المقامة النيابية وأمثالنا الشعبية
د. #بسام_الهلول
(. جابلك ما جاب عطير…جابلك عب القعفير) ….. فيما مضى من سنين كأستاذ جامعي وفي مادة من مواد ( حقوق الانسان في الإسلام) حرت وحارت مني الفكر مامزاج السؤال الذي سيقع على طلبتي في نهاية السمستر فما كان لي ان يممت إلى الزميل ( ابو نوران) وله ولع في رسم الكاريكتير وأمليت عليه الفكرة فكانت الصورة بل اللوحة تخلو مما اعتدناه واعتاده الأكاديميون من ملفوظ القول من متل اشرح، عدد.
وبعد هذا الاستطراد نعود إلى حكايتنا مع الامتحان( الفاينل) وكانت اللوحة وشخوصها( امام المسجد يسوق حمارا محملا ببطائق انتخاب وترشيحة من قماش على بطن الحمار مكتوب عليها( انتخبوا من لايخدلكم) انتخبوا من سياتي لكم بالماء الذي جمدت قطراته في مآقي صنابيره، انتخبوا من سيقوم بتأمين الأعلاف لمواشيكم، انتخبوا من لاتنام عيونه حزنا على المئين بل الالاف من حملة ( كراتين) من الجامعات العاطلين عن العمل ( انتخبوا صوتكم الحر الذي لايخاف السلطة ولا جلاوزته) انتخبوا من سيأتيكم بالماء والعلف مدرارا بل ربما يصل به الحال( سنسقيكم بعد هذا الظمأ من الماء مدرارا ( انتخبوا من سيكون عينكم بل وعساكم اللي ما تعصاكم) واعدكم اني لن اكون مثل( البس) عندما يظهر فينا صاحب صولة او صولجان اعدكم بأني الباني لكل ما انهدم من عمارتكم في يومك المطير انتخبوا من سيأخذ لكم الثأر من ( ابو زيانه) والذي له من الخبرة الصفر في بناء بيوتكم اعدكم اني لن اقول لكم ( يوم تنهدم أبنيتكم تحت وقع المطر ولن اعتذر لكم( بأن العمارة خضرة وبساسكوا متل الخيل) اعدكم بأن لن اكون ( بسّا) يوم يظهر فينا صاحب صولجان) اعدكم لن اكون متل من سبقني الى قبة البرلمان وكان شأنه شأن ذلك الثعلب الذي اعتلى خطيبا من يوم جمعة وعندما رأى كلبا هرب ولم يعقب معتذرا لهم انه ذاهب للوضوء لانه انتقض وضوؤه) وبينما هو على هذه الحال وأنفاسه صعدا واهل قريته ينتظرونه ( لصلاة استسقاء ) واذ به يحمل اليهم بطائق انتخاب فأسقط ما في ايديهم ، ولاول مرة في تاريخ الجامعات ان يكون مزاج السؤال على هذه الصورة ( قوم انحبس القطر في غيومهم ، وشيخ المسجد بل امامهم يحمل على كاهل حماره بطائق انتخاب..الامر الذي اطرحه كنموذج بل تساولا ( رسالية السؤال ) بان يشكل( محاكمة واقع) او كما تقول الطروحة الفرنسية ذات البعد الفلسفي في معالجة العمران وأفته(Mise en Cause) وهذا ما قامت عليه فلسفة فلاير مونتسكيو وجان جاك روسو ..وهاانتم ترون ان العام عاد كيوم بدئه اذ ما يهمنا في هذه المعركة الانتخابية واعراسها ان تكون بطاقة الانتخاب( بطاقة محاكمة لوضع ومساءلته برسم الجرأة في الحق دون خشية لائم الامر الذي يجعل من النائب الرسالي لا ذاك النائب ( لا من فمه ولا من كمه) وشاهده ان دكتورا انتخب ووصل الى البرلمان وبقي حاله كحال( من اغلقت عليه مرتبان) وغادر وملؤ اهابه الجبن واكل بجبين مكدوديه بثدييه والحرة تجوع ولا تاكل بثدييها …علما باني مع من يقول لسنا بحاجة الى هيعة الاحزاب ولا الى ميعة نواب نحن بحاجة الى من يعيد هذه الارض الى سابق ممتنزها من القمح والشعير والى فومها وعدسها وبصلها هذا ما يحتاجه السواد ولسنا بحاجة الى حفاري قبور هذا نداء الى عالم الاحياء بل نحن بحاجة ان يرفع اسياد الشمال الذين يفرضون على عبيدهم من الجنوب الوصاية والسيادة الاقتصادية والفكرية ويوهمونهم بالديمقراطية التي عرفتها وحفظها طلبتي( الاب المقلوب كي تكون في حضرته اللغة العاهرة المبتذلة) وعلينا ان ننعم النظر ونحدقه فيما كتب على قمصان شبابنا. الاردني ( ليس من مستقبل)
وان لايكون شأننا معكم ايتها الاحزاب والنيابي المنظر شأن من وعد خطيبته بأن يحضر لها هدية تليق بحبهم وعشقهم واذ به نهاية المساء يحمل في( عبّه) نبتا من نبات طبيعتنا وجغرافيتنا واذ به يحمل( قعفير) فصاحت به( جابلك ما جاب عطير …جابلك عبّ القعفير
والجمع الأردني على كافة شيعه واحزابه ( جابلك ما جاب عطير، جابللك عب القعفير
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
وقفة بين الثورات الشعبية والانقلابات العسكرية
عبد النبي الشعلة
نَشرتُ الأسبوع الماضي مقالًا بعنوان "انقلابات أشهُر يوليو.. جراح لم تندمل". تناولت فيه ذكرى أول انقلاب عسكري أطاح بالنظام الملكي في أفغانستان، وما خلّفه من تداعيات. وقارنت ذلك الحدث بمجموعة من الانقلابات العسكرية التي شهدتها بعض الدول العربية، والتي وقع جلها في أشهر يوليو من سنوات مختلفة.
