أحمد الضبع يكتب: الحكومة تفتح صفحة جديدة مع المواطن
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
«إن لم تحصل وسائل الإعلام منك على المعلومة ستحصل عليها من غيرك»، تلك كانت أول عبارة ألقاها على أسماعنا أستاذ العلاقات العامة في الجامعة، باعتبار أن الدارسين سيكونون مصدرًا للأخبار من خلال العمل كمسؤولين اتصال ومتحدثين باسم الشركات الكبرى أو الجهات الحكومية، وتقع على عاتقهم مسؤولية توضيح الصورة بشفافية للجمهور في الأزمات دون تضخيم أو استهانة، مع شرح الأسباب وتقديم الحلول بموضوعية.
عندما تتيح المؤسسات والحكومات المعلومات للمواطنين حول أزمة ما وتصارحهم بأبعادها، تقطع بذلك الطريق على تدفق المعلومات غير الرسمية التي لا تعدو في الكثير من الأحيان كونها مجرد تكهنات منقوصة، تتحول إلى كرة من الثلج تتضخم كلما انتشرت وتؤدي إلى اتساع الهوة بين الجمهور والقائم بالاتصال، ويصبح المناخ مهيئًا لانتشار الشائعات والأخبار المغرضة التي تخدم مصالح المنافسين وتحقق أهداف الأعداء والمتربصين.
قبل ثورة 30 يونيو، كان المسؤول عن إدارة مؤسسة أو وزارة تتعامل مع الجمهور ينظر إلى الأزمات كأنها زوبعة في فنجان، ويتعامل معها بمبدأ «أميتوا الباطل بالسكوت عنه»، مع اتخاذ بعض الإجراءات التي تسكن الألم إلى حين، بينما يبقى المرض ينهش في نسيج المجتمع دون أن يعترف أحد بوجوده في الأساس، مثل أزمة الإسكان والاختناق المروري وتهميش الصعيد وازدياد البطالة وانتشار الأمراض المزمنة، والأخيرة بالتحديد كنت شاهدًا على حكايتها.
في أوائل القرن العشرين، انتشرت البلهارسيا في مصر، وخاصة في المناطق الريفية التي اعتاد سكانها على السباحة في الترع والمصارف التي تنقل العدوى، وحصد المرض الكثير من الأرواح، حكى لي جدي أن الرجال في قريتنا كانوا يذهبون إلى الوحدات الصحية لتلقي اللقاح المضاد للمرض الخطير، ويأخذون الجرعة بنفس الإبرة التي تُستخدم في أجساد معظم أهالي القرية، لكن النساء يبقين في المنازل لأن نسبة الإصابة بينهن تكاد لا تذكر، نتيجة عدم تعرضهن للمياه الملوثة بطبيعة البيئة المحيطة التي ترى من العيب نزول المرأة إلى الترعة.
وبعد سنوات قليلة، اختفت البلهارسيا من القرى، لكن نسبة الوفيات ارتفعت بشكل هائل بين الرجال بالتحديد، لا سيما الذين تلقوا لقاح البلهارسيا، كانوا يتساقطون في عز شبابهم دون أن يعرف ذووهم سبًبا منطقيًا لتدهور صحتهم فجأة ثمّ رحيلهم، مرّت الأيام وعرف الناس أن تكرار استخدام الحقن من شخص إلى آخر أدى إلى انتقال فيروس الكبد الوبائي وانتشاره بينهم، وتحول المرض إلى أزمة حقيقية تهدد صحة المصريين، بينما فضلت الحكومات- آنذاك- عدم مصارحة الشعب بمصيره المحتوم، وتجاهلت الأمر حتى لا ترهق نفسها في البحث عن حلول.
ونتيجة لغياب المعلومات الرسمية، انتشرت الأساطير في الصعيد حول أسباب زيادة الوفيات بين الرجال، ونسج الحكاؤون حكايات خيالية عن الجن وغيرته من البشر التي تدفعه إلى لعنتهم بمرض مجهول يقضي عليهم في فترة وجيزة، وكانت السيدات تخبئن مواليدهن بعيدًا عن أعين الغرباء خوفًا عليهم من الحسد، وهن لا يعلمن أن الموت يأتي من نافذة أخرى غير التي أغلقنها بإحكام، وحتى مع تطور الطب واكتشاف المرض، لم يلقَ اهتمامًا من صناع القرار، وكان الأثرياء فقط يستطيعون العلاج في الخارج لارتفاع التكلفة.
