بالرغم من سيل التهديدات التي ظل يطلقها ابن المنطقة وقائد التمرد بقطاع غرب كردفان، التاج التجاني، تجاه الولاية بين كل فينة وأخرى، إلا أن هجوم التمرد على مدينة الفولة، عاصمة الولاية، لم يتوقعه أكثر المتشائمين، وذلك لعدة أسباب نجملها في الآتي:
أولاً: مدينة الفولة التي يخلع المسيرية عليها لقب “الحميراء” تدليلاً وتلطفاً بها تمثل معقلاً و رمزية لقبيلتهم، وبالتالي المساس بها يحسبه السواد الأعظم منهم انتقاصاً لكرامتهم.
ثانياً: فقدان مدينة الفولة لأية ميزة استراتيجية يمكن أن تخدم خطط التمرد بالمنطقة وبخاصة بعدها جغرافياً عن مدينة النهود التي يمر بها طريق الصادرات القومي الحيوي الذي يربط دارفور بأم درمان ب 99 كلم، اللهم إلا إذا أرادوا بذلك الهجوم إحداث فرقعة إعلامية مؤقتة تصرف انتباه الرأي العام عن سلسلة الهزائم التي منيت بها قواتهم في كل المحاور مؤخراً.
ثالثاً: بالرغم من أن الولاية تعتبر ولاية نفطية إلا أن التمرد لايمكن أن يستفيد قطرة منه إلا في حالة واحدة ألا وهي حالة استيلائه علي السودان بأسره لكي يتسني له تصديره عبر ميناء بورتسودان، وهذا يعد ضرباً من ضروب المستحيل.. وفوق كل هذا وذاك فان العمليات الإنتاجية في حقول النفط بالولاية قد توقفت أصلاً منذ أمد طويل، بسبب عمليات التخريب التي طالتها من قبل التمرد وأذنابه بالمنطقة.
هذا جانب.. أما الجانب الآخر .. فإني لا أرجم الغيب إذا ما قلت بأن استيلاء التمرد علي مدينة الفولة لن يستمر طويلاً كما هو حادث في بعض الولايات التي وقعت في أيدي التمرد كمدينتي مدني والضعين.. وذلك نظراً لطبيعة التركيبة القبلية المعقدة داخل خشم بيوت وعشائر وافخاذ قبيلة المسيرية التي تتعاطى وتتفاعل دائماً بالأحداث في شكل جماعات وليس كافراد، ولذا فان رد فعلهم دائماً ما يأتي جماعياً..فضلاً عن أن الوفد المساند للجيش والذي زار مدينة الثغر (بورتسودان) مؤخراً، والذي يمثل أعضاؤه قادة رأي وأصحاب نفوذ ومفاتيح مجتمعية داخل بدناتهم وبطونهم، حتماً سيكون لهم قصب السبق في تعبئة قواعدهم للانحياز بجانب الجيش وتحت إمرة القوات المسلحة، والانخراط في معركة تخليص مدينة الفولة من براثن تمرد الدعم السريع .. وذلك لما عرفوا به من جسارة وشدة شكيمة في ساحات الوغى ..فضلاً عن قوة احتياط قبيلة الحمر الموجودة الآن بمدينة النهود التي باتت تترقب تطور الموقف عن كثب ..إذ تعتبر من أقوى المقاومات الشعبية التي برزت مؤخراً في المشهد منذ اندلاع معركة الكرامة.. علاوة علي وجود عدد لايستهان به من الحاميات والوحدات العسكرية التي مازالت تنتشر وتطوق مدينة الفولة من كل النواحي.
نعم سقطت مدينة الفولة بأيدي أبنائها..وذلك لأن كل كبار قادة التمرد الذين حشدوا قوات الدعم السريع والمرتزقة من كل حدب وصوب وقادوا هذه المؤامرة لغزو مدينة الفولة هم من فلذات أكبادها الذين ترعرعوا بين أحضان بنادرها وأكناف بواديها ويأتي في مقدمتهم التاج التجاني وحسين برشم وماكن الصادق ..إذ تآمروا بليل علي حاضرة ولايتهم بمهاجمتهم لحاميتها العسكرية المتواضعة فجراً ليهدموا علي رؤوس أهلها المعبد وبمن فيه من حرائر وأطفال وكبار السن .. فضلاً عن نازحي مدينة بابنوسة الذين احتموا بالفولة هرباً من نيران الحرب المستعرة في صحون وانحاء مدينتهم فأضحى حالهم كحال المستجير من الرمضاء بالنار..
