سواليف:
2025-05-28@23:56:25 GMT

نقطة نظام

تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT

#نقطة_نظام د. #هاشم_غرايبه

مثلما أن هنالك استنساخيين في الفكر الديني، كذلك يوجد في الفكر المضاد، وهؤلاء أكثر تطرفا وأشد وطأة، فهم يرون ضرورة استنساخ التجربة الأوروبية التي أخرجتها من عصور الإنحطاط الى النهضة، تتجمد عقولهم عن ابتداع تجربة موازية، فيصرون على النسخ الحرفي من غير اعتبار للفوارق الموضوعية والظرفية والتطبيقية بيننا وبينهم.


أبسط الفوارق هي التباين الهائل في الظروف، ففي العصور الوسطى كانوا في غياهب الظلمة والإنحطاط، في المقابل كنا في ذروة التنور والتقدم الحضاري، كان العلماء عندهم يُحرقون أو يسجنون بتهمة التجديف، في الوقت الذي كانوا يكافؤن في الدولة الإسلامية بوزن كتبهم ذهبا.
كان اللاهوت تحتكره الكنيسة، من يخالفه يصدر بحقه صك حرمان، لكن الحضارة الإسلامية كانت منفتحة على علوم الآخرين وفلسفاتهم، وكان العالِم في الكيمياء أو الفيزياء أديبا أو شاعرا، وفقيها أيضا، وقد يكون له آراء مغايرة لأئمة المذاهب.
في القرن السابع عشر بدأت عندهم النهضة في الصعود، وعندنا في النزول، ولم يكن للتدين دور في الحالتين كعامل أساسي، لكن كان للكنيسة دور في معاكسة حركة الصعود وتأخيرها، بسبب من أنها مؤسسة مستقلة منتفعة من تحالفها مع طبقتي الإقطاعيين والعائلات المالكة على احتكار السلطة والإقتصاد.
كان الطريق الوحيد للتخلص منها شعار فصل الدين عن الدولة، فقضت العَلمانية على تسلط الكنيسة، لكنهم لم تحررهم من سيطرة الإقطاع، لأنه تحول الى الرأسمالية، فتغير جلد تلك الطبقة ولم يتغير جوهرها البرجوازي.
بالطبع لم يكن للتمسك بالدين أو تركه أي دور في النهضة الأوروبية، فسبب التقدم الأوروبي هو الثورة الصناعية والإستكشافات، والتي تكن دوافعها جغرافية علمية كما يدّعون، بل استعمار الشعوب الفقيرة والمتخلفة، وبالتالي التحكم في طرق المواصلات التجارية، والاستيلاء على الموارد الإقتصادية للأمم المستضعفة، وابقاء شعوبها مستهلكين للانتاج الامبريالي.
فعندما تحورت الإقطاعية الى الشكل الرأسمالي، نشأت الحاجة الى المكننة لتخفيض كلف الأيدي العاملة وزيادة الإنتاج، فبدأت الإختراعات تتوالى لتحقق للصناعيين توسعا في الإنتاج، مما استلزم مواد أولية أرخص وتطوير النقل من أجل شحن البضائع، وإيجاد زبائن مستهلكين أكثر، لذلك بدأت الإستكشافات، وعندها تطورت الرأسمالية الى الإمبريالية والتي من متطلباتها القوة، فتطورت الصناعات الحربية لتحقيق التفوق على الشعوب الجنوبية.
نحن وضعنا مختلف فحتى لو ألغينا الدين وليس حيدناه فقط، سنبقى بلدانا متخلفة، لأن البلدان المتقدمة لا تسمح لنا بالخروج من دائرة التبعية، لذا ليس لنا الا كسر هذا الحصار عنوة وليس بالاستجداء، ولما كان ذلك يحتاج الى الإرادة الصلبة أولا ثم بناء الوسيلة لذلك، لهذا ليس لنا الا الاعتماد على مقومات قوتنا الذاتية.
ومهما بحثنا في رصيدنا عن عناصر قوة وتفوق حضاري، فلن نجد إلا الاسلام، لذلك من يدعونا الى التخلي عنه أو تحييد دوره هو واحد من اثنين: إما جاهل بأهم وسائل وعناصر تحرر الشعوب وهي الإنطلاق من العقيدة الصلبة الجامعة وليس الإعتماد على زعامات فردية، وإما هو عميل للقوى المتحكمة فيسعى الى افراغ الأمة من أهم مقوماتها الحضارية وإلحاقها بالغرب تحت وهم سراب تقليده.
فصل الدين عن الدولة بمعناه الإيجابي مطبق في الإسلام فليس هنالك سلطة تسمى رجال الدين، وليست هنالك مؤسسة دينية تستقبل طلبات الإلتحاق وتقرر قبول الناس في الإسلام، فتمنحهم الغفران أو الحرمان، والسلطة الحاكمة ليس من شروطها نيل درجات كهنوتية أو الوصول الى قمة التسلسل البطريركي، وأعلى منصب ديني في الدولة هو القاضي، وهو يفصل في النزاعات وليس في السياسات.
هكذا نرى أن الدين الإسلامي ليس هو العائق أمام التقدم، بل على العكس، هو أكبر عامل مساعد له، فهو يحقق البنية الفكرية السليمة للنهضة، فالعدالة الإجتماعية والتكافل والترابط المجتمعي والمساواة والتآخي بين أفراد المجتمع بلا تفريق في العرق واللون، تضع قاعدة صلبة يرتفع عليها البنيان المجتمعي.
قد يقول قائل: هنالك كثير من الأمم نهضت بغير اسلام ولا تدين، والإجابة هي أنه بتشخيص دقيق للحالة الخاصة الآنية لأمتنا، نجد أن الوحدة هي الوصفة الأنجح للتحرر من التبعية، ومن ثم النهضة، ولا شيء يحققها أفضل من الإسلام، فهو الرابط الأوثق، والجامع الوحيد الذي تلتقي عليه كل مكونات الأمة، لذلك وجدنا القوى الاستعمارية تبذل جهدها في أبعاده وإلغاء دوره السياسي.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: نقطة نظام

