كتب ابراهيم بيرم في" النهار": يطرح عارفون في شأن الوضع الجنوبي أسئلة حول طبيعة المستجدات التي فرضت أخيراً على القوة الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) أن تعيد التذكير بنفسها وبحضورها في مسرح عمليات عسكرية محتدمة على الاحتمالات الخطرة على طول الحدود اللبنانية- الاسرائيلية. ويشير هؤلاء الى أن هذا التذكير أتى عبر طريقين: الأول معلومات إعلامية ذكرت أن وحدات هذه القوة أعادت تحصين مواقعها ونقاطها المنتشرة في بقعة عملياتها المحددة.

والثاني عبر تصريحات متتالية أطلقها متحدثون باسم القوة نفوا فيها ما يشاع عن أنها تحضر لتقليص مهمّاتها وحصر مواقعها وذكروا أن القوة تضاعف جهودها لتنفيذ القرار الأممي 1701 وتعمل كوسيط بين لبنان وإسرائيل لخفض منسوب التوتر والعنف على الحدود.

يؤكد عارفون بأوضاع اليونيفيل أن لا جديد نوعياً في تلك التصريحات والبيانات الصادرة عن قوة اليونيفيل، لكن إطلاقه في هذا التوقيت بالذات هو بمثابة رسالة بالغة الأهمية تريد القوة إثباتها وإيصالها الى من يعنيهم الأمر داخلياً وخارجياً.

المعلوم أن القوة ترسل هذه الرسالة بصوت عالي النبرة بعد أن بدا صوتها خافتاً طوال الأشهر الماضية، ما روّج انطباعاً فحواه أن وجود هذه القوة حيث هي موجودة بات من لزوم ما لايلزم ولا سيما بعدما فقدت فاعليتها وبعدما بات القرار الذي أتت للسهر على تنفيذه بحكم المجمّد وغير المعمول به خصوصاً أن إسرائيل تواصل هجماتها على الجنوب فيما "حزب الله" فتح عن سابق تصوّر وتصميم جبهة مواجهة مع الإسرائيليين ورفض رفضاً قاطعاً كل الجهود المبذولة لتبريدها.

وبناءً على ذلك ومع اقتراب شهر آب الذي يُفترض أنه موعد تمديد مجلس الأمن السنوي لمهمات هذه القوة، كان يُفترض بقيادتها أن تبادر الى التأكيد على المضامين الواردة في رسالتها الأخيرة التي تتلخّص في الآتي:

- أنها ما زالت تحتفظ بمواقعها وتؤدّي دورها.
- أن بقاءها في بقعة عملياتها المحددة بموجب قرار إنشائها ما زال حاجة دولية لم تنتف بعد على رغم كل ما طرأ من تطورات ومواجهات وتحولات عسكرية.


- أنها ما زالت قادرة على أداء مهماتها على الأرض. لذا بدت رسالتها الأخيرة كأنها عملية تحدٍّ ومواجهة. وهي في كل هذا تريد أن تنفي عن نفسها ما أشيع عن أنها قلصت دورها وحضورها وأنها آثرت التمركز في مواقعها أو أنها في أحسن الأحوال بدت كأنها تؤدي دور الشاهد غير الفاعل على غرار الدور الذي أدّته قوة اليونيفيل التي أتت الى لبنان في صيف عام 1978 بموجب القرار الدولي 425، والذي لم يحل دون اجتياحات وعمليات عسكرية متنوّعة لم تنته إلا بعد انسحاب إسرائيل من لبنان في أيار عام 2000.

وبمعنى آخر، كان لزاماً على هذه القوة أن تعيد تظهير نفسها وتأكيد الحاجة الى بقائها في بقعة عملياتها رغم أنه محفوف بالمخاطر. وهي تؤكد أن دورها لم يمنع البعض من إطلاق النار على مقربة من مواقعها (والمقصود بذلك "حزب الله") ولم يحل دون انهمار الصواريخ والقذائف على مواقعها (والمقصود بذلك إسرائيل) وهذا ما يعطيها شهادة على حياديتها في الصراع.

وواقع الحال هذا يكتسب أهمية خاصة لاعتبارين:
الأول دنوّ موعد التمديد الروتيني للقوة في نيويورك على جاري العادة سنوياً.
الثاني ارتفاع الحديث عن طريقة تنفيذ عملاني جديد للقرار الدولي 1701 على نحو يبعد "حزب الله" الى ما بعد الشريط الحدودي كشرط من شروط وقف النار وترتيبات اليوم التالي بعد توقف المدافع سواء في غزة أو الجنوب اللبناني.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: هذه القوة

إقرأ أيضاً:

هل يسرّع الغاز الأميركي وتيرة تحول تركيا لمركز إقليمي للطاقة؟

إسطنبول- تتحرك تركيا بخطوات متسارعة نحو الاستثمار المباشر في حقول النفط والغاز الأميركية، في إطار خطة أوسع لإعادة هيكلة محفظتها من موارد الطاقة التي ظلت حتى وقت قريب تعتمد بدرجة كبيرة على واردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة.