إلى أن جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وأدرك حجم الأزمة وقرر كعادته مواجهة الشعب بالخطر المنتشر بينهم، وكحل جذري أطلق في 2018 حملة «100 مليون صحة» لفحص ملايين المواطنين بالمجان للكشف عن مرضى التهاب الكبد (سي)، وطافت الفرق الطبية القرى والنجوع والحارات الشعبية ووصلت إلى كل مكان في ربوع المحروسة، وصرفت العلاج للمرضى دون مقابل، وخلال سنوات معدودة أصبحت مصر خالية من المرض الذي كان ثالث سبب رئيسي للوفاة.
أسلوب تعامل القيادة السياسية بعد 30 يونيو 2013 مع الأزمات أصبح نموذجًا للمصارحة الموضوعية بحجم التحديات وأسبابها والحلول اللازمة لمواجهتها وموعد انتهائها، احترامًا لحق المواطن في المعرفة، وهو ما ظهر جليًا في خطاب الرئيس السيسي في ذكرى 30 يونيو، عندما صارح الشعب المصري بالتحديات التي واجهتها البلاد، وكفاح الشعب المصري في تحمل الظروف الصعبة لتقف مصر على أرض صلبة، وتمضي على طريق التنمية والنهضة.
ضربت الحكومة الجديدة مثالًا في الشفافية واحترام المواطن، وذلك في البيان الذي ألقاه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أمام مجلس النواب، لطرح برنامج عمل حكومته للسنوات الثلاث المقبلة تحت عنوان «معًا نبني مستقبلًا مستدامًا»، وفيه، صارح المصريين بحجم التحديات الراهنة وطريقة التعامل معها، وحدد سقفًا زمنيًا لانتهاء أزمة الكهرباء بلاء رجعة، ووعد بضبط الملف الاقتصادي والحد من ارتفاع الأسعار والتضخم، والسيطرة على الأسواق، واستكمال مسيرة التنمية، والعمل على توفير متطلبات المواطن.
فتحت الحكومة صفحة جديدة مع المصريين، يكون فيها المواطن هو البطل الذي يعمل جميع المسؤولين في الدولة على راحته، وتحقيق أحلامه وطموحاته، وتحويلها إلى واقع ملموس يغير حياته إلى الأفضل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: 30 يونيو الحكومة
إقرأ أيضاً:
آيت نوري: “هناك روح جديدة في المنتخب وهدفنا إسعاد الشعب”
أكد مدافع “الخضر” ريان آيت نوري، أن المنتخب الوطني، يعيش فترة انتقالية بقدوم لاعبين جدد وآخرين شبان، غير أنه أبدى تفاؤله بقدرة الجيل الحالي، على التألق وتحقيق نتائج قوية.
وتحدث آيت نوري، فور وصوله أمس الأحد، إلى “ستوكهولم” تحسبا للاندماج رفقة زملاءه قبل ودية يوم غدٍ أمام السويد، بعدما غادر تربص سيدي موسى. لتوقيع عقده مع ناديه الجديد مانشستر سيتي، عن طموحات “الخضر” المستقبلية.
وقال الدولي الجزائري في رده حول المشاركة في كأس أمم إفريقيا، وأيضا مونديال 2026. الذي بات “الخضر” قاب قوسين أو أدنى من بلوغه: “لنكون صرحاء، كلتا المنافستين مهمتين”.
قبل أن يضيف: “سنحضر أولا لـ”الكان” التي تأتي أولا، أما كأس العالم هناك تصفيات. ونحن في وضعية جيدة، ولكن تنتظرنا لقاءات معقدة، سنحضر للمنافستين بشكل جيد. ولا يوجد واحدة سهلة وكلاهما مهمتين”.
وواصل آيت نوري: “كان هناك فشل في آخر نسختين من كأس أمم إفريقيا. لكن لا يجب أن ننسى أن المنتخب تألق لفترة طويلة.. هناك روح جديدة، ولاعبين جدد وشبان التحقوا بنا”.
وختم اللاعب المنضم حديثا لـ” المان سيتي”: “سنبذل قصارى جهدنا للعودة إلى مكانتنا الحقيقية وإسعاد الشعب الجزائري الذي يتبعنا أينما ذهبنا.”