درجات حرارة غير مسبوقة تصاعدت معها التحذيرات من «جحيم مناخي» يهدد مستقبل كوكب الأرض، وازداد معها البحث عن حلول لتخفيف حدة الاحتباس الحراري، وهو ما دفع الباحثون لإجراء تجربة علمية ثورية تهدف إلى تبريد الأرض من خلال رش السحب بملح البحر، وذلك حسب ما نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

ما هي تجربة رش السحب بملح البحر؟

الدكتور محمود القياتي عضو المركز الإعلامي بهيئة الأرصاد الجوية، شرح في حديثه لـ«الوطن»، تفاصيل تجربة رش السحب بملح البحر، التي أجراها باحثون في جامعة واشنطن، لإبطاء تغير المناخ، إذ تساعد جزيئات الملح على تكوين قطرات ماء صغيرة ولامعة في السحب، وتعمل السحب الكثيفة في السماء على تلطيف الأجواء خاصة أنّها تحجب أشعة الشمس، فوجود السحب معناه تبريد طبقات الجو العليا، وهو ما يعمل على تبريد درجة حرارة سطح الأرض، أما وجود السحب ليلًا يعمل على حبس الحرارة التي تفقدها الأرض نهارًا فترتفع درجات الحرارة في فترات الليل.

وأضاف عضو المركز الإعلامي بهيئة الأرصاد الجوية، أنّ رش السحب بملح البحر أحد المقترحات التي جرى مناقشتها قبل عشرات السنين للتخفيف من ارتفاع درجة حرارة سطح الكرة الأرضية من خلال تقليل الانبعاثات المُتسببة في هذه الارتفاعات والبُعد عن الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة، واعتمدت معظم الأفكار المقترحة في الأساس على تقليل كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض، وكان من بينها طلاء قمم الجبال باللون الأبيض باعتبار أنّ الأسطح البيضاء تعكس أشعة الشمس بشكل أكبر، مثل الجليد القطبي الذي يعكس نحو 30% من أشعة الشمس التي تصل إلى الأرض نحو الفضاء. 

ومن بين المقترحات أيضًا التي طرحها الباحثون ضمن تقنية هندسة المناخ، وضع مرآة كبيرة في الفضاء تدور حول الأرض لعكس أشعة الشمس، إضافة إلى استخدام محاكاة للبراكين لإطلاق كمية كبيرة من الغبار إلى طبقات الجو العليا، وأيضًا زيادة بياض السحب أو انعكاسية السحب لأشعة الشمس من خلال رش السحب بملح البحر، بهدف زيادة سطوع السحب لحجب أشعة الشمس، وبدأت التجارب بالفعل من عشرات السنين باختلاف التقنيات.

وقال «القياتي» إنّه على الرغم من كثرة المقترحات التي تهدف إلى التخفيف من حرارة سطح الأرض، ظهر بعض المعارضين لهذه التجارب بسبب آثارها الجانبية التي قد تصل إلى موجات من الجفاف، أو زيادة كميات الأمطار في مناطق أخرى وبالتالي تتسبب في الغرق أو الفيضانات: «لحد دلوقتي الأضرار الجانبية لمسألة هندسة المناخ مش واضحة، وده بيخلي كتير متخوف ومعارض ليها، لأن قبل ما نعملها لازم يحصل تجارب كتير، وده بيخلي العالم بدل ما يتجه لتقليل الانبعاثات يقول خلاص أنا عندي طرق تانية، ويحصل نوع من الاستسهال فيرجع تاني يستخدم الوقود الأحفوري ويحصل خلل لنظام الأرض وعدم التوازن».

«رش السحب بملح البحر» بدأت منذ 1990

وتجربة رش جزيئات ملح البحر على السحب، كان قد اقترحها عالم الغلاف الجوي البريطاني جون لاثان عام 1990 واستعان بستيفن سالتر لتصميم هذا النظام، الذي نجح في تصميم سفينة ترتفع عن سطح الماء بتقنية «الهايدروفويل»، ويمكن التحكم بها من خلال الكمبيوتر، وتُدار بطاقة الرياح، ومن خلال هذه السفن يتم ضح ملح البحر على هيئة رذاذ بالغ الدقة نحو طبقة السحب، وتتراوح تكلفة تشغيل هذه السفن بين 100 إلى 200 مليون دولار سنويًا.

وبحسب عالم الغلاف الجوي، فإنّ أسطولًا من 300 سفينة ذاتية القيادة، من شأنها أن تعمل على خفض متوسط درجات الحرارة العالمية بواقع 1.5 درجة مئوية، كما يُجرى استخدامها أيضًا لتخفيف حدة الكوارث الطبيعية، إذ تساهم تقنيات تبييض السحب في تخفيف شدة الأعاصير المدارية وظاهرة النينو، وكلاهما يتفاقم بفعل ارتفاع درجات حرارة البحار، كما تعمل هذه السفن على حماية الشعاب المرجانية وتبريد المناطق القطبية تمهيدًا لعودة الغطاء الجليدي.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الاحتباس الحراري تغير المناخ التغيرات المناخية الأرصاد الطقس اخبار الطقس الطقس في مصر أشعة الشمس من خلال

إقرأ أيضاً:

مسبار جونو يخترق سُحب المشتري ويغوص في سطح قمر آيو الناري

أزاحت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) الستار عن نتائج علمية جديدة توصلت إليها من خلال مهمة "جونو"، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد ضمن أعمال الجمعية العامة للاتحاد الأوروبي لعلوم الأرض في العاصمة النمساوية فيينا، حيث عرض فريق المهمة بيانات رصدت للمرة الأولى درجات الحرارة أسفل سطح قمر آيو البركاني، إلى جانب نمذجة جديدة للتيارات الهوائية العاتية التي تطوق القطب الشمالي لكوكب المشتري.

