أكدت دولة الكويت أن هدف إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، وإخضاع جميع المنشآت والبرامج النووية لنظام الضمانات الشاملة التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية هو هدف لا تنازل عنه لتحقيق الأمن والأمان والاستقرار في المنطقة.

وقال مندوب الكويت الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا المستشار بشار الدويسان -خلال أعمال الدورة الأولى للجنة التحضيرية للمؤتمر الاستعراضي لعام 2026 للدول الأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية المنعقدة حاليا في فيينا ووفقا لوكالة الأنباء الكويتية اليوم الاثنين- إن التمسك بمخرجات مؤتمرات المراجعة للأعوام 1995 و2000 و2010 خاصة فيما يتعلق بمسألة إنشاء منطقة الشرق الأوسط الخالية من تلك الأسلحة مع التزام الدول غير الحائزة على الأسلحة النووية الأطراف في المعاهدة بمسؤولياتها فيما يتعلق بعدم الانتشار خير دليل على إيمان هذه الدول بمخاطر الأسلحة النووية مشيرا إلى أعمية الاستمرار بهذا الالتزام.

وشدد على ضرورة وأهمية تحقيق عالمية المعاهدة ودعوة كافة الدول غير المنضمة إلى المعاهدة إلى الانضمام بأسرع وقت ممكن لتحقيق عالميتها، وأكد أن دولة الكويت ساهمت في الجهود التي دفعت بها الدول العربية لتنفيذ قرار عام 1995 وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.

وقال الدبلوماسي الكويتي إن مؤتمر المراجعة لعام 2010 أقر بالتوافق خطة عمل لتنفيذ القرار المعني بإنشاء المنطقة وكلف المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة والدول الثلاث الراعية للقرار بعقد مؤتمر لإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى بالشرق الأوسط ليكون بداية مسار تفاوضي لإنشاء تلك المنطقة.

وأعرب عن الأسف لغياب الإرادة السياسية والجدية من قبل بعض الأطراف المكلفة بعقد المؤتمر مما أدى إلى إفشال عقد المؤتمر في موعده وتأجيله إلى أجل غير مسمى، مشيرا إلى منع مؤتمر عام 2015 لمراجعة المعاهدة من التوصل إلى وثيقة ختامية بسبب رفض بعض الدول المقترحات المتعلقة بالشرق الأوسط.

وأكد ضرورة إنضمام "إسرائيل" إلى معاهدة عدم الانتشار لا سيما أنها الطرف الوحيد في المنطقة غير المنضم والعائق الذي يمنع إنشاء منطقة خالية من هذه الأسلحة معتبرا أن استتباب الأمن والاستقرار في أي منطقة لا يأتي عن طريق امتلاك الأسلحة النووية أو أي سلاح من أسلحة الدمار الشامل الأخرى.

وأوضح أن دولة الكويت تشدد على أن قرار 1995 حول الشرق الأوسط الذي تم على أساسه التمديد اللانهائي للمعاهدة يبقى ساري المفعول حتى تتحقق غاياته وأغراضه وأن مسؤولية تنفيذ القرار تقع على عاتق جميع الدول الأطراف في المعاهدة خاصة الدول الحائزة على أسلحة نووية.

وقال إنه بالرغم من حالة الاستياء لعدم تنفيذ الالتزامات الدولية التي أقرها مؤتمر 1995 ومؤتمر 2010 لمراجعة المعاهدة فإن دولة الكويت واتساقا مع الموقف العربي تؤكد أهمية الالتزام بتنفيذ قرار 1995 حول الشرق الاوسط وآليته المعتمدة في 2010 التي لم ترى النور حتى اليوم.

وأشار إلى أن دورات المؤتمر المعني بإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى شهدت نجاحا في إطلاق مسار تنفيذي لأنشاء المنطقة عبر تبني إعلان سياسي وعدة قرارات تعكس التوافق الذي شهدته الدورات بين الدول المعنية المشاركة فيها واعتزامها استكمال هذا المسار حتى يحقق هدفه المنشود المتمثل في إنشاء المنطقة الخالية وفقا لولاية قرار الشرق الأوسط لعام 1995 وذلك على أساس مبادئ التوافق والإرادة الحرة للدول المعنية فيه.