إقرأ أيضاً:

سد النهضة يُشعل فتيل التوتر.. مصر تحذر من تصعيد إقليمي جديد

كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن أن الموقف من أزمة سد النهضة الإثيوبي قد يقود إلى توتر جديد في المنطقة، وذلك في ظل تصاعد الخلاف بين مصر وإثيوبيا وعدم التوصل إلى اتفاق.
وأكد وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اليوم الثاني من منتدى قادة السياسات الذي تعقده غرفة التجارة الأمريكية في القاهرة، أن مصر تعمل على استمرار الاستقرار، مشيرا إلى العديد من نقاط التوتر في المنطقة من بينها ما يحدث في السودان والأوضاع في قطاع غزة.
وأوقفت مصر المحادثات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة قبل أكثر من عام تقريبا، بسبب تعنت أديس أبابا في المفاوضات، ومحاولاتها كسب الوقت لاستكمال أعمال السد.
ويُعدّ سد النهضة الإثيوبي أحد أكثر القضايا إثارة للجدل في منطقة القرن الإفريقي، حيث يمثل مصدر توتر مستمر بين مصر وإثيوبيا والسودان منذ بدء إثيوبيا بناء السد على النيل الأزرق عام 2011.
ويهدف السد الإثيوبي الذي يُعتبر أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في إفريقيا، إلى توليد أكثر من 5,000 ميغاواط من الكهرباء، مما سيضاعف إنتاج إثيوبيا من الطاقة ويوفر الكهرباء لنحو 60% من سكانها الذين يعانون من نقص الطاقة، ومع ذلك يثير السد مخاوف مصر والسودان، اللتين تعتمدان بشكل كبير على مياه النيل، حيث يوفر النيل الأزرق حوالي 85% من إجمالي تدفق النيل.
وتعتبر مصر التي تعتمد على النيل بنسبة تزيد عن 98% لتلبية احتياجاتها المائية السد تهديدا وجوديا لأمنها المائي، وتخشى القاهرة أن يؤدي ملء السد وتشغيله دون اتفاق ملزم إلى تقليص حصتها من المياه، مما قد يؤثر على الزراعة وإمدادات المياه الصالحة للشرب والاقتصاد بشكل عام.
وفي سبتمبر 2023، أعلنت إثيوبيا اكتمال المرحلة الرابعة والأخيرة من ملء خزان السد، مما أثار احتجاجات مصرية حادة، واصفة الخطوة بـ”غير القانونية”، كما أعربت مصر عن قلقها من أن إثيوبيا قد تستخدم السد لأغراض سياسية، مثل التحكم في تدفق المياه كأداة ضغط.
وترى إثيوبيا أن السد مشروع تنموي حيوي للقضاء على الفقر وتوفير الكهرباء لسكانها البالغ عددهم أكثر من 123 مليون نسمة، حيث يفتقر نصفهم تقريبًا إلى الكهرباء، وأكدت الحكومة الإثيوبية أن السد لن يتسبب في ضرر كبير للدول المشاطئة للنهر، وأنها ملتزمة بمبادئ الاستخدام العادل لمياه النيل وفقًا لإعلان المبادئ لعام 2015، ومع ذلك رفضت إثيوبيا التوقيع على اتفاقيات ملزمة قانونًا تحدد كيفية إدارة السد خلال فترات الجفاف.
وتوقفت المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان في أواخر 2023 بسبب ما وصفته مصر بـ”تعنت إثيوبيا” ورفضها قبول حلول وسط تضمن مصالح الدول الثلاث.

RT والشروق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • سيدات الاتفاق يحصدن لقب دوري كرة اليد
  • غسان سلامة: هنالك انعدام للثقة بين قادة الدول الكبرى
  • سد النهضة يُشعل فتيل التوتر.. مصر تحذر من تصعيد إقليمي جديد
  • هل تسبب سد النهضة في بطء دوران الأرض؟.. خبير يوضح
  • توتر إقليمي.. تحذير مصري جديد حول سد النهضة الإثيوبي
  • إجابات أسئلة هامة حول حركة النهضة في تونس
  • د.حماد عبدالله يكتب: قانون هام فى (غياهب النسيان!!)
  • برلمانية: تعميق التصنيع المحلي خيار استراتيجي وليس رفاهية
  • وزير التموين: توريد أكثر من 3.5 مليون طن قمح حتى الآن.. تجهيز 420 نقطة تجميع في المحافظات
  • تاج الدين: الجينوم الرياضي نقطة تحول في مستقبل الطب والرياضة برعاية الرئيس السيسي