منظمة الامن والتعاون الأوروبي تؤكد التزامها بنشر السلام ومعالجة الوضع في أوكرانيا
تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT
أكد الرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وزير خارجية مالطا إيان بورج أن المنظمة تركز على نشر السلام وعلى معالجة الوضع في أوكرانيا.
وسلط الوزير بورج في تصريحات اليوم الاحد الضوء على الجهود المستمرة التي تبذلها المنظمة للتخفيف من الأثر الإنساني للحرب ضد أوكرانيا، من خلال مشاريع مصممة خصيصًا تهدف إلى تعزيز قدرة البلاد على الصمود.
وشدد على الضرورة الملحة لإنهاء الحرب، داعيا إلى العودة إلى الاحترام الكامل لالتزامات المنظمة ومبادئها.
وبوصفه رئيساً لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تخدم 57 دولة عضو .. أكد الوزير بورج على أن "الحلول طويلة الأمد لا يمكن إيجادها أبداً في ساحة المعركة، ولكن من خلال الالتزام بالتزاماتنا والانخراط في حوار بناء يتم بحسن نية".
وأضاف رئيس المنظمة أنه لا غنى عن منظمة شاملة مثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي توفر منصة للحوار بين دولها الاعضاء البالغ عددها 57 دولة، بما في ذلك أوكرانيا وروسيا، لتحقيق هذا الهدف.
وقال الوزير بورج إن دور منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في إدارة الأزمات أصبح حاسماً أكثر من أي وقت مضى، مشدداً على أدوات إدارة الصراع الفريدة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وخبرتها الواسعة التي يمكن أن تدعم الطريق السلمي إلى الأمام.
وأعرب الوزير بورج عن استعداد الرئاسة المالطية لتقديم مساعيها الحميدة وقنوات الاتصال لتعبئة موارد منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بشكل كامل لمعالجة عواقب الحرب ودفع أي مناقشات مستقبلية مشددا على أهمية الاستفادة من التكامل وتعميق التعاون مع الشركاء الدوليين المستثمرين في بناء السلام والأمن والاستقرار.
ومع اقتراب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من الذكرى السنوية الخمسين لوثيقة هلسنكي الختامية، حث الوزير بورج على العودة إلى الرؤية التأسيسية للمنظمة، حيث يتم احترام السيادة والاستقلال والسلامة الإقليمية، ويمكن للناس أن يعيشوا في سلام حقيقي ودائم، متحررين من أي تهديد لهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أوكرانيا أوروبا منظمة الأمن منظمة الأمن والتعاون فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
نقطة اللاعودة: استراتيجيات الضربات الاستباقية التي تُعيد تعريف الأمن القومي
إن الإرهاب أصبح بكياناته المتغيرة وشبكاته العابرة للحدود، تحديًا وجوديًا يهدد الأمن والسلم الدوليين. ورغم تباين مصادر التهديد، إلا أنَّ الدول الكبرى والمتضررة طورت استراتيجيات مختلفة لمكافحته. في هذا السياق، تبرز الضربات الاستباقية كعنصر حاسم يهدف إلى شل قدرة التنظيمات الإرهابية قبل تنفيذ مخططاتها. سيسعى هذا المقال لمقارنة نماذج مكافحة الإرهاب في أربع دول محورية - الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا/أوروبا، المملكة العربية السعودية، ومصر - مع التركيز على تبني كل منها لمفهوم الاستباقية، والتعامل القانوني الذي يلي هذه الضربات، وما بعد الإجراءات القضائية من آثار على العناصر الإرهابية، مستعرضين التحديات والدروس المستفادة.
1. النموذج الأمريكي: عقيدة "الضربات الوقائية" و"الحرب على الإرهاب"
بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، تحولت الاستراتيجية الأمريكية نحو تبني عقيدة "الضربات الوقائية" لتدمير القدرات الإرهابية في منشأها. اعتمدت الولايات المتحدة بشكل مكثف على القوة العسكرية بعمليات واسعة النطاق في أفغانستان والعراق، وعمليات القوات الخاصة، وهجمات الطائرات بدون طيار لاستهداف قيادات التنظيمات مثل القاعدة وداعش في مناطق مثل اليمن والصومال. هذه الضربات، المدعومة بعمل استخباراتي مكثف، أثارت جدلاً حول سيادتها وقانونيتها وأثرها على المدنيين.
قانونياً، استندت الولايات المتحدة إلى "قانون تفويض استخدام القوة العسكرية" لعام 2001. أما التعامل مع الأسرى في معتقلات مثل غوانتانامو، فقد أثار انتقادات حقوقية وقانونية دولية واسعة لكونها خارج نطاق المحاكم التقليدية، بعد الإجراءات القضائية، ركز النموذج الأمريكي على "التحييد" (قتل أو سجن طويل الأمد) للعناصر المصنفة كـ"عدو مقاتل" بدلاً من إعادة التأهيل الفكري، مما واجه تحديات في منع عودة التطرف أو ظهور أجيال جديدة من الإرهابيين.
2. النموذج الفرنسي/الأوروبي: من الاستجابة الداخلية إلى المواجهة الخارجية
واجهت أوروبا تحديات الإرهاب الناتج عن التطرف الداخلي وعودة المقاتلين من مناطق الصراع. تطورت استراتيجيتها لتشمل بعداً استباقياً. تعتمد الدول الأوروبية على العمل الاستخباراتي الدقيق داخل أراضيها لمراقبة الخلايا النائمة، وشهدت قوانين مكافحة الإرهاب تشديداً كبيراً يشمل صلاحيات واسعة للاحتجاز الوقائي، خارجياً، شاركت دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة في عمليات عسكرية استباقية في مالي وسوريا والعراق، بهدف استهداف معسكرات التدريب وقيادات التنظيمات تحت مظلة تحالفات دولية.
