دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لفترة طويلة من حياتها، كانت فيفيان ماير شخصية غامضة نوعًا ما. وبقيت موهبتها في التصوير الفوتوغرافي سرّية نتيجة إبقاء أعمالها بعيدة عن أنظار معظم من عرفوها، ضمنًا عائلات نيويورك وشيكاغو حيث عملت لديهم كمربية أطفال ومقدمة رعاية. 

لم تطبع ماير سوى جزء بسيط من مئات آلاف الصور لحياة المدينة الصاخبة التي وثّقتها بكاميرتيها Rolleiflex وLeica على مدى نحو خمسة عقود، ولم تعرضها على أحد تقريبًا، عوض ذلك، كدّست الصور السلبية والأفلام غير المعالجة في صناديق.

اكتسبت شهرتها بعد وفاتها، عند بيع محتويات خزائن مخزنها في شيكاغو بمزاد عام 2007.

وقالت آن مورين، أمينة المعرض المتجوّل "فيفيان ماير: العمل غير المرئي" الذي افتتح في 31 مايو/ أيار في فوتوغرافيسكا نيويورك، النسخة الأمريكية من متحف التصوير الفوتوغرافي المعاصر السويدي، إنّ "فيفيان ماير تمثل الغموض، والاكتشاف، والأعمال.. ويصعب الفصل بين هذه الأجزاء الثلاثة. 

صورة لطفلة تبكي التقطتها فيفيان ماير بغرونوبل، فرنسا، عام 1959.Credit: Vivian Maier/Courtesy Fotografiska New York

لا يحاول المعرض، الذي يستمر حتى 29 سبتمبر/ أيلول، حل لغز حياة ماير. 

عوض ذلك، يتمحور العمل حول عرض أكثر من 200 صورة فوتوغرافية، ضمنًا حوالي 50 صورة قديمة ظهّرتها ماير. تضع مورين عمل المصوّرة بالمستوى ذاته لأعمال مصوّري الشوارع المشهورين مثل روبرت فرانك وديان أربوس، وتستحق أن يُحجز لها مكانًا في تاريخ التصوير الفوتوغرافي. 

وأكدت مورين لـCNN: "لا أحد يشك في ذلك. الصور قوية وكانت ماير تتمتع بعين رائعة. وخلال 10 سنوات، يمكننا تقديم عرض آخر مختلف تمامًا، فلديها ما يكفي من المواد للكشف عنها.

صورة لم تُعرض من قبل لماير تم التقاطها في شيكاغو عام 1957.Credit: Vivian Maier/Courtesy Fotografiska New York

يعد المعرض أيضًا نوعًا من العودة إلى الوطن، بالنسبة لماير التي ولدت في نيويورك لعائلة من المهاجرين الفرنسيين والألمان. بدأت التقاط مشاهد الشوارع في المدينة عندما كانت شابة في خمسينيات القرن الماضي، حيث استعارت أولاً كاميرا والدتها كوداك براوني الصندوقية، ثم اشترت كاميرا Rollieflex المحترفة الخاصة بها، وعلّمت نفسها كيفية استخدامها.

ينجذب زوار معرض "Vivian Maier Unseen Work" في متحف Fotografiska بنيويورك، إلى الصور الفوتوغرافية المعروضة.Credit: Leandro Justen/Courtesy Fotografiska New York

وكانت واضحة ثقتها ومهارتها بالتقاط اللحظة المناسبة عبر إقفال غالق الكاميرا حتى في هذه الأعمال المبكرة التي ركزت فيها ماير على الشخصيات، والمواقف الفريدة التي تشكل الحياة في المدينة: رجال يشخرون بأفواه مفتوحة على مقاعد الحديقة؛ بالون من حديقة حيوان سنترال بارك يطفو لإخفاء وجه الأب الضحوك فينا تحاول الطفله التقاطه.

لكن، فيما كان معلوم أن ماير تستخدم الاستوديوهات التجارية بنيويورك لمعالجة أفلامها، إلا أنه لا يبدو أنها بذلت جهدًا جادًا لعرض أعمالها أو بيعها. 

والد وطفله في سنترال بارك بنيويورك، 1959. Credit: Vivian Maier/Courtesy Fotografiska New York

وأوضحت مورين أنّ عودة ماير إلى نيويورك كأيقونة شعبية "أمر مهم ليس فقط بالنسبة للنساء، بل أيضًا لجميع الفنانين الذين يعملون ولم يتم الاعتراف بهم أبدًا، ولم تتح الفرصة  لرؤيتهم ومشاركتهم، والتعرف على أعمالهم". 

وأردفت: "لم يفت الأوان بعد لإصلاح التاريخ".  

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: التصوير شيكاغو معارض نيويورك

إقرأ أيضاً:

المسؤول.. غياب عن المكاتب وحضور في الصور

 

 

 

خالد بن حمد الرواحي **

 

في صباحٍ عادي، يقصد مواطن مؤسسة حكومية لإنجاز معاملة، لكنه يُفاجأ بأن المسؤول في "مهمة رسمية". يغادر محبطًا، فيما تبث الشاشات صور ذلك المسؤول وهو يرعى فعالية لا تمت لاختصاص مؤسسته بصلة؛ قاعات الاحتفالات تتلألأ بالأضواء، بينما مكاتب الخدمة تغرق تحت الملفات المؤجلة.

قد يراجع المواطن مؤسسة حكومية ثلاثة أيام متتالية، فلا يجد المسؤول في مكتبه؛ مرة في "مشاركة خارجية" وأخرى في "احتفال بروتوكولي". والنتيجة؟ ملفات معلّقة، ومواطن يخرج أكثر ضجرًا كل يوم.

