تضع الفنانة الفلسطينية الدكتورة سناء موسى، بصمة صوتها وإحساسها الفياض على جرح الألم الغائر، في كل مدينة فلسطينية، وهي قادمة لتحيي سهرة الأثنين 29 تموز الحالي على خشبة المسرح الشمالي، ضمن فعاليات “مهرجان جرش للثقافة والفنون”، في الدورة التي تتضامن مع أهلنا في فلسطين عموماً وقطاع غزة خصوصاً
الفنانة التي تحمل درجة الدكتوراة في علم الأعصاب، تجد في حرفة الغناء التي تمارسها، ضرورة لابقاء الكلمة الفلسطينية واللحن التراثي في ذاكرة الناس، فهي حريصة على توثيق الموروث الغنائي الفلسطيني وحفظه من الاندثار والسرقة، ونقله من جيل إلى آخر، فهي الباحثة عن الطبقات والمحاور الفلسطينية التي تجذب الانتباه، دون أن يكون قد تم التطرق لها مسبقاً، وهو الأمر الذي جعل من مشروعها الفني، رسالة فلسطينية مثقفة، طافت بها العالم بمئات العروض الموسيقية ذات التراث الفلسطيني، فكانت الصوت الملهم للكثير من المواهب الفنية حول العالم
ترى سناء، في الاغاني التراثية مضامين ثقافية وكتباً معرفية تقص حكايات الشعوب، وتحكي قصة الانسان في زمان ومكان محددين، كتفاصيل حياة الشعب الفلسطيني على أرض كنعان، إذ تسرد الاغاني طقوس الزرع والحصاد وصلاة الاستسقاء وغيرها من الطقوس، وتوثق المراحل السياسية المختلفة من حياتنا كفترة السفر برلك الى فترة الاحتلال البريطاني وغيرها من الاغاني المرتبطة بثقافة الجماعة
تقوم سناء منذ عام 2005، بأبحاث ميدانية بمنهجية علمية انثروبولوجية لجمع مواد تشكل نقطة الانطلاق أو الركيزة التي تعتمد عليها مشاريعها الموسيقية، وما زالت تعمل على توثيق هذا المروروث في المخيمات الفلسطينية في الوطن والشتات.

وتكللت تلك البحوث الميدانية بإطلاقها اسطوانتين، بعنوان: “إشراق” عام 2010، و”هاجس” عام 2016
أما أحدث مشاريعها التوثيقية، فيحمل عنوان: “ذاكرة البلاد”، التي تؤرخ فيها سناء أغنيات الساحل الفلسطيني، مستعيدة أغاني الصيادين الذين كانوا يغامرون بحياتهم بحثاً عن رزقهم، عبر قوارب تأخذهم على امتداد الساحل الفلسطيني من رأس النقب إلى أم الرشراش
وكانت سناء، قد قدمت برنامجاً تلفزيونياً بعنوان: “ترويدة”، يعتبر أول مشروع بحثي في قوالب الغناء الفلسطيني، بحيث يتم تصنيف القوالب الغنائية، من خلال النبش في ذاكرة الناس، واستضافة الباحثين الشعبيين في التراث، فقصة الأغنية لا تقل أهمية عنها، ففي كل قصة أرشفة لأغنية تسمح لنا بالوصول إلى التاريخ والجذور الضاربة في الارض، والنساء هن حارسات التراث، والمساهمات في نقل القوالب الموسيقية إلى الأجيال اللاحقة، وقد سعى برنامج “ترويدة” عبر 16 حلقة تلفزيونية، إلى تجميع التراث الموسيقي الفلسطيني وفصله عن التراث العربي المحيط به، وقولبته بحلة جديدة تحافظ على خصوصيته
جمهور مهرجان جرش.. على موعد مع أمسية مختلفة وغير تقليدية مع نجمة الأغنية الفلسطينية الدكتورة سناء موسى، في التاسعة من مساء يوم الأثنين 29 تموز الحالي، على خشبة المسرح الشمالي

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

المدن الذكية في عُمان .. تجسيد للتوافق بين التراث والحداثة

العُمانية: تسعى سلطنة عُمان إلى إيجاد مدن ذكية تتوافق ومتطلبات العصر، مع تحقيق الترابط بين الماضي والحاضر وما يجسد الهوية الوطنية ومقتضياتها وتعريفها كمسار في سياق التحول العمراني.

