بعد موجة من الخلافات والمواجهات بين الدولتين في مجلس الأمن الدولي، جمعت محادثة هاتفية نادرة رئيس دولة الإمارات، محمد بن زايد، ورئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، في خطوة لم تكن متوقعة لكثير من المراقبين.

وجرى الكشف عن المحادثة الهاتفية أولا في وكالة أنباء الإمارات، التي أوردت الجمعة، أن بن زايد تلقى اتصالا هاتفيا من البرهان، وناقش الطرفان “العلاقات بين البلدين، وتطورات الأوضاع السودانية، وسبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها”.

وأشارت الوكالة الإماراتية إلى أن بن زايد أكد حرص الإمارات على دعم جميع الحلول الرامية لوقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان، “بما يسهم في تعزيز استقراره وأمنه ويحقق تطلعات شعبه إلى التنمية والرخاء”.

وبعد ساعات من نشر خبر الوكالة الإماراتية، أصدر مجلس السيادة السوداني بيانا أعلن فيه أن البرهان تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس الإمارات الذي أكد “رغبتهم في المساعدة في وقف الحرب الدائرة بالسودان”.

وأشار البيان إلى أن البرهان أبلغ بن زايد أن “الإمارات متهمة من السودانيين بأدلة وشواهد كثيرة، بأنها تدعم المتمردين، وتدعم من يقتل السودانيين ويدمر بلدهم ويشردهم، وأنه على الإمارات التوقف عن ذلك”.

ويرى المحلل السياسي السوداني، طاهر المعتصم، أن المحادثة الهاتفية بين البرهان وبن زايد “خطوة لها ما بعدها”، خاصة في ظل ما يتردد عن دعم الإمارات لوقف الحرب وإعمار السودان.

وقال المعتصم لموقع “الحرة” إن “الخطوة جاءت في إطار مباحثات مكثفة أجراها المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، مع عدد من الفاعلين في الشرق الأوسط بهدف إنهاء الحرب في السودان”.

ولفت إلى أن المحادثة الهاتفية أعقبت زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إلى السودان ولقاءه بالبرهان، إذ تردد أن الزائر الإثيوبي توسط لإتمام المحادثة الهاتفية.

وأضاف “كذلك جاءت المحادثة عقب مؤتمر القاهرة ومبادرة الاتحاد الأفريقي التي جمعت عددا من الأحزب السودانية لبحث سبل إيقاف الحرب في السودان، مما يدلل على أنها تتويج لكل تلك التحركات”.

وفي ديسمبر الماضي، وصل الخلاف بين السودان والإمارات إلى مرحلة التصعيد الدبلوماسي، إذ أعلنت الخرطوم 15 من الدبلوماسيين العاملين في سفارة الإمارات أشخاصا غير مرغوب فيهم.

وجاءت الخطوة السودانية ردا على قرار إماراتي بطرد الملحق العسكري بسفارة الخرطوم في أبوظبي وعدد من الدبلوماسيين، من أراضيها. في حين لا تزال سفارة كل بلد من البلدين تعمل في البلد الآخر.

بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، محمد خليفة صديق، أن المحادثة بين البرهان بن زايد “تحول كبير” لكونها الأولى بين الرجلين منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023.

وقال صديق لموقع “الحرة” إن “ما يعطي المحادثة الهاتفية قيمة إضافية أنها جاءت بعد توتر دبلوماسي، وسجالات بين الدولتين في مجلس الأمن الدولي، مما يعطي أملا لإنهاء حرب السودان”.

وتوقع أستاذ العلوم السياسية أن تؤدي المحادثة إلى نتائج تسهم في إنهاء الصراع، مشيرا إلى أن منصات إعلامية مقربة من الجيش تتحدث عن تعهُّد الإمارات بالتخلي عن امداد قوات الدعم السريع بالعتاد الحربي، وأن تساهم في إعمار السودان، بعد الحرب”.

وأضاف: “إذا صدقت تلك الأنباء فإن السودان مقبل على مرحلة جديدة، بخاصة إذا جرى البناء على ما تم التوافق عليه بين بن زايد والبرهان”.

ولا تتوقف اتهامات الحكومة السودانية ضد الإمارات على ما يصدر من بعض القادة العسركيين، إذ صعّد مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، لهجته ضد الدولة الخليجية بمجلس الأمن.

ووقع صدام بين الحارث وبين سفير الإمارات لدى الأمم المتحدة، محمد أبو شهاب، في جلسة عقدها مجلس الأمن في 18 يونيو، عن الأوضاع في السودان، إذ اتهم المندوب السوداني أبوظبي بأنها الراعي الإقليمي لتمرد الدعم السريع.

ووصف أبو شهاب الاتهامات السودانية بأنها “سخيفة وباطلة، وتهدف لتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الجسيمة التي تحدث على الأرض”.

ويرى المعتصم أن عناصر نظام الرئيس السابق عمر البشير ربما يعمدون على عرقلة التقارب السوداني الإماراتي، وإثناء قادة الجيش عن الوصول إلى اتفاق سلام مع قوات الدعم السريع.

وأضاف “من الراجح أن ينشط عناصر النظام السابق ضد أي خطوة ناحية إيقاف الحرب، لكن المجتمع الدولي الذي استشعر خطر المجاعة التي تهدد السودانيين، وخطر تزايد معدلات النزوح واللجوء، سيدفع في اتجاه الحل السلمي لأزمة السودان”.

ولفت المتحدث ذاته، إلى أن هناك معلومات تشير لإجراء قمة ثلاثية تجمع بن زايد والبرهان وآبي أحمد في أديس أبابا، قائلا إن “المعلومات التي وصلتني من مصادر على درجة عالية من الصدقية تشير إلى حدوث القمة قريبا”.

وسبق أن أجرى كباشي مفاوضات غير معلنة مع نائب قائد قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، في العاصمة البحرينية، المنامة، في يناير الماضي، لكن المفاوضات توقفت عقب تسريب معلومات عنها.

واتهمت قوى الحرية والتغيير عناصر نظام البشير “بتدبير حملة انتقادات وتخوين ممنهجة ضد كباشي، لقطع الطريق على مساعيه لإتمام التفاوض مع الدعم السريع”، بينما ينفي قادة في النظام السابق التهمة.

في المقابل، يرى صديق أن المحادثة الهاتفية لا تعبّر عن موقف البرهان وحده، وأنها تعبّر عن موقف قيادة الجيش، “مما يحصنها ضد أي محاولات تهدف لمحاصرتها حتى لا تتطور إلى مسار يساهم في إنهاء الحرب”.

ولفت إلى أن من يُعرفون بتيار الصقور داخل الجيش، ممن يرفضون الحوار مع قوات الدعم السريع، أو التقارب مع الإمارات، لم يصدر منهم أي اعتراض على المحادثة، رغم مرور أكثر من يومين على حدوثها”.

وأضاف “قادة الجيش الذين كانوا ينتقدون الإمارات يبدو أنهم ينظرون إلى المحادثة الهاتفية على أنها تحول إيجابي في موقف الإمارات، ولذلك لم يصدر منهم موقف رافض لها”.

ودرج مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، على توجيه انتقادات حادة إلى الإمارات، دونا عن قادة الجيش، إذ اتهم في آخر تصريحاته الاثنين الماضي، بن زايد بالعمل على تدمير السودان، من خلال تقديم العتاد العسكري لقوات الدعم السريع.

ولم يصدر من العطا أي تعليق على المحادثة بين بن زايد والبرهان.

واستعبد أستاذ العلوم السياسية إجراء قمة ثلاثية بين البرهان وبن زايد وآبي أحمد، ورجح انعقاد مشاورات واجتماعات على مستويات أقل “لأن الخلافات بين الدولتين وصلت مراحل معقدة، تتطلب نقاشات ولقاءات فنية على مستويات دنيا، تمهد لتنفيذ ما تم التوافق عليه في المحادثة”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن الحركة الإسلامية، المرجعية الدينية لنظام البشير، التي يجمعها عداء معلن مع الإمارات، لم تعلن موقفا رسميا رافضا للمحادثة، “مما يشير إلى أن البرهان ربما أرسل تطمينات لمن يتخوفون من التقارب الإماراتي السوداني، بأنهم لن يتأثرون سلبا”.

وأضاف أن “استمرار الحرب يمثل خسارة للحركة الإسلامية التي خسرت كثيرا من عناصرها خلال المعارك”.

لكن المعتصم عاد وأشار إلى أن الحركة الإسلامية راهنت على البندقية للعودة إلى السلطة، “الأمر الذي أخرجها وسيخرجها من المشهد السياسي في المستقبل”.