أجل! غدروا بحاميتها فجراً والتي استبسل جنودها وضباطها أيما استبسال ذودا عنها ودفاعا عن “الحميراء” ..إلا أن كثرة عددهم، أي التمرد، وكبر حجم مرتزقتهم طغى على المدافعين فاستشهد منهم من استشهد وهو مصوب بندقيته صوب صدر العدو ونجا منهم من نجا..
أجل! احتلوا المدينة بعد مرور بضع ساعات من الهجوم عليها فاستباحوا حرمتها وانهالوا تنكيلاً وتقتيلاً للمعارضين وشباب المستنفرين والأسرى وما أدل علي ذلك مشهد صور الجثث وهي ملقاة على الأرض مضرجة بدمائها و التي بثوها من خلال فيديو عقب احتلالهم للمدينة..
لقد أرادوا أن يتوعدوا وفد كبراء وحكماء قبيلة المسيرية الذي زار بورتسودان، بالثبور وعظائم الأمور .. علاوة على أنهم أكدوا من خلال ذلك القول بأن الموت الزؤام هو مصير كل أسير يقع في أيديهم..
لقد أثبت هؤلاء أن تمرد الدعم السريع لايراعي تشريعاً سماوياً ولا قانوناً وضعياً لحماية حقوق أسرى الحرب..
أجل! شلعلوا مدينتهم وخربوها بأيديهم..لذا سيسجل التاريخ أسماءهم في أحط وأسوأ صفحاته لتلاحقهم لعنات الأجيال القادمة في مطلع كل فجر ومغرب كل شمس إلى أن تقوم الساعة.
عوض أبكر إسماعيل
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: مدینة الفولة
إقرأ أيضاً:
صوفان: تم تحقيق إنجازات وإجراءات تساهم في حقن الدماء، وذلك بعيداً عن الإعلام، ونمتنع أحياناً عن الحديث عنها لأن ذلك يمنع استمرارها
2025-06-10najwaسابق صوفان: بالنسبة لموضوع فادي صقر تم إعطاؤه الأمان من قبل القيادة بدلاً من توقيفه بناء على تقدير المشهد، على أن يكون ذلك سبباً في حقن الدماء سواء لدى جنود الدولة أو للمناطق الساخنة والحواضن المجتمعية انظر ايضاًصوفان: بالنسبة لموضوع فادي صقر تم إعطاؤه الأمان من قبل القيادة بدلاً من توقيفه بناء على تقدير المشهد، على أن يكون ذلك سبباً في حقن الدماء سواء لدى جنود الدولة أو للمناطق الساخنة والحواضن المجتمعية
آخر الأخبار 2025-06-10مؤتمر صحفي لعضو اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي في وزارة الإعلام بدمشق 2025-06-10سلام: لبنان يعمل والمجتمع الدولي لضمان عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم 2025-06-10أجواء حارة بشكل عام وسديمية في المناطق الشرقية والبادية 2025-06-09كلية طب الأسنان في جامعة دمشق تحصل على الاعتماد الأوروبي ضمن برنامج Leader الذي تقدمه الجمعية الأوروبية لطب الأسنان 2025-06-09“الوفاء والصمود” فعالية جماهيرية بحمص في ذكرى رحيل الشهيد الساروت وحصار حمص 2025-06-09وزير التربية والتعليم لـ سانا: التعليم ركيزة أساسية للتنمية وبناء سوريا الجديدة 2025-06-09وفاة طفلة غرقاً في بحيرة بريف عفرين شمال غرب حلب 2025-06-09ذبح 894 أضحية في مسلخ دمشق الفني خلال أيام عيد الأضحى 2025-06-09بمناسبة حلول عيد الأضحى.. الرئيس الشرع يستقبل وزير الداخلية وعدداً من مسؤولي الوزارة 2025-06-09منتخب سوريا لكرة القدم للرجال يواجه نظيره الأفغاني غداً في تصفيات كأس آسيا
صور من سورية منوعات تقرير علمي: ذوبان الأنهار الجليدية يغير وجه العالم ويهدّد حياة الملايين 2025-06-08 حلويات العيد: صناعة عريقة وطقوس ينتظرها السوريون من عيد لآخر 2025-06-03فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |