صحيفة البلاد:
2025-06-08@17:35:45 GMT

شكراً..على أي حال

تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT

شكراً..على أي حال

( حتى أنت يا بروتس؟)
قبل أيام دُبرت لي مكيدة (على خفيف) من تلك المكائد التي نقابلها في يومنا العادي الروتيني، مؤكد هي نتيجة لاختلاطنا مع مجموعة من الأشخاص نختلف عنهم ويختلفون عنّا، دعونا نحسن الظن ونقول أنها كانت بدافع البقاء، فالمنافسة على لقمة العيش لا تحتمل المزاح، وفي سبيلها قد تراق المياه لا الدماء، فلا نريد تصويرها كدراما، المهم في النهاية أنها دُبرت “وإللي كان.

. كان”، في حقيقة الأمر ألوم نفسي كثيراً على أنني من سهّل الأمر لمدبِّريها بسذاجتي التي لا أفارقها ولا تفارقني، وكأنني أقدم لهم الأدوات والطرق على طبق من فضة.
سيتساءل البعض لِم من فضة وليس من ذهب؟
ببساطة لأنني أحب الفضة أكثر من الذهب، ماهذا أي نوع من النساء أنت تحبين الفضة أكثر من الذهب؟ وهذه قصة أخرى قد تروى من باب النميمة والاستنقاص من قاصري العقول، ماعلينا ودعونا لا نخوض في هذا ولنعود لموضوعنا الأساسي.
بقيّت لساعات أوبّخ نفسي: لماذا لا تسلمين من الوقوع في كل مرة وبنفس الأساليب؟ ( يعني الطريقة هي هي والناس هم هم ) أين الحذر الذي تدعيه مردّدة ( اللي اتلسع من الشربة.. ينفخ في الزبادي)..؟
لاعليكم هذا ليس نوعاً من جلد الذات،( بل ربما يكون قليلاً.. لا يهم) ، المهم أنني أدركت في هذه المرة أنني لست الحلقة الأضعف وأنني الأقوى، نعم أنا الأقوى وإلا لما اجتمعت الأفكار والخطط لإسقاطي.
ما هذا وكأنني أتحدث عن معركة؟ إنها فعلاً معركة، معركة الحياة التي نواجها جميعنا ،وكلُُ منّا يستعين بسلاحه الذي تدرب عليه، وأصبح ماهراً فيه، ليست مهمة درجات التفاوت في مهاراتنا، ففي كل مرة تتكرر فيها المواقف أو شبيهاتها وتصبح أفضل.
دروس.. دروس.. دروس تصنع منّا هذا الشخص الذي نقابله مكسوراً أحياناً وعظيماً في أحيان أخرى.. الهدف أن نقف في كل مرة فمسألة الوقوف تلك وحدها أمر جلل.
شُكْرًا ع الْكَلِمَة الْحُلْوَة اللَّيّ بتتقال فَتَغَيَّر مودنا
شُكْرًا لِلنَّاس اللَّيّ فَارَق جِدًّا فِي حَيَاتِهَا وجودنا
شُكْرًا ع النِّيَّة الصَّافِيَة وَالنَّاس بوعودها وَافِيَة
دِيَمًا فِي الشِّدَّةِ وُجُودِهِم بيهون لَنَا أَصْعَب مِحْنَةٌ
السيدة أصالة نصري تعطينا نموذج لكل من نرغب في شكرهم ومن يجب علينا شكرهم، إنما أظنها غفلت عن قصد أو بدون قصد عن أناس مروا بحياتنا وتركوا في نفوسنا علامة لا تنسى، ولنكمل قصة الشكرأقولها لهم: شكراً لكل من علّم في قلوبنا غصة لا تنسى، شكراً لكل من ترك في أنفسنا ألم لا يبرأ، شكراً لكل من حفر في عقولنا علامة لا تمحى، شكراً لكل معلمي الحياة الذين أهدونا دروساً بالمجان، فكبرنا وفهمنا كيف تسير الحياة، شكراً لهم فوجودهم علمّنا كيف نشكر نعمة من حولنا ، ممّن حياتنا تعني لهم الكثير، ووجودنا سر سعادتهم.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: لکل من

إقرأ أيضاً:

