تلاشي آمال الأحزاب المدنية: شعارات التغيير تذبل بعد احتجاجات تشرين
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
6 يونيو، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
يتلاشى دور الأحزاب المدنية العراقية على الرغم من الشعارات التغييرية التي ارتفعت عاليًا بعد احتجاجات تشرين 2019. هذه الأحزاب التي وُلدت من رحم الاحتجاجات، تراجعت بشكل ملحوظ في المشهد السياسي، حيث لم تتمكن من تحقيق الوعود التي رفعتها أو المحافظة على زخم الاحتجاجات.
تحالف “قيَم” الذي تم تأسيسه بين الشباب المحتج، على الرغم من حصوله على مقاعد انتخابية، إلا أنه شهد تراجعًا كبيرًا في التأثير السياسي.
أما تحالف “الأساس” الليبرالي ، فقد واجه عقبات كبيرة في تطبيق خطابه المدني بعد انسحاب أحد مؤسسيه، النائب حسين عرب. وهذا الانسحاب أثر سلبًا على التماسك الداخلي للتحالف وعلى قدرته في تنفيذ أجندته السياسية.
تحالف “الرئاسة المدني” لا يزال في مرحلة استكشاف الذات وتحديد الملامح، حيث لم يتمكن حتى الآن من تحقيق تأثير كبير أو وضوح في الأهداف والاستراتيجيات.
فيما يتعلق بفعاليات القوى المدنية، فقد انتهت إلى لقاءات شخصية وفردية لا أهمية لها في الساحة السياسية، مما يعكس تراجع الاهتمام الجماهيري والتشكيك في جدوى هذه الفعاليات.
تحليل
وتواجه الأحزاب المدنية العراقية تحديات كبيرة جعلت من الصعب عليها تحقيق التأثير المطلوب في المشهد السياسي. من أبرز الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع ان الكثير من الأحزاب المدنية فشلت في تحديد أهداف واضحة واستراتيجيات ملموسة لتحقيق هذه الأهداف، مما أدى إلى فقدان الثقة بين الجماهير.
وهناك شكوك حول مصادر تمويل بعض هذه الأحزاب، حيث يُعتقد أن العديد منها تتلقى تمويلًا من جهات غير معلنة، مما يثير تساؤلات حول استقلاليتها وصدق نواياها.
وبسبب خيبة الأمل من الأداء الضعيف، فقدت هذه الأحزاب قاعدة جماهيرية واسعة كانت قد أيدتها في بداياتها، مما جعل من الصعب عليها المحافظة على زخمها الأولي.
و العديد من الكيانات المدنية بدت مستعجلة للحصول على المناصب والمواقع الهامة، ما أظهرها بمظهر الباحث عن المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة.
والكثير من الأحزاب المدنية لجأت إلى عقد صفقات مع زعماء الأحزاب التقليدية لتأمين التمويل، ما أدى إلى فقدان استقلاليتها وابتعادها عن المبادئ التي نشأت لأجلها.
و بعض القيادات رفعت شعار تثوير المجتمع لكنها انخرطت في أنشطة تجارية وسياسية مع المتنفذين، ما أدى إلى تراجع مصداقيتها بين الجماهير.
كل هذه الأسباب ساهمت في خلق خيبة أمل كبيرة بين الناس وجعلت تأسيس كيانات مدنية جديدة أمرًا صعبًا، حيث بات الجمهور أكثر تشككًا في جدوى وصدق هذه الكيانات.
ويقول العضو المستقيل أخيراً من الحزب الشيوعي سرمد القطراني، إن “الحزب الشيوعي والأحزاب المدنية العراقية بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي وآليات سير التفاهمات، فهي لا تزال تعتقد أن تثوير المجتمع ضد الطبقة السياسية الموجودة حالياً طريقة ناجحة، مع العلم أن أدوات التثوير تشترك مع الأحزاب التقليدية في تفاهمات وصداقات، وهذا غير خافٍ على العراقيين”.
