كيف فشل نتنياهو في الحفاظ على تماسك حكومة الاحتلال؟
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا، للصحفيين، ستيف هندريكس، وجون هدسون، قالا فيه، إنه بعد مرور ثمانية أشهر على حرب دولة الاحتلال الإسرائيلي على غزة، أدّت سلسلة من المواجهات والانقسامات والإنذارات إلى دفع حكومة الطوارئ التي شكّلها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى حافة الانهيار، وزادت من احتمال أن يتبع ذلك ائتلافه، ممّا قد يؤدي إلى انتخابات جديدة.
خارجيا، يتعرض رئيس الوزراء المحاصر لضغوط متزايدة من الجمهور لإعادة الأسرى الإسرائيليين المتبقين، ومن إدارة بايدن للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس. وداخل حكومة الوحدة التي شكلها بعد أقل من أسبوع من عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، فهو يواجه تمرّدات من قبل الحلفاء والمعارضين على حد سواء.
وتعهّد المحافظون المتشددون علنا خلال عطلة نهاية الأسبوع بالانسحاب من الحكومة إذا وافق نتنياهو على الصفقة التي روج لها الرئيس بايدن، الجمعة، على أنها "اقتراح إسرائيلي".
وهدّدت الأحزاب الدينية بسحب دعمها من الائتلاف بشأن أحكام المحكمة، المتوقّع صدورها خلال أيام، والتي قد تلغي الإعفاء من الخدمة العسكرية الممنوح للشباب اليهود المتشددين منذ فترة طويلة.
وطالب يوآف غالانت، وهو وزير الحرب من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، رئيس الوزراء، بالالتزام علنا بتجنب الاحتلال الإسرائيلي لغزة إلى أجل غير مسمى.
التحدي الأكثر إلحاحا يأتي من بيني غانتس، وهو زعيم المعارضة الذي يعد، إلى جانب نتنياهو وغالانت، أحد الأعضاء الثلاثة الذين لهم حق التصويت في حكومة الحرب. وأمهل غانتس نتنياهو حتى يوم السبت للخروج بخطة استراتيجية طويلة المدى لغزة أو يقول إنه سيتنحى عن حكومة الحرب ويسحب حزبه من الحكومة.
إن رحيل المنافس السياسي الرئيسي لنتنياهو، غانتس، لن يؤدّي إلى إسقاط الحكومة نفسها. كما أن اقتراح سحب الثقة الذي قدمه حزب الوحدة الوطنية في البرلمان الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، لا يحظى بفرصة النجاح. لكن المحللين السياسيين يتساءلون: متى سيتمكن نتنياهو من الحفاظ على تماسك الحكومة؟.
وقالت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية، غايل تالشير: "لقد بدأت كرة الثلج تتدحرج، خطوة غانتس لن تضع حدا مباشرا لهذا الائتلاف، لكن الائتلاف بدأ ينهار على نفسه".
أصبحت مشاكل نتنياهو أكثر وضوحا، الجمعة، بعد أن أعلن بايدن عن اقتراح قدمه مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي مؤخرا، لوقف الحرب لمدة ستة أسابيع وتبادل الأسرى مع السجناء الفلسطينيين، والذي يهدف إلى تمهيد الطريق لإنهاء نهائي للصراع. وفي مكالمة هاتفية مع أمير قطر، الاثنين، أكّد بايدن "استعداد إسرائيل للمضي قدما في الشروط" المقدمة لحماس، وفقا لبيان البيت الأبيض.
لكن نتنياهو سعى إلى النأي بنفسه عن الاقتراح، وكان شُركاؤه من اليمين المتطرف واضحين بشكل لا لبس فيه في أنهم إذا تم التوصل إلى اتفاق، فسوف يحاولون إسقاط ائتلافه.
وقال وزير المالية، بتسلئيل سموتريش، الاثنين، إنّه إذا قبلت الحكومة "عرض الاستسلام هذا، فلن نكون جزءا منه، وسنعمل على استبدال القيادة الفاشلة بقيادة جديدة"؛ فيما قال وزير الأمن القومي، يتمار بن غفير، إنه مستعد لـ"تفكيك الحكومة".
