23 يوليو.. 1952 في مصر.. ثورة أم انقلاب؟ رأي من ليبيا
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
مرت بالأمس الثلاثاء 23 تموز / يوليو الذكرى 72 لثورة 23 من تموز في مصر، التي جاءت الراحل جمال عبد الناصر إلى حكم مصر، وأحدثت تحولا سياسيا كبيرا في مصر والمنطقة العربية، لازالت تفاصيله قائمة إلى يوم الناس هذا..
الكاتب والإعلامي الليبي إبراهيم الهنغاري يسترجع في هذه المقاربة التاريخية والفكرية والسياسية، التي ننشرها بالتوازي مع نشرها على صفحته على "فيسبوك"، ذكرى الثورة، ليس فقط لأنه عاصرها وتأثر بها بشكل مباشر، وإنما أيضا لأنه دفع ثمن مواقفه منها.
مرت علينا يوم أمس الثلاثاء 23 تموز / يوليو الذكرى الثانية والسبعين لما عرف في كتاب التاريخ العربي الحديث بأنه "ثورة 23 يوليو 1952 ".!
ورغم أن ما حدث يوم 23 يوليو من ذلك العام لم يكن " ثورة " بل مجرد حركة انقلاب عسكري نفذه عدد محدود من ضباط الجيش المصري بنفس الطريقة التي نفذ بها أول انقلاب عسكري عربي في سوريا يوم 30 مارس 1949 قبل ذلك بثلاث سنوات و بضعة أشهر.! لم يطلق جماعة 23 يوليو على فعلتهم تلك لا كلمة ثورة ولا كلمة انقلاب.! أسموها "حركة الجيش" وصفوها بأنها مباركة.!! ولكن كانت في حقيقتها انقلابا عسكريا على خطى انقلاب سوريا الأول.!
الوسيلة كانت كما حدث في الانقلاب العسكري في سوريا قبل ذلك هو اعتقال قيادات الجيش واعتقال الحكومة واحتلال مبنى الإذاعة وإعلان البيان الأول.! وظلت تلك هي الأعمدة الأربعة التي يقف عليها كل انقلاب عسكري عربي بعد ذلك.!
تلك كانت هي السنة الانقلابية العسكرية التي سنها الضابط السوري حسني الزعيم في مدينة الأمويين دمشق التي شهدت أيضا أول أنقلاب مماثل في التاريخ الإسلامي على يد معاوية بن أبي سفيان سنة 41 للهجرة وسنة 662 للميلاد. أي قبل 1287 سنة . وكانت تلك هي بداية " لانحراف السياسي" إن صح التعبير في تاريخ الإسلام كما في تاريخ العروبة.! ونحن كلنا نعلم ذلك.. ولكن بعضنا يتطاول على التاريخ وعلى الحقيقة ظنا منهم أن ذلك فيه إساءة إلى الإسلام!!
ولا نعلم من بين من أساؤوا إلى الإسلام عبر التاريخ الإسلامي كله من أيام معاوية إلى أيام حسني الزعيم ومن تبعه بغير إحساس من أصحآب الإنقلابات العسكرية في الوطن العربي كله أكثر من أدعياء الإسلام.!!
منا من يرى في 23 يوليو ثورة قومية عربية أيقظت الأمة العربية من سباتها ودعت إلى التحرر الوطني ومقاومة الاستعمار ونادت بالخيار الثالث ببين الشرق والغرب وهو خيار عدم الانحياز وكان معها في ذلك إثنان من قادة العالم الثالث هما الزعيم الهندي جواهر لال نهرو والزعيم الأندونيسي أحمد سوكارنو. كما دعت إلى تحرير فلسطين وبناء أكبر قوة ضاربة في الشرق الأوسط وصنعت الصواريخ بعيدة المدى من نوع "الظافر" و"القاهر" وهما قادران كما يقول إعلام 23 يوليو على تدمير إسرائيل ومحوها من الوجود في ساعات معدودة.!! وأممت قناة السويس وبنت السد العالي في أسوان.