وأكد الدويسان أهمية اعتبار هذا المسار الجديد موازيا وليس بديلا لمسار إنشاء المنطقة في إطار معاهدة عدم الانتشار النووي مجددا دعوة الكويت جميع الدول المعنية بصفة عامة والدول الثلاث الراعية لقرار 1995 بصفة خاصة للمضي قدما بهذا المسار حتى يتم تحقيق غاياته وهو إنشاء المنطقة بناء على التوصل الى اتفاقية ملزمة قانونا تمتاز بالشمول وتتضمن الآليات المتفق عليها بين جميع الدول الأطراف.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: روسيا الاتحاد الأوروبي الدول العربية الشرق الأوسط العراق أمريكا أوروبا الكويت دول الخليج الأسلحة النووية الحرب النووية دول التعاون الخليجي من الأسلحة النوویة إنشاء المنطقة الشرق الأوسط دولة الکویت

إقرأ أيضاً:

تصنيع التكنولوجيا العسكرية.. ضرورة أمنية

كنت أود عنونة المقال بـ«ضرورة التصنيع العسكري» لكن الحروب الأخيرة في المنطقة والعالم أشارت إلى أن هذه المرحلة أصبحت متجاوزة الآن، فلا يكفي التصنيع العسكري الاعتيادي فقط، وإنما الأمر أصبح متعلّقا بشكل مباشر الآن بتصنيع التكنولوجيا العسكرية، فالحروب قد تغيرت أشكالها، وزاد الطلب على المسيّرات والأسلحة الذكية حول العالم، بل أصبح الاستعراض العسكري اليوم استعراضا جوّيا في الغالب، وللأسف أن كثيرا من الدول تجرّب أسلحتها الجوية في منطقتنا العربية، جاعلة إيانا مسرحا للأسلحة واستعراض قدراتها وإيصال الرسائل لخصومها.

من الأمثلة التي تتضح فيها أهمية التكنولوجيا العسكرية الحرب الروسية الأوكرانية، فإنها كثيرا ما تعتمد على التكنولوجيا في عملياتها الحربية، إذ إضافة للقوة البشرية، تؤدي المسيّرات الجوية والطائرات دون طيار دورا كبيرا في قلب موازين القوى في الحرب، وكذلك الأمر اتضح في عمليات مختلفة، منها تغير العمليات العسكرية في سوريا بين 2011 وحتى سقوط النظام السابق في 2024، والأمر ذاته ينطبق على العمليات الأمريكية -الإسرائيلية في اليمن، والعمليات الإسرائيلية في غزة، بل يُمكن رؤية هذه الأهمية في الضربات الإيرانية-الإسرائيلية، فعلى الرغم من أنها عمليات قائمة، فإن العامل البشري لم يتدخل في الحرب على الإطلاق إلا من حيث إرسال الصواريخ، وإلا فاللاعب الرئيس في هذه الحرب هي المسيّرات والصواريخ، والدفاعات الجوية، والتي بشكل أو بآخر استطاعت إحداث أضرار ضخمة في الدولتين.

مع التغيّر في أدوات الحرب، تتطور مفاهيم أخرى مثل السيادة والردع، فالسيادة لم تعد سياسيّة أو جغرافية باعتبار حماية الحدود الجغرافية، وإنما تماهت مع التقنية، إذ يعد حماية المجال الرقمي للدولة جزءا من السيادة، كما أن دخول الطائرات دون طيار هو انتهاك وثغرة في أمن الدولة، ولذا فإن الضربة الإسرائيلية على إيران في بداية الحرب الأخيرة قد اعتمدت على قطع أي اتصالات تكنولوجية وشوشت الرادارات حتى تتمكن من تنفيذ عملية ناجحة واغتيالات عديدة في الداخل الإيراني، وكذلك مفهوم الردع الذي تطور إلى ردع تقني للهجمات السيبرانية والتكنولوجية، والمسيّرات المتقدمة تكنولوجيًّا التي تستهدف مواضع بعينها، إضافة إلى الردع المعلوماتي والنفسي.