وتتجسد الرؤية الرامية في قطاع البناء إلى تعزيز التوافق بين التراث والحداثة في إيجاد سياقات مبتكرة نوعية ومتفردة وهذا ما يظهر جليًّا في انعكاس التكامل لتعزيز استدامة المُدن وأنسنتها، إذ تتشكل المدن الذكية وفق رؤى واستراتيجيات ترسم تشكيل العلاقة بين الإنسان والمكان، وتعمل على تحسين البنية الأساسية وحياة الأفراد وتسريع التنمية الاقتصادية.

وتبرز الهوية الوطنية ومقتضياتها من خلال مشاريع تحقق أهداف "رؤية عُمان 2040"، حيث تعد مدينة السلطان هيثم خير مثال على المدن الذكية ليشكل المشروع التوازن بين الحداثة والخصوصية ونموذجًا للمدن المستقبلية، ووجهة استثمارية واعدة.

في هذا السياق يقول الحسن بن علي الشكيري – مُهندس معماري بالمكتب التنفيذي لمشاريع المُدن الذكية بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني: "إن المُدن الذكية في سلطنة عُمان ليست مجرّد بُنى أساسية رقمية، وإنما أدوات لتجديد الهُوية وتحسين جودة الحياة، بمرجعية مُستمدة من العمارة العُمانية التقليدية وفهمها العميق للبيئة والسلوك المُجتمعي، كما تلتزم سلطنة عُمان بمبادئ أصيلة وثابتة في العمارة تتكامل بسهولة مع التقنيات الحديثة، مثل أنظمة الاستشعار الذكية، والتحكم في الإضاءة، والمحاكاة المناخية.

وأضاف الشكيري أن العمارة العُمانية التقليدية تقدم نموذجًا وظيفيًّا متقدمًا من حيث مواد البناء المحلية التي تقلّل من الانبعاثات وتوفّر عزلاً حراريًّا طبيعيًّا، كما أن النوافذ والمشربيات تنظّم التهوية والإضاءة بذكاء بيئي، ويضمن التخطيط المُتراص الذي يوجد مسارات مُظللة استفادة للمشي والتقليل من حرارة الشوارع؛ موضحًا أن المدينة الذكية في سلطنة عُمان تستلهم من التاريخ لتصوغ مستقبلًا متجذرًا في بيئة الناس وثقافتهم، وتعمل على تحويل المفاهيم التُراثية إلى حلول عملية مستدامة؛ فالتراث العُماني، بما يشمله من أنظمة كالأفلاج، والمباني الطينية، والممرات الضيقة، يوفر قاعدة تصميمية قابلة للتطوير ضمن مفاهيم المُدن الذكية، وهذه المكوّنات تتحول إلى أدوات فعالة في تقليل استهلاك الطاقة، وتحسين جودة الهواء، وتوجيه حركة المشاة، وتعزيز الانسجام البصري والعُمراني.

وأوضح أنه من أُسس العمارة العُمانية التي يجب أن تستمر في المُدن الذكية، التكيف مع البيئة والبناء المُستدام والتناغم مع التضاريس، وإدارة الموارد بذكاء، ولهذا تستطيع سلطنة عُمان ترجمة هذا العمل في المُدن الذكية من خلال المزج بين القديم والجديد، حيث مبدأ المجتمع قبل التكنولوجيا والسياحة الذكية المرتبطة بالهوية.

أما الدكتور هيثم بن نجيم العبري – معماري وباحث مُختص في العمارة والمُدن العُمانية فأشار إلى أن سلطنة عُمان تمتلك خُصوصية فريدة في فنون البناء والتخطيط العُمراني، تعكس عبقرية العُمانيين في التوافق مع الطبيعة واحترام الموارد، حيث شكّلت حكمة الأجداد ومهاراتهم أساسًا متينًا استمر عبر الأجيال، مبينًا أن العُمانيين أدركوا منذ القدم كيف يبنون مُدنًا تتكيف مع التنوع التضاريسي من الجبال إلى السواحل، ومن الصحراء إلى الواحات، مع الحفاظ على الهوية والاستدامة.