مقطع من الحياة اليومية في غزة

التاريخ يعيد نفسه ولكن بأحداث وأسماء وضحايا آخرين. معاناة البشرية لُخِّصت في ذلك الحين برحلة آلام السيد المسيح كفردٍ ناب عن الأمة، لكنها اليوم رحلة آلام الأمة بأكملها؛ ليست العربية والإسلامية فحسب بل البشرية كلها؛ جسّدها الفلسطيني في غزة بروحه ودم أطفاله وبيته وممتلكاته وكل أحبته، مع اختلاف الزمان والمكان؛ فهو النازح لأكثر من 15 مرة في مساحة لا تزيد عن 365 كيلومترا مربعا وسط حصار دام 17 عاما قبل اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وازدادت آثار هذا الحصار تفاقما بعدها؛ لتصبح حرب إبادةٍ وتطهيرٍ عرقي، حرب نسفٍ وتدميرٍ ممنهجٍ لكل جوانب الحياة؛ حرب تجويعٍ وتعطيشٍ؛ وحرب أوبئةٍ وأمراضٍ؛ وحربا بيولوجية بالمعنى الأشمل للكلمة، حربا ضد الطفولة ومنتجها المرأة؛ لتهدد مستقبل شعب بأكمله، بل لتستأصله من الوجود على يد جلادي العقيدة التلمودية الصهيونية المتأصلة جذورا بالإرهاب؛ والتي ترى في الأطفال خطرا على بقاء كيانهم؛ بل على وجودهم الاستعماري الطارئ الذي اصطنعته أوروبا والولايات المتحدة؛ وتسعى إلى ديمومته على حساب أهل الجغرافيا والتاريخ.

هذه العقيدة المتطرفة الفاشية دأب على تأكيدها غلاة اليمينيين النازيين وعلى رأسهم رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو؛ الذي اقتبس من سِفر صموئيل الأول وأوصى جنوده بأنهم يواجهون "العماليق"؛ لذا عليهم قتل جميع الأطفال والرضع والنساء والرجال حتى البهائم وتدمير كل شيء حتى يفنوا. وسبقه وزير دفاعه المستقيل غالانت بقوله: "إن الفلسطينيين حيوانات بشرية وعلينا قتلهم". أما سموتريتش الفاشي المتطرف القادم من أوكرانيا فقال: "أمام الفلسطينيين إما أن يرحلوا أو يخضعوا لنا أو يموتوا".

لقد بات قتلُ الأطفال بالنسبة لقادة الاحتلال فعلا وهدفا استراتيجيا، كما كان مرشدهم السياسي والروحي الحاخام الأكبر للصهيونية الدينية دروكمان يدعو إلى ذلك؛ إنهم يرون قتل الأطفال ليس قتلا لأحلامهم وآمالهم ولقصص كانوا سيروونها عندما يكبرون، بل هو قتل مستقبل الوطن والحياة القادمة. إن كل هذا من وحي الحياة اليومية في غزة.

لقد اختلف الصهاينة فيما بينهم وانقسمت صفوفهم وتداعت اصطفافاتهم، وغادر الكثير منهم معترك السياسة، واستقال آخرون منهم احتجاجا على بعض السياسات التي لا تنسجم مع أهدافهم وأسلوبهم، واتهم بعضهم بعضا بالخيانة والولاء للأعداء، لكن برغم ذلك اجتمعوا واتفقوا على إراقة دمائنا واقتلاعنا من أرضنا وتهجيرنا قسرا أو طوعا؛ فكان الخلاف والاختلاف علينا من يُمعن أكثر في قتلنا، ومن يعمّق آلامنا أكثر، ومن يُنهي وجودنا أسرع، ومن يدخل تاريخ "إسرائيل" فاتحا وناصرا وحاميا قبل الآخر. إنهم تلامذة النازي جابوتنسكي الذي يرى أنه "بالقوة وحدها سبيلا لإخضاع العرب وإذعانهم". كل ذلك يحدث في غزة يوميا.

واقع الحال مقيم منذ نحو 20 شهرا؛ قصف مسيّرات وطائرات حربية وتوغل دبابات، وقذائف مدفعية تسقط على الرؤوس بعدما لم يتبقَ هناك من مبانٍ، وجنود يتلهّون بإعدامات ميدانية للمدنيين بدمٍ باردٍ؛ مجازر في كل جغرافية القطاع، مع فارق أعداد الضحايا والتاريخ وأداة الجريمة، ونسفٍ وتدميرٍ لما تبقّى من أحياءٍ سكنية تُسكت القلوب من هول انفجاراتها.

المشهد يعج ُّ بالمشافي المدمّرة ومرافق حياةٍ لم يعدْ لها من وجود، وأشلاء وجثث في الطرقات، وعندما يُسمع دوي الانفجارات وتُشاهد أعمدة الدخان يهرع رجال الدفاع المدني إلى هناك لربما يُنقذون -بما أُوتوا من عتادٍ خفيفٍ بسيط- ما يمكن إنقاذه. هنا يصدر أنين وهناك يُسمع صوت استغاثة من تحت الأنقاض فتنطلق سيارات الإسعاف، ولكنها أحيانا تتوقف وسط الطريق بعد نفاد وقودها، فيحملون الجرحى راكضين مسافاتٍ قد تكون أحيانا طويلة، ويتركون الجرحى وقد أعياهم نزاع الموت والحياة في ممرٍ من بقايا مشفى أو مشفى ميداني الذي هو عبارة عن خيمة ممزقة ومتداعية؛ أو خيمتين تفتقدان إلى كل ما يلزم من بيئة التعقيم والسلامة الصحية. وعلى مقربة منها، هناك يُسمع عويل النساء اللواتي ينتحبن على أجساد أبنائهن وأزواجهن، وتتعالى وصاياهن: "سلّم على أخوي"، "سلّم على إخوتك يللي سبقوك"، "الله معك يما أنا مش مطولة؛ رح آجي وراك".