وقد انبهر الكثير منا بكل ذلك واعتبروه تحديا من ثورة 23 يوليو للصهيونية ولقوى الاستعمار في العالم. وتبنت 23 يوليو كل حركات التحرر العربي والأفريقي والعالمي. وشهد العالم العربي دعم 23 يوليو في البداية لانقلاب العراق بعد ذلك بست سنوات في 14 تموز يوليو 1958 قبل أن تنقلب عليه وتسمي قائده "قاسم العراق! ثم في اليمن عام 1962 ثم في السودان ثم في ليبيا في مايو وأيلول الأسود 1969.
وكان لقلة منا رأي آخر في 23 يوليو. فهي التي أقصت اللواء محمد نجيب وهو الذي لولاه لما قام انقلاب 23 يوليو أصلا وفرض الإقامة الجبرية عليه وإهانته وإذلاله. حتى وافاه الأجل وهو يعاني أقسى المعاناة من صغار الضباط الذين استولوا على مقدرات مصر باسمه وبرتبته الكبيرة وسمعته الطيبة داخل وحدات الجيش المصرى.!
ينبغي علينا في ذكرى مآسينا ان نأخذ العبر وأن نتجنب الوقوع في كارثة الجهل ويجب ألا تأخذنا العزة بالاإم ونزيّن الباطل ونمجد الظالمين ومن سامونا سوء العذاب !!فتلك هي مأساتنا الكبرى منذ أيام معاوية بن أبي سفيان فيُ العصر القديم إلى أيام حسني الزعيم ومن تبعه بغير إحسان في العصر الحديث.ثم تنكروا له بعد ذلك وكالوا عليه من الأكاذيب ما شاء لهم البغي والطغيان أن يكيلوا إلا أن حبل الكذب قصير !!
وحلت الأحزاب السياسية في مصر وأقامت بدلا منها حزب "الثورة" باسم "الاتحاد الاشتراكي.!" الذي كمم أفواه الناس والإعلام. ولم تعد في مصر صحافة حرة كما كانت في عهدها الملكي المجيد.
و أقامت دولة المخابرات والسجن الحربي وصار الجميع يسبح طوعا وكرها بحمد 23 يوليو والزعيم الذي جاء متأخراً جمال عبدالناصر حسين.! ندعو الله له بالرحمة والمغفرة.
وأنشأت شبكة الإعلام المزيف باسم "إذاعة القاهرة" و "صوت العرب" لتضليل الشعب المصري والشعب العربي. و فرقت العالم العربي إلى دول رجعية ودول تقدمية.! فالدول الرجعية هي تلك التي لا ترى ما تراه 23 يوليو وجمال عبد الناصر، والدول التقدمية هي دول الانقلابات العسكرية على طريق 23 يوليو و30 مارس.
ثم انهار كل شيء على رأس 23 يوليو في الساعات الأولى من اليوم الخامس من يونيو حزيران عام 1967 بعد خمسة عشر عاما من كذبة الثورة أو ثورة الكذبة البلقاء.!
أعلم أن البعض قد يرى في هذا الحديث تحاملا على " ثورة 23 يوليو 1952 ".! و لهؤلاء أقول إنني كنت أيضا من الذين كانوا يرون في 23 يوليو مجد الأمة العربية وكانوا من المتحمسين للتضليل الثوري لجماعة 23 يوليو. وقد دفعت ثمن ذلك سجنا وقهرا وعذابا فلا يزايدن أحد علينا . !! كناً جميعا ضحايا البلايا و الرزايا التي خلفتها لنا 23 يوليو. وأكثرنا معاناة هو الشعب المصري الذي لا يزال يعاني حتى اليوم من حكم العسكر الذي ألبسه العسكر رداء الانتخابات الرئاسية المزيفة.!
ينبغي علينا في ذكرى مآسينا ان نأخذ العبر وأن نتجنب الوقوع في كارثة الجهل ويجب ألا تأخذنا العزة بالاإم ونزيّن الباطل ونمجد الظالمين ومن سامونا سوء العذاب !!فتلك هي مأساتنا الكبرى منذ أيام معاوية بن أبي سفيان فيُ العصر القديم إلى أيام حسني الزعيم ومن تبعه بغير إحسان في العصر الحديث.
