رئيس جديد في إيران لا إيران جديدة
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
آخر تحديث: 10 يوليوز 2024 - 9:14 صبقلم:فاروق يوسف منذ أن ألغي منصب رئيس الوزراء في إيران عام 1989 وجد رئيس الجمهورية وظيفة له تتمثل بإدارة الحكومة، ولكن ذلك لا يعني أن الرئيس يملك صلاحيات كبيرة، تؤهله لرسم سياسة الدولة وإدارة ملفات عديدة وفي مقدمتها ملف الأمن. فإدارة الشؤون اليومية للحكومة شيء وإدارة الدولة شيء آخر.
وليس هناك من تضارب بين الأمرين في ظل الهيمنة المطلقة للمرشد الأعلى على السلطة.كل الخيوط السياسية بيد خامنئي أما الرئيس بمنصبه رفيع المستوى فما هو إلا موظف يتحرك في دائرة وظيفته من غير الحاجة إلى اتخاذ قرارات مؤثرة على المستوى السياسي. منصب الرئاسة في إيران مريح إلى درجة ينسى المرء فيها اسم الرئيس وتوجهاته الفكرية ووعوده الانتخابية. لذلك علينا أن لا نربط بين التيار الإصلاحي الذي مثله الرئيس الجديد وفعل الإصلاح بمفهوم التغيير والتحديث. قبل مسعود بيزشكيان كان هناك الهاشمي رفسنجاني ومحممد خاتمي وحسن روحاني وكلهم معتدلون أو إصلاحيون. بيزشكيان لا يشبههم في شيء واحد فقط هو أنه لا يرتدي عمامة رجل الدين مثلهم. غير أن تلك ميزة لا تأثير لها. محمود أحمدي نجاد الرئيس الأسبق لم يكن يرتدي العمامة وقد كان من أكثر المحافظين تشددا، وسبق له أن ساهم في احتلال السفارة الأميركية حين انتصرت ثورة الخميني. هناك نقطة ينبغي أن نضعها في الحسبان هي أن أي إيراني لا يُقبل ترشحه لمنصب الرئاسة أو عضوية البرلمان ما لم يتم فحص أوراقه من قبل مجلس صيانة الدستور. وهو هيئة رقابية هي أشبه بجهاز فحص الكذب. حين يتأكد ذلك المجلس من تمتع المرشح بالولاء المطلق لا للوطن ولا للشعب، بل لخط الإمام الخميني أولا وثانيا للولي الفقيه والمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية وللحرس الثوري بالتبعية فإنه يبارك ترشحه من غير أي اعتراض. وليس جديدا القول إنه ما من رئيس إيراني قد وقع في خلاف مع المرشد الأعلى ولو في أمر صغير. كان أبوالحسن بني صدر الذي صار عام 1980 أول رئيس للجمهورية الإسلامية استثناء لن يتكرر. ذلك لأن بني صدر عارض الخميني في مسألة استمرار الحرب مع العراق. نجا بني صدر بنفسه بأعجوبة بعد أن شعر بأن حبل المشنقة بات قريبا من رقبته حين صار الخميني يحرض عليه علنا ويتهمه بالخيانة. بني صدر الذي لم يعش زمن صراع المحافظين والإصلاحيين على الحكم هو النموذج الذي سيحرص مجلس صيانة الدستور على أن لا يتكرر. ما من شيء مسكوت عنه في إيران وبالأخص في ما يتعلق بشخصية الولي الفقيه والمرشد الأعلى للجمهورية وصلاحياته التي تقترب به من شخصية وصلاحيات الإمام الغائب وهو الذي سينشر العدل على الأرض بظهوره حسب المعتقد الشيعي الاثني عشري. وبذلك لا يكون خامنئي وهو وريث الخميني مؤسس ذلك المعتقد حاكما دنيويا يمكن الاعتراض على قراراته، بل هو أشبه برب المعبد الذي يؤدي الاختلاف معه إلى هدم المعبد. النظام الجمهوري في إيران هو ليس سوى واجهة زجاجية لدولة دينية يقودها وكيل إمام غائب يدعو المؤمنون به بالتعجيل في فرجه. في خضم فوضى تلك الخرافات التي أسرت الناس البسطاء الذين تم تعميم الجهل عليهم من خلال المرويات الدينية ما الذي يمكن توقعه من إصلاح؟ بيزشكيان مثله في ذلك مثل الإصلاحيين الذين سبقوه لا ينفي عن نفسه جنون الإيمان بالمذهب. وهو الجنون الذي يصله بخط الإمام الخميني الذي يقوم على مبدأ الحرب التي لا تنتهي. وهو المبدأ الذي كاد بني صدر يخسر حياته بسبب اعتراضه عليه.ولكن وبما أن المرشد الأعلى هو سيد القرار السياسي يمكنني أن أتوقع أن رئيسا إصلاحيا لأربع سنوات مقبلات هو حل مريح لإيران التي تحتاج إلى هدنة مع العالم بعد سنوات من الحرب خاضتها بالوكالة. سيكون متوقعا من رئيس إصلاحي أن يعيد إيران إلى مفاوضات الاتفاق النووي. ذلك ما سيلبي طلبات العالم الغربي وبالأخص الولايات المتحدة. وهو ما يعني أن إيران ستربح في ظل استمرار هيمنة حرسها الثوري على مناطق حيوية في العالم.مع رئيس إصلاحي لن يمارس العالم الغربي ضغوطا جديدة على إيران بالرغم من معرفته بأصول اللعبة السياسية الإيرانية. بيز شكيان سيهب إيران ما فقدته في عهدي نجاد ورئيسي وهو بالضبط ما يريده المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية وهو الحاكم الفعلي.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: فی إیران بنی صدر
إقرأ أيضاً:
الليل الذي لا ينام في غزة.. رعب وخوف وندوب نفسية لا تنمحي
الثورة /وكالات
لا الليل ولا النهار في غزة يمكن أن يحتويا على لحظة من أمن أو راحة، وسط حرب الإبادة الصهيونية المستمرة على قطاع غزة منذ ما يقرب من عشرين شهراً.
ورغم أن شبح القتل يحوم فوق غزة ليل نهار، إلا أن انهيار ضوء النهار معلناً عن بدء ظلمة الليل، تعد بداية كابوس أصعب وأشد على الغزيين الرازحين تحت حمم الموت، فوساوس القتل وخيالات الرعب تلاحق الآباء والأمهات وحتى الأطفال، ما يجعل ساعات الليل أشد وطأة وأبطأ مسيراً.
كل هذا خلف آثاراً نفسية صعبة على الأهالي والأطفال في قطاع غزة، تظهر أعراضها ومؤشراتها بوضوح، حيث يمكن ملاحظتها في كل مكان في قطاع غزة.
الحصول على مياه آمنة للشرب في غزة مهمة شبه مستحيلة
الظلام واستيقاظ الخوف
“نحن لا ننام الليل، نحن نتظاهر بالنوم، بينما آذاننا ترقب كل صوت لطائرة استطلاع أو أخرى حربية، أو صوت إطلاق نار أو قذيفة أو قصف من طيران حربي، نحن نغلق أعيننا بينما في الحقيقة قلوبنا وآذاننا ووعينا مستيقظ تماما رغم الإرهاق والتعب الجسدي والعقلي”، هكذا وصفت الأم “أم رامي” حالها مع الليل في غزة.
“أم رامي” معلمة نزحت من مدينة رفح، وتعيش مع أطفالها في خيمة غرب مدينة دير البلح، توضح لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن تعب النهار والمجهود المضاعف التي يبذله الجميع خلال النهار يستوجب أن يكون النوم في الليل سريعا وعميقاً، لكن الحال أن العكس هو الواقع المعاش.