قانونياً، تعتمد على القوانين الجنائية الصارمة التي تجرم التخطيط والانضمام والتحريض، مع التركيز على المحاكمات العادلة. بعد الإجراءات القضائية، تُولى أوروبا اهتماماً لبرامج "اجتثاث التطرف" وإعادة التأهيل. غير أن هذه البرامج تواجه تحديات مثل ارتفاع معدلات الانتكاس وصعوبة قياس فعاليتها، وضغط أعداد المقاتلين العائدين.
3. النموذج السعودي: استراتيجية شاملة من المواجهة الأمنية إلى المعالجة الفكرية
برزت المملكة العربية السعودية كنموذج رائد بعد سلسلة هجمات مطلع الألفية. لم تقتصر استراتيجيتها على المواجهة الأمنية والعسكرية، بل توسعت لتشمل بعداً فكرياً واقتصادياً، اعتمدت السعودية على العمليات الاستخباراتية الدقيقة والسرعة والحسم في الضربات الاستباقية، مُسفرةً عن إحباط عدد كبير من المخططات وتفكيك الشبكات الإرهابية، وشاركت في جهود دولية لمكافحة الإرهاب العابر للحدود.
قانونياً، تُطبق قوانين صارمة لمكافحة الإرهاب وتمويله، وتُركز على تجريم كافة أشكال الدعم للإرهاب، مع محاكمات تتميز بالحسم. بعد الإجراءات القضائية، تُعد السعودية رائدة عالمياً في تطبيق برامج "المناصحة" الفكرية، والتي تستهدف السجناء المتورطين بهدف تصحيح المفاهيم وإعادة التأهيل والدمج الاجتماعي. رغم نجاحها، تواجه هذه البرامج تحديات تتعلق بنسبة الانتكاس وصعوبة التأثير على المتشددين.
4. النموذج المصري: استراتيجية شاملة متعددة الأبعاد لمواجهة التحديات
تُعد التجربة المصرية فريدة ومعقدة، نظراً لطبيعة التهديدات المتنوعة. طورت مصر استراتيجية شاملة تجمع بين المواجهة الأمنية والعسكرية الحازمة، والتجديد الفكري، والتعاون الإقليمي، مع التركيز على الضربات الاستباقية كعنصر حاسم. تعتمد مصر على قوة عسكرية وأمنية هائلة وقدرات استخباراتية عالية لتحديد الخلايا وتدميرها بعمليات واسعة النطاق (مثل "سيناء 2018")، يمتد المفهوم الاستباقي ليشمل العمق الاستراتيجي، حيث تعمل "أجهزة الظل" المصرية على القضاء على التهديدات في أماكنها الأصلية خارج الحدود لمنع وصولها.
قانونياً، تُطبق مصر قوانين صارمة لمكافحة الإرهاب، وتشمل أحكاماً مشددة ضد مرتكبي الجرائم والمحرضين والممولين، مع سرعة البت في القضايا أمام المحاكم المختصة. بعد الإجراءات القضائية، تزيد الجهود لمكافحة التطرف الفكري من خلال مؤسسات دينية وعلمية كالأزهر الشريف ودار الإفتاء لنشر الخطاب المعتدل، كما تُسعى الدولة لتوفير بيئة اجتماعية واقتصادية عبر مشروعات التنمية لمنع استقطاب الشباب.
5. تحديات مشتركة ودروس مستفادة: الطبيعة المتغيرة للإرهاب، تحدي "الذئاب المنفردة" والمقاتلين العائدين، والموازنة بين الأمن والحريات. تبرز دروس قيمة: أهمية البعد الفكري والثقافي لمكافحة الأيديولوجيات المتطرفة، وضرورة التعاون الدولي الفعال في تبادل المعلومات وتنسيق العمليات، وضرورة معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب كالحرمان واليأس.
والختام لا نملك الا قولا و رأيا واحدا: إنَّ استعراض نماذج مكافحة الإرهاب يُظهر أنَّ الضربات الاستباقية تمثل ركيزة أساسية، لكن فعاليتها لا تكتمل إلا بأطر قانونية واضحة وبرامج لمعالجة الفكر وتأهيل الأفراد.
لقد تغيرت قواعد اللعبة الإقليمية والدولية بفعل تعقيدات الإرهاب. وفي هذا السباق المحتدم، تتجلى التجربة المصرية كنموذج فريد يقدم دروساً قيمة، نجحت القاهرة في بناء استراتيجية متكاملة ومتوازنة، تجمع بين الضربات الاستباقية الحاسمة التي تقتلع الإرهاب من جذوره في عقر داره بفضل يقظة أجهزتها الأمنية والاستخباراتية وعملياتها الدقيقة في الداخل والخارج، وبين المعركة الفكرية المستمرة لتجديد الخطاب الديني، وصولاً إلى مشاريع التنمية الشاملة التي تُحارب اليأس.
هذه الشمولية، المدعومة بتضحيات جسيمة لأبطال مصر المخلصين، تبرهن على فهم عميق لتعقيدات الظاهرة الإرهابية وقدرة فائقة على التكيف مع تحدياتها المتغيرة، إنَّ النصر على الإرهاب لا يأتي إلا من خلال استراتيجية شاملة ومتكاملة، تتطلب يقظة دائمة، وتكيّفاً مستمراً، وإيماناً بأنَّ مستقبل المنطقة سيُكتب بأيدي أبنائها المخلصين، الذين يعملون في العلن والخفاء، وليس بأيدي دعاة الكراهية والدمار.