قالت دار الإفتاء المصرية، إن الشرع الشرف نهانا عن الظن السيئ بالناس؛ وهو: حمل تصرفاتهم على الوجه السيئ بلا قرينة أو بينة؛ إذ الأصل فيهم البراءة والسلامة؛ قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم﴾ [الحجرات: 12].

الإفتاء توضح مفهوم الحسد وبيان خطورته دار الإفتاء توضح بعض مظاهر حماية ورعاية الإسلام للبيئة

قال الإمام ابن كثير في "تفسيره": [﴿يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم﴾ [الحجرات: 12]، يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن، وهو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله؛ لأن بعض ذلك يكون إثما محضا، فليجتنب كثير منه احتياطا].

وتابعت الإفتاء: ويوضح الإمام الطاهر بن عاشور جهة وجوب تمحيص الظنون، ويبين المراد بالظن في الآية، ومعنى كونه إثما، فيقول في تفسيره "التحرير والتنوير": [ولما جاء الأمر في هذه الآية باجتناب كثير من الظن علمنا أن الظنون الآثمة غير قليلة، فوجب التمحيص والفحص لتمييز الظن الباطل من الظن الصادق.
والمراد ب"الظن" هنا: الظن المتعلق بأحوال الناس، وحذف المتعلق لتذهب نفس السامع إلى كل ظن ممكن هو إثم، وجملة ﴿إن بعض الظن إثم﴾ استئناف بياني؛ لأن قوله: ﴿اجتنبوا كثيرا من الظن﴾ يستوقف السامع ليتطلب البيان، فاعلموا أن بعض الظن جرم، وهذا كناية عن وجوب التأمل في آثار الظنون، ليعرضوا ما تفضي إليه الظنون على ما يعلمونه من أحكام الشريعة، أو ليسألوا أهل العلم، على أن هذا البيان الاستئنافي يقتصر على التخويف من الوقوع في الإثم، وليس هذا البيان توضيحا لأنواع الكثير من الظن المأمور باجتنابه؛ لأنها أنواع كثيرة، فنبه على عاقبتها. وترك التفصيل؛ لأن في إبهامه بعثا على مزيد الاحتياط.

ومعنى كونه إثما أنه: إما أن ينشأ على ذلك الظن عمل أو مجرد اعتقاد؛ فإن كان قد ينشأ عليه عمل من قول أو فعل؛ كالاغتياب والتجسس وغير ذلك فليقدر الظان أن ظنه كاذب، ثم لينظر بعد في عمله الذي بناه عليه فيجده قد عامل به من لا يستحق تلك المعاملة؛ من اتهامه بالباطل، فيأثم مما طوى عليه قلبه لأخيه المسلم].

إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث

وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا» متفق عليه.
وفي هذا الحديث تحذير من سوء الظن بالمسلمين من غير علم ولا تيقن.
جاء في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر: [قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إياكم والظن»، قال الخطابي وغيره: ليس المراد ترك العمل بالظن الذي تناط به الأحكام غالبا، بل المراد ترك تحقيق الظن الذي يضر بالمظنون به، وكذا ما يقع في القلب بغير دليل؛ وذلك أن أوائل الظنون إنما هي خواطر لا يمكن دفعها، وما لا يقدر عليه لا يكلف به؛ ويؤيده حديث: «تجاوز الله للأمة عما حدثت به أنفسها».
وقال القرطبي: المراد بالظن هنا: التهمة التي لا سبب لها؛ كمن يتهم رجلا بالفاحشة من غير أن يظهر عليه ما يقتضيها، ولذلك عطف عليه قوله: «ولا تجسسوا»؛ وذلك أن الشخص يقع له خاطر التهمة فيريد أن يتحقق فيتجسس ويبحث ويستمع، فنهى عن ذلك، وهذا الحديث يوافق قوله تعالى: ﴿اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا﴾، فدل سياق الآية على الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة؛ لتقدم النهي عن الخوض فيه بالظن؛ فإن قال الظان: أبحث لأتحقق. قيل له: ﴿ولا تجسسوا﴾، فإن قال: تحققت من غير تجسس. قيل له: ﴿ولا يغتب بعضكم بعضا﴾].