ويأتي هذا التوجه ضمن إستراتيجية تركية متكاملة تهدف إلى تنويع مصادر الإمداد وتقليص الارتباط التقليدي بالغاز الروسي، بالتزامن مع دفع قوي لتحقيق طموح أنقرة بالتحول إلى مركز إقليمي ودولي لتجارة الغاز يربط بين منتجيه في الشرق ومستهلكيه في الغرب.

التوجه التركي نحو الغاز الأميركي

وكشف وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار، الأربعاء الماضي على هامش القمة العالمية للغاز الطبيعي المسال في إسطنبول، أن شركة البترول التركية دخلت في محادثات متقدمة مع كبار منتجي الطاقة في الولايات المتحدة، وفي مقدمتهم شيفرون وإكسون موبيل، بهدف شراء حصص في مشاريع أميركية للتنقيب والإنتاج.

ويأتي هذا التوجه، وفق بيرقدار، لبناء سلسلة قيمة متكاملة في قطاع الغاز تبدأ من منبع الإنتاج في الولايات المتحدة وتنتهي بتلبية الطلب المحلي، بما يعزز قدرة أنقرة على التحوط أمام تقلبات السوق ويحمي أمن إمداداتها على المدى الطويل. ومن المنتظر الإعلان عن أولى الاتفاقيات الاستثمارية خلال الأسابيع المقبلة.

ويمثل هذا الانفتاح خطوة نوعية في مسار الشراكة الطاقية المتنامية بين أنقرة وواشنطن، إذ أصبحت الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة أحد أهم موردي الغاز طويل الأجل لتركيا.

وعززت أنقرة هذا الاتجاه عبر سلسلة من العقود التي تجاوزت كمياتها 150 مليار متر مكعب منذ نهاية 2024، على أن يبدأ معظمها بالتوريد الفعلي بين 2027 و2030، لتصعد الولايات المتحدة إلى موقع رابع أكبر مورد للغاز إلى تركيا في عام 2025 بحجم بلغ 5.5 مليارات متر مكعب تمثل نحو 14% من إجمالي وارداتها.

إعلان

ويؤكد بيرقدار أن الغاز الأميركي بات أكثر تنافسية من الغاز الذي يصل عبر خطوط الأنابيب من روسيا وإيران، الأمر الذي شجع تركيا على رفع حصته ضمن مزيج الطاقة الوطني.

وزير الطاقة التركي خلال اجتماع مع مسؤولين أميركيين في القمة العالمية للغاز الطبيعي المسال (حساب الوزير على إكس)

ووفق بيانات بلومبيرغ، بلغت واردات تركيا من الغاز المسال 5.2 ملايين طن منذ مطلع 2025، مقارنة بـ3.98 ملايين طن خلال عام 2024 بأكمله.

كما تستعد تركيا لاستقبال 1500 شحنة من الغاز الأميركي خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 المقبلة، في إطار عقود ترتبط بمؤشر "هنري هب" الأميركي (معيار مرجعي لتسعير الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة) بما يعزز استقرار الأسعار على المدى الطويل.

وبالتوازي مع هذا التحول، تراجع اعتماد تركيا على الغاز الروسي إلى أقل من 40% بعد أن كان يتجاوز 50% قبل سنوات قليلة، إذ تم تمديد عقود استيراد 22 مليار متر مكعب لمدة عام واحد فقط.

كما تواصل أنقرة مباحثاتها مع طهران لتجديد عقد توريد يبلغ 10 مليارات متر مكعب وينتهي منتصف 2026، إلى جانب بحث رفع كميات الغاز التركماني التي تمر عبر الأراضي الإيرانية.

وفي هذا السياق، أبرمت أنقرة اتفاقا قصير الأجل لاستيراد 1.3 مليار متر مكعب من تركمانستان عبر إيران، تم توريد نحو نصفها حتى الآن.

تعاون إقليمي مع المغرب ومصر

وإلى جانب توسعها في السوق الأميركية، تمضي تركيا في تعزيز تعاونها الإقليمي في قطاع الغاز بوصفه ركيزة أساسية ضمن خطتها للتحول إلى مركز طاقة إقليمي.

وفي إطار زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال، توسع أنقرة قدراتها التشغيلية عبر إضافة وحدتين عائمتين جديدتين للتخزين وإعادة التغييز، ليصل عدد المرافئ التركية القادرة على استقبال الغاز المسال إلى 5 مرافق.

وبفضل هذه التوسعة، ترتفع القدرة الاستيعابية لتركيا إلى ما يتجاوز 50 مليار متر مكعب سنويا، بما يتيح لها فائضا تشغيليا يمكنها من تقديم خدمات طاقة لدول أخرى.