وذكر في سياق حديثه أن المُدن الذكية ليست مُجرد نسخ من مُدن ذكية أخرى في العالم، بل هي امتدادًا لعبقرية الأجداد حيثُ التكنولوجيا تُغذي الهوية لا تطمسها، والأجيال الجديدة من المُهندسين العُمانيين مدعوون ليكونوا حُراس هذا الإرث، بابتكارات تُثبت أن سلطنة عُمان تدرك كيف تبني مستقبلها دون أن تنسى ماضيها، فالمدينة الذكية العُمانية ليست مدينة منبثقة من العدم، بل هي مدينة متجددة حيث السياقات التاريخية.

وقال العبري إنه في خضم السباق العالمي نحو التحوّل الرقمي، ثمة تحديات حقيقية على المستوى المحلي من أجل الحفاظ على الهوية المعمارية والثقافية ضمن المُدن الذكية، لكن تلك التحديات قابلة للتحول إلى فرص باتباع نهج متوازن.

وأوضح أن التحديات الرئيسة تتلخّص في الاستيراد النمطي للنماذج العالمية، وضعف التوثيق الرقمي للتراث المعماري، وتعارض التقنيات مع القيم الاجتماعية، وندرة الكوادر المحلية المتخصصة بين المعرفة التراثية وإتقان تقنيات المُدن الذكية، والتكلفة الاقتصادية.

ولمُواجهة هذه التحديات، ذكر أن الحلول المقترحة تتلخّص في توطين الابتكار، والتوثيق الرقمي الشامل للعمارة العُمانية، وإيجاد تشريعات تلزم دمج الهُوية في التصميم، والتعليم الهجين بين الهوية والتراث والتكنولوجيا، والشراكات الذكية، وفي هذا الجانب تمتلك سلطنة عُمان مقومات التوفيق بين الأصالة والابتكار.

أما عبد العزيز بن محمد البلوشي، وهو مالك عقار بمدينة السلطان هيثم فيشير إلى أن مُستوى دمج القيم التراثية في البُنى الأساسية التقنية في المدن الذكية، يمزج بين التقنية الحديثة والقيم العُمانية الأصيلة، فنرى احترامًا واضحًا للخصوصية من خلال تصميم الأحياء والمنازل؛ بحيث تبقى المساحات العائلية محمية، ويُراعي أيضًا النسيج الاجتماعي من خلال وجود مساجد، ومجالس، وحدائق تُشجع على التواصل المجتمعي.

ويضيف قائلًا: إن الطابع البصري والتصميمي للمدن الذكية العُمانية، يمثل وسيلة لتكوين تجربة معيشية متجذرة في الأصالة ومنفتحة على الابتكار، فاللغة البصرية في المدن الذكية تركّز على إبراز الهويّة العُمانية من خلال المعمار المستوحى من التاريخ المحلي، مثل الأقواس والنقوش التقليدية، لكن في الوقت نفسه يتم دمج عناصر التصميم الحديث مثل الإضاءة الذكية، والمساحات الخضراء المترابطة، والمسارات الذكيّة للمشاة والدراجات، وهذا الدمج يوجِد تجربة معيشية يشعر فيها الفرد بانتمائه للبيئة العُمانية، مع الاستفادة من تسهيلات العصر الحديث.

مقالات مشابهة

  • بالعلم الفلسطيني.. عرض عالمي أول للفيلم التونسي اغتراب بمهرجان لوكارنو
  • فى ذكراه.. قصة زيجات سناء شافع وبدايته الفنية
  • احمد موسي: الشعب الفلسطيني لم يعد يريد استمرار حكم حركة حماس
  • هجوم على ذاكرة شعب.. حظر الكتب في كشمير يثير مخاوف جديدة من الرقابة
  • دير البلح.. ذاكرة المدينة الصغيرة بين إرث الحضارة وتهديد الإبادة.. قراءة في كتاب
  • المدن الذكية في عُمان .. تجسيد للتوافق بين التراث والحداثة
  • مقهى مام خليل.. حارس ذاكرة أربيل وقلبها النابض
  • شاهد بالفيديو.. “وزيرة القراية” السودانية الحسناء ترقص وتستعرض جمالها على أنغام الأغنية الترند “أمانة أمانة”
  • أحمد موسى لـ أسامة حمدان: سيب التكييفات وتعالى حرر الجانب الفلسطيني لمعبر رفح
  • عبد المنعم سعيد: إسرائيل اتخذت من 7 أكتوبر فرصة لتصفية القضية الفلسطينية