في هذه الحالة، تتجلى التبعات السياسية والأمنية للاستيراد العسكري الذي تعتمد عليه للأسف كثير من -إن لم يكن كل- الدول العربية، فإن التطور التقني في الأدوات الحربية، أصبح خطرا على المستورد أيضا؛ لأنه في الأصل غير متحكم رئيس بهذه الأدوات، وإنما هو مستعمل لها لا أكثر، ولذلك ففي أي وقت يقرر فيه الصانع تعطيلها أو إعادة برمجتها بما يضر المالك فإنها تكون وبالا على هذا الأخير، دون أن تخدمه في شيء، ولذلك فإن كان لا بد من الاستيراد، فإن تنويع الحلفاء ضروري جدّا حتى يُمكن ضمان الاعتدال في استعمالها، لكن الأهم والأكثر ضرورة من ذلك، هو تصنيع التكنولوجيا العسكرية؛ لأنها الطريقة الوحيدة لضمان القدرة على الهجوم والردع بما يحقق الدفاع الأمني عن سيادة الدولة، ويزيد هذه الضرورة أن الدول العربية تحيط بها ثلاث دول تصنع أدواتها العسكرية بنفسها، وكثيرا ما تكون بتكاليف قليلة على عادة طبيعة التصنيع للمسيرات أو الأدوات التقنية، وهي إيران وتركيا وإسرائيل، فهذه الدول الثلاث تطور صناعاتها العسكرية ذاتيّا، وإن كان بطرق مختلفة، فتركيا مثلا على الرغم من أنها اعتمدت الأدوات والطرق الغربية في البداية لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي ومع الناتو، فإنها استطاعت أن تصنع مسيّراتها بنفسها لاحقا، ولم تكتفِ بأن تبقيها لذاتها، بل أصبحت من أكبر الموردين للمسيّرات في العالم، فإجمالي الطائرات التي تمتلكها تركيا 1083 في مقابل إسرائيل مثلا التي تمتلك 611 و551 لإيران، وصدّرت شركة بايكار في 2024 طائراتها المسيّرة بقيمة 1.8 مليار دولار. وفي الجانب الآخر إيران التي تعمل بالهندسة العكسية إذ تحلل التكنولوجيا العسكرية لخصومها لتعرف كيف يمكنها مقاومتها أو صنع ما يماثلها، والحادثة الشهيرة لسيطرة إيران على طائرة التجسس الأمريكية التي دخلت أجواء شرق إيران في مهمة استطلاعية عام 2011، ورفضهم تسليمها، ثم ظهور طائرة RQ-170 الإيرانية بعد سنتين، يدلّ على الاستفادة من المسيّرة الأمريكية.

وعلى الرغم من النقاش الذي يُمكن أن يُخلق حول الفروقات بين هذه القدرات وطرق التصنيع، فإن ذلك لا ينفي أن الدول العربية واقعة بين هذه الدول الثلاث المصنّعة، والقادرة على ضرب بعضها بعضًا، كما حدث في الضربات الإيرانية -الإسرائيلية، أو ضرب أي دولة أخرى في المنطقة، مثل: الضربة الإيرانية على قاعدة العديد في قطر.

أصبحت هذه الدول الثلاث لاعبا رئيسا في المنطقة ليس لعدد الجنود أو حجم الترسانات العسكرية، بل من خلال سيطرتها على دورة إنتاج التكنولوجيا العسكرية، إذ أدركت أن الاستيراد فقط لا يوفّر قرارا سياديّا واستقلالا في الوقت الذي تشتد فيه الأزمات، فإيران تحت العقوبات، استطاعت التركيز على الإنتاج المحلي حتى استطاعت تصدير أسلحتها إلى أطراف «محور المقاومة»، وتركيا استثمرت في شركات مثل بايكر لإنتاج أسلحة ومسيّرات وتصديرها، كما أن هذه المسيّرات جعلتها قادرة على بسط نفوذها الجيوسياسي في المنطقة، فـ(البيرقدار) التركي استطاع التأثير في ليبيا وأذربيجان وغيرها، و(شاهد ومهاجر وصياد وغيرها) في إيران وصلت لأطراف المحور وأثرت في الضربات على إسرائيل، بل وأدخلت إيران بقوة في معادلات أمن الخليج والشرق الأوسط. فالتصنيع وفّر قدرة على التصرف المستقل ووسيلة ردع بتكاليف قليلة نسبيا ونفوذا سياسيّا واستراتيجيّا.

