تداعيات حظر تركيا استيراد القمح.. الرابحون والخاسرون
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
إسطنبول- أعلنت وزارة الزراعة والغابات التركية الأسبوع الماضي تعليق استيراد القمح اعتبارا من 21 يونيو/حزيران الجاري وحتى 15 أكتوبر/تشرين الأول 2024، مع إمكانية تمديد الحظر بناء على ظروف السوق في ذلك الوقت من أجل حماية المنتجين المحليين.
وأشار الإعلان إلى أنه تم اتخاذ بعض التدابير للتجارة الخارجية لمنع انخفاض الأسعار الناتج عن زيادة العرض خلال فترة الحصاد وضمان تلبية الاحتياجات المحلية من الإنتاج المحلي.
وبحسب القرار، رفعت تركيا الحظر الذي كان مفروضا منذ سبتمبر/أيلول 2018 على تصدير الدقيق المصنوع من القمح المنتج محليا، كما حررت تصدير القمح المخصص للخبز والمعكرونة والشعير ومشتقاته بشرط الحصول على موافقة مسبقة.
تعتبر تركيا خامس أكبر مستورد للقمح في العالم من حيث الكتلة (الرابعة من حيث القيمة)، إذ تستورد ما يقارب 10 ملايين طن من القمح سنويا، وتعتمد في وارداتها بشكل رئيسي على القمح الروسي.
ووفقا لمعهد الإحصاء التركي، استوردت تركيا في الأشهر السبعة الأولى من موسم 2024/2023 الذي يمتد من يونيو/حزيران 2023 إلى يناير/كانون الثاني 2024 نحو 6.45 ملايين طن من القمح.
وجاءت الحصة الكبرى من هذه الواردات من روسيا، حيث بلغت الكمية المستوردة منها 5.33 ملايين طن، وهو ما يمثل 83% من إجمالي الواردات، في حين جاءت 890 ألف طن، أي ما يعادل 14% من إجمالي الواردات من أوكرانيا.
وتأثر سوق القمح العالمي بشكل كبير بالقرار التركي نظرا للدور المحوري الذي تلعبه تركيا كمستورد رئيسي، إذ أدى إلى زيادة المنافسة بين القمح الروسي والأوكراني في الأسواق التصديرية التقليدية للاتحاد الأوروبي، مما أثر على ديناميكيات العرض والطلب في هذه الأسواق.
وانخفضت أسعار القمح في أوروبا أمس الثلاثاء بسبب مخاوف من أن يؤدي الحظر التركي إلى تراجع الطلب العالمي، لكن انخفاض اليورو حد من الخسائر.
ويحفز تراجع العملة المقومة بها السلعة تداولها، إذ تصبح أرخص بالنسبة لحاملي العملات الأخرى.
وتراجعت عقود قمح الطحين تسليم سبتمبر/أيلول المقبل في بورصة يورونيكست -ومقرها باريس- 1% إلى 241.25 يوروا (259.08 دولارا) للطن.
وفي أول رد على القرار أوضحت وزارة الزراعة الروسية أن الحظر التركي لم يكن له أي تأثير في هذه المرحلة، مضيفة أن "المصدّرين الروس يدرسون كيفية إرسال كميات الإنتاج إلى وجهات أخرى".
أسباب القرارويقول الباحث الاقتصادي في مركز سيتا للأبحاث بلال بغيش للجزيرة نت إن الحكومة التركية تهدف إلى:
حماية المنتجين المحليين، إذ إن إدارة اختلال التوازن بين العرض والطلب في السوق قد تتطلب اتخاذ إجراءات معينة. المساعدة في توفير المواد الخام اللازمة للإنتاج الموجه للتصدير من الإنتاج المحلي للحبوب وضمان استقرار الأسعار لصالح المنتجين. الرابحون والخاسرونوتوقع بغيش أن يضطر المنتجون الروس إلى البحث عن أسواق بديلة وبيع منتجاتهم بأسعار أقل في أسواق بعيدة، مما سيفيد المستوردون في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، وهي الدول التي تأثرت سلبا بارتفاع أسعار الغذاء في الشهور الأولى من الحرب في أوكرانيا.
في المقابل، نبه بغيش إلى أن تركيا تعد دولة مهمة في تصدير الدقيق والمنتجات الغذائية المعتمدة على القمح، وأن حظر استيراده قد يؤدي إلى تراجع صادرات المنتجات الغذائية مثل الدقيق والمعكرونة، مما قد يزيد العجز التجاري لتركيا.
تعد تركيا واحدة من الدول القليلة في العالم القادرة على تلبية استهلاكها المحلي من القمح، ففي موسم 2024/2023 بلغ إنتاج القمح في البلاد 22 مليون طن، مسجلا زيادة ملحوظة مقارنة بموسم 2023/2022 الذي بلغ فيه الإنتاج 19.7 مليون طن، وتتطلع تركيا إلى زيادة إنتاجها إلى ما بين 22 و23 مليون طن في عام 2024.
واحتلت تركيا المرتبة الأولى عالميا في تصدير الدقيق، حيث صدرت نحو 3.7 ملايين طن من هذه السلعة في تلك الفترة، وهو ما يعزز مكانتها كقوة رئيسية في السوق العالمية للدقيق.
تركيا تخطت كندا في موسم حصاد 2023 لتصبح الدولة الأولى عالميا في إنتاج القمح المخصص للمعكرونة
من جانبه، صرح المدير العام لمكتب المحاصيل الزراعية بأن تركيا أصبحت في العام الماضي أكبر منتج عالمي للقمح المخصص للمعكرونة، وسجل إنتاجها رقما قياسيا بلغ 4.3 ملايين طن، وهو أعلى مستوى منذ 18 عاما، مما أدى إلى زيادة كبيرة في صادرات القمح التركي، وتجاوز 1.4 مليون طن بقيمة 600 مليون دولار إلى دول، منها الجزائر وإيطاليا والإمارات وكندا.
وأضاف أن تركيا تخطت كندا في موسم حصاد 2023 لتصبح الدولة الأولى عالميا في إنتاج القمح المخصص للمعكرونة، مما عزز مكانة تركيا في الأسواق العالمية.
وحسب بيانات البنك الدولي، حافظت تركيا على المرتبة الأولى في صادرات دقيق القمح بشكل مستمر خلال الفترة من 2013 إلى 2022.
وفي عام 2013 بلغت صادرات تركيا من دقيق القمح 2.1 مليون طن، واستمرت في الارتفاع حتى وصلت إلى 3.5 ملايين طن في عام 2016.
ورغم تراجع الصادرات بين عامي 2017 و2021 فإن تركيا حافظت على مكانتها الرائدة في الصادرات العالمية.
وفي عام 2022 سجلت صادراتها 3.1 ملايين طن، مما جعلها على قمة مصدري دقيق القمح عالميا على مدى عقد كامل، إذ زادت الصادرات بنسبة 43.8% خلال هذه الفترة.
وفي عام 2023 حققت تركيا رقما قياسيا في تصدير الدقيق بكمية بلغت 3.66 ملايين طن، مسجلة إيرادات تقارب 1.5 مليار دولار، وتسعى إلى الوصول بصادراتها إلى نحو 4 ملايين طن من الدقيق في العام الجاري.
وأوضح رئيس اتحاد مطاحن الدقيق التركي إيرين أولوصوي أن متوسط استهلاك القمح السنوي في تركيا يبلغ 19 مليون طن، مع استهلاك سنوي للفرد يبلغ متوسطه 160 كيلوغراما.
وقال إن هذا الأمر يعكس أهمية القمح والدقيق في النظام الغذائي التركي والاقتصاد الوطني، إذ تلعب صادرات هذه السلعة دورا حيويا في التجارة الخارجية للبلاد.
وأضاف "قطاعنا يصدر الدقيق إلى 164 دولة، مما يعني أن العالم يعتمد على الدقيق التركي، فنحو 90% من سكان العالم يستهلكون الدقيق التركي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ملایین طن من من القمح ملیون طن فی عام
إقرأ أيضاً:
حظر استيراد السلع في مناطق الحوثي يهدد الاقتصاد اليمني بالشلل
في خطوة تصعيدية جديدة، تواصل مليشيات الحوثي فرض إجراءات صارمة تهدد الاقتصاد اليمني، تمثلت مؤخرًا في إصدار قرار يقضي بحظر شامل على استيراد مجموعة واسعة من السلع والبضائع اعتبارًا من أغسطس المقبل، وذلك بزعم "حماية المنتج المحلي وتعزيز الصناعات الوطنية".
