعبة بين الطرفين ولابد من إجراء مفاوضات طويلة من أجل توحيد المطالب التي ينقلها الطرفان في الحد الأدنى المشترك من المطالب التي طرحها الطرفان على بعضهما البعض خلال المباحثات في إسطنبول بالأمس.

لهذا، يمكن اعتبار مقترح أردوغان على أنه خطوة لإجبار الجهات الفاعلة التي تعرقل العملية على التفكير في نفس الإطار. وقد يُشار إلى هذا النهج حال نجاحه على أنه نهج سياسة التوازن الذي سيدخل لاحقا في الأدبيات الدولية.

باختصار، تكشف محادثات إسطنبول وقمة الرئيس أردوغان الثلاثية أن تركيا أصبحت الآن قوة فعالة وفعالة ليس فقط بين أطراف الحرب، ولكن أيضا بين القوى الكبرى.

وقد يبدو السلام بعيد المنال، لكن في المرحلة التي يكون فيها من المهم بالنسبة للأطراف البدء في مناقشة صيغ جديدة من أجل التغلب على مأزق الحرب، تضع تركيا نفسها على رقعة الشطرنج الدبلوماسية الجديدة هذه ليس فقط كوسيط ولكن أيضا كطرف فاعل في تشكيل اللعبة.

في هذه المرحلة، إذا نجح اجتماع ترامب وبوتين وزيلينسكي في اسطنبول، فيبدو أنه سيكون أهم إنجاز ونقطة تحول ليس فقط في الحرب ولكن أيضا في التاريخ الدبلوماسي للقرن الحادي والعشرين.

Tags: دونالد ترامبرجب طيب أردوغانمباحثات السلام الروسية الأوكرانيةنفوذ تركيا الدبلوماسي

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي يكشف عن مقترح قبل لقاء بوتين
  • القحطاني: إطلاق مبادرة الدرونز التي تختصر رحلة الإمداد الدوائي للمشاعر إلى 5 دقائق.. فيديو
  • محادثات إسطنبول وصعود تركيا الدبلوماسي
  • مصادر : إسرائيل لن ترسل وفدًا إلى قطر للمفاوضات حول غزة
  • إسرائيل تُصعّد عملياتها في غزة وتُصرّ على شروطها لوقف إطلاق النار
  • بايدن أم روبوت | من الذي حكم الولايات المتحدة لأربع سنوات قبل ترامب؟.. نخبرك القصة
  • لماذا لا تنجح الحكومة في أداء مهامها في الولايات المتحدة؟
  • هل تنجح مساعي الولايات المتحدة للتفوق على الصين في سباق التكنولوجيا؟
  • حرب 1812.. صراع ناري على الهوية والسيادة بين الولايات المتحدة وبريطانيا
  • "فتح": حماس "دقت كل الأبواب وذهبت إلى الولايات المتحدة لكنها لم تتجه نحو منظمة التحرير الفلسطينية