و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير الذكرى مصر رأي مصر ذكرى سياسة رأي ثورة يوليو أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی مصر تلک هی
إقرأ أيضاً:
ريهام العادلي تكتب: ثورة 30 يونيو .. انتفاضة شعب أنقذت الوطن
في تاريخ الأمم، تأتي بعض اللحظات التي تُعيد كتابة المصير، وتحدد الاتجاهات، وتشكل ملامح المستقبل، وكانت ثورة 30 يونيو 2013 واحدة من أعظم هذه اللحظات في تاريخ مصر الحديث، حين انتفض ملايين المصريين في مشهد غير مسبوق، مدفوعين بشعور وطني عميق بأن الوطن في خطر، وأن الدولة مهددة بالانهيار، وأنه لا بديل عن الخروج من أجل إنقاذ مصر من قبضة جماعة لم تنتمِي يومًا إلى الوطن، ولا آمنت بالدولة المدنية الحديثة.
لم تكن 30 يونيو مجرد مظاهرات أو احتجاجات، بل كانت ثورة شعبية كاملة الأركان، عبّر فيها المصريون عن رفضهم القاطع لحكم جماعة الإخوان المسلمين، التي استغلت وصولها إلى السلطة لتحقيق مصالحها الضيقة وأجندتها الخاصة، بعيدًا عن إرادة الشعب وأسس الدولة. مارسوا الإقصاء، وعبثوا بمؤسسات الدولة، وضربوا وحدة الصف الوطني، وكان مشروعهم السياسي والاجتماعي قائمًا على التفرقة لا الوحدة، وعلى التمكين لا الشراكة.
في عامٍ واحد فقط من حكم جماعة الإخوان الإرهابية ، بدأ المصريون يشعرون أن شيئًا ما يتكسر في الدولة. .. المؤسسات تُهمّش، والقرارات تصدر بلا رؤية، والهوية المصرية تتعرض للطمس لصالح أيديولوجيا دينية مغلقة، تتنافى مع تاريخ مصر التعددي والمتسامح. لم تعد هناك مساحة للرأي الآخر، وبدأت ملامح الدولة المصرية – التي عُرفت عبر قرون بقوة مؤسساتها وتوازن سلطاتها – تبهت وتختفي تدريجيًا.
في ظل هذا المشهد، لم يعد الصمت خيارًا، فخرجت الدعوات الشعبية من كل مكان، ولبّى الشعب النداء، فكانت 30 يونيو يوم الغضب الشعبي العظيم، الذي لم تُحرّكه الأحزاب ولا النخب، بل حرّكه وجدان الناس، وإحساسهم الغريزي بأن مصر تُختطف أمام أعينهم.
لعب الشباب المصري دور البطولة في هذه الثورة، لم يكتفوا بالرفض عبر مواقع التواصل أو اللقاءات الخاصة، بل نزلوا إلى الميادين، وشاركوا في حملة جمع التوقيعات، ونظموا صفوفهم بحس وطني مسؤول. لم يتحركوا من أجل مصالح ضيقة، بل من أجل الدفاع عن هوية وطن، وعن دولة تستوعب الجميع وتضمن مستقبلاً آمناً.
الشباب كانوا نبض الشارع، طاقته، وإرادته، في كل ميدان وساحة، حملوا أعلام مصر، ورفعوا لافتات ترفض التفرقة وتُطالب بالوحدة الوطنية، وعبروا عن وعي سياسي عميق بأن ما يجري ليس خلافًا سياسيًا تقليديًا، بل معركة وجود تتعلق بمصير الدولة.
لم تتأخر المرأة المصرية عن الحضور القوي والمؤثر. كانت في الصفوف الأولى، تهتف، وتشارك، وتدعم، وتقاوم ، الأم خرجت مع أبنائها، والفتاة نزلت إلى الميدان مع زميلاتها، والسيدة الكبيرة شاركت بما تستطيع من طاقة ، لقد كانت المرأة صوت الضمير الوطني الذي يرفض القهر، ويطالب بالكرامة، ويقف في وجه من أرادوا تهميشها وإقصاءها من المجال العام.