خان يونس.. أوامر تهجير إسرائيلية تفاقم مأساة الإبادة
تضحك وتبكي “أم رامي” في نفس الوقت، وتقول: “أنا أنظر لأطفالي كل ليلة وهم نيام بجواري متراصين داخل الخيمة، ولا أعلم إن كانوا سيستيقظون أم سيكونون من ضحايا هذه الليلة، نحن نعيش في ترقب وقلق وخوف مستمر جعل النوم يجافي عيوننا وقلوبنا وعقولنا”.
أم “أبو محمد” وهو أب لثلاثة أطفال، فيصف حالته مع دخول ساعات الليل لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” ويقول:” صدقني أن قلبي ينقبض مع بدء ساعات الظلام، لا أحب الليل، صحيح أن النهار ليس أكثر أمناً، لكن الليل أكثر رهبة وخوفا وقلقاً”.
“العتمة، وصوت القصف وصوت الطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع”، كلها تشكل عناصر تجعل من الليل بالنسبة لـ”أبو محمد” فترة ينتظر أن تنتهي بنور الصباح، مشيراً إلى أن أطفاله يلتصقون به وبأمهم طوال الليل بعكس ما كانوا عليه قبل الحرب حيث كان لكل واحد منهم مكانه المستقل للنوم بعيدا عن الآخر.
ليل غزة المخيف المظلم القاسي، والزنانة التي لا تكف عن الطنين، حتى صار ليل غزة يعني القصف والموت والدمار، فأين أمة العرب؟ أين المسلمون؟ أين الموحدون؟ إلى متى؟
“لا يتوقف عقلي عن تكرار الوساوس، وتخيل مشاهد القتل والموت التي قد نتعرض لها، أدفعها بذكر الله والصلاة على النبي وتكرار عدد كبير من الأذكار، لكن أصدقك القول رغم كل هذا يبقى الليل مرعبا ومخيفاً بشكل لن يتصوره إلا من يعيشه هنا في غزة” يقول “أبو محمد”.
الأطفال الأكثر تأثرا
منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، ترى أن جميع الأطفال في قطاع غزة بحاجة إلى دعم في مجال الصحة النفسية.
وقال “جوناثان كريكس” مدير الاتصالات بمكتب يونيسيف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في تصريحات سابقة، إن الأطفال تظهر عليهم أعراض مثل مستويات عالية للغاية من القلق المستمر، وفقدان الشهية. ولا يستطيعون النوم، أو يمرون بنوبات اهتياج عاطفي أو يفزعون في كل مرة يسمعون فيها صوت القصف”.
وبين أم “يونيسيف” كانت تقدر قبل الحرب أن 500 ألف طفل في قطاع غزة بحاجة إلى خدمات الصحة النفسية والدعم نفسي، مبينا أن تقديراتهم اليوم تؤكد أن جميع الأطفال بحاجة إلى هذا الدعم، أي أكثر من مليون طفل.
لا بد من العلاج
استشارية الطب النفسي الدكتورة وئام وائل، تقول إن اضطرابات الكرب الحاد وكرب ما بعد الصدمة، المرتبطين بالحروب، قد تتحول إلى اضطرابات أسوأ إذا لم تُعالَج.
وتوضح الدكتورة وئام في حديث سابق مع موقع TRT عربي أن أبحاثاً علمية تشير إلى إمكانية الإصابة باضطرابات ذهانية حادة أو مزمنة بسبب التعرض لضغوط الحروب، حتى من دون استعداد وراثي، إذا لم تُعالج.
وتلفت إلى مشكلات الدعم النفسي للأطفال الفلسطينيين، من توفير الأدوية وصعوبة توافر العلاجات السلوكية والمعرفية أو علاجات الصدمات التي تحتاج إلى وقت طويل، غير أنها تحتاج إلى فِرَق طبية مدربة تدريبات خاصة.