وفي الجانب الآخر من محيط المشفى، يتجمع الرجال للصلاة على ثلةٍ من الشهداء وسط صراخ الأهل والأحبة، وتُسبل الأكّفُ المتضرعة إلى الله بعدما أعياها التعب من الدعاء.

أمام شبح الجوع تتجمع حشود الأطفال والنساء وكبار السن ومعهم أواني الطعام؛ وهي ليست تلك الأواني التي اعتادوا استخدامها في منازلهم قبل الحرب، إنما هي أوعية بلاستيكية أو دلاء أو صفيحة معدنية كانت تحتوي مادة ما، هناك تتعالى الأصوات ليظفروا ببعضٍ من طعام طهته "التكية الخيرية" قبل أن تُخمد نارها بسبب نفاد الوقود.

وهناك في جزء من الشارع المليء بالحفر وبرك المياه الآسنة طفلةٌ تحاول حمل غالون الماء، وهو أثقل من جسمها، لتروي ظمأ ما تبقى من أسرتها، وآخر يبحث في كوم قمامة عن كسرة خبزٍ أو بقايا من طعام، وفي لحظة استلام المساعدات -التي لم يدخل منها إلا القليل القليل- يُفاجئ الجميع برشقات من الرصاص أو قذيفة من دبابة إسرائيلية تفرق الجموع وتقتل العشرات وتصيب العشرات. إنها مصيدة المساعدات، إنها مقتلة الغزيين، ولكن بغطاء إنساني؛ لم تتمكن المنظمات والهيئات الدولية فعل أكثر من ذلك.

وفي المناطق التي زعم جيش الاحتلال أنها أكثر أمانا وطلب من المدنيين التوجه إليها، ما أكثر الخيم المحترقة وما أكثر مؤن المساعدات المتفحمة وما أكثر ما تفحم من عشرات من الجثث. هناك لا أمل في الحياة ولا أمل في الأمن والأمان، هناك تغدو العربات التي تجرها الحمير الوسيلة الأكثر توفرا لحمل أفراد الأسرة مع ما تبقى من حاجاتهم المعيشية من فراش وملابس لتنقلهم إلى وجهة أخرى، ليس للأمان بل لعلها تؤخر موتهم قليلا؛ موتهم الذي يلاحق الجميع بلا استثناء أطفالا ونساء ورجالا وشبانا.

هذا مقطع من حياة يومية يعيشها الغزيون ببعض تفاصيلها وليس كلها. الحصيلة حتى لحظة كتابة هذه السطور: ارتقاء 55 ألف شهيد وما يزيد على 125 ألف جريح، بينهم عشرات الأطفال الذين يموتون أو يُولدون مشوّهين بسبب سوء التغذية. هناك دمار ومسح كامل لكل مدن القطاع، وتراكم مئات الآلاف من أطنان القمامة التي تنذر بانتشار الأوبئة والأمراض، وأكوام أنقاض تغيّر معالم جغرافية المكان لأنها تشكل هضابا وتلالا وأودية، وحفر حفرتها القذائف الثقيلة الأمريكية الصنع.

هناك رائحة الموت والدم في كل مكان، وهناك أيضا فعل مقاوم يأبى الهزيمة ويُصدّر الرعب إلى الجنود المدججين بسلاحهم الفتُّاك وبآلياتهم المصفحة. وعلى منعرج آخر يسود صمتٌ في كل الأماكن؛ قبل البحار وما وراء البحار من الأشقاء والأصدقاء إلى الحلفاء وسط صخب الأعداء؛ صمت مريب يخترقه أحيانا استنكارٌ هنا وتنديدٌ هناك، لكنه لا يحدث إلا موت للعدالة والطفولة والإنسان. وتبقى السماء الشاهد الوحيد؛ والمقطع لم يكتمل بعد.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • متحف المستقبل يستضيف سلسلة فعاليات إبداعية في يونيو الجاري
  • معركة الأعياد .. صفقة الأسرى الكبرى تقترب
  • ماسك وترامب يتبادلان التهديدات في معركة ساخنة.. من ينتصر؟
  • تفاصيل وخفايا معركة العوينات : تحالفات المرتزقة والارهاب
  • ترامب يشيد بفوزه الكبير على أسوشيتد برس في معركة قضائية
  • مقطع من الحياة اليومية في غزة
  • القناة 12 الإسرائيلية: مقتل جندي من وحدة يهلوم خلال معركة جنوب قطاع غزة
  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: مقتل جندي من وحدة يهلوم التابعة لسلاح الهندسة القتالية خلال معركة جنوب قطاع غزة
  • الكرملين يعلّق على تصريحات ترامب بشأن "معركة الأطفال"
  • قبسات من نور المحاضرة السادسة للسيد القائد «دروس من القصص القرآني»