إحباط مخطط خطير وراء غضب الحوثي من إجراءات مركزي عدن
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
كشفت ورقة بحثية حديثة عن مخطط خطير كانت تسعى ميليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، لتنفيذه لولا قرارات وإجراءات البنك المركزي اليمني في العاصمة عدن التي أحبطت هذا المخطط.
الورقة التي أعدها الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي وفيق صالح ونشرها مركز اليمن والخليج للدراسات، استعرضت أوضاع القطاع المصرفي في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي والأزمة التي تعانيها جراء السياسات المدمرة التي تنتهجها الميليشيات منذ التسع السنوات الماضية، لتصبح هذه الأزمة مع مرور الوقت عصيةُّ على المعالجات.
خلق أزمة للبنوك:
ووفق الورقة فإن أزمة البنوك بدأت مع عدم حصولها على عوائد استثمارات أذون الخزانة لدى البنك المركزي بصنعاء، منذ العام 2016، ما تسبب بأزمة سيولة حادة جعلها عاجزة عن دفع ودائع المودعين والعملاء، لتتضاعف مع شروع مركزي صنعاء الخاضع للحوثيين تحويل استثمارات البنوك في أذون الخزانة إلى أرصدة حسابات جارية لديه غير قابلة للسحب حتى لا يحتسب لهم أي فوائد عليها، ما أدى إلى تراجع الثقة في النظام المصرفي لدى التجار اليمنيين ورجال الأعمال.
في مارس من العام الماضي، أقرّ برلمان صنعاء فاقد النصاب الموالي لجماعة الحوثي قانوناً يقضي بإلغاء جميع الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها، ومصادرة جميع فوائد المودعين في البنوك، وكذلك مصادرة كل أرباح البنوك من أذون الخزانة والصكوك ومصادرة ديونها، تحت مبرر مكافحة الربا.
هذه الممارسات بحسب الورقة، دفعت بالعديد من البنوك والمصارف إلى حافة الإفلاس، حيث بادر عملاء إلى سحب ودائعهم من البنوك، إلا أن هذه البنوك عجزت عن الإيفاء بالتزاماتها المالية، نتيجة الاستيلاء عليها من قبل البنك المركزي بصنعاء.
استهداف متعمد لتوجهات خاصة:
الورقة كشفت تعمد الميليشيات الحوثية تدمير البنوك التجارية والمصارف الإسلامية بهذه الإجراءات لوجود مساعٍ وتوجهات لإعادة تشكيل القطاع البنكي الذي يعمل منذ عقود وإنشاء قطاع مصرفي جديد ينتمي للطبقة الطفيلية التي أثرت من الحرب وراكمت أموالها من خلال تجارة الحرب وأدواتها والتي تستخدم بعيداً عن الأطر القانونية والقواعد الحاكمة للقطاع المصرفي الدولي.
وبينت الورقة أن هذه المساعي تمثلت بإنشاء العشرات من منشآت الصرافة والتي باتت تهيمن على سوق الصرف في المناطق التي تديرها جماعة الحوثي، ويجري حالياً العمل على تحولها لبنوك للتمويل الأصغر، كما ظهرت بوادر تحركات لإعادة تشغيل البنوك الحكومية التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، مثل كاك بنك الذي نقل مقره الرئيسي في وقت مبكر إلى العاصمة عدن والبنك اليمني للإنشاء والتعمير، حيث تحتفظ الجماعة بإيراداتها وأرصدتها، وعينت لها أعضاء مجالس للإدارة.
وأكدت الورقة أن استهداف البنوك القائمة، ظل هدفاً لجماعة الحوثي منذ سيطرتها على صنعاء، حيث تسعى الجماعة لإنشاء كيان مالي بديل، من خلال قيامها بالدفع بمنشآت الصرافة التابعة لها إلى التحول إلى بنوك للتمويل الأصغر، والاستحواذ على النشاط المالي، التي كانت تشغله البنوك والمصارف المعروفة.