ورأى أن “هناك مشاعر سلبية من الشعب العراقي تجاه التجارب المدنية الفاشلة، وهذه الأخيرة لا تستمع إلى الآراء والمقترحات الخاصة بأهمية التنظيمات الشعبية، لأنها لا تريد أن تخسر الوقت في صناعة التنظيمات، مع العلم أنها تساوي كل شيء في العمل السياسي”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الأحزاب المدنیة
إقرأ أيضاً:
فيتو الرئيس.. ونائب المصادفة
لم يكن موقف الرئيس السيسى باستخدام حق الفيتو حدثا عابرا أو مجرد إجراء شكلى لمعالجة تجاوزات شابت العملية الانتخابية، بل كان تعبيرًا عن رؤية أعمق تهدف إلى تصحيح مسار العمل السياسى من جذوره.
هذه الرؤية بدأت من القوائم والترشيحات وتجاوزت حدود صناديق الاقتراع.. المعضلة الحقيقية لم تكمن يومًا فى آلية التصويت وحدها، بل ارتبطت بسلوكيات سبقت العملية الانتخابية، حيث اختلطت السياسة بالعلاقات الشخصية، وتحولت بعض الأحزاب من ساحات للعمل العام إلى دوائر مغلقة تسيطر عليها المجاملات، وتحسم فيها القرارات الهاتفية، بعيدا عن معايير الكفاءة أو الخبرة السياسية.
من هنا ظهر ما أُطلق عليه ظاهرة «نائب الباراشوت»، وهو النائب الذى لم يمر بمسيرة سياسية منظمة أو يعرف معنى التنظيم الحزبى وقواعده، لكنه وجد نفسه فجأة مرشحًا للبرلمان بسبب علاقات شخصية أو صلاته بأصحاب النفوذ داخل الحزب.
هذه الأنماط من الترشيحات لا تُهدر فقط حق الكفاءات الحزبية التى أفنت سنوات فى خدمة كياناتها السياسية، وإنما تفرغ التجربة البرلمانية من محتواها الحقيقى، كما أنها تجعل التمثيل النيابى مجرد إجراء خالٍ من التعبير عن تطلعات الشارع أو احتياجاته.
الأخطر من ذلك أن مثل هذه الممارسات توصل رسائل سلبية للقواعد الشبابية فى الأحزاب، بأن الجهد والاجتهاد لا يكافآن، وأن طريق البرلمان ليس عبر جهودهم وإيمانهم بقضايا الناس، بل من خلال العلاقات والمصالح.
فى هذا السياق، يعكس قرار الفيتو رسالة واضحة بأن الدولة لن تسمح بوجود برلمان يشكَّل بالمصادفة أو حياة سياسية تدار بالمحاباة، فالدولة التى تسعى إلى بناء مؤسسات قوية ومستقرة لا يمكن أن تقبل بأن تتحول الأحزاب إلى منصات للنفوذ الشخصى، ولا أن يُختزل العمل البرلمانى فى مقاعد تُمنح كالهدايا بدلًا من أن تُكتسب بالاستحقاق والجدارة.
هذا القرار أضاف شعورا بالثقة لدى المواطنين تجاه إدارة الدولة للمشهد السياسى.. وجود الرئيس فى صلب هذه القرارات يمنح طمأنينة بأن الأمور تدار بحكمة وروية، وأن القرارات تدرس بعناية شديدة لضمان المصلحة العامة.
ثقة الشعب فى هذه الإدارة لم تأتِ عبثًا، بل بنيت على مواقف أثبتت حيادية الدولة ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع، دون حماية لأى خطأ مهما كان مصدره، ولكن يبقى التحدى الأكبر أمام الأحزاب السياسية التى يجب أن تعيد النظر فى سياساتها وآلياتها الداخلية لتفتح المجال أمام كوادرها الحقيقية.
الخيار الآن واضح: إما أن تتحمل الأحزاب مسئوليتها الوطنية وتعزز مصداقيتها بترشيح الأفضل والأكفأ، أو تستمر فى إنتاج أزمات تهدد وجودها وتأثيرها.
تصحيح واقعنا السياسى يبدأ بالالتزام بقواعد اللعبة السياسية واعتماد التمثيل النيابى كمسئولية وطنية حقيقية وليس مجرد تشريف رمزى. وهذا هو صلب التدخل الذى تقوم به الدولة لتصويب المسار وحماية الوطن من عواقب لا يحتملها مستقبله السياسى والاجتماعى.
سيدى الرئيس.. مطمئنون لوجودك ومطمئنون لعدلك وأمانتك، ونعلم جيدا أن سيادتكم لا تمرر أى أمر إلا بدراسة وتمنح الحقوق لأصحابها لذا فإنكم أملنا وملاذنا الأول والأخير.
[email protected]