محفظة الطاقة التركية تشهد تنويعا مدروسا يقلص الاعتماد على موسكو تدريجيا ضمن خطط أمن الإمدادات (الفرنسية)

وانطلاقا من هذا الفائض، تخطط أنقرة لإرسال إحدى وحداتها العائمة إلى مصر خلال أشهر الصيف لمساندة القاهرة في تغطية العجز الموسمي للغاز خلال ذروة استهلاك الكهرباء.

كما تخوض تركيا مباحثات مع المغرب بهدف ترتيبات مشابهة تسمح للرباط باستئجار وحدة تركية لإعادة التغييز، بما يضمن تلبية احتياجاتها المتزايدة من الغاز.

وفي مستوى الربط القاري، تعمل أنقرة على توسيع خطوط الأنابيب نحو أوروبا، وقد أعلن الوزير بيرقدار استعداد تركيا لزيادة القدرة التمريرية للغاز نحو بلغاريا لتصل إلى 7–10 مليارات متر مكعب سنويا.

فرص ومخاطر

ويرى المحلل الاقتصادي شكري جوفان أن توسع تركيا في عقود الغاز الأميركي يحمل مزيجا من الفرص والمخاطر، إذ قد يزيد الضغط على ميزان المدفوعات في المدى القصير بسبب ارتفاع فاتورة الاستيراد وربط التسعير بالدولار، لكنه يتيح في المقابل بناء آلية تحوط من خلال الاستثمارات المباشرة في قطاع الإنتاج الأميركي.

ويضيف جوفان للجزيرة نت أن نجاح تركيا في لعب دور مركز إقليمي لإعادة التصدير قد يحول جزءا من وارداتها إلى إيرادات خدمات وعبور، بما يخفف تدريجيا من عبء العجز الجاري، كما أن تنويع شبكة الإمداد يحد من هشاشتها تجاه صدمات الطاقة المرتبطة بمورد واحد.

تحويل تركيا إلى نقطة تسعير إقليمية يتطلب سوقا محررة وإطارا تنظيميا مستقلا وشفافا (رويترز)

ومع ذلك، يحذر جوفان من أن الاعتماد المتزايد على عقود مسعرة بالدولار قد يرفع حساسية الاقتصاد لتقلبات سعر الصرف، مما يتطلب إدارة اقتصادية أكثر حذرا.

إعلان

وإذا نجحت أنقرة في ترسيخ نفسها مركزا تجاريا للغاز، فإنها ستنتقل من موقع المستهلك المعرض للصدمة إلى موقع الوسيط القادر على التفاوض وتعديل مزيج الإمدادات وفقا لتطورات السوق.

تحديات جوهرية

من جانبها، ترى الباحثة في شؤون الطاقة جيران بيلتكين أن تركيا تمتلك جزءا مهما من مقومات التحول إلى مركز إقليمي للغاز، غير أن الطريق نحو هذا الهدف لا يزال محفوفا بتحديات تقنية وتنظيمية وجيوسياسية.

وتلفت بيلتكين للجزيرة نت إلى أن تحويل مركز تراقيا (شمال غربي البلاد) إلى منصة تسعير إقليمية يتطلب معالجة ملفات أساسية، أبرزها:

غياب سوق غاز محررة بالكامل. سيطرة شركة بوتاش على سلاسل التوريد والتوزيع. الحاجة لإطار تنظيمي مستقل يضمن الشفافية ويوفر أدوات مالية متطورة للتداول.

وتشدد بيلتكين على أن التعقيدات الجيوسياسية المرتبطة باعتماد الإمدادات على دول ذات مصالح متباينة، إضافة إلى محدودية الثقة الأوروبية بأي مركز تسعير يمر عبر تركيا، تشكل عقبات حقيقية أمام المشروع.

مقالات مشابهة

  • هل يسرّع الغاز الأميركي وتيرة تحول تركيا لمركز إقليمي للطاقة؟
  • نتنياهو: مفاوضات الجنوب السوري مستمرة مع تمسّك إسرائيل بمصالحها الأمنية
  • أستاذ مساعد بالقصر العيني يكشف مفاجأه بخصوص توقف عضلة القلب المفاجيء للرياضين
  • القوة التي تبني ولا تهدم.. من وحي تقرير "عُمان 2040"
  • انسحاب قوات درع الوطن من محافظة المهرة وتسليم مواقعها لقوات المجلس الانتقالي.. عاجل
  • مصدر لـعربي21: القوات السعودية والسودانية غادرت القصر الرئاسي في عدن
  • عاهة مستديمة.. فنانة مصرية تواجه صلعاً جزئياً بسبب جلسة تجميل خاطئة
  • الناطقة باسم اليونيفيل: مهمتنا دعم أمن واستقرار الجنوب ونطالب بمحاسبة المعتدين
  • الجيش اللبناني: أوقفنا 6 مواطنين اعتدوا على قوات اليونيفيل جنوبي البلاد
  • قائد الجيش يطلع سفراء مجلس الأمن على خطّة الجنوب ومرحلة ما بعد اليونيفيل