غير أن هذه الخطوة، وفق خبراء واقتصاديين، لا تعكس أي رؤية استراتيجية للتوطين أو التنمية، بل تعد محاولة لفرض مزيد من السيطرة على السوق والاقتصاد، بما يضر بالمواطن والتاجر على حد سواء.
مليشيات الحوثي تكرّس "دولة الجبايات": ضرائب غير قانونية تُجهز على الاقتصاد اليمني وتضاعف معاناة المواطنين تساؤلات مشروعة.. العقيد وضاح الدبيش يوضح لـ "الفجر"..هل كان الحوثي يجهل تبعات استهداف السفن الأمريكية؟ الغرفة التجارية ترفض القرار وتصفه بالخنق الاقتصاديوعلى خلفية هذا القرار، أعلنت الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة صنعاء رفضها القاطع لقرار مليشيات الحوثي، واصفة إياه بأنه "يمثل خنقًا للاقتصاد الوطني، ويفرض قيودًا تعسفية على التجارة".
وأكد بيان الغرفة أن هذا القرار لا يراعي طبيعة السوق المحلي ولا إمكانياته الإنتاجية المحدودة، كما سيؤدي – في حال تطبيقه – إلى هروب رؤوس الأموال، وركود حاد في النشاط التجاري، وارتفاع جنوني في أسعار السلع، مما يضاعف الأعباء المعيشية على المواطنين.
اتهامات بالاحتكار وتعطيل المنافسةالبيان ذاته حذر من أن القرار الحوثي يفتح الباب أمام الاحتكار والتلاعب في السوق، ويقضي على مبدأ المنافسة العادلة. كما اعتبرت الغرفة أن الحظر أشبه بـ "البيع الغرري"، ومخالف صريح للقانون من حيث منعه أو تقييده لحصص السلع الأساسية.
وشددت الغرفة التجارية على أنها ترفض السياسات العشوائية التي تضر بالاقتصاد، وتؤكد تمسكها بالدفاع عن حقوق المواطنين والتجار التي كفلها الشرع والدستور، داعية إلى مراجعة القرار فورًا.
حظر واسع النطاق يطال سلعًا أساسيةوشمل القرار الحوثي، الصادر عن وزارات المالية والاقتصاد والصناعة في حكومتهم غير المعترف بها، حظر استيراد سلع مهمة مثل الألبان، والعصائر الصناعية، والمناديل الورقية، إلى جانب تقييد استيراد سلع أخرى كالسكر المكرّر، ومعجون الطماطم، والبقوليات المعلبة، وحفاضات الأطفال، والسيراميك، وأكياس التعبئة.
ورغم ادعاء الحوثيين أن الحظر يستهدف حماية الإنتاج المحلي، إلا أن السوق المحلي – حسب الغرفة التجارية – يفتقر إلى القدرة الإنتاجية والتنافسية لسد هذه الفجوة، مما يهدد بأزمة توريد خانقة وارتفاع إضافي في أسعار المواد الأساسية.
دعوات للحوار وتفادي الانهيار الاقتصاديودعت الغرفة التجارية الجهات الحوثية إلى مراجعة القرار بشكل عاجل، والانخراط في حوار موسع مع القطاع الخاص لتفادي الانهيار الاقتصادي المحتمل، مشددة على أهمية إشراك أصحاب المصلحة في اتخاذ القرارات الاقتصادية الحساسة.
ويبدو أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى تداعيات كارثية، ليس فقط على الاقتصاد، بل على الأمن الغذائي والمعيشي للمواطن اليمني، الذي يدفع الثمن الأكبر في ظل استمرار الصراع وتضييق الخناق الاقتصادي.
اليمن في مفترق طرق: مبادرات أممية وأزمة تمويل تهدد ملايين المدنيين تراجع التمويل الدولي يفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن: 90 مليار دولار خسائر و6 ملايين مهددون بالجوع