وقال المقربون من نتنياهو، إنه يأمل في تأخير أي تفكّك لأطول فترة ممكنة، خوفا من أن يؤدي الغضب الشعبي بسبب فشله في منع عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر وإطلاق سراح المزيد من الأسرى إلى الفشل التام في الانتخابات.
ويشير البعض إلى أن رئيس الوزراء يريد الاستمرار في منصبه حتى الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر، على أمل أن يحل الرئيس السابق، دونالد ترامب، محل بايدن، في البيت الأبيض.
لكن رئيس الوزراء يشعر بالارتياح إزّاء تسارع وتيرة التطورات السياسية ومستعد لتحقيق أقصى استفادة من الظروف، وفقا لمسؤول إسرائيلي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة المداولات الداخلية.
وقال المسؤول إنه ليس لديه أي نية للتنحي، وإذا جرت انتخابات، فسوف يقوم بحملته على نفس المواضيع اليمينية التي جعلت منه الزعيم الأطول خدمة في دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث وصف غانتس وغالانت ومنافسين آخرين بأنهم متهاونون في الحرب ضد حماس ونفسه باعتباره حصنا ضد الدولة الفلسطينية.
وقال المسؤول: "قد لا يتفوق في الاستراتيجية العسكرية، لكنه يتفوق في المناورة السياسية، لا يمكنك توقع خروجه". والواقع أن احتمالات بقاء نتنياهو في الائتلاف قد ازدادت خلال الأسابيع الأخيرة.
وبعد تأخره في استطلاعات الرأي لعدة أشهر، تقدّم نتنياهو بفارق ضئيل على غانتس في استطلاع حديث حول تفضيل الإسرائيليين لمنصب رئيس الوزراء، على الرغم من أن أيا من السياسيين لم يحصل على أكثر من 36 في المئة وما زال نتنياهو لا يحظى بشعبية على نطاق واسع.
وبالاستشهاد بهذه الأرقام المحسنة في استطلاعات الرأي، يشكّك المسؤولون الأمريكيون بشدة في أن الإنذار النهائي الذي وجهه غانتس وحده سوف يؤدي إلى رضوخ رئيس الوزراء لمطالبه.
وبغض النظر عن ذلك، يأخذ المسؤولون تهديد غانتس بالخروج من حكومة الحرب على محمل الجد، ويتوقعون أن يؤدّي ذلك إلى جعل ديناميكيتها المنقسمة أكثر صعوبة. وفي ظل أحد السيناريوهات، يمكن أن يُترك نتنياهو ليحكم مع ائتلافه من الوزراء المحافظين، مما يؤدّي إلى ميل عملية صنع القرار نحو اليمين.
وقال المسؤولون الأمريكيون، إنهم خلال زياراتهم المتكررة إلى تل أبيب، شهدوا عرضا شبه مستمر من مغيبة السياسيين لبعضهم البعض والخلاف بين نتنياهو وخصومه السياسيين. يفضّل وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، عادة عقد اجتماعات خاصة وسرية مع مجموعة من السياسيين الإسرائيليين لتسهيل إجراء مناقشات أكثر صراحة.
عندما تجتمع الفصائل المتنافسة في غرفة معا، غالبا ما تكون تعليقاتها حذرة، نظرا لتكرار التسريبات إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية من قبل وزراء يسعون إلى تصوير المعارضين السياسيين في ضوء سلبي، حسبما قال مسؤولان أمريكيان، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة البيئة السياسية الحساسة.
وشكّك مستشار الأمن القومي السابق، لنتنياهو، ياكوف عميدرور، في التوصيف الأمريكي. وقال إن حكومة الحرب حققت إجماعا إلى حد كبير على القضايا الرئيسية، بما في ذلك عدوان الاحتلال الإسرائيلي الأخير على مدينة رفح جنوب غزة. وقال إن إنذار غانتس لن يكون له أي تأثير على مواصلة الحرب.
وقال عميدرور: "سيقومون بتعيين حكومة حرب أخرى، ما يفعله لا يتعلق بالحرب، بل يتعلق بالسياسة". غير أن محللين إسرائيليين يقولون إن خطوة غانتس قد تدفع منافسي نتنياهو الآخرين داخل حزبه إلى السعي للحصول على السلطة.