كانت مشاركة المرأة رسالة قوية بأن مصر ليست دولة قابلة للوصاية، ولا مجتمعًا يقبل الانتقاص من نصفه الفاعل ، لقد دفعت النساء في 30 يونيو بدمائهن وأصواتهن من أجل مستقبل يُحترم فيه الحق، وتُصان فيه الكرامة، وتُحمى فيه الدولة.
حتى الأطفال، الذين ربما لم يدركوا عمق الصراع السياسي، شعروا بأن هناك خطرًا ما. نزلوا مع أسرهم إلى الميادين، رافعين أعلام مصر، مرددين الهتافات، ومتفاعلين مع مشاعر أهلهم ، لقد كانوا شهودًا أبرياء على لحظة وطنية فارقة، ستظل محفورة في ذاكرتهم، وسيحكون عنها لأجيال قادمة بأنهم كانوا جزءًا من لحظة إنقاذ مصر.
في ظل هذا المشهد الغاضب، ووسط الحشود التي ملأت الميادين، جاء دور الرجل الذي آمن بإرادة الشعب ووضع أمن البلاد واستقرارها فوق كل اعتبار ..الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، الذي تعامل مع الأزمة بحكمة وهدوء، وقرأ نبض الناس بدقة، واتخذ قرارًا تاريخيًا بالانحياز إلى الجماهير، وليس إلى سلطة كانت على وشك أن تُدخل البلاد في نفق مظلم.
الرئيس السيسي، بإرادة قوية وشجاعة نادرة، أعلن عن خارطة طريق واضحة، أعادت للدولة هيبتها، ومهّدت لمرحلة جديدة من البناء والاستقرار، قوامها احترام القانون، ودعم مؤسسات الدولة، واستعادة الثقة بين الشعب وقيادته. لم يكن ذلك سهلًا، لكنه آمن منذ اللحظة الأولى بأن مصر تستحق التضحية، وأن الشعب لا يمكن أن يُخذل مرتين.
لم تكن ثورة 30 يونيو لتنجح لولا الموقف الوطني للجيش المصري العظيم، الذي وقف بجانب شعبه، ورفض أن يكون أداة في يد السلطة المرفوضة شعبيًا ، لقد تجسّد الولاء الحقيقي في التزام المؤسسة العسكرية بدورها الوطني، كمؤسسة ضامنة للاستقرار، لا منحازة لفصيل أو تيار.
كما قامت الشرطة المصرية بدورها كاملاً في حفظ الاستقرار الداخلي، وكذلك حماية المتظاهرين وتأمين المنشآت ومنع الفوضى، برغم التحديات الأمنية الكبيرة. وظهر التنسيق بين الجيش والشرطة كعنوان لوحدة مؤسسات الدولة في لحظة حاسمة، كان الهدف فيها هو الحفاظ على الوطن، لا السلطة.
بعد إسقاط حكم الإخوان، بدأت مصر مرحلة جديدة من التحديات والإنجازات ، استُعيدت مؤسسات الدولة، وأُعيد بناء الاقتصاد، وشُيّدت مشروعات قومية كبرى، وشهدت البلاد حالة من الاستقرار السياسي والأمني لم تعرفها منذ سنوات. وتم إطلاق حزمة من الإصلاحات التي مست جميع مناحي الحياة، مع اهتمام خاص بدور الشباب والمرأة، ودعم الفئات الأكثر احتياجًا.
الرئيس السيسي، الذي حمل أمانة الوطن في لحظة تاريخية صعبة، قاد هذه المرحلة بإرادة لا تلين، ورؤية واضحة، جعلت من 30 يونيو ليس فقط يوم الثورة، بل بداية الجمهورية الجديدة، جمهورية العدالة، والمواطنة، والتنمية.
ثورة 30 يونيو ستظل صفحة ناصعة في كتاب الوطنية المصرية ، كانت إرادة شعبية خالصة، خرج فيها المصريون بكل أطيافهم ليقولوا “لا” لحكم لا يُشبههم، وليؤكدوا أن مصر أكبر من أي جماعة أو تيار، وأن الشعب هو صاحب القرار الأخير دائمًا.
إنها ثورة وعي، وثورة كرامة، وثورة بقاء… وستظل خالدة في الوجدان الوطني، لأنها ببساطة أنقذت وطنًا، وأعادت إليه روحه.