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الظن الظن السيئ الإفتاء اتقوا الله کثیر من

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الصبر خُلقٌ رفيع لا ينبع إلا من قلب رحيم.. ويمحو الذنوب ويهدي القلوب

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، انه مع قيمة الصبر وهى قيمةٍ لا تتأتى إلا من قلبٍ رحيم ، والصبر قيمة عالية أمرنا الله بها ورسوله قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} وقال تعالى: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} وقال تعالى: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} أمرٌ بالصبر، ومدحٌ للصبر.

واستشهد جمعة، بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن صهيب رضي الله تعالى عنه قال :  قال رسول ﷺ: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن» كيف هذا؟ «إن أصابته سراء» -شيء يسر الخاطر- « شكر » -شكر ربه، وحمد ربه- « فكان خيرًا له ،وإن أصابته ضراء » -يعني نزلت به مصيبة أو كارثة- « صبر فكان خيرًا له» أخرجه مسلم.

دعاء للميت في جمادى الآخرة.. يجعل قبره روضة من رياض الجنةدعاء أول يوم فى شهر جمادى الآخرة.. كلمات تفتح لك الأبواب المغلقة

وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم أعظم أجرًا من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم» دين دعوة، دين خُلطة، دين اجتماعي، أنت مؤمن وتريد أن تعزل نفسك عن نفسك، وأن تكفي خيرك شرك هذا شئ جيد ، ولكن أحسن منك هو من يصبر على الناس، ويخدم الناس، والناس لا تُقدِّر له هذا، لكنه يستمر في العطاء وهكذا؛ فالصبر مهم.

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها، وعن أبيها المبارك أنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «ما من مصيبةٍ يصاب بها المسلم إلا كفر بها ربنا عنه حتى الشوكة يُشاكها» يعني وأنت في الطريق فدخلت في قدمك شوكة ؛هذه الشوكة إذا صبرت عليها، وعلى ألمها تاخد أجر.
والنبي ﷺ نهانا أن نسأل الصبر إلا إذا نزلت المصيبة؛ فقد سمع أحدهم وهو يدعو "اللهم أنزل عليَّ الصبر"؛ فقال: «سألت الله البلاء» إذا نزل البلاء فاسأله الصبر، وإذا لم ينزل البلاء فاسأله أن يصرف عنا السوء بما شاء، وكيف شاء.

وللصبر فوائده عظيمة فيه ضبطٌ للنفس عن مساوئ الأخلاق، والرعونة، والطيش، وفيه تسليم ورضا لله سبحانه وتعالى؛ ولذلك فهو يهدي القلب ولا يكون إلا من قلبٍ رحيم.

طباعة شارك الصبر الصبر قيمة عالية أمرنا الله بها ورسوله واستعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين كيف نصبر على الابتلاء

مقالات مشابهة

  • أريحوا قلوبكم بإحسان الظن بربكم
  • علي جمعة: البلاء امتحان إلهي يكشف حكمة الله.. والصبر باب السكينة ونور اليقين
  • علي جمعة يكشف عن أول خطوة فى الطريق إلى الله .. تعرّف عليها
  • مفتاح الفرج والبركة.. أوصانا النبي به وشدد على عدم تركه
  • علي جمعة: الصبر خُلقٌ رفيع لا ينبع إلا من قلب رحيم.. ويمحو الذنوب ويهدي القلوب
  • كلمة واحدة تزيد نعم الله عليك.. أكثر من ترديدها
  • هل شد الوجه لإزالة التجاعيد فيه تغيير لخلق الله؟..الإفتاء توضح
  • عطية لاشين يوضح معنى قوله تعالى “وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو”
  • تأملات قرآنية
  • ما حكم التسمية باسم رحيم وكريم؟.. الإفتاء توضح