وأضاف “استخدام وسائل وأدوات غير مدنية وغير سلمية للوصول إلى السلطة، وإنشاء كتائب وميليشيات مسلحة يضر بالعملية السلمية والتحول المدني، ويهدد مستقبل السودان، ويجعل الوجود السياسي أمرا ليس سهلا”.

وكان المبعوث الأميركي للسودان، توم بيرييلو، أعلن في مارس الماضي، أن “الولايات المتحدة ترى بوضوح، أن المحادثات بين الأطراف المتحاربة في السودان، ينبغي أن تكون شاملة، وأن تضم الإمارات ومصر والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) والاتحاد الأفريقي”.

مع تفجُّر الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، نشطت سريعا مبادرة من السعودية، بدعم من الولايات المتحدة، لإطفاء نيران الحريق الذي طال العاصمة السودانية الخرطوم.

لكن الجهود المبذولة من لاعبيين إقليميين ودوليين لا تبدو، حتى الآن، قادرة على وضع حد للقتال بين الطرفين، فكثيراً ما تصطدم تلك الجهود بترسانة من الرفض والممانعة، من قبل أطراف “لها تأثير واضح في معادلة الصراع والغلبة القتالية”، برأي مختصين.

وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، بينما تقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نحو نصف سكان السودان، بحاجة إلى مساعدات، وإن المجاعة تلوح في الأفق.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، في يونيو الماضي، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.

وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التي حدثت في السنوات الأخيرة.

وأشارت المنظمة الأممية إلى أن أكثر من مليوني شخص آخرين لجأوا إلى الخارج، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.

ويعني عدد اللاجئين خارجيا، والنازحين داخليا، أن أكثر من ربع سكان السودان البالغ عددهم 47 مليون نسمة نزحوا من ديارهم.

الحرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی السودان مجلس الأمن یصدر من أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

السودان: العاصمة الإدارية تحت نيران المسيرات.. رسائل للداخل والخارج

دخلت هجمات مسيرات الدعم السريع على بورتسودان أسبوعها الثاني بلا توقف، وهي مرحلة جديدة من الحرب الدائرة في السودان منذ عامين ويزيد، ولكن الجديد فيها هو وصول مسيّرات الدعم السريع الاستراتيجية الي العاصمة الإدارية المؤقتة لأول مرة منذ انتقال الحكومة السودانية من الخرطوم؛ بعد شهر واحد من هجوم الدعم السريع على مقر إقامة الرئيس البرهان محاولا الاستيلاء على السلطة بقوة الأمر الواقع، وهي الخطة التي أفشلها الحرس الرئاسي في ساعتها الأولى، فما هي دوافع الدعم السريع من الهجوم المكثف على بورتسودان؟

في أواخر تموز/ يوليو من العام الماضي هاجمت مسيرة انتحارية المنصة الرئيسية للاحتفال بتخريج ضباط جدد من القوات المسلحة السودانية، حيث كان يتواجد فيها الرئيس البرهان بمنطقة جبيت جنوب بورتسودان، وهي المرة الأولى التي تصل فيها مسيرّات الدعم السريع ولاية البحر الأحمر على بعد حوالي ألف كيلومتر من الخرطوم على ساحل البحر الأحمر. وقد كانت هذه المحاولة استهدافا مباشرا لقائد الجيش السوداني الذي يعتبره الدعم السريع المتسبب الأول في إحباط مشروعه السياسي لحكم السودان، بعد رفض الجيش السوداني التوقيع على الاتفاق الإطاري الذي يمنح الدعم السريع استقلالية مالية وإدارية ومشاركة في حكم السودان لمدة عشر سنوات.

الراجح إن الهجمات الأخيرة على بورتسودان لديها أهداف مختلفة تتجاوز الاستهداف الشخصي للرئيس البرهان، بعد الانتصارات الكبيرة للجيش والدعم الإقليمي والدولي لمؤسسات الدولة الشرعية، وفشل مشروع تحالف الدعم السريع و"صمود" في إعلان الحكومة الموازية من داخل مناطق سيطرة الدعم السريع في ولايات دارفور
بعد تقدم الجيش السوداني في المعارك البرية مطلع العام الحالي وتقهقر الدعم السريع نحو ولايات دارفور، بدأت فصول جديدة من الحرب عن طريق المسيرات بعيدة المدى؛ استهدف الدعم السريع من خلالها البنى التحتية في عدد من الولايات الآمنة، حيث تعيش ولايات الشمالية ونهر النيل بلا كهرباء منذ شهر كامل، مما أدى إلى فشل الموسم الزراعي الشتوي كما تأثرت ولاية الخرطوم وولاية البحر الأحمر بتدمير محطات الكهرباء ومحطات الوقود في معظم ولايات السودان، بجانب الهجمات المتكررة على معسكرات النازحين وقوافل الإغاثة والإعانات الخارجية للفارين من مناطق سيطرة الدعم السريع.