وترى أن ما يحدث من تقويض مستمر للقطاع البنكي بصنعاء، لن يخرج عن سياق التضييق الشامل الذي يتعرض له القطاع الخاص بشكل عام، من خلال استهداف البيوت التجارية، وإنهاك رأس المال الوطني، ودفعه للمغادرة خارج البلد، وإحلال تجار تابعين لها بهدف إحكام سيطرة جماعة الحوثي على الاقتصاد اليمني، وبالقلب منه القطاع المصرفي.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
مزارعو اليمن يواجهون الانهيار وسط تصاعد جبايات الحوثي وتكدّس المحاصيل
يواصل القطاع الزراعي في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي الانحدار نحو واحدة من أسوأ مراحله منذ عقود، مع اتساع رقعة الانتهاكات التي تستهدف المزارعين وحرمانهم من أبسط مقومات الإنتاج، وسط غياب أي دعم أو حماية رسمية.
ومع اشتداد حملات الجباية والنهب، تبدو الزراعة—أحد أهم أعمدة الاقتصاد اليمني—على وشك الانهيار الكامل.
تقول مصادر ميدانية إن جماعة الحوثي كثّفت خلال الأسابيع الماضية من حملات الجباية في محافظة إب، مستهدفة مزارعي البطاطا ومربي النحل وقطاعات إنتاجية أخرى، في خطوة تُعد امتدادًا لسياسات ممنهجة تهدف إلى تحويل النشاط الزراعي إلى مصدر تمويل مباشر للجماعة.
ووفقًا للمصادر، فقد فُرضت إتاوات مالية تعسفية على المزارعين دون أي مسوغ قانوني، فيما استخدمت الفرق الميدانية أساليب الترهيب والتهديد بالسجن والغرامات لإجبار الناس على الدفع، ما دفع كثيرين إلى الرضوخ خوفًا من بطش المشرفين.
ويؤكد مزارعون في إب أن الجبايات الحوثية باتت تمثّل "الضربة القاتلة" لما تبقى من النشاط الزراعي، بعد سنوات من الخسائر المتراكمة الناتجة عن ارتفاع تكاليف السماد والمياه والديزل وتراجع أسعار المحاصيل، فضلًا عن القيود المفروضة على حركة النقل والتسويق. وباتت المنتجات الزراعية تتكدس عامًا بعد عام، دون قدرة على التصريف أو الوصول إلى أسواق عادلة.
وفي محافظة الجوف تتجلى الأزمة بصورة أكثر وضوحًا، حيث يشهد محصول البرتقال تكدسًا كبيرًا يُنذر بانهيار كامل للموسم. فقد غصّت الأسواق بكميات ضخمة مع بداية الحصاد، لتنهار الأسعار بشكل غير مسبوق. وتشير المعلومات إلى أن أحد أبرز أسباب الأزمة هو منع الحوثيين للمزارعين من التصدير إلى أسواق الخليج، بعد أن استولى ما يسمى بـ"سوق الارتقاء" التابع للجماعة على عملية شراء المحصول واحتكار التصدير، وهو ما عطّل تدفق الإنتاج إلى الخارج.
ولم يقف الأمر عند ذلك، إذ زاد دخول البرتقال المستورد من سوريا ومصر إلى أسواق الخليج من حدة المنافسة وأدى إلى كساد المحصول اليمني الذي يفتقر للدعم والقدرة على الوصول إلى المستهلك الخارجي. ويتراوح سعر سلة البرتقال (20 كيلوغرامًا) في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين بين 6500 و8000 ريال بالطبعة القديمة، بينما يتضاعف السعر بنحو مرتين في المناطق المحررة، في مؤشر على اختلالات عميقة في آليات التسويق وتفاوت العرض والطلب.
ويقول خبراء اقتصاديون إن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى انهيار شبه كامل للقطاع الزراعي، الذي يُعد مصدر رزق لنحو 70% من الأسر الريفية، ومحركًا أساسيًا للأمن الغذائي في بلد يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وبينما يواجه اليمنيون خطرًا متناميًا على أمنهم الغذائي، تواصل ميليشيا الحوثي—بحسب المصادر—فرض المزيد من القيود والإتاوات، دون أي اعتبار للانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية، ليجد المزارع اليمني نفسه اليوم في مواجهة مباشرة مع الجوع والخسارة والنهب، في وقتٍ بات فيه البقاء على قيد الإنتاج تحديًا يفوق القدرة على الاحتمال.