وقد تآكل الدعم الأساسي لرئيس الوزراء، وفقا لاستطلاع أجرته الجامعة العبرية صدر هذا الشهر، وأظهر أن 17 في المئة من ناخبي الليكود مستعدون لحجب أصواتهم إذا قاد نتنياهو الحزب في انتخابات جديدة.
وقالت تالشير، إن مرشحا يمينيا غير نتنياهو سيكون له جاذبية أكبر لدى غالبية الإسرائيليين من شخصية يمين الوسط أو يسار الوسط مثل غانتس أو زعيم المعارضة يائير لابيد.
وأضافت: "لن تكون المواجهة بين نتنياهو وغانتس؛ سيكون شخصا آخر يمثل الجناح اليميني"، فيما يراقب نشطاء الليكود عن كثب أي إشارات تشير إلى أن غالانت قد يستعد لتحدي رئيس الوزراء بشكل مباشر أكثر.
إلى ذلك رفض مكتب غالانت التعليق، بينما قال المسؤول الإسرائيلي، في إشارة إلى نتنياهو بلقبه: "مفتاح إسقاط بيبي موجود داخل الليكود، ومفتاح الليكود هو غالانت".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية غزة رفح غزة قطاع غزة رفح المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی رئیس الوزراء حکومة الحرب
إقرأ أيضاً:
غولان: نتنياهو يفضل الحرب الأبدية على إطلاق سراح الأسرى (شاهد)
اتهم زعيم حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي المعارض، يائير غولان، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتفضيل استمرار الحرب في قطاع غزة على إعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس، في مسعى للبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة.
وقال غولان، الذي شغل نائب رئيس هيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال الإسرائيلي سابقا، في كلمة ألقاها خلال اجتماع لحزبه يوم الإثنين، إن "نتنياهو يسعى لتعيين رئيس لجهاز الشاباك يكون مخلصًا له شخصيًا، وليس لدولة إسرائيل"، معتبرًا أن رئيس الوزراء "يفضل الحرب الأبدية على إطلاق سراح 58 مختطفًا في غزة".
נתניהו משחד את החרדים. הוא קונה שלטון בכסף. החטופים והחיילים משלמים בדם pic.twitter.com/vupZSBOzXl — Yair Golan - יאיר גולן (@YairGolan1) May 26, 2025
وأضاف: "إسرائيل الصهيونية والديمقراطية لا تخوض حروبًا بلا نهاية. هذه ليست أمنًا، بل سياسة تهدف لمنح نتنياهو مزيدًا من الوقت في الحكم".
شراء الولاء السياسي
كما هاجم غولان أيضا نتنياهو أمس الأحد٬ متهمًا إياه بـ"بيع الأمن والاقتصاد مقابل المال"، على خلفية الأزمة المتصاعدة بشأن قانون تجنيد اليهود المتدينين "الحريديم".
وقال إن "نتنياهو يشتري السلطة بالمال، والجنود والمختطفون يدفعون الثمن بدمائهم".
תמונות מזעזעות ממצעד הדגלים. כך לא נראית אהבת ירושלים. כך נראית שנאה, גזענות ובריונות.
זו לא היהדות שלנו. זו לא הציונות שאנחנו מאמינים בה. זה תוצר של ממשלה אנטי ציונית ולא יהודית, מסיתה וגזענית.
אנחנו ניאבק על ירושלים של כולנו - יהודים, נוצרים וערבים, חילונים ודתיים.
ירושלים… — Yair Golan - יאיר גולן (@YairGolan1) May 26, 2025
وعلّق غولان على تقرير للقناة "12" العبرية بأن نتنياهو يعتزم إقرار ميزانية الدولة لعام 2026 في شهر آب/أغسطس المقبل، قائلاً: "هذه رشوة. بينما يُرسل الجنود إلى غزة، يقوم نتنياهو بسرقة أموال الضرائب ليرشي بها الحريديم المتهربين من الخدمة العسكرية".