لكن الراجح إن الهجمات الأخيرة على بورتسودان لديها أهداف مختلفة تتجاوز الاستهداف الشخصي للرئيس البرهان، بعد الانتصارات الكبيرة للجيش والدعم الإقليمي والدولي لمؤسسات الدولة الشرعية، وفشل مشروع تحالف الدعم السريع و"صمود" في إعلان الحكومة الموازية من داخل مناطق سيطرة الدعم السريع في ولايات دارفور، حيث أحبط الجيش محاولات تأهيل مدينة نيالا غرب السودان لتكون عاصمة لحكومة الدعم السريع، من خلال ضربات جوية محكمة على مطار المدينة الذي كان يستقبل رحلات جوية من داعمين إقليميين بالسلاح والعتاد وأنظمة دفاعية وتشويش لتأمين أعمال الحكومة الموازية.

مثلت هجمات الجيش السوداني على مطار نيالا اختبارا حقيقيا لإمكانية إعلان الحكومة الموازية من داخل السودان، حيث كان يرى بعض حلفاء الدعم السريع تعيين حكومة منفي من إحدى الدول الصديقة لحين توافر الظروف المناسبة لعودتها للداخل.

كانت هجمات بورتسودان ردا عمليا على خسائر جسيمة سببها تدمير سلاح الجو السوداني لمطار العاصمة المرتقبة لقوات الدعم السريع التي تحاول جاهدة إعادة الروح لما تبقى من مقاتليها من خلال الهجمات البرية على بعض المناطق في إقليم كردفان، وإرسال رسائل في بريد الجيش السوداني بأنه لم يعد هناك مكان آمنا لإدارة البلاد.

ويرى قادة الدعم السريع أن الهجوم على بورتسودان سيجبر البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية المتواجدة فيها على الخروج بحجة أن المدينة لم تعد آمنة بعد استهداف مطاراتها المدنية والعسكرية وموانئها البحرية؛ مما يصعب عملية إجلاء الرعايا الأجانب حال تدهور الأوضاع الأمنية.

سياسيا، ترى الدعم السريع إن استهداف البنية التحتية والخدمات الضرورية مثل محطات الكهرباء والمياه والمستشفيات وتوقف استيراد السلع الأساسية؛ سيحرج الحكومة السودانية ويجبرها على العودة إلى المفاوضات التي ترفضها وتضع لها شروطا محددة على رأسها تجميع قوات الدعم السريع في مناطق محددة ودمج ما تبقى منها في الجيش السوداني، والخروج من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين التي أخرجتهم منها بالقوة في ولايات الخرطوم وسنار والجزيرة.

وأدان الأمين العام للأمم المتحدة الهجوم على بورتسودان كما أدانته الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والإيغاد والاتحاد الأوربي وعدد من الدول العربية والأوروبية؛ باعتباره يمثل تهديدا على حياة المدنيين ويهدد أمن البحر الأحمر والمنطقة بأكملها.

وكانت ردة فعل الحكومة السودانية المباشرة قطع العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة التي تشهد العلاقة بينها والسودان توترات منذ بداية الحرب الحالية؛ بدأت باتهامات مباشرة للإمارات بإسناد الدعم السريع، وتخفيض التمثيل الدبلوماسي، ثم الشكوى الاخيرة لدي محكمة العدل الدولية وأخيرا قطع العلاقات الدبلوماسية.

وتسعى الآلة الإعلامية للدعم السريع لخلق حالة من التردد والخوف وسط آلاف الأسر السودانية التي تتأهب للعودة إلى منازلها في الخرطوم وبقية ولايات السودان المحررة من داخل وخارج السودان، وتعطيل الحياة العامة وإجبار سكان الولايات الشرقية على الهجرة العكسية، ولكن الشاهد أن الحكومة السودانية وحكومة ولاية البحر الأحمر نجحتا في امتصاص الصدمة الأولى وبث الطمأنينة بتوفير الخدمات الأساسية واستمرار العملية التعليمية في المدارس والجامعات، وعودة مطار بورتسودان للعمل بعد توقفه لساعات فقط في اليوم الأول من الهجمات، بينما تستمر الجهود الفنية لعودة التيار الكهربائي، في الوقت الذي لجأت فيه البنوك والمصارف لتمويل مشاريع الطاقة البديلة (الطاقة الشمسية) للقطاعين الزراعي والسكني؛ تحسبا لأي طارئ يهدد الخدمات الأساسية والمشروعات الزراعية.