نظرا لكلّ هذا، تصبح السيطرة على الدورة الإنتاجية العسكرية في الدول العربية أمرا ضروريّا وملحّا؛ لأن الاستيراد العسكري في هذه المرحلة ليس مجديا بل مضرّ، والعيش بين ثلاث دول مصنّعة تمتلك مشاريع جيوسياسية خارجية، إضافة إلى تقلّص الهيمنة الأمريكية في المنطقة، يزيد من تعقيد الوضع، فإن النظام العالمي الذي يستمر في التشكّل لا يعتمد على الدول القومية أو الإمبراطوريات -كما يصفه ألكسندر دوغين- مثلما كان في السابق، ولذلك فقدرة الدول على حماية حلفائها في الخارج تتقلص شيئا فشيئا في مقابل تكوّن التكتّلات الإقليمية والاقتصادية، لذلك يصبح هذا التصنيع ضرورة وأولوية قصوى. إضافة لذلك، فإن امتلاك دفاعات جوية متقدمة أصبح أيضا ضرورة كبيرة للدول العربية، فالاكتفاء بالدفاعات التقليدية أو القديمة لا يحميها من الضربات الجوية وانتهاك السيادة بالطائرات والمسيّرات المتقدمة، ففي ظل التقدم المتسارع لهذه التقنيات تبرز أسئلة مثل: إلى أي مدى تمتلك الدول العربية دفاعات جوية قادرة على حمايتها؟ وأسئلة أخرى تتعلق بالأنظمة المستخدمة ذاتها مثل: ما جدوى نظام الباتريوت الأمريكي بعد تجربته في مناطق صراع مثل كييف مع توعّد فلاديمير بوتين لإيجاد طريقة لمواجهته وبأنه لا يعمل مثل نظام S-300 الروسي؟ ولذلك فإن الحصول على أنظمة مستوردة مثل الباتريوت أو غيره ليس كافيا.

والدروس المستفادة من الصراعات الأخيرة في المنطقة تقتضي التعلّم من فشل كثير من الدفاعات الجوية، كتلك الموجودة في إسرائيل، فعلى الرغم من وجود أنظمة دفاع متقدمة إسرائيلية وأمريكية فإن كثيرا من الصواريخ الإيرانية استطاعت الوصول إلى الداخل الإسرائيلي وإحداث ضرر كافٍ لتبيّن قصور المنظومة الدفاعية الإسرائيلية. كما أنها تشير إلى أن التوازن بين الهجوم والدفاع مهم أيضا، ولا يُمكن الاكتفاء بواحد منهما.

في المحصلة، يُمكن القول إن تصنيع التكنولوجيا العسكرية لم يعد أمرا ثانويّا وإنما أمرا ضروريّا بالنسبة للدول العربية، إذ إن الصراعات لا تزال متزايدة وتتقدم تقنيّا بشكل متسارع، لا سيما مع دخول أدوات الذكاء الاصطناعي فيها، ولذلك يصبح التقليل من الاستيراد مع تنويعه والسيطرة على الإنتاج والأبحاث المركّزة في تصنيع التكنولوجيا العسكرية، بل وصناعة العلماء والباحثين أمرا وجوديّا وضرورة أمنيّة لا يُمكن الاستغناء عنها بأي حال.

مقالات مشابهة

  • تصنيع التكنولوجيا العسكرية.. ضرورة أمنية
  • "الشرق الأوسط الجديد" يفشل للمرة الثانية
  • السيسي: لا سلام بالتطبيع المفروض.. وقيام دولة فلسطينية شرطٌ لإنهاء الصراع
  • الرئيس السيسي: السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة
  • كم عدد الدول المستعدة لبدء إنتاج الأسلحة النووية مستقبلا؟
  • وزير الخارجية والهجرة يستقبل الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط
  • من العُزلة إلى التأثير .. كيف استعادت مصر مفاتيح الشرق الأوسط بعد 30 يونيو؟
  • الدوحة للأفلام تعزز حضور السينما المستقلة وتدعم الأصوات النسائية والمواهب الصاعدة من المنطقة والعالم
  • “حاجة غامضة بتتحضر” في الشرق الأوسط
  • جنبلاط يدعو جميع الأحزاب في لبنان إلى تسليم الأسلحة للدولة