لقد أصبحت أجندة بعض المسؤولين مزدحمة بالاحتفالات والمؤتمرات والندوات، حتى بات المواطن يلمس غيابهم المتكرر عن مؤسساتهم. وفي أحيان كثيرة، تُشارك بعض الجهات في فعاليات لا تمت لاختصاصاتها بصلة مباشرة، فتتحول المشاركة إلى استعراض احتفالي أكثر من كونها حاجة مهنية. والنتيجة أن المال يُنفق، والوقت يُستهلك، بينما معاملات الناس تُؤجَّل، ومتابعة العمل الداخلي تضعف، وينعكس ذلك سلبًا على كفاءة المؤسسة.

وإذا كان الحضور في الفعاليات يستهلك وقت المسؤول، فإنَّ الحرص على الظهور الإعلامي أضاف بُعدًا آخر للمشكلة. ومن اللافت أن بعض المسؤولين بات شغله الشاغل متابعة الكاميرات أكثر من متابعة الملفات في مؤسسته. ولا شك أن التواصل الإعلامي مهم لإبراز الجهود، لكن الخطورة تبدأ حين يتحول إلى غاية بحد ذاته بدل أن يكون وسيلة داعمة للعمل المؤسسي. وهكذا يترسخ لدى الناس انطباع بأن القيمة تُقاس بعدد الصور والتصريحات، لا بما يتحقق من إنجاز ملموس يلمسه المواطن في حياته اليومية، ويُسهم في رفعة الوطن.

وبالتوازي مع هذا الاهتمام المفرط بالشكل، برزت ظاهرة أخرى لا تقل غرابة: توقيع مذكرات التفاهم والاتفاقيات بين جهات حكومية تعمل جميعها ضمن الجهاز الإداري للدولة. وهذه الاتفاقيات غالبًا ما تتعلق باختصاصات مقررة لها أصلًا بموجب القوانين واللوائح. ورغم ما قد تحمله من نوايا حسنة للتنسيق، إلا أن تكرارها في مهام واضحة قانونًا يثير تساؤلًا منطقيًا: ما الجدوى الحقيقية منها؟

كما يتكرر المشهد في احتفالات بعض الجهات الحكومية بإطلاق مبادرات أو حملات هي في الأصل جزء من اختصاصاتها اليومية. وهكذا يتحول الواجب المؤسسي العادي إلى مناسبة شكلية تُهدر المال والوقت، بينما الأولى أن يُوجَّه الجهد نحو التنفيذ الفعلي وقياس أثره المباشر في حياة الناس.

وتُضاف إلى ذلك كثرة المهمات الرسمية، داخلية كانت أو خارجية، التي يشارك فيها وفود كبيرة يتجاوز عددها أحيانًا ما تقتضيه الحاجة. ولا خلاف على أن بعض هذه المهمات قد تفتح آفاقًا للتعاون وتبادل الخبرات، لكن المبالغة في حجم الوفود أو تكرار السفر بلا نتائج ملموسة تُرهق الموازنة العامة، وتتناقض مع مبدأ ترشيد الإنفاق والوقت معًا.

وإلى جانب ذلك، تبرز ملاحظة أخرى لا تقل أهمية: فبعض الوفود الخارجية تضم مشاركين لا يرتبط اختصاصهم مباشرة بموضوع المؤتمر، فيما تتكرر الأسماء ذاتها في أغلب المهمات. مثل هذه الممارسات تُضعف جدوى المشاركة، وتحوّلها إلى فرصة شكلية أكثر من كونها قيمة حقيقية للجهة أو للوطن.

وهنا يبرز تساؤل مشروع: هل تقوم الجهات المختصة بمتابعة نتائج هذه الفعاليات والمشاركات، وقياس أثرها الحقيقي على بيئة العمل ورفع مستوى جودة الأداء داخل الجهات المشاركة؟ إن غياب التقييم والتحقق من المردود العملي يجعل كثيرًا من هذه الأنشطة أقرب إلى إجراءات شكلية لا تحقق الغاية المرجوة منها.

إن هيبة المسؤول لا تُقاس بعدد الاحتفالات التي يرعاها، ولا بعدد المهمات التي يشارك فيها، بل تُقاس بما ينجزه داخل مؤسسته من أعمال تخدم المواطن وتُحسّن الأداء العام. والغاية ليست إلغاء هذه الأنشطة أو التقليل من قيمتها، بل تنظيمها وتوجيهها بما يضمن أن تبقى وسيلة داعمة للعمل المؤسسي، وليست عبئًا عليه، وبما يحقق في النهاية تطلعات المواطن، ويُعزز مكانة الوطن.

ولعل أعظم صورة يتركها المسؤول ليست تلك التي تلتقطها الكاميرات، بل إنجاز يلمسه المواطن في حياته اليومية. فالمناصب زائلة، لكن الأثر في حياة الناس هو البصمة التي تبقى ولا تزول.

** باحث متخصص في التطوير الإداري والمالي

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • المسؤول.. غياب عن المكاتب وحضور في الصور
  • حقيقة العثور على ألعاب أطفال مفخخة في غزة بعد انسحاب الاحتلال
  • هجوم على مرشح في نيويورك.. ما علاقة حزب الله؟ (فيديو)
  • افتتاح ضخم لـموسم الرياض.. مسيرة مستوحاة من نيويورك (شاهد)
  • لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمدة تواصل اجتماعاتها في نيويورك
  • شقيقة هنا الزاهد تتألق في أحدث ظهور.. شاهد
  • مي عمر تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد
  • رحلة مهينة لإسرائيليين سافروا من نيويورك لـتل أبيب.. شعارات داعمة لفلسطين على حقائبهم
  • جينيفر لوبيز بإطلالة من إيلي صعب في نيويورك
  • بعد باريس..إطلالة رسمية أنيقة لميغان ماركل في نيويورك