وفي منشور عبر منصة "إكس"، وصف غولان نتنياهو بأنه "غير مسؤول، فاسد وفاشل"، واتهمه بـ"التضحية بالجنود والعمال فقط من أجل الحفاظ على كرسي الحكم".
وتابع: "سنعمل على استبدال نتنياهو، وفرض الخدمة العسكرية على الجميع، وبناء دولة تحترم من يخدمونها".
יו״ר הדמוקרטים @YairGolan1 בישיבת סיעה בכנסת: ״נתניהו מבקש למנות ראש שב״כ שיהיה נאמן לו במקום שיהיה נאמן למדינת ישראל. נתניהו לא מחפש ביטחון. הוא מחפש שלטון״. pic.twitter.com/wg2LY5WayX — yuval karni???????? (@YuvalKarni) May 26, 2025
قانون التجنيد.. تهديدات وانقسامات
وتواجه حكومة الاحتلال الإسرائيلي أزمة متفاقمة بشأن مشروع قانون تجنيد طلاب المدارس الدينية، وسط تهديدات من حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراه" بالانسحاب من الائتلاف الحاكم إذا ما تم فرض الخدمة العسكرية على الحريديم.
ووفقًا لتقرير القناة "12"، فإن الميزانية المقترحة لعام 2026 لا تعالج جوهر الأزمة، بل تهدف إلى تخصيص دعم مالي إضافي للأحزاب الحريدية بهدف تهدئة التوترات داخل الائتلاف، فيما يُعد، بحسب غولان، "محاولة لشراء ولاء سياسي باستخدام المال العام".
ومن المتوقع أن يتم تقديم مشروع قانون التجنيد، الذي يُعدّه رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين، بعد عطلة "عيد الأسابيع" مطلع حزيران/يونيو المقبل.
قرار المحكمة يشعل الشارع الحريدي
وجاءت هذه التطورات في أعقاب قرار المحكمة العليا الصادر في 25 حزيران/ يونيو 2024، الذي ألزم طلاب المدارس الدينية بالخدمة العسكرية، ومنع تقديم المساعدات المالية للمؤسسات التي لا يمتثل طلابها لهذا القرار، ما أثار موجة من الاحتجاجات في صفوف الحريديم.
ويشكّل اليهود الحريديم نحو 13 بالمئة من سكان الاحتلال الإسرائيلي، البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، ويرفضون الانخراط في الجيش بدعوى التفرغ لتعلّم التوراة، محذرين من أن الاندماج في المجتمع العلماني يهدد هويتهم الدينية.
وعلى مدى عقود، استفاد طلاب المعاهد الدينية من تأجيلات متكررة للخدمة العسكرية بحجة الدراسة، حتى بلوغ سن الإعفاء الذي يبلغ حاليًا 26 عامًا.
اتهامات متكررة لنتنياهو
وتتهم المعارضة الإسرائيلية، وعلى رأسها غولان، رئيس وزراء الاحتلال بالسعي لتمرير قانون يُعفي الحريديم من التجنيد، في محاولة للحفاظ على وحدة الائتلاف الحكومي ومنع انهياره.
وكان غولان قد أثار جدلاً واسعًا في وقت سابق عندما اتهم حكومة نتنياهو بـ"قتل الأطفال الفلسطينيين كهواية"، وهو تصريح أثار ردود فعل غاضبة في صفوف الائتلاف والمعارضة على حد سواء.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حربًا مدمرة على قطاع غزة، اتُهمت خلالها بارتكاب جرائم إبادة جماعية، تشمل القتل الممنهج، والتجويع، والتدمير واسع النطاق، والتهجير القسري للسكان، وسط تجاهل صارخ للنداءات الدولية المتكررة وأوامر محكمة العدل الدولية الداعية إلى وقف العدوان.
وأسفرت هذه الحرب، التي تتم بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة، عن سقوط أكثر من 177 ألف ضحية بين شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود لا يزال مصيرهم مجهولًا.
كما أدّت الحرب إلى نزوح مئات الآلاف من السكان، وسط تفشي المجاعة التي أودت بحياة العديد، بينهم أطفال، نتيجة الحصار وتدمير سبل العيش.