لا تحظى الحرب المستمرة في السودان بالاهتمام الدولي اللازم في ظل ما يجري من تصعيد في الشرق الأوسط والعدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان واليمن وتطورات الحرب بين الهند وباكستان، حيث لم تنهض مبادرات جديدة لحل الأزمة السودانية
وتواصل وحدات من الجيش السوداني زحفها لفك الحصار عن مدينة الفاشر، التي يرى مراقبون أن هجمات الدعم السريع على بورتسودان محاولة لفتح جبهة جديدة تمكنهم من دخول المدينة الصامدة منذ عامين، حيث صدت القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية عشرات الهجمات التي يشرف عليها قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، شخصيا؛ مسنودا بآلاف الجنود والمركبات القتالية والأسلحة المتطورة.

وتتجه الأنظار نحو تحولات جديدة في حرب السودان، خاصة وأن قوات الدعم السريع تحظى بدعم إقليمي وبعض دول جوار السودان التي تسهل له الانطلاق من أراضيها لإمدادها، وتقديم الخدمات الضرورية في مناطق سيطرتها وإخلاء جرحاها إلى مستشفيات ميدانية قرب الحدود السودانية أنشئت خصيصا لهذه الأغراض.

وكان الرئيس البرهان قد صرح قبل وقوع هجمات بورتسودان بأيام بأن هجوم المسيرات سيصبح من الماضي، في إشارة واضحة لتلقيه دعما خارجيا يمكنه من صد هجوم المسيرات والتحول من خانة الدفاع إلى الهجوم، والوصول إلى مصدر الهجمات خارج حدود السودان.

ولا تحظى الحرب المستمرة في السودان بالاهتمام الدولي اللازم في ظل ما يجري من تصعيد في الشرق الأوسط والعدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان واليمن وتطورات الحرب بين الهند وباكستان، حيث لم تنهض مبادرات جديدة لحل الأزمة السودانية بعد منبر جدة، وهي الوساطة السعودية الأمريكية التي توقفت منذ بداية الحرب بسبب تعنت الدعم السريع وخرقها لبنود الاتفاق الأولى القاضية بفتح الممرات الإنسانية ووقف إطلاق النار والسماح للمواطنين بالتنقل الآمن، ثم فشل مبادرات الاتحاد الأفريقي والإيغاد؛ وكلاهما متهمان عند الحكومة السودانية بعدم الحياد والانحياز لصالح الدعم السريع.

وبدخول هجمات الدعم السريع على بورتسودان يومها السابع فقد فشلت في تحقيق أهدافها الأساسية بالقدح في شرعية الحكومة السودانية وتفتيت الجبهة الداخلية، وتراجع عدد من البعثات الدبلوماسية في بورتسودان عن نداءات ناشدت فيها رعاياها بمغادرة المدينة.

مقالات مشابهة

  • مسؤول حكومي سابق يكشف علاقة الإمارات بالنحاس المسروق من السودان.. برفقة حراسة مشددة من قيادات الدعم السريع
  • وزير الداخلية السوداني يصدر توجيهاً بشأن الوجود الأجنبي في الخرطوم
  • 7 شهداء مدنيين في قصف مدفعي نفذته قوات “الدعم السريع” على أحياء سكنية في الفاشر
  • تحول المجال السوداني لحيز إختبار لتفوق المسيرات !
  • الجيش السوداني يُصّعد هجماته الجوية على مواقع مهمة لقوات الدعم السريع
  • يوم يقنعو من الدعم السريع حيعملو ليك فتنة جديدة
  • السودان: العاصمة الإدارية تحت نيران المسيرات.. رسائل للداخل والخارج
  • توثيق ذاتي لمفقودي جرائم الدعم السريع بمخيم زمزم
  • السرديات المضللة في حرب السودان
  • كيف تحاول المسيرات تغيير خريطة الصراع في السودان؟ وهل تنجح في قلب موازين الحرب؟