وقال سكوت بولتون الباحث الرئيسي في مهمة "جونو" إن "كل شيء في كوكب المشتري يتسم بالتطرف، فهو موطن لأعاصير قطبية هائلة تفوق مساحة أستراليا، وتيارات نفاثة سريعة، وأقوى الشهب القطبية في المجموعة الشمسية، وأقسى أحزمة إشعاعية عرفها العلماء حتى الآن".

المهمة جونو التي تدرس سطح المشتري (الأوروبية) نشاط بركاني لم يُر من قبل

ورغم أن أداة الرادار الميكروي على متن "جونو" صمّمت في الأصل لاختراق السحب الكثيفة للمشتري فقد وُجّهت لدراسة القمر آيو بالتوازي مع بيانات من جهاز التصوير بالأشعة تحت الحمراء (جيرام)، مما أتاح للعلماء فرصة غير مسبوقة لدراسة الحرارة المختزنة أسفل القشرة البركانية لهذا القمر.

وتقول العالمة شانون براون من مختبر الدفع النفاث "أدهشتنا النتائج حين دمجنا البيانات من الجهازين، إذ رصدنا وجود حمم بركانية لا تزال تحتفظ بحرارتها تحت سطح آيو المبرد، وفي مختلف خطوط العرض والطول ظهرت آثار لتدفقات حممية آخذة في التبريد ببطء".

إعلان

وتشير النتائج إلى أن نحو 10% من سطح القمر يغطيه هذا النوع من الحمم تحت السطحية، مما قد يساعد في تفسير آليات تجدد القشرة السطحية للقمر بسرعة لافتة، فضلا عن فهم كيفية انتقال الحرارة من باطنه إلى سطحه.

وتضيف براون "تعمل براكين آيو وتدفقاته الحممية السطحية والباطنية كما لو كانت نظام تبريد في محرك سيارة، إذ تنقل الحرارة بكفاءة من الداخل إلى الخارج، في عملية تبريد طبيعية في ظل فراغ الفضاء".

يذكر أن أقوى ثوران بركاني في تاريخ رصد آيو -والذي رُصد للمرة الأولى خلال تحليق "جونو" في 27 ديسمبر/كانون الأول 2024- لا يزال نشطا، ومن المتوقع رصده مجددا خلال التحليق اليوم الأربعاء عندما يقترب المسبار من القمر إلى مسافة 89 ألف كيلومتر فقط.

صورة للمشتري ملتقطة من جونو (رويترز) أول قياسات حرارية مباشرة

خلال تحليقه الـ53 بتاريخ 18 فبراير/شباط 2023 بدأ "جونو" سلسلة من التجارب باستخدام ظاهرة الاحتجاب الراديوي عبر إرسال موجات من الأرض تمر عبر الغلاف الجوي للكوكب وتعود، مما يتيح للعلماء قياس درجة الحرارة والكثافة بدقة فائقة.

وقد أجرى "جونو" حتى الآن 26 تجربة أفضت إحداها إلى أول قياس مباشر لحرارة الغطاء الستراتوسفيري في القطب الشمالي للمشتري، حيث تبين أن المنطقة أبرد من محيطها بنحو 11 درجة مئوية، وتحيط بها رياح تتجاوز سرعتها 161 كيلومترا في الساعة.

وركزت التحليلات الجديدة على الأعاصير القطبية في شمال كوكب المشتري، حيث أظهرت بيانات سنوات من التصوير المرئي وتحت الحمراء أن هناك إعصارا ضخما يسيطر على مركز القطب الشمالي تحيط به 8 أعاصير أخرى، في نمط دائري لا نظير له على كوكب الأرض.

وخلافا للأعاصير الأرضية التي تتبدد قبل بلوغ القطب بسبب ضعف تأثير "ظاهرة كوريوليس" ونقص الهواء الرطب فإن أعاصير المشتري تنجذب نحو القطب وتتباطأ تدريجيا أثناء تفاعلها مع الأعاصير المجاورة، في ظاهرة تعرف باسم "الانجراف بيتا".

إعلان

وقد تسهم هذه النماذج الجوية الجديدة في فهم سلوك الأعاصير، ليس فقط على كوكب المشتري، بل ربما على كواكب أخرى، بما فيها الأرض.

ويتيح مدار "جونو" المتغير للعلماء فرصة مراقبة مناطق جديدة لم تصل إليها أي مركبة فضائية من قبل، بما في ذلك مرور المسبار مرارا عبر أقسى أحزمة الإشعاع الكوكبية في النظام الشمسي.

مقالات مشابهة

  • ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي يطلق دورته السابعة باسم كوكب الشرق “أم كلثوم”
  • لقطة إنسانية مؤثرة تشعل مواقع التواصل: شاب يظلل والده من أشعة الشمس بالفيوم
  • “غوغل” تُطلق ميزة ثورية لتبسيط النصوص المعقدة على iOS
  • لا يمكن للبشر البقاء على المريخ أكثر من 4 سنوات
  • تقنية الواقع الافتراضي (VR) تنقل زوّار معرض "جسور" في رحلة ساحرة إلى الحرمين الشريفين
  • سحب الربيع تزين سماء عسير وتجذب المتنزهين
  • مسبار جونو يخترق سُحب المشتري ويغوص في سطح قمر آيو الناري
  • طقس الإمارات اليوم وغداً.. تحذير للسكان باتخاذ الاحتياطات اللازمة وتجنب أشعة الشمس
  • ظهور نادر لسمكة الشمس Mola mola في مياه الغردقة يثير دهشة الغواصين
  • تجنب أشعة الشمس.. «الأرصاد» تحذر من موجة حارة خلال الأيام المقبلة