وقد تلقيت إثر نشر المقال سيلًا من الاتصالات والتعليقات، غلبت عليها عبارات الإشادة والتأييد لمضمون المقال وتحليلاته، لكن عددًا محدودًا من القراء عبّر عن رأي مغاير، معتبرًا أن ما وقع في العراق عام 1958، وفي اليمن عام 1962، وفي ليبيا عام 1969، على سبيل المثال، لم يكن مجرد انقلابات عسكرية، بل ثورات شعبية مكتملة الأركان.
ومع احترامي لتلك الرؤى، فإنني أرى أن من المهم التمييز بين "الثورة" و"الانقلاب" ليس فقط على مستوى الاصطلاح، بل أيضًا في البنية الفكرية والاجتماعية التي تسبق كل منهما وتنتج عنه.
ففي تجارب العراق واليمن وليبيا، كما في غيرها من التجارب المشابهة، أُطلقت تسميات مثل "الضباط الأحرار" وجرى توصيف التحركات العسكرية بأنها "ثورات" في إطار محاولة لإضفاء طابع شعبي وشرعي على ما حدث، رغم أن هذه التحركات انطلقت من داخل المؤسسة العسكرية، وفرضت نفسها بالقوة، ثم سعت لاحقًا إلى تسويق نفسها كثورات شعبية.
في "معجم اللغة العربية المعاصرة" تُعرَّف الثورة بأنها: "اندفاع عنيف من جماهير الشعب نحو تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية تغييرًا أساسيًا" وتذهب التعريفات الحديثة إلى أن الثورة هي حركة جماهيرية تنطلق من قاعدة شعبية واعية، وتستند إلى تراكم فكري واجتماعي، وتطمح إلى بناء نظام جديد يستجيب لتطلعات الناس. وغالبًا ما تكون القوى العسكرية في الثورات إما مترددة، أو في صف النظام القائم، لا في طليعة التغيير.
وفي المقابل، فإن الانقلاب العسكري يُعرف بأنه تحرك مفاجئ تقوم به مجموعة من العسكريين للسيطرة على السلطة، غالبًا دون مشاركة شعبية واسعة، ودون تقديم مشروع فكري متكامل، وغالبًا ما تكون الدوافع المباشرة مرتبطة بطموحات سلطوية أكثر منها بتطلعات وطنية نابعة من الناس.
إن أبرز الأمثلة على الثورات الشعبية الحقيقية هي الثورة الفرنسية (1789–1799)، التي سبقتها عقود من التمهيد الفكري، قادها مفكرون مثل فولتير وروسو ومونتسكيو، وأسّست لوعي شعبي جديد قائم على قيم الحرية والعدالة والمساواة. ولم يكن الجيش الفرنسي في طليعة هذا التغيير، بل على العكس، سعى في بداياته للدفاع عن النظام الملكي القائم.
وكذلك الثورة الأمريكية (1775–1783)، التي قادتها نخب مدنية وسياسية مثقفة، وارتكزت على أفكار الفيلسوف جون لوك حول الحقوق الطبيعية والعقد الاجتماعي.
أما الثورة البلشفية في روسيا عام 1917، فقد نشأت عن نضال طويل خاضه مفكرون ثوريون أمثال ماركس ولينين، وشهدت تعبئة جماهيرية واسعة للعمال والفلاحين، وتمثل بذلك نموذجًا ثوريًا فكريًا وتنظيميًا متكاملًا.
وعند مقارنة تلك الثورات الكبرى بالانقلابات التي شهدتها بعض الدول العربية، يتضح أن الأخيرة افتقرت إلى التمهيد الفكري والشعبي. ففي العراق (1958)، واليمن (1962)، وليبيا (1969)، انطلقت التغييرات من قلب المؤسسة العسكرية، دون سابق إنذار، ودون مشاركة جماهيرية منظمة أو مشروع فكري واضح. وغالبًا ما كانت تعبيرًا عن صراعات داخل النخبة أو طموحات سلطوية لمجموعات محددة، وليس تعبيرًا عن تطلعات مجتمعية ناضجة.
وهذا ما يفسّر لماذا لم تفضِ تلك الانقلابات إلى بناء دول ديمقراطية مستقرة، بل أدت في كثير من الأحيان إلى الاستبداد، أو إلى دورات جديدة من العنف والفوضى، نتيجة غياب الشرعية الشعبية، والفكر المؤسس، والبرنامج الوطني المتكامل.
لسنا هنا في معرض إصدار الأحكام القطعية أو النيل من نوايا من قادوا تلك التحركات، فلكل سياقه وظروفه، ولكننا نعيد التذكير بأهمية التمييز بين التغيير الذي ينبع من فكر وشعب، والتغيير الذي يُفرض من أعلى دون مشاركة المجتمع. فالكلمات ليست محايدة، والمصطلحات تصنع الذاكرة الجمعية، وتشكل طريقة فهمنا للماضي واستشرافنا للمستقبل.
ولذلك فإن إعادة توصيف ما جرى في بعض بلداننا، وقراءته بأدوات التحليل السياسي والاجتماعي الحديثة، ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة لفهم ما حدث، ولماذا أخفقت تلك التحولات في بناء أوطان مستقرة وعادلة، على الرغم من الوعود الكبرى التي صاحبتها.
رابط مختصر